رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

الأيادي الخفية وراء عدم ظهور مسرحية (هولاكو) للنور !

الشاعر الكبير فاروق جويدة

* فاروق جويدة :أرجوك اسأل (جلال الشرقاوي) عن سر عدم عرض (هولاكو)!

* جلال الشرقاوي: ياريت تسأل السيدة وزيرة الثقافة عن سر عدم عرض هولاكو؟!

* إيهاب فهمي: هولاكو سيعرض بعد إنتهاء أزمة فيروس كورونا

المخرج القدير جلال الشرقاوي

كتب : أحمد السماحي

في السنوات الأخيرة حدثت انتفاضة للمسرح المصري، بعض المتشائمين اعتبرها انتفاضة سلبية أعادت المسرح المصري صاحب التاريخ الطويل الحافل بالإنجازات إلى الوراء، والبعض الآخر اعتبرها انتفاضة إيجابية أرجعت الجمهور إلى المسرح سواء مسرح القطاع العام أو الخاص، والذي أصبح يتمثل في عروض قليلة جدا تعد على أصابع اليد الواحدة منها العروض الهزلية لـ (مسرح مصر)، والعروض الممتعة لـ (كايرو شو)، فضلا عن العروض الملتزمة لمسرح الفنان (محمد صبحي).

 لكن ما بين العروض الهزلية والعبثية التى يغلب عليها التفاهة والتسطيح، والعروض الجادة التى تقدمها مسارح الدولة، كنا نفتقد العرض المسرحي المبهر بموضوعه، بفكره، بإخراجه، العرض المليئ بالتنوير الذي يذكرنا بفتوة المسرح المصري العملاق فى الخمسينات والستينات، وبعض عروض الحقب التالية.

تمثال هولاكو مازال شاهدا على جبروته في بغداد

وبعد طول انتظار ظهر هذا العرض للنور أو بصورة أدق إلى خشبة المسرح القومي، وتهللانا فرحا لأن (هولاكو) هذا العرض المنتظر الذي بدأت بروفاته، تأليف كاتب وشاعر من أهم شعراء مصر المحروسة هو (فاروق جويدة) صاحب أنجح المسرحيات الشعرية في تاريخ المسرح المصري التى تحمل كلماته الصادقة الحارقة بنور الحق، المتقدة بنار الثورة والحب، والمتفجرة بشعلة الفكر الحر المستنير كل الحب والخوف على مصر المحروسة.

 و(هولاكو) إخراج تاريخ مسرحي يسير على قدمين اسمه (جلال الشرقاوي)، هذا العملاق الذي يعتبر واحدا من أعمدة المسرح المصري عبر تاريخه والذي أعطى المسرح المصري من روحه وفكره وفلوسه الكثير والكثير، وبطولة كوكبة من النجوم التى تضيئ سماء مصر بموهبتهم الطاغية منهم (أشرف عبدالغفور، عفاف شعيب، أيمن الشيوي، أحمد صبري غباشي، داليا هشام، آية عبدالله) وغيرهم، واستعراضات (مناضل عنتر)، وموسيقي وألحان (منير الوسيمي)، ديكور(محمد الغرباوي).

ومن شدة سعادتي بهذا العرض حضرت إحدى بروفاته الأخيرة خلسة من وراء فريق عمله، ورأيت كلمات (فاروق جويدة) تتحول إلى شموس، وقذائف، وأسلحة مقاومة، حين التحمت مع طاقات مجموعة من خيرة فناني مصر وأعمقهم وعيا وأصالة، فنسجوا من كلمات المسرحية وأشعارها، ومن نبض مشاعرهم، ومن اختلاجات جسدهم وخفقاته، ومن نبرات الصوت ودفقاته قصيدا سيمفونيا رائعا إسمه (هولاكو)، ووجدت (جلال الشرقاوي) ينتحر فى إخراج المسرحية بتعليماته وتوجيهاته المهمة.

