بقلم : محمد حبوشة
لاشك أن الفنان (محمد رمضان) أصابه مس من جنون الشهرة فبات مدمنا على نشر المقاطع المصورة التي تجتاح مواقع التواصل الاجتماعي، وتظهر الحياة الفارهة له واليوميات المليئة بالأحداث والمغامرات، لتكون محط أنظار الناس ومن مختلف الأعمار، صغارا وكبارا، وتلك الحياة، التي يرى الكثيرون أنها (نموذجية) للشهرة – للأسف – تجعل الصغار في مراحل مختلفة من العمر، يحلمون بعيش حياة تشبهها، وأحيانا المقارنة بين ما يعيشونه وما يعيشه الآخرون، ويرغبون بالحصول على هذا الاهتمام عبر منصات التواصل، ظناً منهم أن الشهرة تعني (حياة رغيدة) وبالتالي تقليد هؤلاء المشاهير ومحاولة إثبات أنفسهم في هذا العالم، ومثل تلك التصرفات من جانب (رمضان) تعتبر على قدر كبير من الخطورة بسبب وجود دافع ذاتي من الطفل لتقليد المشاهير ومجاراتهم في الحياة التي يشاهدها دائما أمامه من خلف الشاشات.
والأمر المؤكد أن هذه التصرفات في حد ذاته تعد نوعا من السفه، وأصل السفه في اللغة: نقص وخفة العقل والطيش والحركة، فقد قال صاحب تفسير المنار: والسَّفَهُ وَالسَّفَاهَةُ: الِاضْطِرَابُ فِي الرَّأْيِ وَالْفِكْرِ أَوِ الْأَخْلَاقِ . يُقَالُ : سَفَّهَ حِلْمَهُ وَرَأْيَهُ وَنَفْسَهُ . وَاضْطِرَابُ الْحِلْمِ – الْعَقْلِ – وَالرَّأْيِ : جَهْلٌ وَطَيْشٌ ، وَاضْطِرَابُ الْأَخْلَاقِ: فَسَادٌ فِيهَا لِعَدَمِ رُسُوخِ مَلَكَةِ الْفَضِيلَةِ، وأما في الشريعة: فقد اختلفت عبارات الفقهاء في تعريف السفيه، وخلاصة ما ذكروه: أن السفيه هو من يسرف في إنفاق ماله، ويضيعه على خلاف مقتضى العقل أو الشرع فيما لا مصلحة له فيه، وباعثه خفة تعتري الإنسان من الفرح والغضب ، فتحمله على الإنفاق من غير ملاحظة النفع الدنيوي والديني.
والسفيه على طريقة (رمضان) بتعريف الإمام الشافعي: هو الإنسان الناقص العقل، الذي يتجرأ على الآخرين بالسب والشتم ويتهجم بلا سبب ويطلق الكلام القبيح بسهولة فهو إنسان غير ناضج ولا مسؤول، والسفيه أيضا هو الإنسان الذي لا يحترم الآخرين، وهو الذي يضع نفسه في مواضع هو في غنى عنها وينتج هذا السفه عن قلة عقل ودين وعدم إدراك، والسفيه عادة ما يكون جاهل متسلط، وقال الشافعي رحمة الله عليه فيه :
يخاطبني السفيه بكل قبح .. فأكره أن أكون له مجيباً
يزيد سفاهة فأزيد حلماً .. كعود زاده الاحتراق طيباً
كما قال أحد الشعراء
أعرض عن الجاهل السفيه .. فكل ما قاله فهو فيه
فلا يضر نهر الفرات يوما .. إذا خاض بعض الكلاب فيه
ويقول آخر :
لو كل كلب عوي ألقمته حجرا .. لصار الصخر مثقال بدينار
ومن مأثور الشعر في معاملة السفهاء قول الشاعر:
(سكتُّ عن السفيه فَظَنَّ أنِّي
عييتُ عن الجواب وما عييتُ
فإنْ كلَّمتُهُ فرَّجتُ عنهُ
وإن خليتُه كمداً يموتُ!).
وهذا صحيح فإن السفيه مثل (محمد رمضان) كالنار وقوده الرد عليه فيزداد سفاهة واندفاعاً، أما الصمت عنه ترفعاً فيقتله، فالذي يتجاوب مع السفيه في فاحش القول يصبح مثله تقريبا ويعطيه الفرصة الذهبية لاستعراض قاموس سافهته أما الذي يسكت عنه ترفعاً فإنه يخرسه ويلقمه حجراً.
