كلام X الإعلام (12)
بقلم : علي عبد الرحمن
يحتفل العالم في الثامن عشر من ديسمبر كل عام بيوم اللغة العربية لغة الضاد ولغة القرآن الكريم ولغةالملايين من العرب والناطقين بالعربية وقراء كتاب الله بلغته التي نزل بها، ولما كانت اللغة هى أحد أهم روافد الهوية فإن الحفاظ عليها يعد أمرا استراتيجيا هاما، ولقد ظلت لغتنا الجميلة مصدر فخر من يتقنها شاعرا كان أو أديبا أو غيرهما ومصدر ذهول عندما يتقن طفل لغة الضاد ويعد من مهام الإعلام، تعليم اللغة ومفرداتها ومايطرأ عليها من مصطلحات مستحدثة وبعد التعلم ينبغي على الإعلام طرح طرق ممارسة اللغة بشكل سليم وأن يقدم إنتاجا برامجيا كان أو دراميا ليدعم مسيرة لغتنا ويحفظ مصادر هويتنا.
ولقد كان إعلام الأمس يفعل ذلك برامجيا ،مثل البرنامج الرائد (لغتنا الجميلة) والبرنامج الإذاعي (قل ولا تقل) غيرة على لغتنا وسلامة نطقها كما كان هناك مشروعا رائدا للمبدع الراحل فهمي عبد الحميد لتعلم اللغى السليمة، وكان هذا المشروع تحت رعاية جامعة الدول العربيه وكان الإعلام يلتزم بسلامة الأداء اللغوي لمذيعيه، وكانت بعض البرامج الثقافية ونشرات الأخبار إضافة إلي الدراما التاريخية والدينية تدعم ذلك أيضا، ولكن مع إعلام اليوم اللاهي واللاهث خلف كل ماهو سطحي والمهرول بلا رؤى نسي الإعلام كل مظاهر دعم اللغة العربية فلا برامج تعلم ولا دراما تدعم، ورغم أن الإعلام يصيح كل يوم في فنون تعلم اللعب والطبخ وتفسير الأحلام ويجتهد في عرض نماذج ممن أهدروا كرامة اللغة.
إلا أنه لم يشغل باله بأن يعلم مشاهده كيف ينطق ويفهم ويحافظ على لسانه ولغته وكأن الأمر لا يعنيه كسائر القضايا الاستراتيجية، وكأن الحفاظ على الهويه ليس من أولوياته وكأن هذا الأمر يخص مجمع الخالدين أو مدرسي اللغة العربية فقط والغريب أنه لم ينتقد أحد إعلامنا لتفريطه في حق اللغة، وقد يكون ذلك يأسا من أمر الإعلام ككل، أو سيرا وراء شعار(فاقد الشئ لا يعطيه) إقرارا بضعف لغة الإعلام نفسه وتسمع في أروقة صناع الإعلام أن هناك لغة فصحي وأخرة وسيطة هي لغة الإعلام وثالثة ركيكة هى لغة العامة والدهماء، وتري شعوبا كثيره تتمسك بلغتها فلو سافرت ألمانيا مثلا فلن يجيبك أحد ،طالما لم تسأل بالألمانية، بل أن الطامحين عبثا في دولة الخلافة أقصد تركيا يفعلون غالبا مثل الألمان والإنجليز يتمسكون لا باللغة فقط بل بطريقة النطق الانجليزيه أي لهجتهم وشعوبا كثيره يقدسون لغتهم.
ولكننا مع تهميش الإعلام لكل ماله علاقة بلغتنا فقد تكاتفت جهات عديده لإهدار حقوق اللغة تعلما وممارسة، فالأسره لدينا تحرص على تعلم أطفالها لغة أجنبية وتهمل عمدا معرفة النشئ بلغته الأصلية وسارت المدرسه على نفس النهج حتي وصل شبابنا إلى الجامعة أجوف علميا وبليد لغويا وأصبح شبابنا لايجيد التعبير عما يريد إلا باللغات الأجنبية لانهم لايملكون من مفردات اللغة مايمكنهم من التعبير بها عما يريدون ولم يعد مجمع اللغة حاسما في مسألة الحفاظ علي لغتنا وكذلك الأزهر وتراجع الاهتمام باللغه بدأ من البيت مرورا بالمدرسه ثم الجامعة وكذلك إعلام اليوم وتضاءل استخدام اللغة السليمة كما تضاءل الاهتمام بتعلمها وتعلم كيفية ممارستها والاعتماد عليها في التعبير عما نود التحدث فيه.
ولم يظهر للغة أبا يدافع عنها وسعدنا بتعلم أولادنا لغات الآخر وهذا ليس مرفوضا إنما الرفض مصدره أن يكون الحرص على تعلم لغات الآخر مقرونا بترك لغتنا، فمن تعلم لغة قوم آمن شرهم، فمن يتصدي دفاعاعن لغتنا أمام إغفال الإعلام لها ومن يقف وراء منتج إعلامي يدعم لغتنا ويحافظ عليها ومتي يطرح إعلامنا لكيفية ممارسة لغتنا والتعبير بها لدي شبابنا المتطلع غربا، وهل تراجعت جامعة الدول العربية عن مشروعها لتعلم العربية ومتي نري أعمالا برامجيه ودراميه تستخدم لغتنا؟، وهل قدم الإعلام جديدا بمناسبة الاحتفال بيوم اللغه العربية أم مازال يلهث خلف يوم الطبخ ويوم العري وأياما أخرى أكثر استفزازا؟!.
من للغة العربيه؟ من حامي حماها وغيورعليها ومن يعيد للإعلام رشده وصوابه؟، وهل تعلم كل جهات وأجهزة الحفاظ علي الهوية وزرع الانتماء والولاء للوطن، إن أمر اللغة غاية في الأهميه لهذه الهوية والولاء وحب الوطن وتاريخه ولغته أم أن أمر اللغة أضافة أهل الميديا الي أمور تناسبها صناع الإعلام كالتنشئة والتربية والثقافة ودراما الدين والتاريخ والوثائقيات ومظاهر التنمية في ربوع الوطن، ولما كان الإعلام قد نسي كل هذا وأكثر فماذا يتذكر إعلام اليوم، ولمن يعمل، ولمن يبث، وماهى أولوياته وماهي قضاياه؟!.
ويبدو أن إعلامنا رفع الشعار الجاهلي (ألا لايجهلن أحد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلينا بغاة ظالمين وما ظلمنا ولكنا سنبدأ ظالمينا).. لكي الله لغة الضادولمصر أيضا ولشعبها الصبر علي المكاره.. إن الله بالغ أمره وقد جعل لكل شئ سببا، فلعل تناسي الإعلام لكل هذا يدفع من رحم التناسي من يقدم إعلامنا وطنيا مسئولا أمام ربه وأمته وشعبه .. وللحديث بقايا.