بيرم التونسي يفجر مفاجأة: أنا ملحن أوبريت (عزيزة ويونس) وليس زكريا أحمد!
كتب : أحمد السماحي
تملك شركة (صوت القاهرة للصوتيات والمرئيات) مغارة مليئة بالكنوز الغنائية، التى يمكن عن طريق كنز واحد من هذه الكنوز أن تصبح شركة غنية، لكن لأن القائمين عليها ينطبق عليهم قول النجم أمير كراره ــ فى مسلسل (نسل الأغراب) ــ (كتع، كسح، كسل)، فهم لايدرون ما يمتلكون من كنوز.
هذا الأسبوع نتوقف في باب (غلاف ألبوم) مع واحد من هذه الكنوز وهو أوبريت (عزيزة ويونس) تأليف محمود بيرم التونسي، تلحين الشيخ زكريا أحمد، إخراج عثمان أباظة، الذي طبع على شريطين كاسيت، وقام بالبطولة الغنائة كلا من (صباح، ومحمد جمال الدين)، وقام بالتمثيل كوكبة من النجوم هم المطربة صباح فى دور(عزيزة)، صلاح منصور (يونس) تمثيلا، والمطرب اللبناني محمد جمال غناءا، محمد علوان (مرعي)، عمر الحريري (يحيي)، محمد الطوخي (أبوزيد)، رفيعة الشال (أم علام)، عايدة كامل (سعدة)، نادية السبع (فوزية)، محمد السبع (السلطان حسن بن سرحان)، كمال ياسين (دياب بن غانم)، فؤاد شفيق (القاضي يحيي)، لطفي الحكيم (الزناتي خليفة)، عبدالعزيز خليل (السلطان الوهيدي).
منذ أيام وأنا أقلب فى إحدى مجلدات (الإذاعة المصرية) الصادر بتاريخ 10 مارس عام 1959، الموافق غرة رمضان، وجدت تقريرا منشورا فى المجلة يحمل مفاجأة من العيار الثقيل!، وهذه المفاجأة على لسان شاعر الشعب المبدع (محمود بيرم التونسي) حيث جاء فى التقرير المنشور هذا الكلام بالضبط : السفيرة عزيزة هل تعرف قصتها؟ هل تذكر ما كانت أمهاتنا وجدادتنا يرددونه حول هذه القصة من مختلف اساطير الحب والبطولة والجمال.
لا شك أنك سمعت عنها في طفولتك، أو رأيت صور أبطالها مثل (عزيزة ويونس وأبوزيد الهلالي سلامه، والزناتي خليفة، ودياب بن غانم) التى كان يعرضها (صندوق الدنيا) و(اتفرج يا سلام) على الأطفال فى الشوارع.
وقصة السفيرة عزيزة أو (عزيزة ويونس) يقول عنها مؤلفها (بيرم التونسي): تعتمد حوادثها على بعض الواقع الذي شهدته مصر وتونس أيام حكم الفاطميين، وقد قدمت (عزيزة ويونس) من قبل كمسرحية منذ عشر سنوات، وكانت تحتوي على 13 أغنية لحنها في ذلك الوقت (زكريا أحمد)، فلما طلبتها منى الإذاعة سنة 1954 رفضت تقديمها حيث كان موضوعها لا يتفق مع تآخي العرب الجديد، وتكاتفهم واتحادهم.!
وأخيرا اتفقت الإذاعة مع المخرج الإذاعي (عثمان أباظة) على أن يقدمها فى صورة حلقات إذاعية تذاع في شهر رمضان الجاري، بعد أن أعدل الفكرة وأطورها بما يتفق مع عروبتنا، وجعلت موضوعها ينمو نموا فكاهيا، وفى الوقت نفسه يفيض بالمحبة والمودة بين العرب بعد أن كان مبعثا للكراهية بينهم.
واستطرد (بيرم التونسي) قائلا : ولما لم تتفق الإذاعة مع الشيخ (زكريا أحمد) على إعادة تلحين الأغاني القديمة التى قدمها فى المسرحية، فوضعت أنا للأوبريت الذي سيذاع 30 أغنية جديدة من أغاني الفلكلور التونسي التى أحفظ أنا شخصيا ألحانها، ولذلك أمليتها على تخت الموسيقي (سيد فرج) وفرقته فحفظها ورددها معه كلا من (صباح ومحمد جمال)!
وبهذا السبق تكون الأغنيات الرائعة المليئة بالجاذبية والطرافة التى استمعنا إليها فى أوبريت (عزيزة ويونس) هى من الفلكلور التونسي التى قام بإملائها (بيرم التونسي) على الأستاذ (سيد فرج)، وليست من وضع الشيخ (زكريا أحمد) كما هو مذكور فى غلاف ألبوم (عزيزة ويونس).
والمثير أن هذا الكلام نشر في حياة الشيخ (زكريا أحمد) الذي رحل عن حياتنا يوم 14 فبراير عام 1961، ولم يثورأو يكذب ما قاله (بيرم التونسي)، والسؤال لماذا وضع اسم (زكريا أحمد) على عمل لم يقم به أصلا؟ والإجابة لأن مسرحية (عزيزة ويونس) التى قدمت فى فترة الأربعينات حققت نجاحا كاسحا، وقدمتها كثير من الفرق الخاصة، وارتبطت باسم كلا من (بيرم التونسي، وزكريا أحمد)، وعندما طبعت شركة (صوت القاهرة) أسطوانات الأوبريت كان كلا من الشيخ (زكريا أحمد وبيرم التونسي) قد رحلا عن حياتنا، وكل الأوراق تثبت أن أغنيات (عزيزة ويونس) كلمات بيرم التونسي وألحان زكريا أحمد، وبالتالي وضع اسمهما على أغنيات الأوبريت المأخوذة أصلا من الفلكلور التونسي كما جاء على لسان عمنا (بيرم التونسي).