ويقول أبو الأسود الدؤلي:
“وإذا جريتَ مع السفيه كما جرى
فكلاكما في جريه مذمومُ
وإذا عتبتَ على السفيه ولُمْتَهُ
في مثل ما يأتي فأنتَ ظلومُ
ومن هنا فظني أن ترك (محمد رمضان) وعدم الرد عليه أو الاهتمام به من جانب الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، ومحاولة وقفه عن العمل واستهدافه قضائيا باللجوء للتوصيف القانون تجاه مماراساته النكراء، سوف يقضي عليه وعلى حمقه وغروره واستفزازه المستمر سواء لزملائه أو لجمهور يتعطش للنميمة، وذلك لسبب جوهري وبسيط أن السفيه يلتقي مع اللئيم في الشر وإن كان الأخير قلما يعقل مع الزمن، قال المؤمل المحاربي:
(وكم من لئيم وَدّ أنِّي شَتَمْتُهُ
وإن كان شتمي فيه صابٌ وعَلْقَمُ
وَلَلكَفُّ عن شَتْم اللئيم تكرُّماً
أَضَرُّ لهُ من شَتْمه حين يُشْتَمُ”
والسفيه يهاجم ويسب بلا سبب:
“يسطو بلا سبب وتل
لك طبيعةُ الكلب العقور!).
ويباردرني سؤال: ألا يعلم (محمد رمضان) أن سفاهته تجر على أهله وقومه ومجالسيه المصائب وقد يثير العداوات والحروب والفتن؟، الإجابة: نعم مؤكد أن يعلم ذلك جيدا، لكنه مرض (ركوب الترند) هو السبب الذي أصابه بعمى البصر والبصيرة، فلم يعد يرى سوى نفسه حتى أصبح لقبه الجديد الذي لم يطلق على نفسه: (ملك الاستفزار)، فالشخص المستفز هو من يقوم بتصرفات مزعجة للآخرين، أو يمتلك صفات سلبية في شخصيته تجعل وجوده مزعجاً ومستفزاً، وعادة ما تكون التصرفات المستفزة التي يقوم بها الشخص المستفز متكررة، ولا يعترف – وربما لا يدرك – أنها تصرفات مزعجة تستفز من حوله، وبهذا الاستفزاز العلني من جانبه ربما أضاف إلى (السفه) صفة (الحمق)، وهما بالمناسبة يشتركان في الجهل ويختلفان في موضعه فالسفيه يجهل أهمية الأمور الأساسية في حياته، فيقوم بخلاف ما يصلح معاشه لضعف تقديره للأمور، أما الأحمق فيعلمها لكن يجهل وسيلة تحقيقها، أو يعلم كل ذلك ولا يقوم به.
استفز الفنان محمد رمضان جمهوره مجددا بعد ادعائه بتحفظ الدولة على أملاكه عبر فيديو أكثر استفزارا وينم عن جهله بمقتضيات قد تؤثر على اقتصاد بلاده التي يقول عنها أنه (لحم اكتافه من خيره)، وقام بترويج لأغنيته الجديدة (ثابت) عبر (إنستجرام)، وكأنه يدراي على مصائبه المستفزة بمصائب أكثر استفزازا، وذلك على الرغم من علمه التام بأن قرار التحفظ جاء على مبلغ 6 ملايين جنيه فقط من أمواله بهدف تنفيذ حكم قضائي، من أجل تعويض ذوي الطيار الراحل أشرف أبو اليسر بالمبلغ، بعدما تسبب في إقالته من وظيفته، بسبب دخوله إلى قمرة القيادة على متن أحد الرحلات التي كان يقودها الطيار الراحل، حيث ربط البعض بين الأغنية والأزمة الأخيرة التي تسبب فيها رمضان.
