رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

“جيمس بوند الأول” الذي ودعنا في صمت !

طارق عرابي

بقلم الدكتور: طارق عرابي

هناك أسباب كثيرة تجعلني أفخر بكوني مصرياً ، ويأتي على رأسها “جهاز المخابرات العامة المصرية” البارع والمنافس القوي (فكراً وذكاءً وتكتيكاً – “ونظافةً”) لأعتى أجهزة المخابرات العالمية ، وكذلك علماؤنا الذين شرفوا مصر في كل أرجاء المعمورة – مثل – الدكتور “مشرفة” والدكتور “زويل” والدكتور “يعقوب” وكثيرٌ غيرهم ممن أثبتوا النبوغ والتميز الإنساني والعلمي والأخلاقي والحضاري في الشخصية المصرية ، وكما ذكرت هناك أسبابٌ أخرى كثيرة تجعلني فخوراً بمصريتي ولكن لا يتسع موضوع حديثي هذه المرة لأن أذكرها هنا .

بالإضافة إلى متعة المشاهدة والمعرفة التي حظيت بها كمواطن ومشاهد مصري من خلال مسلسل “رأفت الهجان” (عن البطل الحقيقي “رفعت الجمال”) ومسلسل “دموع في عيون وقحة” (“جمعة الشوان” عن البطل الحقيقي “أحمد الهوان”) والأعمال الفنية الأخرى التي تناولت قصصاً حقيقية من ملفات المخابرات العامة المصرية ، كان لي كامل الشرف والفخر بأن تعرفت شخصياً وعن كثب ببعض العظماء والشرفاء الذين قدموا للوطن تضحيات وخدمات جليلة من خلال جهاز المخابرات العامة المصرية ، وأكتفي أن أذكر منهم هنا إثنين من أنبل الرجال الذين فعلوا الكثير من أجل أمن مصر وأمن شعبها العظيم ..

أولهما هو الفنان المثقف والفيلسوف والمواطن الأصيل (الراحل – الباقي “سمير الإسكندراني”) والذي جمعتني به (قبل جائحة كورونا بشهور قليلة) ظروف الشروع في عمل غنائي وطني بعنوان “الله على هُنَّ” من إنتاج ستوديوهات شركة F5 للتنمية والإبداع الإعلامي ، ولكن القدر (متمثلاً في جائحة كورونا ثم في رحيل أستاذنا في 13 أغسطس 2020) حرمني من شرف أن يتغنى هذا الراحل العظيم بكلماتٍ كتبتها تقديراً لشأن وقيمة المرأة المصرية (طفلةً وزوجةً وأماً وجدة) ولدورها العظيم في حياتنا ومنزلتها الكبيرة في نسيج مجتمعنا المصري الأصيل ، وتلك المعاني هي ما كانت قد أعجبت أستاذنا الراحل “سمير الإسكندراني” .

وفي إحدى لقاءاتي به في منزله الكائن خلف حديقة جروبي (بوسط البلد) قلت له : (أنا يا أستاذنا زمان بعد ما سمعتك بتقول “يارب بلدي وحبايبي والمجتمع والناس .. إخواتي تلبس وتاكل” عرفت إنك خدمت مصر من خلال جهاز المخابرات العامة ، ممكن لو مش هاجهد سيادتك تحكيلي الموضوع ؟) .. ورغم أنني كنت قد قرأت سابقاً بعض التفاصيل عن عمله لصالح المخابرات في إيقاع أكبر شبكة تجسس إسرائيلية داخل مصر في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ، والتي ضمت بين أعضائها أسماء كبيرة من بعض المبعوثين والدبلوماسيين الأجانب في مصر ، إلا أن متعة الاستماع إلى القصة من الأستاذ “سمير الإسكندراني” لا تضاهيها متعة .

في منزل الفنان والمواطن المصري العظيم سمير الاسكندراني وزيارتي له في نهاية نوفمبر عام 2019

أما الشخصية العظيمة الثانية فإنه حبيبي وصديقي وأخي الأكبر  (م. ج) والذي لا أستطيع أن أذكر إسمه هنا لأنه كان واحداً من بين رجال الخدمة السرية بجهاز المخابرات العامة المصرية ، والذي قام بمهام وطنية جليلة داخل البلاد (مصر) ، وخارج البلاد أيضاً ومن بينها “الدنمارك” و”سويسرا” و”إسرائيل” نفسها التي ظل بها لمدة 3 سنوات متتالية في واحدة من مهامه الوطنية شديدة الأهمية ، وقد استحق عن نجاحاته وبكل جدارة حصوله على “وسام الجمهورية” ، ومازال صديقي وأخي الأكبر (م. ج) حياً يُرزق ، أدعو الله أن يبارك في عمره وأن يجعل خدماته للوطن رصيداً غالياً له ولأسرته الكريمة في الدنيا والآخرة .

