سيلينا .. رائعة حاتم علي الغنائية
* الفيلم رشح له منتجه (نادر الأتاسي) المطربة ماجدة الرومي أولا وثانيا النجمة شريهان فى منتصف الثمانينات
* ميريام فارس حصلت على موافقة (منصور الرحباني) قبل القيام ببطولة الفيلم
* حاتم علي : الفيلم مغامرة خاصة في بلد مثل سورية، لا توجد به صناعة سينما حقيقية، ويفتقر لدور العرض السينمائي
كتب: أحمد السماحي
من التجارب السينمائية الهامة جدا والمغايرة جدا التى قدمها المخرج المبدع الراحل (حاتم علي) عام 2009 فيلم (سيلينا)، المأخوذ قصته من مسرحية (هالة والملك) للأخوين رحباني، التى تم تقديمها للمرة الأولى في بيروت عام 1967 على مسرح البيكاديللي، حيث لعبت جارة القمر (فيروز) دور هالة، بينما جسد شخصية الملك الفنان الراحل (نصري شمس الدين)، وأدى دور (هب الريح) المطرب والملحن (إيلي شويري)، وقدم دور المستشار المطرب (جوزيف ناصيف)، والشحاذ (وليم حسواني)، بالاشتراك مع النجم (ملحم بركات) الذي كان يخطو خطواته الأولى فى عالم الغناء.
مملكة قائمة على الكذب
تدور أحداث الفيلم في مملكة (سيلينا) الخيالية التي يسودها الجشع والمكر، فتدخلنا في متاهات السياسات الكاذبة المتداخلة الهادفة إلى تضليل (الملك) بغرض تحقيق المآرب الشخصية والمكاسب المالية، ويتنبأ (العراف/ أنطوان كرباج)، للملك بأن أميرة متنكرة ستصل إلى المملكة وتصبح زوجته، فيفرح جميع من في البلاط والمدينة، إذ إن عرس الملك سيدوم أربعين يوما من الاحتفالات والمآدب المجانية.
وتصل إلى المدينة (هالة/ ميريام فارس) الفتاة الفقيرة مع والداها (هب الريح/ إيلي شويري) لبيع الأقنعة في المدينة، فيعتقد الناس أنها الأميرة المرتقبة، ولم يصدقوا أنها فتاة عادية فقيرة أتت مدينتهم لبيع الأقنعة، حاولت حاشية الملك إقناع هالة بالزواج منه، إلا أن الشحاذ ( دريد لحام) يخبر (الملك / جورج خباز) حقيقة (هالة) بعد أن أعطاه الأمان، فيتنكر (الملك) بزي الشحاذ ويتحدث مع هالة، التي أخبرته أنها ليست أميرة، ولاترغب في الزواج من الملك، وتكشف له كذب أصحاب المناصب المحيطين به ومكرهم، فيدرك كم أن الحاكم أحياناً يعيش في عالم من الأكاذيب يحيكها مساعدوه، لعقد الصفقات غير القانونية، والشعب فقير بالكاد يقوى على العيش.
كواليس (هالة والملك)
هذه المسرحية اشتراها المنتج السوري (نادر الأتاسي) من الأخوين رحباني، فى نهاية الستينات على أن تقوم ببطولتها السيدة (فيروز) كفيلم في البداية، لكن الظروف السياسية التى مرت بها لبنان جعلت الزمن يمر، ولا يخرج الفيلم للنور، وبعد أن هدأت الأوضاع كانت السيدة (فيروز) كبرت فى السن على دور الفتاة الفقيرة (هالة) فعرض (الأتاسي) الدور على السيدة (ماجدة الرومي) التى رحبت بالدور، لكنها طلبت أغان خاصة بها، حتى لا توضع فى مقارنة مع السيدة (فيروز)، مما جعل المنتج السوري يبحث عن نجمة أخرى.
