* فخور بأني عشت عصرعبدالناصر، والسادات غني لي (العيون الكواحل)، ومبارك لم يكن فنانا، والسيسي لديه حس فني خطير!
* الإعلام الذى أعرفه وأحبه هوالذى يصلح ولايهدم، لكن مانراه حاليا فيه هدم لقيم ورموز
* عندما تزوجت (فايزة أحمد) طلبت مني أن نعمل معا أفلام غنائية، لكنني رفضت
* ندمت على عدم سماع نصيحة كروان الشرق.!
حوار أجراه : أحمد السماحي
الحوار مع الموسيقار المبدع الكبير (محمد سلطان) بقدر ما فيه من متعة، بقدر ما فيه صعوبه، فموسيقارنا الكبير متعدد الاهتمامات، يتسم بذكاء فطري نادر، واسع الخبرة، ومن ثم يصعب معه توجيه دفة الحوار أو السيطرة عليها بسهولة، ولديه قدرة خرافية على المناورة في تجاوز أي مأزق صحفي، حيث يختار كلماته بعناية، ودقة، ولديه ثقافة فنية وأدبية وسياسية تندر أن تجدها في أي من الملحنيين الموجودين حاليا، قبل شهر رمضان نشرنا حوار مطولا معه تحت عنوان (حوار العمر) نشرنا منه ثلاث حلقات من أصل خمسة، تحدث في الحلقة الأولى عن طفولته، وما الذي ميزها عن غيره من زملائه، وكيف كادت والدته أن تقتله بسبب عشقها للموسيقار (محمد عبدالوهاب)؟!، وكيف قابل قدوته ومثله الأعلى (عبدالوهاب) بالبيجامه، وهو صبي صغير؟!
وفى الحلقة الثانية تحدث عن أول أغنية قدمها فى إذاعة الإسكندرية، وسر رفضه للمطربة صاحبة الحنجرة الذهبية (سعاد محمد)؟! وأحب الأغنيات التى قدمها إلى قلبه، والتطور الذي أحدثه في الموسيقى، وفى الجزء الثالث من الحوار حدثنا عن أهم ثلاث شعراء تعاون معهم وهم (عمر بطيشة، وصالح جودت، ونزار قباني)، وتعجب من عدم تحقيق كلا من (مجدي نجيب، وسمير الطائر) شهرة توازي موهبتهما؟!، وتحدث معنا أيضا عن شريكة عمره المطربة (فايزة أحمد) وكيف بدأت قصة حبهما؟ ولماذا لم يرتبط بغيرها، وإليكم الجزء الرابع من الحوار وفيه نتوقف عند محطة السينما في حياته، وسر عدم تقديمه لتجارب مسرحية غنائية بعد أوبريت (مصر بلدنا)، وشهادته عن رؤساء مصر الراحلين.
* ننتقل بالحوار إلى محطة آخرى وهى السينما، ويهمني ونحن نتحدث عن مشوارك معرفة ظروف دخولك لعالم السينما، خاصة أن دخولك كان من بوابة كبيرة جدا اسمها فيلم (الناصر صلاح الدين) مع المخرج يوسف شاهين؟
** في فترة من فترات شبابي كانت الفروسية من الرياضات المحببة لي، وفى أحد الأيام كنت أمارس رياضتي المفضلة في نادي سموحة فى الإسكندرية، فوجدت شابا جالسا فى مكان سيعوق سير الحصان، فقلت للسايس: (لو سمحت قول للشاب الجالس هناك يبعد شوية حتى أسير بالحصان)، وعندما اقتربت منه وجدته المخرج الشاب (يوسف شاهين)، فنزلت من على الحصان وسلمت عليه، فتأملني جيدا، وقال لي: (تحب تشتغل في السينما؟!) فوافقت لأقترب من الوسط الغنائي، فعرض على دورا صغيرا في فيلم (الناصر صلاح الدين) وحقق الفيلم نجاحا كبيرا ومازال ناجحا، ومن هذا الفيلم انطلقت إلى عالم السينما فقدمت أفلام (من غير ميعاد، عائلة زيزي، يوم بلا غد، الباحثة عن الحب) والفيلم العالمي (كريم بن الشيخ) وغيرها.
* لماذا لم تستمر في التمثيل رغم نجاحك الكبير من خلاله؟
** نظرا لعشقي الشديد للتلحين، وانشغالي به، خاصة أنه كان حلمي منذ الصغر، وعندما تزوجت (فايزة أحمد) طلبت مني أن نعمل معا أفلام غنائية، لكنني رفضت لأننى (مبحبش التشتت) والعمل فى أكتر من مجال، وأعترف الآن بخطئي وندمي على عدم موافقتي على طلبها، حيث إنها كانت تريد عمل أفلام للتاريخ، نوثق فيها علاقتنا العاطفية والإنسانية، ونتركها لأولادنا وللأجيال القادمة بعدنا.