عندما تجالسهم وتتحدث معهم ، ستتأكد على الفور أن هؤلاء الوطنيين الحقيقيين يخاطرون بحياتهم في صمت من أجل حماية مصر وأمنها وسلامة أهلها ، وستشعر أنهم لا يحكون شيئاً بداعي الفخر بما قدموه للوطن بل ليستنهضوا فيك حس الوطنية والوفاء والولاء لبلدك التي تستحق كل التضحيات ، وخيرُ دليلٍ على ذلك ما حدث عفوياً من صديقي وأخي الأكبر (م. ج.) في إحدى لقاءاتي معه ذات مرة ، فبعد هذا العمر والخبرة الحياتية الكبيرة والتضحيات الوطنية التي تعكس جراءة وجسارة الرجال ، فإن رقة قلبه تجاه الوطن بقيت فيه وقد ظهر ذلك جلياً عندما أدمعت عيناه فجأة وقام بتلقائية وقَبَّل جبيني مع آخر جملة من أغنية وطنية كتبتها على لسان شهيد مصري أنهى بها رسالةً كتبها لحبيبته قبل استشهاده وهو يقول لها في نهايتها : (ياما كنت أتمنى أجيبلك .. كل حاجة ترضي قلبك .. ياما كنت أتمنى اعيشلك .. عمر تاني وابقى جنبك .. بس آخر مرة اقابلك .. لما حان الوقت اقولك .. “كنت قلت خلاص لمصر .. يا حبيبتي انا تحت أمرك”) ، تلك الجملة الأخيرة المرتبطة بإسم مصر هى التي لامست الحس الوطني النقي داخل صديقي وأخي الأكبر (م. ج.) ولم يستطع حجب دموعه الوطنية الصادقة .        

بالتأكيد هناك رجال عظماء آخرون ممن قدموا للوطن خدمات جليلة من خلال جهاز المخابرات العامة المصرية ولم نسمع عنهم ولم نرَ بعد أيَ عملٍ درامي عنهم بالسينما أو التلفزيون ، هؤلاء الرجال الوطنيون (حتى النخاع) لهم منا خالص الود والمحبة وعظيم التقدير والاحترام .

“جيمس بوند” James Bond صاحب الإسم الحركي السري (007 Agent) هو شخصية استوحاها وابتكرها الصحفي والكاتب (وعميل المخابرات البريطانية) “إيان فليمنج” Ian Fleming الذي وُلد عام 1908 ومات عام 1964 وعمره 56 عاماً ، وكان مصدر إلهامه لابتكار شخصية “جيمس بوند” قد أتى من مهام استخباراتية كان قد قام بها (هو وغيره من زملائه في الخدمة السرية بالمخابرات البريطانية) ضد الألمان قبل وأثناء إندلاع الحرب العالمية الثانية .

شون كونري مع إيان فليمنج )مبتكر شخصية جيمس بوند( أثناء تصوير أول فيلم بعنوان Dr. No عام 1962

بالإضافة إلى روايتين قصيرتين ، كتب “إيان فليمنج” 12 رواية طويلة عن شخصية “جيمس بوند” كانت أولها بعنوان Casino Royale التي صدرت عام 1953 ، وهناك الروايتان الأخيرتان من تلك السلسلة واللتان لم تصدرا للأسواق إلا بعد رحيل “إيان فليمنج” ، الأولى رواية بعنوان The Man with the Golden Gun والتي صدرت عام 1965 ، أما الرواية الأخيرة فقد جاءت بعنوان Octopussy and The Living Daylights وصدرت للأسواق عام 1966 . واستكمل كتابٌ آخرون طريق “جيمس بوند” الذي بدأه “فليمنج” فكتبوا ومازالوا يكتبون إلى يومنا هذا أعمالاً جديدة لتلك الشخصية الناجحة فنياً وتجارياً التي ابتكرها “إيان فليمنج” في خمسينيات القرن الماضي .