وفى هذا الوقت كانت النجمة (شيريهان) قدمت الفوازير وحققت شهرة مدوية على مستوى العالم العربي، وعرض عليها (الأتاسي) بطولة الفيلم، ورحبت (شريهان) بالفيلم، لكنها طلبت بعض الطالبات المكلفة من حيث الأستعراضات، والأزياء، وتمصير اللهجة من لهجة لبنانية إلى لهجة مصرية، وبحثوا عن شاعر يجيد هذا، كما حدث عندما تم تحويل مسرحية (الشخص) إلى مسرحية مصرية، وقام بالتمصير الشاعر الكبير (أمل دنقل)، وبعد بحث مضني لم يجدوا الشاعر فتم تأجيل الموضوع إلى أجل غير مسمى، إلى أن ظهر عام 2009 .
حاتم علي يتحدث
نظرا لحبي وإعجابي بتجربة فيلم (سيلينا) الذي حضرت العرض الخاص له فى في سينما المركز التجاري لفندق (نايل سيتي)، حيث أقامت يومها شركة (ميلودي بيكتشرز) حفلا بمناسبة العرض الخاص لفيلم (سيلينا) فى مصر، أوفى اليوم التالي لعرض الفيلم أجريت حوارا مع المخرج (حاتم علي)، والمطربة (ميريام فارس) نشرا فى مجلة (الأهرام العربي)، وإليكم بعض ما جاء فى الحوار تحديدا الجزء الخاص بالفيلم
* لو انتقلنا بالحوار لفيلمك الجديد (سيلينا) ماذا تقول لجمهورك عنه؟
** الفيلم من الطراز الغنائي الاستعراضي، وهو مأخوذ عن مسرحية (هالة والملك) التي سبق وقدمتها الفنانة الكبيرة (فيروز) عن قصة للأخوين رحباني، ويعد فيلم (سيلينا) هو الأول الذي ينتجه القطاع الخاص السينمائي السوري بعد توقف دام سنوات طويلة، فلدينا تجارب سينمائية محدودة العدد تدعمها الدولة عبر المؤسسة العامة للسينما، ويحاول القطاع الخاص السينمائي حالياً الدخول في هذه الصناعة، وإن كان على استحياء.
* ما توصيفك لهذه التجربة؟
** هذه التجربة السينمائية تنتمي لسينما الاستعراض، وهو نوع غير متوافر في السينما العربية الحالية، بسبب صعوبته واحتياجه لإمكانات مادية وتقنية عالية، ويعتبر مغامرة خاصة في بلد مثل سورية لا توجد به صناعة سينما حقيقية، ويفتقر لدور العرض السينمائي، لكن المغامرة كانت تستحق هذه المخاطرة، لأن الفيلم إرث رحباني وأنا من أشد المعجبين بهم، وقد تمكنت من إنجاز الفيلم بإمكانات بسيطة.
* ما سر إختيارك للمطربة ميريام فارس؟
** ترشيح المطربة اللبنانية (ميريام فارس) لدور البطولة جاء لصغر سنها وصوتها الجيد، وهو ما يتناسب مع طبيعة الدور، مشيراً إلى أنه رغم قيام الفنان الكبير (دريد لحام) بدور صغير هو (الشحات) إلا أنه أداه ببراعة تركت بصمة على الفيلم ككل.
* تقديم ميريام فارس شخصية فيروز نفسها ألا يضعها في مقارنة معها؟
** بالتأكيد لا، فالمقارنة ستكون ظالمة لأسباب عدة، أولها أن (فيروز) خارج المقارنة فهي (جارة القمر) التى لن يجود الزمان بمثلها!، يضاف إلى ذلك أن العمل قدِّم كمسرحية غنائية، أما (ميريام) فأدت الدور من خلال الفيلم وهو وسيط مختلف تماما، وقد أخذت موافقة من الموسيقار الكبير منصور الرحبانيً.
* يرى البعض أن ميريام فشلت في تقديم الشخصية؟
** بالعكس، أرى أن (ميريام) قدمت أوراق اعتمادها في هذا الفيلم كممثلة، إلى جانب كونها مطربة، يضاف إلى ذلك أنها برعت بالفعل في تقديم الأغنيات والاستعراضات.
*الفيلم يمثل عودة الى السينما الغنائية، فهل تتوقع أن يحظى بالنجاح ويحقق الإيرادات المطلوبة؟
** موضوع الإيرادات يخص الإنتاج، والنجاح والفشل بيد الله، وأنا اجتهدت مع باقي فريق العمل ليخرج الفيلم بالشكل الذي أراه لائقاً و يرضيني، والحمد لله الجمهور أعجب به وهذا يكفيني كمخرج.
