باقة ورد بلدي لـ (نجاح سلام) في عيد ميلادها
كتب : أحمد السماحي
نحتفل هذه الأيام بعيد ميلاد (صوت العرب) المطربة الكبيرة (نجاح سلام) التى ولدت يوم 13 مارس عام 1931 – كما جاء على ويكيبيديا – وبحكم بيئتها الإبداعية التي تربت في كنفها كان طبيعيا جدا أن تصبح (نجاح سلام) قامة فنية لبنانية وعربية استثانية بكل المقاييس، وهو ما أهلهالأن تشق صدرسماء الشرق الغنائي بصدق وواقعية، عبرمسيرة طويلة ومضيئة، حافلة بالمحطات العاطفية والرومانسية والوطنية، ولقد ساهم في نضج التجربة كونها ارتبطت منذ بداية مشوارها الفني بقضايا مصر والعالم العربي الكبير انطلاقا من ارتباطها الأكبر بالعروبة، فكان غناؤها معبرا وكاشفا عن حسها القومي العظيم، فاستحقت عن جدارة لقب (صوت العرب)، و(المطربة الفدائية)، و(ساحرة العرب)، وغيرها من الألقاب التى توجها بها الجمهور التواق للفن الصادق والغناء العذب الندي.
ومن ثم فقدغنت لكل الأقطار العربية بلهجاتها المحلية باقتدار، فتغنت بمصر (أنا النيل مقبرة الغزاة)، و(يا أغلى إسم فى الوجود)، وأهدت فلسطين أجمل أناشيدها (أنا الجريحة يا عرب أنا فلسطين / طبيبي انتم يا عرب أروح لمين / كل البلاد اتوحدت إلا أنا)، وللبنان غنت (لبنان درة الشرق)، ولسوريا (سوريا حبيبتي، أعدت لي كرامتي/ أعدت لي هويتي بالحرب والكفاح)، وللجزائر( يا طير يا طاير/ ودي البشاير من مصر وأجري علي الجزاير).
ولم تكتفي بهذا فغنت للكويت والإمارات والأردن، وغيرها من الدول العربية، والجميل في هذا الأمر أنها تغنت بلهجات هذه الدول العربية.
لقد نشأت (نجاح) منذ أن عرف الصوت الشجي والطربي الرصين حنجرتها في بيت يجمع بين العلم والدين والسياسة والفن، فالجد هوالعلامة الجليل الشيخ (عبد الرحمن سلام)، أحد كبار رجال الفقه والدين في لبنان، والأب (محيي الدين سلام)، مسئول الموسيقي والغناء في الإذاعة اللبنانية، فضلا عن أن بيت العائلة مقصد كل أهل السياسة والأدب، والفكروالفن، ليس في لبنان وحده بل من كل الدول العربية.
عشقت الفن منذ بدايتها رغم معارضة والدها الذي حاول يبعدها عنه، فألحقها بمدرسة داخلية حتى تبتعد عن البيت وندواته وأهل الفن وأنغامهم، وفي نفس الوقت تدرس القرآن الكريم وتحفظه، خصوصاً وأنها من بيت ديني خالص، ولم يكن الأب يعى أنه يدفع بتلك الموهبة الصغيرة (نجاح) إلى طريق الغناء الصحيح، بحكم تعلمها إيقاع اللغة وموسيقاها، وإتقان مخارج الحروف من خلال دراستها لأحكام التجويد والتلاوة، فمدرسة القرآن هى أعظم مدرس لأي فنان، وهكذا لعب القدر دوره في صقل موهبة (نجاح سلام) لتصبح هذه المطربة الكبيرة.
أسعدني الحظ بإجراء العديد من الحوارات مع هذه العملاقة آخرها كان منذ سنوات قليلة حيث أجريت حوارا هاتفيا معها في لبنان رتبت له مع شقيقتها الصغرى (رباح)، ونشر على صفحة ونص في جريدتنا الغراء (الأهرام) ويومها كنت من المحظوظين بأنها غنت لي على الهاتف أغنيتها الوطنية الجديدة التى كانت تنوى تسجيلها والتى يقول مطلعها (احضنولي مصر اللي روحي فيها / أصل حب مصر بالدنيا وما فيها) كلمات عبدالفتاح البنا، وألحان فاروق سلامه، ويومها سألتها هذا السؤال:
* قمتي بغناء العديد من الأناشيد الوطنية التى ما زالت حاضرة فى أذهان كل المصريين، ما الذى أعجبك فى أغنية (احضنولي مصر)؟
** بصوت مليئ بالفرح قامت بغناء الكوبليه الأول من الأغنية، وبعد انتهائها من الغناء قالت بتواضع شديد: شو رأيك؟ قلت لها: رائع وصوتك ما زال جميلا وعفيا كعهدنا بك، فتمتمت قائلة: الحمد الله (تعرف أشعر مع كل أغنية جديدة أقوم بغنائها أنني ما زلت في بداية مشواري الفني)، واستطردت قائلة نرجع لسؤالك، ما جذبني للأغنية كلماتها (يا عيني ع الكلام) جميل جدا، والملحن فاروق سلامه ملحن خطير، وجملته الموسيقية حلوة، وأول ما استمعت إلي الأغنية قلت له احتفظ لي بها حتى أنزل مصر وأقوم بغنائها.
فى عيد ميلادها يهدى (شهريار النجوم) أجمل باقة ورد متوجة بالفل البلدي المصري، والياسمين الدمشقي، مطرزة بكل مشاعر الحب والوفاء لهذه العملاقة الكبيرة التى قدمت لنا كل هو جميل وراقي.