وكان الممثل العظيم الراحل “شون كونري” هو أول من جسد شخصية “جيمس بوند” على الشاشة من خلال 7 أفلام بدأها عام 1962 بأول فيلم سينمائي عن هذه الشخصية بعنوان Dr. No واختتمها عام 1983 بآخر عمل له في شخصية “جيمس بوند” في فيلم Never Say Never Again .                   

حكاية إبن عاملة النظافة الذي أصبح “جيمس بوند” !

شون كونري مع والده ووالدته بعدما أصبح نجما شهير

وُلد “شون كونري” Sean Connery ذو الأصول الأيرلندية – الاسكتلندية في 25 أغسطس من عام 1930 بمنطقة “فاونتِنبريدج” Fountainbridge بالعاصمة الاسكتلندية “إدنبره” ، والده “جوزيف كونري” كان عاملاً بأحد المصانع ثم عمل لاحقاً كسائق شاحنة من أجل تحسين الظروف المعيشية للأسرة ، ووالدته “أوفيميا ماكلين” كانت عاملة نظافة .

قبل توجهه للتمثيل ، عمل “شون كونري” في العديد من الوظائف ، فكان بائعاً للحليب ثم عاملاً بمزرعة ثم سائقاً لشاحنة ، ثم ارتقى وظيفياً بعد ذلك وعمل في مجال كمال الأجسام .

إنضم “كونري” إلى البحرية الملكية ولكن سرعان ما تم تسريحه منها ، وبعدما أصبح لاعبَ كرة قدم متميز ذا مستقبلٍ رياضيٍ واعد وهو في الثالثة والعشرين من عمره كان عليه الاختيار بين أن يكون لاعباً محترفاً في كرة القدم وبين الذهاب في طريق التمثيل الذي أحبه واستهواه ، وقرر ترك كرة القدم واختار التمثيل ، وقد وصف “كونري” هذا الاختيار بعدما أصبح نجماً شهيراً بأنه كان أذكى قرارٍ في حياته .   

بدأ “شون كونري” مسيرته الفنية منذ عام 1954 بالمشاركة في أدوار هامشية ثم أدوار ثانوية ببعض الأعمال للسينما والتلفزيون ، وبدأت شهرته تزداد في اسكتلندا وآيرلندا وبريطانيا مع نهاية الخمسينيات وبداية الستينيات من القرن الماضي ، وأصبح الجمهور الإنجليزي يطلق على هذا النجم الصاعد الجديد أوصافاً مثل “الممثل الاسكتلندي مفتول العضلات” و”طويل القامة الوسيم” وأوصافاً أخرى تعكس أن هذا النجم الجديد قد نال شهادة القبول الإلهية مُوقعةً وموثقةً من الجمهور العريض بالمملكة المتحدة .

وكان من بين الأعمال التي لفتت الأنظار إلى هذا الشاب الواعد وساهمت في شهرته فيلم الإثارة والفانتازيا Darby O’Gill and the Little People عام 1959 مع النجمة الإنجليزية الحسناء “جانيت مونرو” التي ماتت لاحقاً وعمرها 38 عاماً إثر سكتة قلبية .

شون كونري مع جانيت مونرو في فيلم Darby O’Gill and the Little People عام 1959
شون كونري وكلير بلوم بوستر ومشهد من الفيلم التلفزيوني – Anna Karenina عام 1961

ثم يأتيه الفيلم التلفزيوني Anna Karenina عام 1961 مع النجمة “كلير بلوم” ، وهو الفيلم المأخوذ عن رواية تحمل نفس الإسم للكاتب الروسي العالمي “ليو تولستوي” (كاتب رواية “الحرب والسلام” الشهيرة بكل أنحاء العالم).

كونري في مشهد من فيلم The Longest Day عام 1962
شون كونري مع زينة مارشال في أول فيلم عن شخصية جيمس بوند بعنوان Dr. No عام 1962

بعد ذلك قدم “كونري” في بداية عام 1962 فيلم The Longest Day مع النجم الكبير “ريتشارد بورتون” وكلٍ من “جون وين” و”روبرت رايان” و”إدي ألبرت” و”ريد باتونز” ونجوم آخرين ، وهو الفيلم الذي ترشح لخمس جوائز أوسكار وفاز منها بجائزتين كأفضل تصوير سينمائي وأفضل خدع سينمائية ، وترشح الفيلم لجائزتين من جولدن جلوب وفاز منها بجائزة أفضل تصوير سينمائي . 

