فاتن حمامة وعمر الشريف .. ثورة على الحب (1/3)
* المنتج رمسيس نجيب يحذر فاتن من فقدان جماهيريتها بسبب حبها للوجه الجديد
* فاتن حمامه تصرخ وهى تبكي أليس من حقي أن أحب؟!
* الكاتب علي أمين يمسح دموع ملاك الرحمة ويهديها الحل السليم
* يوسف شاهين يمنح صديقه فرصة العمر أمام فاتنة الجماهير
* عمر الشريف يحفظ (ديالوج) على الزرقاني عن ظهر قلب، ويمثله أمام فاتن والنجمة تقول: (كويس مش بطال)
* فاتن حمامه : عمر فسخ خطوبتي بسبب حبه لي!
كتب : أحمد السماحي
في شهر يناير عام 1954 سارع المنتج الشهير (رمسيس نجيب) بالاتصال بالكاتب الصحفي (موسى صبري) الصديق المقرب لنجمة الشاشة الذهبية (فاتن حمامة) ليقنعها بأن قصة حبها مع (عمر الشريف) سوف تفقدها معجبيها ونجوميتها وشعبيتها، نظرا لاختلاف الديانة بينهما، وذهبت (فاتن) إلى صديقها الكاتب الكبير (على أمين) فى دار (أخبار اليوم) وهى تبكي وسألته والدموع في عينيها : أليس من حقي أن أحب؟ .. هل أنا أول سيدة مسلمة تحب شابا من غير دينها وتتزوجه بعد أن يشهر إسلامه؟، وأضافت وهى تبكي: لماذا لم يثر الشعب على الأميرة فتحية عندما تزوجت رياض غالي؟، ولماذا لم تهاجم سامية جمال عندما تزوجت من الشاب الأمريكي (شبرد كنج)؟، وأين كان الجمهور العريض عندما تزوجت الفنانة أمينة البارودي من المغني الإيطالي (آنا لورو)؟، ولم تثر حول واحدة من النجمات اللواتي تزوجن بمسيحيين ضجة كالتى أثيرت حول قصة حبي ونيتي الزواج من (عمر الشريف)؟.
فهدأها الكاتب الكبير (علي أمين) وأخرج من جيبه منديله وأعطاه لها لتجفف دموعها وقال لها بهدوء شديد: السبب أن فاتن حمامة ظهرت أمام الجماهير منذ كانت طفلة في صورة خاصة تختلف عن صور السيدات اللواتي تزوجن قبلك بشبان لجأوا إلى الإسلام حبا بهن!، لقد ظهرتي يا (تونة) أمام الناس تحوطك هالة من القداسة، وكنتِ دائما بالنسبة للجماهير ابنتهم وأختهم وحبيبتهم والملاك الوديع الجميل الذي لا يمكن أن يحب أو يتزوج أو يطلق، ولهذا حدثت ثورة على حبك لـ (عمر الشريف).
قالت له والحل : قال لها الأيام هى التى ستحل مشكلتك!، اشتغلي ولا تعطي إذنك لأحد!، هذه الواقعة كانت بعد أن تسربت قصة غرام (فاتن حمامه وعمر الشريف) وخرجت من بلاتوهات السينما إلى الجرائد والمجلات الفنية، ثم إلى آذان الجماهير ونجوم الفن، ولكن كيف بدأت هذه القصة؟
تعالوا نترك النجم (عمر الشريف) هو الذي يحكى لنا بداية هذه القصة كما جاءت عام 1960 في مجلة (الموعد) اللبنانية:
شهادة عمر الشريف
لقد كنت مثل سائر رواد السينما أرى (فاتن) في الأفلام مثلما يراها أفراد الشعب، ولكنني كنت بلا سبب والله العظيم أتردد على مشاهدة أفلامها أكثر من مرة، ثم حدث أن قابلني صديقي المخرج الشاب (يوسف شاهين) فى مقهى (جروبي) واتفق معي على أن أقوم بدور البطولة في فيلم (صراع في الوادي).
وأخذني إلى الاستديو لأقابل (فاتن)، كنت ليلتها كتلميذ المدرسة الذي يذهب إلى امتحان استعد وسهر من أجله الليالي، ولكنه نسى كل شيئ قبل أن يمسك ورقة الإجابة، وخيل الي أنها ستقابلني بنظرات الاحتقار ثم ترفض الوقوف أمامي في الفيلم، وقد توترت أعصابي لهذا الخاطر، وحين سمعت (يوسف شاهين) يقدمني إليها بعبارات فيها بعض الثناء، استرددت شجاعتي ورباطة جأشي وخيل الي أنني بدأت أتذكر (تفاصيل إجابة الامتحان) .!
وكانت مادة الامتحان (ديالوج) من الفيلم وضعه (على الزرقاني) وحفظته عن ظهر قلب، وطلب مني (جو) أن أمثله أمام (فاتن) فمثلته بإتقان، وقالت النجمة الشهيرة يومها عني: (كويس مش بطال)، وعدت إلى البيت وأنا أكاد أطير من الفرح، فقد قبلت (فاتن) فى تلك الليلة أن أكون البطل أمامها، وهذا بالطبع أقصى ما يتمناه وجه جديد!