إيهاب فهمي .. مدير المسرح القومي

وبدأنا ننتظر ظهور العرض للنور، ولا يعرض، ومرت أيام وأسابيع وشهور ولم يعرض، ومع تولي الفنان (إيهاب فهمي) مسئولية إدارة المسرح القومي صرح عقب توليه مباشرة عن افتتاح مسرحية (هولاكو) خلال أسبوعين أي في نهاية شهر مارس 2020، مؤكدا يومها أن المخرج الكبير (جلال الشرقاوى) يعمل على قدم وساق في البروفات الأخيرة للعرض المسرحي، كما أوشك الديكور على الانتهاء، ومر أسبوعين وثلاثة وشهر، واثنين، وثلاثة، ولم يعرض (هولاكو).

أثناء ذلك اجتاح العالم فيروس (كورونا المستجد) ويومها تصرف مخرج العرض (جلال الشرقاوي) تصرفا نبيلا حيث قال : إنه سيتم تأجيل عرض مسرحيته الجديدة (هولاكو) مرة أخرى، وذلك تنفيذا لتعليمات رئاسة مجلس الوزراء ووزارة الثقافة بإيقاف جميع الفعاليات التى تعتمد على الجمهور والزحام، وذلك ضمن الإجراءات الوقائية لمواجهة فيروس كورونا المستجد.

وقال الشرقاوي يومها: إنه يدعم هذا القرار بقوة، وإنه ليس قرارا للحكومة المصرية فقط، بل هو قرار من قبل الصحة العالمية، وسيسري على جميع الأنشطة الثقافية، وأضاف: يعتبر هذا القرار هو وسيلة فعالة للحد من انتشار الوباء، لحماية أبناء الوطن، فيجب علينا كفنانين أن ندعمه داعين الله أن يحمي مصرنا الحبيبة.

بعد هذا الكلام الجميل من (جلال الشرقاوي) وبعد تراجع الإصابات بفيروس كورونا، وعودة عروض الدولة إلى نشاطها بحضور 50% من الجمهور، بدأنا ننتظر (هولاكو)، لكن ظهرت عروض أخرى على خشبة المسرح القومي، ولم يظهر (هولاكو) وتسألنا أين (هولاكو) يا جماعة الخير؟ لكن لم يجب أحد عن سؤالنا إلا بكلمات مطاطة!، هذا الوضع جعلنا نتساءل مرة ثانية عن سر عدم ظهور هذا العرض التنويري للنور؟ وتوجهت بأسئلتي إلى صناع العمل فضاعفت إجاباتهم من حيرتي ودهشتي!، فإليكم ما دار بيني وبينهم؟!

جانب من ديكور هولاكو

فى البداية سألت مؤلف (هولاكو) شاعرنا المبدع (فاروق جويدة) عن سر عدم عرض المسرحية حتى الآن فقال : لا أدري سر عدم عرضها حتى الآن؟! أرجوك توجه بسؤالك إلى مخرجها (جلال الشرقاوي) فلديه كل التفاصيل الخاصة بهذا العرض؟!

فسألته هل السببب في عدم عرض المسرحية يعود إلى أحد المشاهد التى اعترضت عليها الرقابة؟ فقال: لقد قمت بتعديل هذا المشهد، و (جلال الشرقاوي) سيقول لك كل شيئ!.

وبالفعل توجهت بسؤالي إلى المخرج (جلال الشرقاوي) الذي ما أن صرحت له بما قاله لي شاعرنا الكبير (فاروق جويدة) حتى انفجر بالضحك!، وقالي وأنا أيضا أحيلك إلى الدكتورة (إيناس عبدالدايم) وزيرة الثقافة، رجاء إسألها عن سر عدم ظهور هذا العرض للنور؟! ووعد يا (سماحي) عندما أريد أن أتحدث عن ما حدث، سأتحدث معك أولا وقبل أي صحفي آخر.!

