بقلم : عمر علي
السبب الأول : تامر محسن ..
من المخرجين القلائل الذي يصلح أن نطلق عليه أنه صاحب مشروع خاص به .. أعماله لا تشبه أحد وهذا ما يميزه عن غيره .. لديه بصمة واضحة في كل جوانب العمل .. أعماله ليست كثيرة ولكن جميعها علامات في تاريخ الدراما .. بعد أن قدم رائعته (هذا المساء) في 2017 جلست في ترقب لمشروعه التالي .. فكيف يمكن لأي فنان أن يتجاوز عمل ناجح قدمه ويقدم بعده ما يفوقه في النجاح والجودة .. وهذا ما حدث في لعبة نيوتن
السبب الثاني : منى زكي .. (بس كده)
صحيح أنها لم تكن موفقة في أعمالها في السنوات الأخيرة وكانت تغيب كثيراً عن الساحة الفنية إلى أن عادت بدور هنا في (لعبة نيوتن) لتعيد أمجادها وتثبت للجمهور أنها لازالت قادرة على العطاء وأنها وصلت لمرحلة كبيرة من النضج الفني جعلها تقدم واحداً من أجمل أدوارها على الإطلاق.
السبب الثالث والرابع والخامس : السيناريو ثم السيناريو ثم السيناريو ..
هذه هي المرة الثالثة في تاريخ تامر محسن التي يكتب فيها القصة والشخصيات لمسلسله بعد أن فعل ذلك في (تحت السيطرة) و(هذا المساء)، والمرة الثانية التي يستعين فيها بورشة مكونة من عدة كتاب وأسند لهم مهمة كتابة السيناريو والحوار بعد أن فعل ذلك في (هذا المساء)، وفي لعبة نيوتن يتكرر اثنان من الكتاب الذي كانوا معه في (هذا المساء) أولهم هى الكاتبة (مها الوزير) التي كانت ضمن أعضاء الورشة في (هذا المساء) وقامت بقيادة الورشة في (لعبة نيوتن)، وثانيهم الكاتبة الشابة (سمر عبد الناصر) وهي من خريجي قسم السيناريو بالمعهد العالي للسينما، وانضم إليهم اثنان من الكتاب الشباب هم (محمد الشخيبي) وهو من خريجي المعهد أيضاً، والكاتب (عمار صبري) وهو مخرج ومؤلف مسرحي، والحقيقة أن أفراد هذه الورشة الرائعة قاموا بكتابة أفضل سيناريو من بين كل مسلسلات رمضان، سيناريو متماسك ومحبوك وحوار آخاذ يمسك بتلابيب وعقل المشاهد وبعيد عن المباشرة والنمطية، رسم رائع لتاريخ كل الشخصيات يجعل المشاهد يستغرق تماماً وسط تفاصيل هذا العالم المثير الموتر الملئ المفاجآت.
كما يحسب للكتاب أيضاً أنهم نجحوا في الانتقال بسلاسة عبر عدة أزمنة سردية تدور فيها الأحداث .. كما نجوا تماماً من فخ المط والتطويل الذي عادة ما يشوب المسلسلات الإجتماعية ، فكم من الأعمال جاء مبشراً في حلقاته الأولى وسرعان ما خابت التوقعات في الحلقات التالية ووقع في حالة من الفراغ الدرامي، لكن سيناريو (لعبة نيوتن) لازال محافظاً على إيقاعه ومفاجآته برغم وصوله إلى ثلثي حلقاته تقريبا حتى الآن.
السبب السادس: محمد فراج
قدم تامر محسن حتى الآن أربعة أعمال تليفزيونية وفيلماً سينمائياً واحداً جميعها اشترك في بطولتها محمد فراج، وكما يقولون فأن هناك كيميا في التعامل بينهما تجعلهم في كل مرة يقومون بتقديم عمل مختلف عن ما قدموه من قبل.
قدم فراج أعمالاً هامة بالطبع مع مخرجين آخرين، ولكن أعماله مع تامر محسن لها مكانة بمفردها بإعتراف فراج نفسه، بعد (رجب الفرخ وعلي الروبي وحمادة الفار وسوني)، يقدم فراج في تعاونه شخصية المحامي المتدين مؤنس الذي يعيش في أمريكا ويساعد البطلة هنا في استرجاع حضانة ابنها .. شخصية مثيرة بها الكثير من التناقضات .. نجح فراج في تجسيدها جميعاً بإقتدار كعادته.
