نكشف تفاصيل (حبيبي دائما) .. سيمفونية الحب الخالدة في (الفالنتين)
كتب : أحمد السماحي
اعتمدت السينما منذ بداياتها على الرومانسية لأنها كانت جزء من المجتمع، لهذا تجد فى أفلامنا الأولى صورة قريبة من صورة المجتمع الأوروبي مضافا إليها لمسات محلية تمنح المتخيل ملامح وطنية، وكانت قمة الرومانسية في أفلام الثلاثينات والأربعينات والخمسينات، فيتألق محمد عبدالوهاب في أفلامه السبعة التى تحمل كلها أسماء ذات دلالة رومانسية جميلة مثل (الوردة البيضاء، يحيا الحب، دموع الحب، ممنوع الحب، يوم سعيد، رصاصة في القلب، لست ملاكا)، وتمتلي الأفلام بالأغنيات الرومانسية الرقيقة والمثيرة للشجن، وتزخر بمشاهد القصور والفيلات الفخمة والعزب ذات المساحات الخضراء الشاسعة، والفتيات الجميلات المتأنقات حتى لو كن فلاحات يعملن بالحقول.
وفى الأربعينات نشاهد أسمهان تغنى وتمثل برومانسية تناسب عصرها فى فيلمها الشهير (غرام وانتقام) حول الحب المتسلل لقلب فتاة أرادت خداع رجل معتقدة أنه قاتل حبيبها، غير أن الحب ينتصر على الرغبة فى الانتقام، وتتألق (سندريلا السينما الغنائية) ليلى مراد فى سلسلة أفلام كلها مليئة بالرومانسية والحب والعاطفة.
ومع بداية الخمسينات كانت التضحية غير المبررة والعاطفة الملتهبة المتأججة، تدفع الجمهور للبكاء والانفعال والتصفيق متوحدا مع البطل فى اندفاعه أو البطلة في جموحها، كانت الرومانسية مليئة بلحظات الفرح وباقات الزهور، تصحبها على الشاشة لقطات دموع وفراق المحبين والتضحيات الهائلة.
فشاهدنا سلسلة من الأفلام مثل (إنى راحلة، رد قلبي، الوسادة الخالية، بين الأطلال، دعاء الكروان،حسن ونعيمة، لقاء في الغروب، سيدة القصر، شارع الحب، من غير ميعاد، حب لا أنساه، أغلى من حياتي، الحب الضائع)، كما قدمت السينما أفلام عاطفية مغرقة في دوامة الرومانسية الممتزجة بالميلودراما الغنائية مثل أفلام فريد الأطرش ولعل أبرزها (انت حبيبي).
وجاءت السبعينات وبدأت إيزيس المتألمة من فقد حبيبها الأسطوري (أوزيريس) الممزق بيد الحقد تستعد للرحيل فشاهدنا أفلام رومانسية قليلة منها ( أذكريني، رحلة النسيان، جنون الحب، أميرة حبي أنا)، وفي الثمانينات أطلقت أسراب العصافير من قفص السينما، فكان العنوان البارز لهذه الحقبة فيلم (حبيبي دائما)، وفي سنوات الحلم الهارب (التسعينيات) رحلت الرومانسية تماما لهذا لم يتقبل الجمهور فيلم (العاشقان)، وفى السنوات الأخيرة شاهدنا (تيمور وشفيقة، عمر وسلمي، هيبتا) وغيرها من الأفلام الرومانسية.
أيقونة الرومانسية
السطور الماضية عبارة عن كلمات سريعة عن أشهر أفلام الرومانسية، لكن بمناسبة (الفالنتين) سنكشف لأول مرة تفاصيل خاصة بواحد من أهم الأفلام الرومانسية وهو (حبيبي دائما)، حيث ذكر لي النجم الكبير الراحل (نور الشريف) أنه قابل الأديب الكبير (يوسف السباعي) أول مرة وهو في طريقه للمخرج (نادر جلال) وجمعهما (الأسانسير) الصاعد إلى منزل (نادر جلال)، وأثناء ذلك شكره على ما كتبه عنه في فيلم (السراب)، ثم تحدثا معا عن السينما وأحوالها وواصلا كلامهما في منزل (نادر جلال).
بعد ذلك تكررت زيارات النجم الشاب للكاتب الكبير في (دار الهلال، والأهرام) واتفق معه على كتابة فيلم رومانسي جديد عن قصة يعلم أحداثها (يوسف السباعي) جيدا حيث يعرف (السباعي) الأسرة التى عاشت الأحداث و(نور) يعرف أحد أفراد الأسرة، وجمع النجم الشاب كل ما يخص القصة وذهب بها إلى الوزير (يوسف السباعي)، ولكنه اعتذر عن الكتابة بسبب مسئولياته كوزير للثقافة، ولأنه لا يريد أن يجرح الأسرة التى ما تزال الأحداث التى عاشتها ساخنة، وفضل أن يكتب قصة فيها إحساسه، ويومها أصيب (نور) بالإحباط، لكنه قرر ألا يكتب القصة أحد آخر غير (يوسف السباعي) لأنها تحوي أحداث رومانسية تشع جمالا، ولا يصل كاتب آخر إلى مستوى (السباعي) في الرومانسيات.
باقي من العمر
لم ينقطع (نور الشريف) عن مقابلات (السباعي) في أي موقع يكون فيه، وانتظر (نور) حتى جاء العرض الخاص لفيلمه (قطة على نار) فدعا (السباعي) لمشاهدة الفيلم، لكن النجم الشاب سافر إلى لندن فجأة لظروف متعلقة بعمله، وفى العرض الخاص استقبلت زوجته النجمة (بوسي) الأديب (يوسف السباعي)، وبعد العرض عرضت عليه مرة أخرى أن يكتب الرواية التى طلبها منه (نور الشريف)، وابتسم (السباعي) وقبل أن يكتب الفيلم على أن يدخل عليه تغييرات، وبالفعل كتب الفيلم واختار له اسم (باقي من العمر)، ولكن (نور الشريف) قال له أن فيلم (العمر لحظة) و(حتى آخر العمر) كل منهما فيه كلمة العمر، واقترح عليه أن يكون اسم الفيلم مختلفا ولا يوجد فيه كلمة (العمر) لكن (السباعي) ظل يتحدث دائما عن الفيلم باسمه (الباقي من العمر).
وبعد انتهاء (السباعي) من كتابة القصة أرسلها إلى النجم (نور الشريف) الذي أخذها وأعطاها للناقد والكاتب (رفيق الصبان) ليكتب السيناريو، وبالفعل كتب (الصبان) السيناريو، وأخذ (نور) السيناريو، وذهب به إلى وزارة الثقافة وقابل (يوسف السباعي) وأعطاه السيناريو على أن يكتب الحوار في زيارته الجديدة إلى قبرص!
حبيبي دائما
أخذ (يوسف السباعي) سيناريو الفيلم معه إلى قبرص، لكن تم اغتياله هناك، وظل (نور الشريف) شهورا لا يقترب من الفيلم حتى شجعته علي انتاجه زوجته (بوسي) والعاملين فى الفيلم، وكتبت الحوار بدلا من يوسف السباعي الكاتبة الرائعة (كوثر هيكل)، وخرج فيلم (الباقي من العمر) باسم (حبيبي دائما)، من إخراج حسين كمال.