روزيتا لاذقاني .. نجمة سورية واعدة
بقلم : محمد حبوشة
لا يقف أداء الممثل – بحسب أهم المرجعيات التنظيرية – على ثرثرة لسانه، وحركات وجهه ويديه، أو وقع خطواته، بل يحل مطرح كل ذلك العين المدركة، التي تحدّق مباشرة في المشاهد وتصل إلى قلبه، وهي تطفح إحساساً، لا يمكن لممثل بعينين فارغتين إلا أن يشتت مراقبه، هكذا، فإن أيّ مرونة لدى الممثل لا تتكئ إلى إحساس داخلي عميق، لن تستدعي الانتباه الكافي من متابعيه، ولو نقّبنا في بنية الموسم السوري، متجاوزين حجم الخيبة التي يخلّفها على الأصعدة كافة، لعثرنا على كنز لا يُفقِده الرماد المتراكم بريقه.
القصد هنا لمعة الممثل السوري، وشغله الأدائي المحترف، الذي يعدّل المزاج في كثير من الأحيان، ولو كانت المادة التي يقدّمها متهاوية، يبقى التعويل على الارتجال والحضور التمثيلي الآسر، عساهما يشكلان منفذاً أخيراً للنجاة، بعيداً عن الأسماء المكرّسة التي يسطع نجمها عاماً تلو آخر، يطرح هذا الموسم أسهم وجوه شابة للتداول الجدي، أهمها روزيتا لازقاني الممثلة السوري التي تأخر اكتشافها، حتى لمع حضوره بأداء مدروس يجاري فيه الكبار في (الهيبة) لـ (هوزان عكو وسامر البرقاوي– mbc دراما.
العمل ذاته يزيح الستار عن موهبة ساحرة لممثلة سورية شابة هي روزينا لاذقاني (1990). الصبية الجميلة انتهت عام 2014 من دراسة (المعهد العالي للفنون المسرحية – قسم السينوغرافيا) وتوجهت للتمثيل، ترك اسمها صدى عند مستمعيه، ولو لم يعرفوا صاحبته، غرابة الاسم و(شذوذه) عما نستمع له من أسماء تقليدية، جعلا إمكانية حفظه أسهل، لعبت لاذقاني من قبل في (أهل الغرام3)، لكنّ الظلم التسويقي الذي حاصر العمل، لم يمكّنا من الالتفات إليها، حتى جاءتها فرصة الظهور الوافي هذا العام في عملين معاً هما (شوق) لـ (حازم سليمان ورشا شربتجي ـ سوريا دراما) و(الهيبة).
وإذا كان الممثل الناشئ هذه الأيام أمام اختبار أشد صعوبة يجيز له (اللعب بالمقصقص حتى يأته الطيّار) كما يروي المثل الشعبي الدارج، فإن ذلك ينطبق حتى الآن على الحوارات، وتصاعد الحكاية بالنسبة إلى دور لاذقاني في (الهيبة)، والتي لا تمهّد الأرض كي تبرز معظم إمكانياتها مع ذلك، تجيد الممثلة اللعب عميقاً في مساحات من الإحساس الصادق.
هى مجرّد امرأة في مقتبل حملها قادتها سلسلة خدائع وخيانات زوجها إلى بيت عائلتها، التي لا تعرف التعامل مع أنثى بهذا الحسّ المرهف، تجرّب مساعدة أرملة أخيها (نادين نجيم) لاستعادة ابنها أكثر من مرّة، لكن خوفها من عقاب أخيها جبل (تيم حسن) يعيدها إلى منطق العشيرة، لا تستطرد لاذقاني في الحديث، ولا تستعرض بحركات جسد مجانية، كذلك، لا تنصرف إطلاقاً نحو موضة عرض الأزياء الدارجة هذه الأيام، تركّز انتباهها على الهدف الأقصى من دورها، تبرز إمكانياتها بعينين تفيضان إحساساً، ينأى شغلها عن الثرثرة، أو الحشو الأدائي، فيما تواكب بنيتها الجسمانية الناعمة، خامة صوت خاصة جداً، تنسجم كلياً مع إحساسها الخاص وشغلها بعينيها في الدرجة الأولى.