ورأيتها بعد ذلك كثيرا، ولم أكن أرى فيها إلا الفنانة الكبيرة التى توحي بالاحترام والتقدير، وذهبنا إلى (الأقصر) حيث تدور أحداث الفيلم، وكانت المجموعة العاملة معنا فى الفيلم تنقسم إلى شلل وتسعى كل (شلة) إلى فندق تمضي فيه ليلة صاخبة، أما أنا فلم أكن قد اندمجت في الوسط السينمائي، وأما هى فلم تكن تحب السهرات، ولهذا كنا نجلس فى حديقة الفندق سويا.
وكأي شاب كانت لي مشاكلي الغرامية، مشاكل تركتها فى القاهرة، وحين ابتعدت عن القاهرة شغلني التفكير فيها حتى كان كل من يراني يسألني : بتفكر في إيه؟!
لم تسألني (فاتن) هذا السؤال ومع ذلك وجدت نفسي أقص عليها هذه المشاكل، وأبدت لي رأيها فيها وسمعت نصائحها وقلت لها وأنا أضحك : (ستكونين مستشاري الغرامي)، ولم أدر أن المستشار الغرامي سيصبح أعز مخلوق عندي فى هذا الوجود، وستصبح شريكة حياتي وأملى فى هذه الدنيا.
شهادة فاتن حمامة
انتهى كلام أو شهادة (عمر الشريف) عن كيفية لقائه بحبيبته (فاتن حمامه)، والآن وقبل الانتقال إلى فصل من آخر من فصول حب فاتن حمامه وعمر الشريف) نتوقف مع شهادة سيدة الشاشة العربية عن ظروف التقائها وحبها للنجم العالمي كما جاءت في مجلة الكواكب عام 1967:
بعد طلاقي من زوجى الأول المخرج (عزالدين ذوالفقار) والد ابنتي الكبرى (نادية)، كنت أمثل في نفس الفترة مع (عمر الشريف) فيلم (صراع في الوادي) إخراج (يوسف شاهين)، وكان (عمر) وجها جديدا يقف لأول مرة أمام الكاميرا، فى الوقت الذى كنت فيه أتربع على القمة كممثلة، بعد نجاح عدد من الأفلام الجيدة لي مثل: (أنا الماضي، خلود، موعد مع الحياة، موعد مع السعادة، ولك يوم يا ظالم)، ومن خلال هذه الأفلام اكتسبت شعبية كبيرة، وفى هذه الفترة كنت أعاني من تمزق عاطفي، كنت سعيت إلى الطلاق من (عز الدين ذوالفقار).
ووجدت فى (عمر) شابا خجولا يعاني من الارتباك وهو يقف لأول مرة أمامي كممثل، وبدأت أعطف عليه وأحاول أن أذهب عنه بعض الارتباك الذى يعانيه، وبدا هو يجد فىَ بعضا من الألفة يقويها هذا العطف، إلى درجة شجعته على أن يحيطني بعاطفته وكانت كل الظروف ملائمة تماما لكي يولد الحب، وبدأت همسات كثيرة تتردد عن هذا الحب، بل وتجاوزت هذه الهمسات الوسط السينمائي إلى غيره من الأوساط، وجاءت حكاية القبلة المشهورة فى نهاية الفيلم لتوكد هذا الحب.
كان فيلم (صراع فى الوادي) ينتهي بقبلة طويلة حارة بيني وبين عمر، قبلة تتلاقى فيها الشفاه أطول مدة تسمح بها الرقابة السينمائية، وكان من المفروض أن أرفض مثل هذه القبلة، فقد اعتدت إلا أسمح لأحد أن يقبلني على الشاشة قبلة مباشرة، أي قبلة على الفم، وحدث أن أقنعني (يوسف شاهين) بضرورة هذه القبلة، وأهميتها للفيلم نفسه.
وأقتنعت بأن أترك (عمر) يقبلني، بل اقتنعت بأن أكون أنا البادئة بالقبلة، وعرض الفيلم، وأثارت القبلة ضجة وعديدا من التقولات والتكهنات، وبدأ الجميع يؤمنون حقا أن ثمة حبا يجمع بيني وبين (عمر)، وقد كان مثل هذا الحب قد أصبح قائما بالفعل، وبدأت أفكر فعلا فى أن أستجيب لهذا الحب، ومضت الضجة التى صاحبت عرض الفيلم، وبدأت أمثل معه فيلما جديدا بعنوان (أيامنا الحلوة)، ولم يعد سرا أن قصة غرام عنيف تجمع بيني وبين (عمر)، بل أنه فسخ خطبته، وكان خاطبا لفتاة أخرى، وقرر أن يطلب مني أن أتزوجه، وتم هذا الزواج فى الأيام الأخيرة التى كنا نعمل فيها في فيلم (أيامنا الحلوة).
……………………………………………………………..
ونستكمل باقي أجمل قصة حب فى الحلقة القادمة