(البقية في حياتك في خالتك سيما)!
بقلم: محمد شمروخ
سببان هما اللذان أرى أنهما يمكن أن يدخلا مهرجان القاهرة السينمائي الدولى إلى لجنة الرأفة لنيل درجات إضافية لتحقيق الدرجة الصغرى (المنجحة) لهذا العام:
أولا: تكريم عمنا الكبير وتاج راسنا الأستاذ وحيد حامد.
ثانيا: إقامة المهرجان على الرغم من الموجة الثانية من كورونا.
معقول.. والأفلام ؟!.. والجوايز؟!..والفساتين؟!..والبوس؟!..والكابللز.. والهيصة؟!
ولا يجيبوا نص درجة!.
ما هذه السوداوية.. لماذا كل هذا الظلم؟!
يا عم فكك من الكلام الكبير واسمع الناس في المترو والأتوبيس والميكروباس وأوبر وعلى القهاوي والكافيتريات والنوادى وحتى على فيسبوك يا ولداه .. حد جاب سيرة غير الصحفيين والإعلاميين المكلفين بتغطية المهرجان، بغض النظر عن إن نصهم لهم صلات ما بالمهرجان.. وفتح مخك بقى!.
فالواقع الموازي للمهرجان والهيصة على الشاشات والمواقع الإلكترونية وما بقى من الجرائد والمجلات، يؤكد أن الشارع المصري لم يعد يشعر ولا يهتم بأن يشعر بالمهرجان، إلا الفئات المستفيدة مباشرة من صناعة السينما، وهؤلاء عددهم يا صاحبي يسد عين الشمس من فنانين على مخرجين على منتجين..آسف يا بيه.. قصدى على “منتجين” على مخرجين” وكافة أسماء الأفيشات والتترات، بالإضافة يا صديقي، إلى النقاد والصحفيين والمصورين والمذيعين والمعدين وأطقم البرامج .. وزود عليهم السواقين الخصوصيين وأطقم السكرتارية والبودي جاردز والفراشين وبتوع البوفيه!
ممكن كمان تزود قرايبهم ونسايبهم وأنتيماتهم وجيرانهم الذين يحلمون برؤية الفنانين وجها لوجه بشحمهم ولحمهم!
يعنى أي حديث عن زخم جماهيرى في المهرجان، هو لهذه الفئات وغيرها يبقى.. سامحنى!.
فالمهرجانات كانت زمان أيام القصص والمناظر، أما القصص حاليا، فليس لها سوى ما يمكن أن يملأ نصف صالة سينما كريم 2 زمان، وأما المناظر فقد مضى عهد الإثارة على الشاشة البيضاء منذ أن زاحمتها شاشات الأندرويد والآيفون.. وحتى مناظر أفلام المهرجانات زمان، كانت تأتى خطفا وتنتهى قبل أن ينتهى صفير وتصفيق الجمهور في الصالة وبعد أن تكون شبعت من القصص والمسيقات التصويرية وأنت تنتظر من كل حركة ما يجعلك تفز من كرسيك وتصرخ: “هتقلع .. هتقلع”.. مع إنك ولا فاهم ولا عايز تفهم من الحوارات إلا بما يبرر لخيالك إقدام الممثلين والممثلات على القلع .. يا راجل ده حتى الفيلم كنت بتنسى اسمه مع دخول الصالة ونهاية “الأسامي الإنجليزي” على الشاشة!.
وكنت أيامها تعرف رد فعل المهرجان السنوى بمجرد طلوعك على كوبرى أكتوبر لو راكب ملاكي أو تاكسي، أما بقى لو راكب أتوبيس أوميكروباص، فالإشارات والإعلانات على مبانى شارع رمسيس ووسط البلد، ترحب بك زبونا قادما إلى المهرجان الدولى.
ومن (مترو وريفولي وحتى أوديون وميامي) وكافة سينمات نص البلد شغالين كلهم على المهرجان والطوابير قدامها معدية الشارع.
لكن يا صاحبي من يوم المدعوق الموبايل وكل شيء اتعفرت، يعنى يادوبك تحس إن البلد فيها مهرجان إذا عديت بالصدفة وتلاقى عربيات الفور باي فور والمرسيدس والبي إمات والجاجورات سادين شارع قصر النيل.. ومن بعيد لبعيد ترى البدل السوداء والفوريرات والبلاطي البراندات والسينيهات، أما المهرجان.. كمهرجان بس.. ولا حد حاسس.
– عارف ليه يا صاحبي؟!
دعنى أصدمك وأقرر لك حقيقة مقلقة وقد تكون نبؤة مرعبة بأن عهد السينما نفسه قد أوشك على الزوال وسيبدأ بتقليص الدور الذي كانت تلعبه السينما والذي بدأ بالفعل بعد ما مبانى السيما لم تعد تحقق أي مكاسب مغرية بالمغامرة وقد لا تغطى نفقاتها لأن الخدمة باتت مكلفة، ولذلك ترى مبانى بعض دور السينما الكبرى من ذوات الشنة والرنة – يرحمها أيام – قد اضطرت لتأجير أجزاء من مداخلها وواجهاتها بعد تقفيلها، وتحويلها إلى مقلى أو بتاع عصير أو فاترينة آيس كريم، ومن دقنه وافتله ويا بخت من نفع واستنفع وأهي برضه حاجة تعوض بدل الخساير.
هذه الظاهرة التى أدت إلى هدم دور سينما والاستفادة بالأرض لإنشاء مبان مكانها وتحويلها إلى أنشطة أخرى، لم ينتبه إليها أحد، أو انتبه ولكن دخل سينما بنها، برغم تصديع الدماغ بالحديث عن أهمية الفن عموما والسينما خصوصا في نشر الوعى ومحاربة التطرف والإرهاب وا وا واو وا.
و وأوأ يا عم للصبح ولا حد سامع .. ذلك لأن تلاشي مبانى دور السينما وإفلاس أصحابها هو إشارة إلى ما هو أكثر خطرا وهو انقراض صناعة السينما نفسها، فالإنتاج صار مكلفا فوق الاحتمال بعد الأزمات الاقتصادية المتلاحقة وربما يحل محلها يجرى التخطيط لطرحه من شكل جديد يعتمد على ما يمكن أن يسمى (السينما المحمولة) أو (فيلموبايل) وساعتها ستجد المهرجانات تتم عبر الفيديوكونفرانس وكل واحد يخليه في بيته وبلده أحسن، وبلاها تذاكر وحجز فنادق وشحن آلات تصوير وتسجيل وملابس وديكورات وملحقات أخرى بالشيء الفلانى وكل يوم الأسعار في الطالع يا بن عمى.. ومين يستحمل كده.. في الآخر (ما يقدر على القدرة إلا ربنا) وكل شيء بأمر الله وربنا يرحمها لأنها كانت ست طيبة والبقية فى حياتك.. هيييه.. دني!.