تحيلنا في كل مشهد تطلّ به إلى الحالة الداخلية للشخصية التي تجسّدها، حتى أنها تقتنص حصتها من الكاميرا بعيداً عن التصنّع، بل بشيء من الندية، تقف في مواجهة منى واصف أحد أهرامات الفن السوري، كذلك لا تضيرها شراكتها مع (نجم الكاريزما) تيم حسن.
لا يقتصر حضور الممثلة الصاعدة عند هذا الحد، إنما تجذب الأنظار إليها في (شوق) حيث تجيد إقناع مشاهدها بأنها صبية في أهبة الصخب النفسي، تتقاسم الظهور مع واصف ذاتها، وتزعجها الرقابة المجتمعية التي تحدّ من شغفها المتهور، تعجب برجل غني متنفذ (أحمد الأحمد) توحي القصة بأنه أحد تجّار الحرب، من دون أن نعرف أين ترسو هذه الشخصية الثانوية في نهاية الحكاية.
ولدت روزينا في مدينة دمشق السورية عام 1990م، برجها الفلكي هو برج الحمل، صاحبة جمال طبيعي لافت للانتباه، جذبت جمهورها بطلتها وأناقتها وموهبتها أيضا، اختارت دراسة الفن في معهد الفنون العالي بدمشق وقد تم تخصيصها بقسم السينوغرافيا، من عشقها للتمثيل شاركت في أعمال مسرحية لمدة أربع سنوات بالمعهد، بعد تخرجها قدمت أول أدوارها في الدراما التلفزيونية (وجوه وراء الوجوه)
منذ أن بدأت التمثيل وهي تحلم بالنجومية، كانت بدايتها بالعمل الفني في مسلسل (وجوه وراء الوجوه) عام 2014، يدور العمل حول أسرتين من الأسر أرستقراطية رغم أن تلك العائلتين يظهران الحب والود والتقارب لكنهما على عكس ذلك بينهم صراع كبير، من إخراج مروان بركات، وتأليف نجيب نصير وفتح الله عمر، تمثيل بسام كوسا وأيمن زيدان، هبة نور سلمى المصري، أحمد الأحمد وسامر إسماعيل .
عام 2015 شاركت في أدوار بسيطة بثلاث مسلسلات هم (بانتظار الياسمين) للمخرج سمير حسين وتأليف أسامة كوكش، وتمثيل شكران مرتجى وغسان مسعود وسلاف فواخرجي وصباح الجزائري، لميس عفيفي، أما مسلسلها الثاني فهو (عناية مشددة)، الذي يدور أحداثه حول مجموعة من القصص الاجتماعية والعاطفية في ظل التحوّلات الدامية التي شهدتها (سوريا) بعد الثورة السورية وكان لها دور مؤثر بالعمل، وآخر عمل لها في هذا العام كان في (الغربال) وهو مسلسل سياسي عن الاحتلال الفرنسي عام 2015.
بدأ صيتها يذاع وشاركت في أدوار أكبر في مسلسل (صدر الباز، وأيام لا تنسى، وأحمر) الذي يدور المسلسل حول القاضي (خالد العبد الله)، الذي يُقتل في ظروف غامضة، وتدور الأحداث حول كشف ملابسات الجريمة، ونوايا القاتل بطولة عباس النوري وسلاف فواخرجي، عام 2017 شاركت في (غرابيب سود) وهو عمل سعودي قصته كانت عن مجموعة من النساء انتسبن للتنظيم الإرهابي داعش يرصد رحلة أولئك النسوة إلى عالم بعيد كل البعد عن الإنسانية ويتتبع بطريقة تصاعدية ما يحدث للمنتسبين إذ يفتر حماسهم ما أن يعرفوا حقيقة التنظيم المرّة، ليجدوا أنفسهم في مأزق استحالة الهروب من المقر الذي أصبح مع مرور الوقت معتقلا فكريًا ونفسيًا ويمس إنسانيتهم ويشعرهم بمدى الخطأ الذي ارتكبوه.