وفي إطار أزمة (فيديو) التحفظ على أمواله، أصدرت البرلمانية إيناس عبد الحليم بيانا استنكرت الفيديو الخاص بالفنان محمد رمضان، والذي تم نشره على صفحته الرسمية عبر الساعات الماضية، والذي يؤكد على أن البنك الذي يتعامل معه حجز على أمواله، دون أن يكشف عن سبب الحجز، ولكن ما حدث هو حكم قضائي بسبب الطيار المتوفي أبواليسر ولا دخل للدولة فيه، وأكدت عبد الحليم، خلال البيان الصادر لها، أن الفنان محمد رمضان لديه إصرار كامل أن يصدر للمواطنين أن الحكومة تقوم بحجز أموالهم خلال الفترة المقبلة، مما يضعف ثقة المواطن في إيداع أمواله في البنوك المصرية، لافتة إلى أن هذا الفعل الإجرامي سيؤثر على الاقتصاد المصري وحركة البورصة المصرية فضلا عن تأثيره السلبي على تنفيذ المشروعات التي تقوم بها الدولة ونجحت بها خلال السنوات الماضية.
وأوضحت عضو مجلس النواب، أنه لابد أن يدرك الجميع أن الفنان شخص مسئول، كل كلمة لا بد أن تكون محسوبة أولاً قبل أن ينطق بها، مطالبة بمحاسبته بتهمة إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وذلك وفق مواد القانون رقم 175 لسنة 2018 الخاص بمكافحة جرائم تقنية المعلومات، وأضافت البرلمانية أن مهما كانت الجريمة المتهمة بها أي واحدة منهن إلا أن ادعاءات الأخير أكثر خطورة على الدولة فهي إساءة للاقتصاد والدولة المصرية بأكملها.
ومن جهته، هاجم الإعلامي عمرو أديب، أيضا، أفعال محمد رمضان، وأكد أن (ذلك الفيديو يسئ إلى مصر ويؤثر بالسلب)، وقال إن (مصر لا تحتاج إلى أمواله، وأنها في غنى عنها، وأن الأموال التي تم التحفظ عليها هي أموال الطيار أشرف أبو اليسر، وأنه يصدر صورة خاطئة عن المصريين).
مر أسبوع تقريبا على حادثة (فيديو) التحفظ على أموال محمد رمضان، وكالعادة نال نصيبه من السخرية والاستنكار من جانب رواد السوشيال ميديا، وكانت هنالك محاولات للحصول على حكم قضائي يدين تلك التصرفات الخرقاء، لكن لا حياة لمن تنادي، ولأن (من أمن العقوبة أساء الأدب) فقد خرج علينا رمضان بأغنية (ثابت) ليؤكد ثباته الدائم على الحمق والسفاهة والاسستفزاز)، ولأني لست من أنصار التقاعس بمبدأ أن لاحيلة في أمر من أصابه الغرور إلى حد الجنون الذي حتما سيودي بصاحبه، فإني أتساءل في دهشة : من هو ذلك الشخص النافذ في الدولة الذي يقف وراء ظهر ويخرجه من كل ورطة بخفى حنين، وإذا لم يكن هنالك شخص بعينه فكيف يترك هكذا مستمرا في عبثه بمقدرات ناس وبلد وأمة تراه جرثومة لابد من التخلص منها؟
لقد ارتكب (رمضان) حماقات ترقي إلى مستوى الجرائم، ومنها على سبيل المثال وليس الحصر قصة (فلوس حمام السباحة) في أول رد فعل للفنان، بعد حكم إلزامه بدفع تعويض 6 ملايين جنيه للطيار أشرف أبو اليسر، وأثار رمضان كعادته، جدلا كبيرا بهذا المقطع، حيث تعرض لانتقادات عديدة من طرف متابعيه وانتهى الأمر عند هذا الحد، ولم يتم محاسبته على طريقته السفيهة والمستفزة رغم أن وكيل الأزهر الدكتور عباس شومان، كتب على صفحته بفيسوك، قائلا: (لله الأمر.. يتداول نشطاء على مواقع التواصل فديو لممثل مثير للجدل، وهو يلقي دولارات في الماء، وهذا العمل فوق كونه مخالف لأحكام شرعنا الحنيف لما فيه من امتهان للنعمة ويدخل في دائرة السفه الموجب للحجر على فاعله، ففيه استفزاز لمشاعر الفقراء الذين لا يمتلكون قوت يومهم).