وقبل أن ينتهي عام 1962 ، يمنح القدر “كونري” قبلة الشهرة والنجومية العالمية عندما تم اختياره ليكون بطلاً لأول فيلم من سلسلة أفلام “جيمس بوند” الشهيرة والخالدة ، بعنوان Dr. No وبمشاركة كلٍ من النجمة – المبتدئة آنذاك – “أورسولا أندريس” والممثلة “زينة مارشال” (المولودة في العاصمة الكينية نيروبي وذات الأصول الإنجليزية والآيرلندية والفرنسية) ، والممثل القدير “برنارد لي” والممثلة القديرة “لويس ماكسويل” ونجوم آخرين ، وقد فازت “أورسولا أندريس” عن هذا الفيلم بجائزة أفضل ممثلة جديدة واعدة من جولدن جلوب ، وتكلف إنتاج هذا الفيلم مليون و 100 ألف دولار وجمع أكثر من 16 مليون دولار داخل أمريكا فقط.

نمر فيما يلي على القليل من أعمال النجم الراحل “شون كونري” (كممثل) والتي بلغت 94 عملاً فنياً .

شون كونري في بوستر فيلم The Name of the Rose عام 1986

في عام 1986 يقوم “شون كونري” ببطولة فيلم The Name of the Rose مع الممثل “كريستيان سلاتر” والممثلين القديرين “مايكل لونسديل” و”ويليام هيكي” ونجوم آخرين ، وقد فاز “شون كونري” عن هذا الفيلم بجائزة BAFTA كأفضل ممثل . جدير بالذكر أن العنوان Der Name der Rose كان هوالإسم الأصلي لهذا الفيلم .     

في عام 1987 يشارك “شون كونري” النجم “روبرت دي نيرو” والنجم “كيفن كوستنر” والنجم الشاب الصاعد آنذاك “آندي جارسيا” ونجوم آخرين في فيلم The Untouchables ، والذي يجسد فيه “كونري” شخصية “جيمي مالون” الذي يستعين به وبخبرته العميل الحكومي “إليوت نيس” (كيفن كوستنر) المسئول عن منع صناعة وتجارة الكحول في مدينة “ويندي سيتي” في شيكاغو الأمريكية ، لكنه فشل بسبب انتشار الفساد بين أفراد شرطة المدينة ، ويريد “إليوت” تشكيل فرقة قوية وصلبة لا تقبل الرشاوي ولا تخاف الموت من أجل إسقاط “آل كابوني” (روبرت دي نيرو) صاحب إمبراطورية صناعة وتجارة الكحول الغير مشروعة آنذاك ، وينضم بالفعل الخبير “جيمي مالون” ومعه العميل الشاب “جورج ستون” (آندي جارسيا) إلى فرقة “إليوت نيس” وينجحون معاً في مهمتهم ولكن الثمن كان باهظاً حيث يتم قتل “جيمي مالون” (شون كونري) على يدِ أحد رجال “آل كابوني” .

كونري بين كيفن كوستنر وآندي جارسيا في فيلم The Untouchables عام 1987
كونري مع هاريسون فورد في فيلم Indiana Jones and the Last Crusade عام 1989

فاز “شون كونري” عن هذا الفيلم بجائزتي الأوسكار وجولدن جلوب كأفضل ممثل في دور مساعد ، وترشح من BAFTA لنفس نوع الجائزة ، وترشح الفيلم لثلاث جوائز أوسكار أخرى كأفضل ديكور وأفضل تصميم ملابس وأفضل موسيقى أصلية ، وترشح الفيلم لجائزة أخرى من جولدن جلوب كأفضل موسيقى أصلية ، كما ترشح لثلاث جوائز أخرى من BAFTA كأفضل ديكور وأفضل تصميم ملابس وأفضل موسيقى أصلية . تكلف إنتاج هذا الفيلم 25 مليون دولار وجمع أكثر من 76 مليون دولار داخل أمريكا فقط .

في عام 1989 يشارك “شون كونري” النجم “هاريسون فورد” بطولة فيلم الأكشن والمغامرة المثير Indiana Jones and the Last Crusade ، وبمشاركة كلٍ من الممثل القدير “دِنهولم إليوت” والممثلة الآيرلندية “أليسون دودي” والممثل الشاب “ريفر فينيكس” (الشقيق الأكبر للنجم “خواكين فينيكس” الذي مات في ريعان شبابه عام 1993 إثر جرعة مخدرات زائدة) .