مسلسل (الهيبة) أحد أشهر المسلسلات اللبنانية التي لها أكثر من جزء ناجح، بدأ عرض أول حلقة من أول جزء في 27 مايو 2017، من إخراج سامر البرقاوي ومخرج منذ صفاء منفذ، وللمؤلف هوزان عكو، بطولة تيم حسن نادين نسيب نجيم، منى واصف، تدور أحداثه حول عليا وزوجها وابنها الذين يعيشون في بلد أوروبي، عادت بعد وفاة زوجها لتدفنه في بلد بين سوريا ولبنان اسمها ( الحدودية )، لتفتعل عائلة زوجها المشاكل معها وتأخذ منها ابنها، ولكي يجبروها على البقاء زوجوها من شقيقه، لتكتشف بعدها أنهم يتاجرون في السلاح .
استمرت في الظهور بالجزء الثاني من الهيبة (العودة) به بعض الأحداث على شكل فلاش باك، ليتطور الحال حول الثأر لمقتل والد جبل شيخ الجبل من طرف عائلة السعيد، وبعدها تنخرط العائلتين في صراعات عشائرية لا نهاية لها، ومع دخول شخصيات جديدة لها حسابات معلقة مع عائلة شيخ الجبل وما ينتج عن هذه الحسابات من تعقيدات يتصدى لها جبل منفرداً، تشارك في هذا الجزء الفنانة نيكول سابا و زينب هند خضرة، أما الهيبة الجزء الثالث بعنوان الحصاد فهو يعرض في شهررمضان لعام 2019م، ورغم أنه الجزء الثالث لكن لم تقل نسبة مشاهدته، لتشارك الفنانة سيرين عبد النور والذي سيقع في حبها جبل (تيم حسن) لكن ما زالت الصراعات كثيرة والمشاكل أجبل في حياة جبل .
(وجوه وراء الوجوه 2014- يإنتظار الياسمين 2015- عناية مشددة- الغربال 2- صدر الباز 2016- أيام لا تنسى- أحمر- غرابيب سود 2017- الهيبة الجزء الأول- شبابيك – شوق- أهل الغرام – الهيبة العودة 2018 – الهيبة الحصاد 2019– مافيي) لديها شقيقتين يشبهانها كثيرا فقد عرضت صورة لها معهن على موقع التواصل الاجتماعي الخاص بها، ولاقت إعجاب متابعيها بجمالهن الثلاثة، وكيف أنهن يشبهن بعضهن كثيرا، أسماء شقيقتها ( ميسم – بسمة )، كما انتشرت صورة عبر مواقع التواصل الاجتماعي تجمع الفنانة السورية روزينا لاذقاني بوالديها، وقالت (أحلى شئ بالدنيا بابا وماما الله يخليلى ياكن).
وعن جمالها ومدى مساعدته لها في الانتشار تبتسم روزينا: لا أستطيع نكران ذلك فالجمال ساعدني وكان جواز سفر لي نحو الدراما التلفزيونية مع أنني درست التمثيل أكاديميًا فأنا خريجة المعهد العالي للفنون المسرحية.. ولكن ليس الجمال لوحده يجعل المشاهد يُعْجب بالممثلة ويتابع أدوارها، ولكن ليس جمال الشكل هو الأساس في تطور الممثلة عام عن عام حتى تصل لأخذ دور البطولة في مسلسل ما، وأن تعطى مساحات أكبر.
وحول ظاهرة الشللية في الدراما ترى روزينا أنها ظاهرة عادية وليست سلبية وموجودة في مختلف المجالات ومن الطبيعي أن يختار المخرج الممثلين الذين يرتاح للعمل معهم ولكن بشرط أن يكونوا في الموقع المناسب، لم أشارك في الدراما المدبلجة ـ تقول روزينا ـ وقد أشارك بها مستقبلاً فهي فن ومجهود يقدمه الممثل كما باتت مصدر دخل مادي لبعض الفنانين والمنتجين، وعن المسرح ومشاركاتها: أنا من عشّاق المسرح ـ تقول روزينا ـ وأتمنى أن أشارك في أي عرض مسرحي يعرض علي خاصة أن فرصة المسرح لا تأتي دائمًا وأتمنى أن لا أقع في خيار الوقت بين قبول دور تلفزيوني أو مشاركة في عرض مسرحي كما يحصل مع بعض الفنانين.
تحية تقدير واحترام للفنانة الجميلة روزيتا لاذقاني ونتمنى لها التألق الدائم في قلبا لدراما السورسة والعربية.