*غياب الفنان دريد لحام عن عرض الفيلم الخاص في القاهرة جعل البعض يروّج لوجود مشاكل وخلافات، فما صحة ذلك؟
** ليس صحيحاً أبداً أن ثمة خلافات أو مشاكل نشبت بين فريق العمل خلال تصوير الفيلم كما ادعى بعض المطبوعات الصحافية، ودلّل على ذلك بغياب الفنان دريد لحام عن عرض الفيلم في القاهرة، وقد حرص (لحام) على توجيه نصائحه لمجمل فريق العمل بصفته الأكثر خبرة، أما عدم حضوره فذلك يرجع إلى انشغاله بأحد الأعمال الفنية.
* انتقد البعض الدعاية الهزيلة التي صاحبت عرض الفيلم؟
** الدعاية لم تكن هزيلة، ومن وجهة نظري كانت كافية للفيلم الذي يعرض في ثلاثة بلدان عربية هي (مصر وسورية ولبنان) في التوقيت نفسه.
نقد الفيلم :
(سيلينا حاتم علي …فوضى سينمائية) تحت هذا العنوان كتب الناقد السوري (عمر عبداللطيف) فى موقع (زمان الوصل) فقال فى جزء من نقده.
هذه القصة التي كان لها في ستينيات القرن الماضي، مغزى يتناسب وذلك العصر، لم تعد تمتلك البنية الدرامية لصناعة فيلم استعراضي، أو بالأحرى لم يستطع الفيلم أن يقدم رؤية جديدة للقصة، فالحوارات فقيرة، والرقصات باهتة، افتقدت الإبهار المطلوب، وغاصت في عشوائية واضحة لاتحمل أي معنى، وتحكم الاستديو الذي بني خصيصا لتصوير الفيلم في حركة الكاميرا، وقيدها في تصوير الرقصات من زواية يفترض بها أن تظهر جمالية الرقصات والديكور.
شخصية (حبيب هالة) التي أداها الممثل (باسل خياط) كانت وجودها وعدم وجودها سواء، فحالة العشق التي من المفترض أن يكون عليها (خياط)، لم يستطع التعبيرعنها لا باالتمثيل ولا بالغناء، فانكمشت عضلات وجهه، وارتمست عليه تعابير جافة ونظرات لاتوحي بشيء، كما بقي (نضال سيجري) الذي أدى دورالشرطي برفقة (أيمن رضا)، أسير شخصية (أسعد)، فى مسلسل (ضيعة ضايعة).
في حين بدا (الشحاذ / دريد لحام) في كامل أناقته في الفيلم، لولا تلك الريشة التي وضعت على رأسه لتوحي للمتفرج بأنه (على البركة)، حيث ظهر بتلك الصورة الكلاسكية، التي تصور المجانين أو الشحاذين وفق المثل الشعبي القائل: (خذوا الحكمة من أفواه المجانين).
جرعة الكوميديا الخفيفة التي حاول (جورج خباز وأيمن رضا وسيجري) إضفائها على الفيلم جاءت في سياق مضطرب، وحوارات هشة، لم تخفف من حدة الارتباك الذي وقع فيه الفيلم على مستوى الغناء والديكور والأداء الفاتر لأغلب الممثلين.
لفتنا إعلان وضع على أحد أبواب السينما يقول: “بعد النجاح الجماهيري الكبير الذي حققه، تم تمديد عرض فيلم (سيلينا) أسبوعا آخر، رغم اننا حضرنا الفيلم في نفس السينما، وقد كان الحضور لايتجاوز أصابع اليد الواحدة، كان منتج الفيلم (نادر الأتاسي)، قد أعلن أنه سيجول بالفيلم على مهرجانات السينما العربية والعالمية، مع نصيحتنا بأن الفيلم لايستحق هذا التعب.
بطاقة الفيلم :
إنتاج : نادر الأتاسي
سيناريو وحوار: منصور الرحباني
الموسيقى التصويرية: جهاد مفلح
إخراج: حاتم علي
بطولة : دريد لحام، جورج خباز، ميريام فارس، إيلي شويري، إنطوان كرباج، باسل خياط، نضال سيجري، أيمن رضا، حسام تحسين بك.