ترشح “كونري” عن هذا الفيلم لجائزتي جولدن جلوب و BAFTA كأفضل ممثل في دور مساعد ، وترشح الفيلم لثلاث جوائز أوسكار فاز منها بجائزة أفضل مؤثرات صوتية ، وكان من بين ترشيحات الأوسكار الموسيقار العبقري “جون ويليامز” لجائزة أفضل موسيقى أصلية ، كما ترشح الفيلم لجائزتين أخرتين من BAFTA كأفضل صوت وأفضل مؤثرات خاصة (خدع سينمائية) . تكلف إنتاج هذا الفيلم 48 مليون دولار وجمع عالمياً أكثر من 474 مليون دولار .  

كونري في مشهد من فيلم The Hunt for Red October عام 1990

في عام 1990 يشارك “شون كونري” في بطولة فيلم The Hunt for Red October مع “أليك بالدوين” و”سام نِل” و”سكوت جلين” و”جيمس إيرل جونز” و”جوس أكلاند” و”بيتر فيرث” ونجوم آخرين ، وقصة الفيلم مأخوذة عن رواية للكاتب الأمريكي الشهير “توم كلانسي” ، ويجسد “كونري” في هذا الفيلم شخصية “ماركو رامياس” قبطان الغواصة السوفييتية (الروسية) الذي يتجاهل الأوامر العليا ويتوجه بالغواصة (المجهزة بتقنية التخفي) نحو الساحل الشرقي للولايات المتحدة ، وعندما يكتشف طاقم إحدى الغواصات الأمريكية وجود الروس قبالة الساحل الشرقي ، يبدأ عميل المخابرات الأمريكية “جاك رايان” (أليك بالدوين) في تحليل وتحديد دوافع القبطان “ماركو رامياس” لهذا التصرف خشية أن تشن الغواصة الروسية هجوماً على الولايات المتحدة الأمريكية . ترشح “كونري” عن هذا الفيلم لجائزة أفضل ممثل من BAFTA ، وترشح الفيلم لثلاث جوائز أوسكار فاز منها بجائزة أفضل مؤثرات صوتية ، كما ترشح الفيلم لجائزتين أخرتين من BAFTA كأفضل صوت وأفضل ديكور . تكلف إنتاج هذا الفيلم 30 مليون دولار وجمع عالمياً أكثر من 200 مليون دولار .     

كونري مع جوليا أورموند في مشهد من فيلم First Knight عام 1995

في عام 1995 يشارك “شون كونري” النجم “ريتشارد جير” والممثلة “جوليا أورموند” والممثل “بِن كروس” ونجوم آخرين في فيلم First Knight ، ويجسد “كونري” في هذا الفيلم شخصية “الملك آرثر” (ملك “كاميلوت”) الذي يتورط الفارس “لانسلوت” (الممثل ريتشارد جير) في علاقة حب مع زوجته (الممثلة جوليا أورموند) رغم أنه قد أصبح الذراع الأيمن للملك ودرعه القوي في مواجهة رجل الحرب الشرس “الأمير مالاجَنت” (الممثل بِن كروس) الطامع في هزيمة “الملك آرثر” والسيطرة على مملكته . تكلف إنتاج هذا الفيلم 55 مليون دولار وجمع عالمياً أكثر من 127 مليون دولار .

كونري في مشهد من فيلم The Rock عام 1996

في عام 1996 يشارك “شون كونري” النجمين “نيكولاس كيدج” و”إد هاريس” والممثل بارع الأداء “ديفيد مورس” ونجوم آخرين في فيلم الأكشن والإثارة والتشويق The Rock الذي ترشح لجائزة الأوسكار كأفضل صوت ، وتكلف إنتاجه 75 مليون دولار وجمع عالمياً أكثر من 335 مليون دولار .

ويجسد “كونري” في هذا الفيلم شخصية الجاسوس البريطاني السابق “جون ماسون” المسجون لدى السلطات الأمريكية التي تبرم معه صفقة لحصوله على حريته ، وهي أن يتعاون مع خبير الحرب الكيميائية في مكتب التحقيقات الفيدرالي “ستانلي جودسبيد” (نيكولاس كيدج) لمنع الجنرال الأمريكي المنشق “فرانسيس هاميل” (إد هاريس) ، وفريقه من ضباط الجيش المنشقين ، من إطلاق أسلحة كيميائية خطيرة من مقرهم الانعزالي والمُحصن على جزيرة “الكاتراز” ، ولكي يتراجع “فرانسيس هاميل” عن هذا العمل الخطير يطالب الحكومة الأمريكية بدفع 100 مليون دولار كتعويضات حرب لعائلات الجنود الذين لقوا حتفهم في عمليات سرية ، ويخوض “جون ماسون” مع “ستانلي جودسبيد” رحلة المخاطرة الكبيرة في التعامل مع الجنرال “فرانسيس هاميل” ورفاقه . 

