الطريق إلى 30 (7) .. بيض .. و سى دى
بقلم المخرج المسرحي الكبير : عصام السيد
عندما ذهب موظفو الهيئة العامة للكتاب إلى مبنى وزارة الثقافة و اقتحموا الأبواب و أصروا على لقاء الوزير ليسجلوا اعتراضهم على قرار إلغاء ندب الدكتور أحمد مجاهد لرئاسة مجلس ادارة الهيئة ، كان الوزير خارج الوزارة و قيل إنه فى اجتماع مع وزير الآثار ، و صرح الوزير للصحف بأنه أعطى أوامره بأن تفتح أبواب الوزارة للمعترضين، و لكنه ألغى اجتماع القيادات الذى كان موعده فى نفس اليوم و لم يحضر إلى الوزارة .
و تناقلت المواقع الصحفية أخبار اقتحام الوزارة و عدم حضور الوزير إلى مكتبه و إلغاء اجتماعاته المقررة ، لذا عندما علم بعض الفنانين أنه سيفتتح فى السابعة مساءً معرضًا بمركز الهناجر للفنون للفنان التشكيلى الدكتور حسين العزبى ، سارعوا إلى هناك يحملون لافتات رفض الأخونة و وزير الإخوان ، و استعدوا لوقفة احتجاجية أمام مركز الهناجر ، و هناك وجدوا أحد مسئولى الوزارة يقف فى انتظار حضور الوزير ، و برغم زمالته لبعضهم كعضو هيئة التدريس بالمعهد العالى للسينما ، إلا أنهم تحاشوا الاحتكاك به و وقفوا بعيدا عنه ، و طالت الوقفة و لم يحضر الوزير ، و يبدو أن السيد المسئول قد أبلغه بما ينتظره أمام باب مسرح الهناجر فلم يحضر و لم يفتتح المعرض ، و هنا أحس الفنانين بضرورة التواجد فى كل الفاعليات حتى لا يذهب إليها الوزير ، إنه نوع من المطاردة التى تؤدى الى ما يشبه الطرد من كل الأنشطة ، و نوع من الحصار لتحجيم نشاطه و إعلان لموقف المثقفين و الفنانين منه . و لكن لم يخطر ببالهم و هم ينصرفون من أمام الهناجر ان القدر سيوقعه بين أيديهم بعد لحظات .
ففى منطقة وسط البلد – حسبما نشرت بعض المواقع الصحفية – تعرف أحد المثقفين على الوزير أثناء تواجده بمطعم شهير ، لتناول وجبة العشاء، و على الفور اتهمه بنفاق الإخوان ، و عندما انتبه الحاضرون بالمطعم شاركوا المثقف الهجوم على الإخوان و وزيرهم ثم تنامى الانفعال حتى هتفوا ضده و ضد نظام الحكم و ترددت فى جنبات المطعم “يسقط يسقط حكم المرشد “.
ويقول المخرج السينمائى أحمد عواض – أحد شهود العيان على الواقعة – فى جريدة اليوم السابع : ( إن إدارة المطعم حينما وجدت هذا الهجوم الشديد، والذى كاد أن يصل لحد الاشتباك، حاولت تهريب الوزير من المطعم عن طريق الحمامات ، غير أن المواطنين التفوا حول المطعم حينما علموا بهروبه، وهتفوا ضده ممطرين سيارته بالبيض). وقال (عواض) إن أغرب ما رآه فى هذا اليوم هو سيدة منتقبة لم تكن على علم بما يدور، فسألته ما الذى يجرى، وحينما أبلغها ظلت تهتف ( يسقط يسقط حكم المرشد.)