حاولت الاتصال بالدكتورة (إيناس عبدايم) لكني لم أنجح فى الوصول إليها للأسف الشديد!، فتوجهت بسؤالي للفنان (إيهاب فهمي) مدير المسرح القومي الذي أكد لي أن (هولاكو) سيعرض بمجرد انتهاء فيروس كورونا، وعودة المسرح إلى طبيعته الأولى بعيدا عن نسبة الحضور 50% لأن (هولاكو) من العروض المهمة، التى تكلفت ماديا كثيرا، ويحمل أسماء كبيرة في عالم التأليف والإخراج والتمثيل، ولابد أن يظهر فى أفضل صورة !.

فريق عمل مسرحية (هولاكو) بينهم المؤلف فاروق جويده وجلال الشرقاوي وأبطال العرض

جدير بالذكر أن (هولاكو) هى رابع  مسرحية شعرية لشاعرنا الكبير (فاروق جويدة) بعد (الوزير العاشق، دماء على ستار الكعبة، الخديوي)، وهى تتناول موضوعا سياسيا تاريخيا عن القائد (هولاكو) الذى قام بالاستيلاء على بغداد، والقضاء على الخلافة العباسية، فأرسل إلى الخليفة (المستعصم بالله) يتهدده ويتوعده، ويطلب منه الدخول فى طاعته وتسليم العاصمة، ونصحه بأن يسرع فى الاستجابة لمطالبه، حتى يحفظ لنفسه كرامتها ولدولته أمنها واستقرارها، ورفض الخليفة الانصياع إلى ما قاله (هولاكو)، على الرغم من ضعف قواته، وما كان عليه قادته من خلاف وعداء، فضرب (هولاكو) حصاره على المدينة المنكوبة التى لم تكن تملك شيئا يدفع عنها قدرها المحتوم، فدخل المغول بغداد سنة 656هـ – 1258م.

واهتز العالم الإسلامى لسقوط بغداد، عاصمة الخلافة العباسية وقتها، التى دافعت عن العالم الإسلامى أكثر من خمسة قرون، وبلغ الحزن الذى ملأ قلوب المسلمين مداه، حتى أنهم ظنوا أن العالم على وشك الانتهاء، وأن الساعة آتية عما قريب لهول المصيبة التى حلّت بهم، وإحساسهم بأنهم أصبحوا من دون خليفة، وهو أمر لم يعتادوه منذ وفاة الرسول محمد، صلى الله عليه وسلم.

المسرحية كانت فى البداية بطولة (فاروق الفيشاوي، وكمال أبوريه ورغدة) ثم اعتذروا عن استكمالها، ومر العرض بفترة توقف بسبب عدم الاستقرار على أبطال له، وأثناء ذلك قامت الرقابة على المصنفات الفنية بتعديل بعضا من المشاهد، والجمل الحوارية بالنص، كانت لجنة قراءة النصوص بالمسرح القومي قد رفضتها بسبب تضمنها إسقاطات سياسية حالية، والإساءة للحكام العرب، وللدول العربية، وقد تسبب العرض من قبل في أزمة داخل البيت الفني للمسرح، تقدم على أثرها الفنان (أحمد شاكر عبداللطيف) باستقالته من إدارة المسرح القومي بعد مرور 10 أشهر على توليه منصب مدير المسرح القومي.

والآن نريد طرح بعض الأسئلة: هل يوجد أيادي خفية وراء عدم ظهور هذا العرض المهم؟ .. هذا أغلب الظن!، ثانيا من يسعى إلى تكبيل العقل بأغلال القمع والمنع؟ والسؤال الأهم: الأموال التى أنفقت على هذا العرض من موسيقى وديكورات وتمثيل وخلافه من سيحاسب على إهدارها؟!،  وأخيرا هل سيرى هذا العرض – الذي تصلح كواليسه كمسرحية أو فيلم سينمائي ــ النور؟ .. هذا ما ستجيب عليه الأيام القادمة.!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.