* ما مدى رضائك عن تجاربك السينمائية التى قدمتها؟
** راضي عنها كل الرضا، لأنني قدمتها عن اقتناع، والحمد الله إنها ما زالت ناجحة وموجودة، ومعظم الفضائيات تعرضها باستمرار.
* على مدى مشوارك الفني لماذا لم تقترب من عالم المسرح الغنائي، كما فعل زميليك (بليغ حمدي ومحمد الموجي) في بعض تجاربهما؟
** كنت أطمح لذلك لكن نجاحي المستمر فى عالم التلحين حال دون ذلك، فلم يكن لدي الوقت الكافي لعمل مسرح غنائي، ومع هذا قدمت أوبريت (مصر بلدنا) للشاعر الغنائي الكبير (حسين السيد) وغناء (فايزة أحمد، محمد العزبي، هاني شاكر، لبلبة، محمود شكوكو) وغيرهم.
* هل صحيح أن الرئيس (محمد أنور السادات) كان وراء تقديمك لأوبريت (مصر بلدنا)؟
** صحيح تماما فالرئيس الراحل كان معجبا بألحاني، وبصوت كروان الشرق فايزة أحمد، وسأحكي لك ما دار بيني وبينه عندما نتحدث عن شهادتي عن الرؤساء الذين عشت في عصرهم.
* في محطة السياسة، لو توقفنا وسألتك خلال مشوارك مع الفن والغناء والتلحين عاصرت أربع رؤساء هم (جمال عبدالناصر، محمد أنور السادات، حسني مبارك، عبدالفتاح السيسي) ما ذكرياتك معهم؟
** عشت عصر (جمال عبدالناصر)، وفخور أني عشت هذا العصر، نظرا لإعجابي الشديد برجولتة وشخصيته، لكن لم يسعدني الحظ فى مقابلته، أما الرئيس (محمد أنور السادات) فكان فنانا حقيقيا يحب الفن والفنانيين، ولقد أحببته جدا، وهو الآخر بادلني الحب ولا أنسى إنه غني لي بصوته!!، ففى أحد الأيام فوجئت بإتصال هاتفي من ديوان رئاسة الجمهورية وقالولي الرئيس هيكلمك، وبالفعل وجدت الرئيس (السادات) يقول لي: (يا عبقري مش عايز تشوفني!)، فقلت له: (يشرفني يا فندم خصوصا أني بحب حضرتك جدا)، فقال لي: (خلاص أنا منتظرك غدا في استراحة القناطر الخيرية وهات العود بتاعك معاك!).
وفى الميعاد المحدد كنت أجلس معه، وبعد السلام و الترحيب فجائني قائلا: (أعزف لي موشح العيون الكواحل)، وبدأ الرئيس يغني لي بصوته الأجش، (العيون الكواحل)، ورغم أن صوته ليس جميلا لكن أذنه سليمه، ويغني بطريقة صحيحة، وفى نهاية الجلسة طلب مني تلحين أوبريت لأعياد أكتوبرعلى أن تكون (فايزة أحمد) المطربة الرئيسية فيه، وبالفعل جهزنا أوبريت (مصر بلدنا) الذى شارك في بطولته (محمد العزبي، وهاني شاكر، ومحمود شكوكو)، وآخرين، لكنه رحل قبل أن يستمع إليه.
أما الرئيس (حسني مبارك) قابلته لكني لم أجد لديه لمحة الفنان، وعلى رأي حسين السيد في أوبريت (الفن) تلحين موسيقارنا الكبير (محمد عبدالوهاب): (لو لمس الفن ضمير حاكم عمره ما يكون أبدا ظالم / بيحب الخير وطريقه خير وخطاه بتقول هنا إنسان)، والإنسان عموما إذا شعر بالفن، فهو يشعر بكل شيئ جميل في الحياة، لهذا عندما قابلت الرئيس (عبدالفتاح السيسي) في المؤتمر الذى عقده قبل توليه الرئاسة مع مجموعة من الفنانيين حضنته وقبلته لأن بداخله فنان، وبعد انتهاء المؤتمر عندما جاء وقت العشاء ترك الجميع وجلس بجواري، ويومها تحدثنا في الفن، فوجدت حديثه شيقا ولديه حسا فنيا عاليا، وهو عقليه خطيرة، وصوته حاسم وفي عينينه قوة وطيبة.
* ما شهادتك على الإعلام الحالي؟
** الإعلام الذى أعرفه وأحبه، هو الإعلام المحترم الذى يصلح ولا يهدم، لكن ما نراه حاليا فيه هدم لقيم ورموز، الإعلام لابد أن يقدر قيمة كل فنان ويعطي كل شخص قدره الذى يستحقه، لكن إهمال الماضي والاستخفاف به عيب قاتل!، توجد برامج تستضيف ناس غير مؤهلين للحديث، لأنهم جهلاء فى تخصصهم، ويتلفظون بألفاظ نابية لا تصلح أن يشاهدها أو يستمع إليها أحد من الجالسين فى البيوت، وقنوات تستضيف ناس يطلقون على أنفسهم ألقاب مطربيين وشعراء وملحنين، وليس لهم أدنى علاقة بالغناء ولا التلحين ولا الشعر من قريب أو بعيد، وفي النهاية الكذب لا يدوم، كن صادقا تصل للناس!.
…………………………………………………………………………………………………………………….
فى الحلقة الأخيرة : يقدم الموسيقار الكبير محمد سلطان شهادته على الغناء في العصر الحالي.