ذكرى مرور38 سنة على تقديم مسرحية (الشخص) الممنوع عرضها !
كتبت : أحمد السماحي
هذا الأسبوع قررنا أن نتوقف في باب (صورة وذكرى) عند واحدة من أشهر المسرحيات الغنائية المعروفة على مستوى العالم العربي وهى مسرحية (الشخص) فى نسختها المصرية، بمناسبة مرور 38 عاما على تقديمها لأول مرة فى مصر حيث قدمت في مثل هذا اليوم 15 ديسمبر عام 1982، والمسرحية تأليف وتلحين (الأخوان رحباني) وقامت بالبطولة (عفاف راضي، محمد نوح، كمال ياسين، توفيق فريد، سيد الملاح، يوسف صباغ، محمد الشرقاوي) وغيرهم من الفنانيين.
ولهذه المسرحية قصة لابد أن تروى ففي عام 1968 وبالتحديد في شهر يونيو قدمت المسرحية لأول مرة وقامت ببطولتها السيدة فيروز، وشاركها البطولة (نصري شمس الدين، وأنطوان كرباج)، وعرضت بنجاح منقطع النظير على مسرح (البيكاديللي) بمدينة بيروت، وأخرجها (صبري الشريف)، وتتحدث المسرحية حول بائعة بندورة (طماطم) تمثل أمام القضاء بسبب محاولة بيع بضاعتها لـ (شخصٍ) مهم سياسياً، إذ تتناول المسرحية مشكلة تغيب السلطة وعجزها عن معالجة احتياجات المواطنين، تميزت بخلوها من الأسماء، حيث أن كل شخصية تُسمى بدورها أو وظيفتها فقط، فالبائعة اسمها (البياعة) والضابط اسمه (الشاويش) والمسؤول المهم اسمه (الشخص)، وتضمنت المسرحية التى عرضت في لبنان ودمشق والأردن مجموعة كبيرة من الأغنيات تنشدها الشخصيات لسرد الأحداث.
بعد انفصال (عاصي الرحباني وفيروز) قدمت المسرحية مرة ثانية لكن هذه المرة قامت ببطولتها الفنانة اللبنانية (رونزا) وعرضت فى لبنان وعمان، ولأن (الشخص) قدمت فى سوريا ولبنان والأردن وعمان باللهجة اللبنانية كان لابد من تقدمها (عفاف راضي) فى القاهرة باللهجة العامية المصرية، حيث كانت حجة (الأخوين رحباني) فى هذا الوقت وكما ذكر (منصور الرحباني) في مجلة (الشبكة) اللبنانية: همنا انتشار الأعمال الرحبانية على طريقة انتشار أعمال الكاتب الكبير (وليم شكسبير) التى تترجم وتقدم بلغات ولهجات مختلفة، وتعود لنا الحقوق فقط.
وفى مصر عهد (الأخوين الرحباني) بمسرحية (الشخص) إلى الشاعر المصري الراحل (أمل دنقل) ليقوم بتمصيرها بإشراف ومشاركة الأخوين رحباني.
جدير بالذكر أن (الأخوين رحباني) كان قد استمعا إلى صوت (عفاف) عندما كانت طالبة بالكونسرفاتوار بالقاهرة، فالتقطت آذانهما الموسيقية نبرات صوتها المتميز، وعندما حان الوقت عرضا عليها التعاون من خلال (الشخص) وأرسلا يعرضان عليها العمل فوافقت على الفور لأنها كانت تترقب فرصة هذا الحدث، وتم الاتفاق على اللقاء الأول، لكن هذا اللقاء تأجل وقتها بسبب الحرب التى كانت تعصف من وقت لآخر بلبنان.
ومرت الأيام وتجددت الاتصالات لكن لقاءها تأجل مرة أخرى بسبب الاجتياح الإسرائيلي الذي أقفل المطار أكثر من أربعة أشهر، وعندما عاد السلام إلى ربوع لبنان، كانا على أول طائرة تقوم بأول رحلة إلى القاهرة من مطار بيروت الدولي بعد افتتاحه.
وقام (منصور الرحباني) بتدريب (عفاف راضي) على الألحان لمدة أسبوعين، وقاما (الأخوين الرحباني) بوضع ثلاث أغنيات جديدة باللهجة المصرية لتحل محل ثلاث أغنيات لا يمكن تمصيرها وهى (بكره وأنت جاي) حذفت وحلت مكانها (الصاري عالي عالي والقلوع من فضة)، وأغنية (جبلية النسمة جبلية) حلت مكانها أغنية (ياوبور الساعة 12 يا مقبل على الصعيد)، وأغنية (فايق يا هوى) حلت مكانها أغنية (غرب الجزيرة)، أما أغنية افتتاح المسرحية فقد تم دمجها باللهجتين وأصبح مطلعها (طماطم يا بندورة) بدلا من (معانا بندورة).
قام بقيادة الأوركسترا الدكتور (مصطفى ناجي) وأخرج المسرحية جلال الشرقاوي، وحققت المسرحية نجاحا كبيرا، لكن التليفزيون المصري رفض وحتى الآن عرضها، وهو موقف فسرته لي الفنانة (عفاف راضي) ونشر على صفحات جريدة (الأهرام) منذ حوالي سبع سنوات: بسبب أن المسرحية تعبر عن موقف سياسي، قائلة لي أنها أهدت شريط المسرحية للتلفزيون المصري دون أن يبث ولا مرة واحدة!.
هذا موضوع صحفي فني هام تستحفقون الشكر عليه ودرة من درر ا .السماحي