كلام X الإعلام (18)
بقلم : علي عبد الرحمن
يعد التثقيف بمفهومه العام من أهم وظائف الإعلام، وقد تربي الكثير منا علي معلومات تلقاها من المحتوي المذاع والمتلفز والمطبوع في أيام كنا نتباهي فيها بمعلوماتنا العامة التي حصلناها، والآن أصبحت قضية المعرفة من خلال التثقيف نسيا منسيا، فالإعلام ابتعد كثيرا عن قضايا الفكر والثقافة وكذا تم هجر بيوت الثقافة وقل الدور الثقافي للأندية والاحزاب والمدارس والجامعات، ورغم جهود وزارة الثقافه ودور النشر في إرساء ثقافة الاطلاع الإلكتروني ومع ما وفرته الدولهةمن بوابة المعرفة إلا أن مستوي شبابنا الثقافي صادم، فتجد طلاب الثانوي والجامعه بل وطلاب الدراسات العليا يفتقدون لخلفية ثقافية ملائمة لمراحلهم العمرية والتعليمية.
والامر لا يقتصر علي المعرفة وتكوين الذات بل امتد إلي الجهل بالتاريخ وفكر الإنسانية من حولنا ووصل إلي ضعف الهوية وتضاؤل الانتماء،ولما كانت خطورة هذا الأمر بالغة ولما كان الاطلاع الإلكتروني مكلفا للشباب وغير متيسر للبعض منهم فإن قضايا المعرفة وبناء الشخصية وترسيخ الهوية ودعم الانتماء أمرا يستحق المراجعة ليعود الدور المعرفي للأسرة والمدرسة والمسجد والكنيسة والنادي والحزب والجامعة والإعلام لإعادة تشكيل روافد الهوية ومصادر الانتماء، خاصة مع بعد الإعلام كلية عن المحتوي الثقافي لانه محتوي غير جاذب للمواطن والمعلن علي السواء.
ورغم أن قنوات كثيرة من حولنا تقدم هذا المحتوي في صورة برامج مسابقات متنوعة وجاذبة أو في عمل درامي تاريخي أو ديني أو في محتوي وثائقي أحسنت صياغته إلا أن كل ذلك لم يلفت انتباه مسئولي البث عندنا، وليس لهم في ذلك عذر فمن وظائف الإعلام التثقيف والهوية والانتماء هدف اسمي من العائد الإعلاني مهما كان حجمه وحالة شبابنا تحتم علينا أن نقدم لهم المعلومة في أي شكل برامجي جاذب، لأن مجرد فتح حوار مع هذا الجيل سرعان مايصبك بالصدمة والحسرة والخوف على شبابنا وهم ضمير الأمة ومستقبلها وعزها.
فهل من رشيد يضع خطة طموحة لصقل عقول شبابنا الخاوية وهل من منسق بين كل من له دور في هذا الدور المعرفي الهام وهل قيم أهل الإعلام هذا الأمر على أنه إستراتيجي وأمن قومي متعلق بالانتماء والهوية واستعداد شبابنا لحمل راية الوطن مستقبلا وهذا لا يستقيم مع هذا الفراغ الفكري، فيا أهل الإعلام: هل من محتوي معرفي؟، لا أقصد التعليمي المنهجي ولكن معرفي عام حياتي متنوع وليكن جاذبا في شكله متنوعا في محتواه.
قدموا أشكالا برامجية جاذبة مسابقات أو ندوات أو دراما أوفوازير أو وثائقي، ولنستخدم أحدث ماوصلت إليه تقنيات الإنتاج والبث ولنختار له وقتا ملائما للجمهور المستهدف وهو الشباب، ولندعمه بتنويهات كما ندعم غيره من المحتوي الأجوف، وليقدمه نجوم التقديم ويخرجه المع المخرجين ولتدعمه جهات الفكر والثقافة والنشر إنتاجيا واعلانيا، ولتنظر هذه الشبكات والقنوات في المساحات المخصصة للمعرفه من وقت البث، وليراجع المجلس الأعلي لتنظيم الإعلام خرائط البث ليقف علي الأوقات المخصصة للتثقيف ويلزم بها القنوات إعمالا لمبدأ التنوع الإعلامي في المحتوي والضيوف والأماكن.
وليراقب ذلك بدقه حماية لقضايا الهوية والانتماء وبناء الشخصية المصرية، وليكن وقت البث خصما من أوقات السحر والدجل والشعوذه والطبخ والرغي والملاسنه، ولتطلق هذا الجهات المسئولة عن قضايا الفكر والثقافة قنوات ومنصات للتثقيف الجاذب المتقن، ولتسارع الأندية والجامعات والأحزاب بالقيام بدورها التنويري والمعرفي قبل أن تصطدم بعقول خاوية بلا معرفة ولا هوية ومهتزة الانتماء ،لاتقوي علي اكمال مسيرة هذا الوطن الآغر الضارب في أعماق التاريخ الرائد في قضايا التنوير.. حمي الله مصرنا وأرشد إعلامها للصواب وأصقل عقول شبابها بخير ماأنتجته عقول البشريه.. وللحديث بقايا بمشيئة الله.