كونري مع كاترين زيتا جونز في فيلم Entrapment عام 1999

في عام 1999 يشارك “شون كونري” النجمة “كاترين زيتا جونز” (زوجة النجم “مايكل دوجلاس”) والممثل الأسمر “فينج ريمز” (الشهير بدوره في سلسلة أفلام “مهمة مستحيلة” مع النجم “توم كروز”) ، وذلك في فيلم الأكشن الرومانسي Entrapment الذي تكلف إنتاجه 66 مليون دولار وجمع عالمياً أكثر من 212 مليون دولار.

في عام 2000 يقدم “شون كونري” دوراً مختلفاً في فيلم Finding Forrester ، ويجسد فيه “كونري” شخصية الكاتب الروائي المنعزل وغريب الأطوار “ويليام فورستر” الذي تنشأ بينه وبين الشاب الأسمر الاستثنائي “جمال والاس” (الممثل الشاب الأسمر “روب براون”) صداقة غير متوقعة ، وتتطور تلك الصداقة إلى درجة كبيرة ، ويكتشف “فورستر” أن هذا الشاب الأسمر الموهوب للغاية في لعبة كرة السلة يمتلك أيضاً موهبة رائعة في الكتابة ، وأصبح على نجم كرة السلة الشاب “جمال” اختيار المسار الأفضل لحياته بمساعدة أستاذه الذي أحبه وآمن بموهبته .

كونري مع الممثل الشاب روب براون في فيلم Finding Forrester عام 2000

في عام 2003 يقدم “شون كونري” آخر أدواره بالأعمال الروائية الحية للسينما (ظهوره بالصوت والصورة) وذلك في فيلم الأكشن الفانتازي The League of Extraordinary Gentlemen الذي تكلف إنتاجه 78 مليون دولار وجمع عالمياً ما يقرب من 180 مليون دولار .

ويختتم “شون كونري” مسيرته الفنية في عام 2012 بآدائه الصوتي لشخصية السير “بيلي” في فيلم الأنيميشن الكوميدي Sir Billi .

كونري في مشهد من فيلم The League of Extraordinary Gentlemen عام 2003
آخر أعمال الفنان الراحل شون كونري كانت بآدائه الصوتي لشخصية السير بيلي في فيلم الكارتون Sir Billi عام 2012
شون كونري وجائزة الأوسكار عن دوره في فيلم The Untouchables إنتاج 1987

جديرٌ بالذكر أن النجم “شون كونري” فاز بجائزة الأوسكار كأفضل ممثل في دور مساعد في المرة الوحيدة التي ترشح فيها للجائزة ، وكان ذلك في حفل الأوسكارعام 1988 عن فيلم The Untouchables (إنتاج 1987) ، كما ترشح “كونري” لست جوائز من جولدن جلوب فاز منها بثلاث جوائز والتي كان من بينها جائزة Henrietta Award عام 1972 كأفضل ممثل سينمائي عالمي من الرجال World Film Favorite – Male  وجائزة Cecil B. DeMille عام 1996 التي تمنحها جولدن جلوب عن رابطة الصحافة الأجنبية في هوليوود للفنان صاحب المساهمات البارزة والمتميزة في مجال صناعة الترفيه .وترشح “شون كونري” لخمس جوائز من BAFTA فاز منها بجائزتين ، إحداهما كانت عن فيلم The Name of the Rose (إنتاج 1986) كأفضل ممثل ، والأخرى كانت جائزة الزمالة الفخرية للأكاديمية في عام 1998 .          

كونري وسُنة الحياة .. رحلة طويلة امتلأت بالنجاح والقوة والسعادة ، وامتزجت في نهايتها بالضعف والألم

ويرحل النجم الكبير “شون كونري” (جيمس بوند الأول) عن عالمنا في صمتٍ تام في نهاية أكتوبر من العام الماضي (2020) عن عمرٍ تجاوز التسعين عاماً .

Dr.TarekOraby@gmail.com

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.