هذا مانشرته الصحف أما القصة كما ترويها شاهدة العيان الفنانة مها عفت أحد صناع ذلك الموقف فلا تختلف كثيرا ، فان مجموعة من الفنانين ( هم – بلا ترتيب – المخرج الدكتور أحمد عواض ، المونتيرة ولاء سعدة ، الفنانة عايدة فهمى ، الفنانة مها عفت ، المخرج حامد سعيد ) الذين تواجدوا أمام مسرح الهناجر ، علموا من اتصال تليفونى بالصدفة بتواجد الوزير بمطعم شهير فى وسط البلد ، فقرروا التوجه إلى هناك و وقفوا أمام المطعم فى انتظار خروجه ، و أثناء الانتظار أمام المطعم اتصلوا بمجموعة من المثقفين من رواد مقاهى وسط البلد كزهرة البستان و غيرها ، فتوافد كثيرون منهم ، و انضموا إليهم حتى امتلأ شارع هدى شعراوى الواقع به المطعم ، و أخذوا فى الهتاف ضد الإخوان و وزيرهم ، و استمرت الهتافات تتعالى ، و هنا أحس حرس الوزير بخطورة الموقف ، فحاولوا وضع سيارته فى أقرب مكان للباب لتسهيل خروجه ، و لكن فجأة ضربت المونتيرة ولاء سعدة زجاج سيارة الوزير بالبيض ، مما جعل الرؤية خلال الزجاج مستحيلة ، و شارك البعض بما تصل إليه يديه فى قذف السيارة ، و أصبح الشارع كساحة المعركة ، و بالطبع خشى مسئولوا المطعم أن يتطور الأمر إلى اقتحامه ، فقاموا بتهريب الوزير من الباب الخلفى واضطر الى استقلال تاكسى للهرب من المكان .
و سهر المثقفون فى تلك الليلة الساخنة يتناقلون قصة الوزير على صفحات الفيس بوك و يضيفون لها بعض التفاصيل كلما تيسر ، و بعضهم يتخذ سمت الحكماء و هو يقول عنه فى خبث : ( ضرب عربية رئيس الأكاديمية بالطماطم ، فجاله اللى يضرب عربيته بالبيض – تكبير) .
من جانبه ، قال الدكتور أحمد مجاهد ، على صفحته الشخصية بموقع (فيس بوك): (أتعجب بشدة من واقعة تجريس وزير الثقافة في أحد مطاعم وسط البلد من شباب المبدعين.. أموت وأعرف عرفوه إزاي؟
و لم يعدم الوزير فى تلك الليلة من يذكره بالسى دى … و يهتف له به . و فى نفس الوقت كان الدكتور سامح مهران – الذى كشف عن فضيحة السى دى – يجرى اتصالاته للترتيب للمؤتمر الذى دعى إليه بقاعة سيد درويش فى اليوم التالى ، و تلقى مهران مكالمة من أحد المسئولين السابقين بوزارة الثقافة ممن اطاحت بهم ثورة يناير ، يدعوه إلى لقاء لتصفية الأجواء مع الوزير و إنهاء كل الخلافات السابقة ، و برغم اندهاش مهران من تعاون المسئول السابق مع الإخوان إلا أنه أصر على موقفه تجاه الوزير ، فلم تكن المسألة عداءً شخصيا فقط و لكنه خلاف مبدأى .
كما تلقى مهران اتصالات أخرى تعاتبه على ذكر قصة السى دى فى برنامج تليفزيونى و تحضه على عدم ذكر الموضوع فى مؤتمر اليوم التالى حتى لا يتهم باختراق الحياة الخاصة ، فأوضح مهران – و نشر توضيحه فيما بعد – إنه لم يتنصت على أحد و لم يسجل لأحد ، و إنما هذا السى دى يحمل صورة لمحادثة الكترونية ( شات ) على موقع التواصل الاجتماعى ( الفيس بوك ) بين الدكتور علاء و إحدى الطالبات ، قدمه ولى أمرها فى شكوى رسمية إلى عميد معهد السينما ، الذى أحاله للشئون القانونية ، و التى رأت إنه يحمل اتهاما بجريمة يجب أن تحال إلى النيابة العامة ، فتم رفع الأمر لرئيس الأكاديمية لإبلاغ النائب العام . و لرفع الحرج عن نفسه – لوجود خصومة سابقة – أحال الدكتور سامح الموضوع إلى وزير الثقافة فى ذلك الوقت الدكتور صابر عرب ، و ذلك قبل اختيار الدكتور علاء للمنصب بما يزيد عن شهر و نصف ، لكن اللأوراق لم تتحرك من مكتب الوزير و لهذا تقدم مهران بنسخة من الأوراق إلى الجهات الرقابية عندما تم اختيار الدكتور علاء وزيرا و أعلن هذا الامر على الملأ فى مقابلات تليفزيونية و صحفية .
