نرجس.. مصالحة بين طبقات المجتمع
بقلم : سامي فريد
باختصار شديد وفي كلمتين تقول قصة هذا الفيلم (نرجس) التي وضعها وكتب لها السيناريو وأخرجها أيضا عبدالفتاج حسن أن كل أوزار وأخطاء الطبقة الراقية تتحملها الطبقة الشعبية بما تحمله من شهامة ومروءة.
أما القصة كما حكاها الفيلم بتفاصيلها فتقول إن أبو الفرج أفندي (علي الكسار) يجد لفافة أمام باب بيته في داخلها طفلة رضيعة فتأخذه الشفقة بها ويحملها إلى بيته لتفاجئة زوجته فرودس محمد أمام باب شقتها يحمل الطفلة فيداخلها اليقين أن زوجها قد تزوج بأخرى ويضطر الرجل الطيب غلى العودة بالطفلة اللقيطة ليضعها، حيث كانت أمام عتبة البيت وحيث وجدها، لكنه يفاجأ بعسكري الدوري وقد رآه وهو يضع الطفلة فيلقنه درسا في تقوى الله حتى لا يلقى بلحمه في الشارع.
ويعود المسكين إلى بيته مرة أخرى ليحكي الحكاية كاملة إلى زوجته التي تأخذها الشفقة فتستقبل الطفلة لتتربى مع ابنتها اعتدال (عزيزة حلمي) كشقيقتين لكن مع المعاملة المختلفة بين الابنة الحقيقة والابنة بين الابنة المتبناة نرجس (نور الهدى)، وقد أطلقوا عليها هذا الاسم نظرا لوجود عقد حول رقبتها يحمل زهرة النرجس ليصير اسمها بعد ذلك نرجس التي يحبها محمد ابن الجيران (محمد فوزي) لهدوء طبعها وجمال صوتها أيضا لأنه هو أيضا جميل الصوت، وقد تقدم للامتحان الذي عقده (تياترو أموزيس).
ونظرا لكثرة عدد المتقديم للاختبار يطردهم المدير (إدمون نويما)، لكن محمود يتسلل إلى شباك التذاكر ويبدأ في الغناء فيلفت نظر الجميع الذي يغنون معه وينال إعجاب المدير الذي يتعاقد معه فورا، لكن فوزي يرشح نرجس أيضا لتعمل معه في نفس التياترو وتؤدي الاختبار لتفوز هي أيضا بعقد عمل مع محمود.
ومع سوء معاملة الأم للطفلة أو الشابة اللقيطة تدافع الشقيقة والحقيقية اعتدال عن شقيقتها نور الهدى (نرجس) التي لا تجد في البيت من يحبها سوى اعتدال ومحمود والأب أبو الفرج أفندي.
وتعمل نرجس في التياترو وفي إحدى نوبات خروجها بعد انتهاء العمل تراها درية هانم (زوزو ماضي) ويلفت نظرها بشدة وجود عقد النرجس حول رقبتها فتسألها عنه وعن أسرتها وتجيب نرجس بأنه معها منذ ميلادها!
لكن درية هانم تراقب نرجس من خلال سيارتها حتى تعرف عنوان سكنها لتخبر زوجها رشاد بك (محمد الديب) بأنها وجدت ابنتها الحقيقية، ويسألها الزوج لماذا لم تخبره بأنها قد حملت منه قبل سفره للخارج فتعتذر بأن الظروف لم تساعدها (هكذا)، ويقرر الزوجان الذهاب إلى الأسرة الفقيرة لطلب أن تعود ابنتهم نرجس اليهم، لكن الجميع يرفضون حتى زوجة الأب فردوس محمد التي تقرر أنها لن تفرط في ابنتها نرجس التي أحبتها مثلما أحبت اعتدال ابنتها، (هكذا أيضا وبدون إبداء الأسباب)، لكن ومع بعض الشروط التي وضعها الأب أبوالفرج يوافق على ألا يحرم الأبوين من ابنتهما بشرط أن تظل على اتصال بهما.. ويوافق الجميع.
لا بأس بالمرة من درس في أهمية الغناء والتمثيل في تهذيب المجتمع يلقيه محمود (محمد فوزي) على نرجس ليقنعها بالعمل معه فتوافق خصوصا بعد أن تم رفد أبو الفرج أفندي من شركة البطاطس التي يعمل بها بعد انتهاء الحرب، وذلك لكي تتولى هي الانفاق على الأسرة التي احتضنتها ولم تكن هي تعرف أنها لقيطة (!).
وتذهب أم محمود لخطبة نرجس من أمها فرودس محمد لأنها كانت تعتقد أنها ابنتها لكن الأم وكانت تظن أن أم محمود قد جاءت لخطبة ابنتها اعتدال تصارح أم محمود بأن نرجس ليست ابنتها وأن زوجها قد وجدها أمام البيت وتصاحها بأن البنت لقيطة وتفشل الخطبة!..
لكن درية هانم تقرر تزويجها بواحد يليق بها من البيوتات العريقة هو فؤاد بك (إسماعيل يس) لكن نرجس لا ترضى به بديلا عن محمود وإن كانت قد بدأت تتأكد من أن شقيقتها اعتدال تحب محمود فتقرر أن تفسح المجال لاعتدال ردا لجميل الأسرة نحوها ويندهش محمود من هذا التغير المفاجئ!
وحتى ينتهي الفيلم النهاية السعيد يقرر المؤلف (عبدالفتاح حسن) وضع النهاية التي ترضى الجمهور فتعجب اعتدال بفؤاد (إسماعيل يس) وتشرح له قصة حبها هى ونرجس لمحمود الذي كان قد بدأ يشق طريقه إلى النجومية بسرعة، والمدهش أن فؤاد بك يستجيب لها بسرعة بل ويتزوجها ليعود ليلة الفرح فرحه هو شخصيا مع نرجس وقد تزوج اعتدال وتعود نرجس إلى محمود ويتم تصحيح الأوضاع بين الأسرتين الغنية والفقيرة ويعيش الجميع في سلام تحت مظلة الحب والتفاهم!
حوار الفيلم كتبه باقتدار بديع خيرى، أما الفيلم فقد أنتجته شركة الأفلام العربية مع بدايات القرن الماضي، وشارك في بطولته ولو بأدوار ومشاهد بسيطة (عبدالحميد زكي ومحمد إسماعيل ونبوية مصطفي)، ولعبت فيه أم السينما المصرية فرودس أشد أدوارها قسوة لم تكررها بعد ذلك مطلقا!