فضلا عن قضايا أخرى لم يحاسب عليها مثل: الإساءة للفنان الكبير الراحل إسماعيل ياسين في تصريحات مستفزة قبل توجيه الإهانة له على الشاشة في مسلسل (موسى) الذي عرض في رمضان مؤخرا، وقبله في الموسم الرمضاني الماضي قام بتمزيق جواز السفر المصري في مسلسل (البرنس)، ومنذ أشهر قليلة كانت له قصة أفزعت جمهور تتعلق بلقاء مطرب إسرائيلي في دبي، وهذا يعد نوعا من التطبيع الذي يخالف لوائح النقابات المهنية، ومع ذلك خرج منها كالشعرة من العجين، ناهيك عن موبيقات غير أخلاقية يتركبها دون أدنى شعور بالخجل ففي الوقت الذي انهالت فيه تعازي الفنانين لوفاة الفنان القدير سمير غانم، معربين عن حزنهم لرحيله بعد رحلة فنية حافلة أثرى خلالها مكتبة الفن المصري بمئات الأعمال الجيدة، انشغل الفنان محمد رمضان بنشر فيديو قديم للفنان الراحل وهو يشيد بأدائه خلال أحد اللقاءات التليفزيونية، وكتب أحد المتابعين ويدعى (مصطفي الزاكي) تعليقا على الفيديو: (محمد رمضان حتى على الشخص اللي عاوز تترحم عليه جايبو يمدحك؟!!).
ولم يسلم زملائه من أذاه فقد دخل محمد رمضان على خط أزمة الفنان عمرو يوسف الذي تم إيقاف مسلسله الرمضاني (الملك) قبل أيام من الشهر الفضيل، وذلك بعدما نشر الأول فيديو عبر حسابه الخاص على إنستجرام لوزير الآثار السابق زاهي حواس، يقول فيه إن محمد رمضان أصلح لناحية الشكل في أن يجسد دور أحمس، محمد أرفق الفيديو بمقطع من أغنيته (أنا الملك.. نادي الملوك مين فيكو مشترك .. اثبت مكانك مسمعش صوتك دماغكو شغاله بزمبلك) ثم كتب الى جانب الفيديو : (شهادة أعتز بها من عالم الآثار المصري ووزير الدولة لشؤون الأثار السابق زاهي حواس وأعد حضرتك بإذن الله سيكون فيلم سينمائي عالمي يليق بتاريخنا العظيم #محمد_رمضان #أحمس 2023)
وبعد كل الذي مضى أليس حريا بنا أن نتخلص من تلك الجرثومة التي أصبحت بمثابة (السفيه الأكبر في تاريخ الفن المصري) الذي يدعى محمد رمضان، على الأقل يتم إيقاف التعامل معه من جانب (الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية) باعتبارها أمينة على أخلاق الشعب المصري، كما فعلت مع المخرج المأسوف عليه (محمد سامي) مؤلف ومخرج (مسل الأغراب) باعتباره أسوأ مسلسل في دراما رمضان 2021، أليس محمد رمضان هو الأسوأ سلوكا على الساحة الفنية الحالية وينبغي ردعه، كي يكون عبرة لغيره ممن تسول لهم أنفسهم بالتجاوز على القانون وضرب القيم والتقاليد المصرية التي تربينا عليها .. أعتقد حرمانه من المشاركة في أعمال قادمة حري به أن يعدل من سلوكه ويلتزم بميثاق الشرف الذي تنص عليه نقابته، ومن قبل كل ذلك الحفاظ على تقاليد المجتمع الذي يعيش فيه ويحصل على أمواله من جيب شعبه .. اللهم بلغت .. اللهم فاشهد.
وفي النهاية: أقول لقد نهى الأقدمون من الفقهاء والشعراء والمفكرين والفلاسفة عن مؤاخاة الأحمق؛ لأنه يشير عليك ويجهد نفسه فيخطئ، وربما يريد أن ينفعك فيضرك، ولذلك فإن سكوته خيراً من نطقه، وبعده خيراً من قربه، وموته خيراً من حياته، ليس هذا وحسب بل إنك لا تستطيع مجاراته أو معرفة الأسلوب الذي يقبله، وقد قيل: (الأحمق إذا أقبلت عليه افتر، وإن أعرضت عنه اغتم، وإن حلمت عليه جهل عليك، وإن أحسنت إليه أساء إليك، وهو بذلك يشترك مع الحسود واللئيم في تلك الصفات، وقد قال الأحنف بن قيس، الناس أربعة أصناف هم:
رجل يدري ويدري انه يدري فذاك عالم فخذوا عنه.
رجل يدري وهو لا يدري انه يدري فذاك ناس فذكروه.
رجل لا يدري وهو يدري انه لا يدري فذاك طالب فعلموه.
رجل لا يدري وهو لا يدري انه لا يدري فذاك أحمق فارفضوه.