و كان رد الدكتور هشام قنديل، رئيس مجلس الوزراء، على هذا الاتهام – خلال مقابلة مع رندا أبوالعزم على قناة العربية – أن الرقابة الإدارية تجرى تحريات كاملة عن كل مرشح للوزارة، وهذا ما تم مع وزير الثقافة، وإذا ظهر جديد فلا مانع من اتخاذ الإجراءات المناسبة حيال هذا الموقف. وأكد (قنديل) أن التحريات والتحقيقات تتم على مناصب أقل أهمية من الوزراء، قبل توليهم المناصب، متسائلا: ( فكيف لا تتم على الوزراء خاصة فى هذا التوقيت المهم )، وأشار إلى أن الشخص لحظة اختياره للوزارة يكون أفضل المرشحين فى هذه اللحظة. و من جانبه قال الدكتور مهران ، إنه عندما قدم الـ (سى دى) للرقابة الإدارية أبلغته بأن الحكومة لم تطلب منها إجراء أى تحريات على وزير الثقافة.
و ظل الصمت من جهة الوزير هو سيد الموقف تجاه موضوع السى دى لمدة أسبوع كامل تقريبا ، لذا فإن جهات سيادية – حسبما نشرت اليوم السابع – استدعت الوزير ، و طالبته ( بحسم هذه الأزمة بشكل نهائى ) ، وأمهلته حتى نهاية هذا الأسبوع، خاصة أنه فى أحاديثه الأخيرة لم ينف أو يؤكد بشكل قاطع ما أثير حولها من ردود أفعال فى الشارع المصرى. و ظل الصمت الى أن أصدرت وزارة الثقافة يوم السبت التالى ، بيانًا أعلنت فيه عن قيام الدكتور علاء عبد العزيز، وزير الثقافة بتقديم بلاغين للنائب العام طلعت عبد الله ضد الدكتور سامح مهران رئيس أكاديمية الفنون حول ما أثاره من شائعات تمس سمعة وشرف الوزير على حسب وصف بيان الوزارة الذى تم نشره بجرائد اليوم السابع و الوطن و المصرى اليوم .
وقد حملت البلاغات أرقام 7457 لسنة 2013 عرائض النائب العام ورقم 1090 لسنه 2013 بلاغات النيابة العامة جاء فيها أن المشكو فى حقه، سامح مهران، قد قام بالاتصال ببرنامج العاشرة مساءً، والذى يذاع على قناة دريم الفضائية ويقدمه المذيع وائل الإبراشى، وأدلى باعتراف خالٍ من الإكراه بأنه اعتدى على حُرمة الحياة الشخصية لأحد أفراد الشعب المصرى وقام بانتهاكها وتحصَّل على المحادثات الخاصة به، سواءً أن هذه المحادثات وُجدت أم لم توجد. ( و هكذا يكون البلاغ ليس على فحوى السى دى و لكن باتهام الدكتور سامح بالاعتداء على حرمة الحياة الشخصية للوزير. )
و رد الدكتور سامح مهران، رئيس أكاديمية الفنون، إنه من حق وزير الثقافة أن يتقدم ببلاغ ضده للنائب العام ، موضحًا أن ما ذكرته الوزارة فى بيانها صباح اليوم من كلمة ( شائعات ) ليس صحيحًا، لأن الأكاديمية تقدمت بأدلة للرقابة الإدارية وفقًا لتحقيق أجرته الأكاديمية. وأشار سامح مهران فى تصريح لـ”اليوم السابع” أن الأكاديمية سوف تستعين بفريق الخبراء الذى أثبت أن الــCD ليس مزيفًا ، لافتًا إلى أن هذا القرص المدمج تقدم به أحد الأصدقاء المقربين للوزير، والذى هاله أن يكون هذا هو مستوى عضو أحد أعضاء هيئة التدريس بالأكاديمية، ولم يكن ناتجًا عن التلصص على حياة الآخرين .
و فيما بعد ظهر الوزير فى برنامج تليفزيونى ليدافع عن نفسه ، و لكن قبل هذا الظهور جرت وقائع كثيرة .
و لهذا حديث آخر …