تعرف على القصيدة التى قام بغنائها 6 مطربين بألحان مختلفة!
كتب : أحمد السماحي
من الشعراء الرائعين الذين ملئوا حياتنا الغنائية بالرقي والجمال والمعاني والمفردات الجديدة التى سلبت عقولنا – ومازالت – الشاعر اللبناني الكبير بشارة الخوري أو (الأخطل الصغير) الذي عُرف عن شعره بأنه شعر غنائي يتميز بكلمات رقيقة تلامس القلوب، لهذا تم إطلاق العديد من الألقاب على هذا الشاعر، فهناك من لَقَبَه بشاعر (الحب والهوى)، وهناك من أطلق عليه شاعر (الصبا والجمال)، والجدير بالذكر أن تسمية الشاعر اللبناني بشارة بلقب (الأخطل الصغير) جاء لكونه شاعر اقتدى بما خط الشاعر الأموي (الأخطل التغلبي).
والمتابع لشعر (الأخطل الصغير) يجد هناك مجموعة من الأسباب التي ساهمت فى شهرته، أهمها أن شعره العربى يتسمُ بمجموعة من الخصائص الفنية تتمثل فى البساطة الفنية، وانتقاء الألفاظ المُوحية المتأثرة بالطبيعة اللبنانية الخلابة، بالإضافة إلى قِصر القصائد المغناة؛ مما يساعد على سرعة حفظها واسترجاعها وثباتها فى الوجدان فترات طويلة.
وهذه السمات جعلت كثير من المطربين يتغنوا بأشعاره مثل محمد عبدالوهاب الذى غنى له (جفنه علم الغزل، الصبا والجمال، الهوى والشباب، ياورد مين يشتريك)، وفريد الأطرش الذى لحن وغنى له (أضنيتني بالهجر، وعش أنت، وردة من دمنا)، وفيروز (يا عاقد الحاجبين، قد أتاك يعتذر، يبكي ويضحك لا حزنا ولا فرحا)، وديع الصافي ( كفاني يا قلب)، وغيرهم من المطربين.
ورغم كثرة القصائد التى تغنت له، إلا أن هناك قصيدة جميلة جدا لـ (الأخطل الصغير) عنوانها (أترى يذكرونه أم نسوه)، كانت محظوظة وحدث لها ما لم يحدث في قصيدة أخرى على مدى تاريخ الغناء!، حيث لحنت 6 مرات بألحان مختلفة، وفي أزمنة مختلفة.
الفروجي أول من تغنى بها
كان أول من تغنى بهذه التحفة الفنية المطرب المصري (صالح الفروجي) الذي عمل سنيدا ضمن المذهبجيه للموسيقار الكبير (محمد عبد الوهاب)، وترك الغناء مع (عبدالوهاب) عام 1930، وبدأ يغني ويلحن لنفسه ولزملائه المطربين، وقام بتسجيل اسطوانات بصوته، كما لحن العديد من الأغنيات والقصائد أشهرها قصيدة (مررت بالبحر) التى سجلها الشيخ (أمين حسنين) بصوته على اسطوانة (البوليفون) عام 1931.
الفروجي بمجرد ظهور قصيدة (أترى يذكرونه) للنور قام بتلحينها وغنائها بلحن رائع فى شهر مارس عام 1939، كما وجدنا فى مجلة (الراديو) المصرية.
بكر الكردي
بعد سنوات وفى نهاية الأربعينات قام عملاق الفن الحلبي (بكر الكردي) بتلحينها وغنائها، والتسجيل موجود على موقع الفيديوهات الشهير (اليوتيوب) وتقع مدته فى حوالي 18 دقيقة.
حليم الرومي ونور الهدى
هذه القصيدة الرائعة جذبت فى نهاية الخمسينات انتباه المطرب والملحن اللبناني المبدع (حليم الرومي) فقام بتلحينها للمطربة اللبنانية الكبيرة (نور الهدى) التى كانت فى أوج نضجها الفني، وكانت تركت مصر فى هذه الفترة، وعادت إلى موطنها الأصلي لبنان.
البندك والحناوي
مرت سنوات طويلة على غناء (نور الهدى) للقصيدة، وفى عام 1976 جاء الملحن الفلسطيني الكبير (رياض البندك) الذي بدأ حياته مطربا فى إذاعة فلسطين، وأعاد تلحين القصيدة مجددا دون أن يدري أن أحدا سبقه فى تلحينها، وقامت بغنائها بكل تمكن وجمال المطربة السورية الراحلة (فاتن الحناوي) الشقيقة الكبرى لمطربة الجيل (ميادة الحناوي)، وقد حاز (البندك) على الجائزة الأولى في مهرجان الأغنية بدمشق عام 1978 عن تلحينه لهذه القصيدة.
بليغ والديفا
بعد حوالي تسع سنوات من تلحين (البندك) لهذه القصيدة الرائعة، قام الموسيقار العبقري (بليغ حمدي) المقل جدا في تلحين القصائد بتلحينها دون أن يدري أيضا أن أحدا سبقه، وقامت المطربة المتجددة (سميرة سعيد) بغنائها بشكل دقيق ومرهف الحس مليئ بشجن العبقري (بليغ حمدي)، ضمن أغنيات ألبومها (سيداتي سادتي) عام 1985 الذي تضمن أربع أغنيات هى (ماليش عنوان، أسمر ملك روحي، أترى يذكرونه، سيداتي سادتي) قام بتلحينهم جميعا بلبل الألحان.
الرحباني ولطيفة
كانت آخر مرة لحنت هذه القصيدة المحظوظة عام 2004، عندما قام بتلحينها الموسيقار اللبناني الكبير (منصور الرحباني) في مسرحيته الرائعة (حكم الرعيان) التى كانت تتناول العلاقة الشائكة بين الحاكم والمحكومين، وعلاقة العرش بعامة الشعب، وتتناول مفاهيم العدالة، وحق الشعب، والوطنية، والصراع من أجل السلطة، في نزهة درامية مسرحية على حدود اللا منطق، والعبثية، والسخرية السوداء·
وقد قامت بغنائها بشكل متميز للغاية تونسية المولد عربية الهوى والهوية المطربة المتميزة (لطيفة).
وتقول كلمات القصيدة المحظوظة :
أترى يذكرونه، أم نسوه
هم سقوه الهوى، وهم أسكروه
عللوه فكان أقتل شيء
ذلك الصد بعدما عللوه
عمرك الله هل عرفت فؤادًا
كفؤادي عليه جار ذووه
ليتهم يذكرون ليلة كنا
والهوى نحن أمه وأبوه
وعيون النجوم ترنو إلينا
ولسان الدجى يكاد يفوه
والنسيم الخفيف يلهو بثوبينا
كطفل أهله ما هذبوه
ورشفنا كأس الحميا فباحت
بالذي في الصدور منا الوجوه
قلت أهواك يا ملاكي
فردت مقلتاه لكن تعلثم فوه.