السبب السابع : محمد ممدوح
في تعاونه الأول مع تامر محسن، يقدم محمد ممدوح واحداً من أفضل أدواره على الإطلاق، شخصية حازم الزوج المصري التقليدي بكل تناقضاته المزعجة أحياناً والكريهة أحياناً أخرى .. شخصية مكتوبة بحرفية عالية وتم تجسيدها وتقديمها على الشاشة بحرفية أعلى.
السبب الثامن : موسيقى تامر كروان
في تعاونه الثاني مع تامر محسن بعد (تحت السيطرة) يقدم تامر كروان واحدة من أجمل المقطوعات الموسيقية التي ألفها في مسيرته نظراً لطبيعة المسلسل المختلفة وما تحمله الأحداث من تنوع في الشخصيات والخطوط الدرامي ، فكان لابد للموسيقى أن تحمل هذا التنوع وتعبر عنه.
السبب التاسع : تصوير محمود يوسف .. مونتاج عماد ماهر
من أفضل عناصر المسلسل مدير التصوير محمود يوسف الذي نجح في تقديم التباين الرهيب بين مواقع التصوير في أمريكا وفي مصر في الخط الدرامي الذي يدور في بيت بدر (سيد رجب) نجح في خلق تكوينات بصرية خلابة لمواقع التصوير التي كانت بقرية (تونس) في الفيوم، كما نجح بامتياز في الربط بين مواقع التصوير الخارجية في أمريكا وأماكن التصوير الداخلية في مصر بحيث لم يظهر للمتلقي أي فارق بين الإثنين، ومن ناحية آخرى تجدر التحية إلى المونتير عماد ماهر في تجربته الدرامية الأولى أنه نجح في صنع إيقاع يقترب من كونه مثالياً للأحداث، بحيث يجعلك كمتلقي مستغرق تماماً مع ما تراه ولا تشعر بزمن الحلقة وذلك عن طريق القطعات السلسة بين المشاهد.
السبب العاشر : الأدوار الثانية والممثلين الثانويين
يقولون دائماً أن قوة العمل الفني تقاس بأصغر فرد فيه، فالمخرج الضعيف فقط هو من يهتم بنجوم العمل ويهمل بقية الأدوار، وهذا ما لم يفعله تامر محسن في أعماله، فهو دائماً ما يهتم بكل الممثلون المشاركين معه ويحرص على اختيارهم بعناية حتى لو كان ممثل سوف يؤدي مشهداً واحداً .
ونلحظ ذلك وبشدة في الممثلين الذين يشاركون بأدوار ثانية وثالثة في القصة مثل الممثل الأمريكي المصري الأصل (آدم الشرقاوي) الذي يجسد دور زياد، (عائشة بن أحمد) في دور أمينة عشيقة بدر، و(مايان السيد) التي تجسد دور شقيقة هنا، و(أسامة الهادي) في دور شامبا مساعد حازم و(آلاء سنان) في دور سارة زوجة مؤنس الأولى .. جميعهم يقدمون أداء استثنائياً في أدوارهم بشكل يجعلك كمتلقي تفشل تماماً في إيجاد بديل آخر لهم يمكنه تجسيد أدوارهم بهذه الجودة.
أيضاً الممثلين الأجانب الذي جسدوا أدوار طاقم التمريض والأطباء في حلقات ولادة هنا، القاضية التي كانت تحكم في القضية، الممثلة التي جسدت دور الطبيبة النفسية التي جلست مع هنا قبل جلسات المحكمة وقدمت مع منى زكي واحداً من أفضل مشاهد المسلسل على الإطلاق.
كلمة أخيرة: لعبة نيوتن عمل يقترب من الكمال إلى حد كبير وأنا أعتقد أنه إذا اكتملت باقي الحلقات على هذا الشكل فإنه سيكون واحداً من أفضل الأعمال التي قدمت في تاريخ الدراما المصرية وليس هذا العام فحسب.