روجينا .. قدرة فائقة على التجسيد الدرامي
كتبت : سدرة محمد
للأشكال والصور والمظاهر أهمية قصوى في الأعمال الدراميا التليفزيونية على وجه التحديد، حيث يختلف بطل (التراجيديا) عن بطل (الكوميديا) وبين الطرفين فارق بعيد في المظهر والمشهد، فبطل (التراجيديا) يمتلك من الخصوصية والتميز ما ليس لغيره وعندئذ على الممثل الذي يؤدي دور هذا البطل أن يثير انتباه المشاهدين ويحرك أشجانهم ببراعة أدائه وإتقان دوره، وأن يخلط بين الخطيئة والبراءة وإظهارهما حسب الأصول والقواعد، ولنقل أن أحد أبطال المسلسل الدرامي كان شخصا سيئا عندئذ ينبغي لكاتب الدراما أن يبث الروح في مساوئ هذا البطل الفاسد ويضخمها، وللغة أيضا أهمية بالغة في العمل الدرامي، فاللغة هى الأسس والقاعدة والمحرض الأكبر في الدراما، فإذا أجاد الممثل دوره في الإلقاء استطاع لفت انتباه المشاهدين وإثارة عواطفهم إثارة جياشة، كما يستطيع أن يجعل الخبر العادي خبرا دراميا مثيرا يجذب المشاهدين.
هكذا تبدو ضيفتنا في باب (في دائرة الضوء) لهذا الأسبوع، فقد تمردت على أدوار الفتاة الحالمة وقفزت إلى منطقة جديدة في أداء أدوار صعبة ومركبة، وقدمت لأول مرة عبر مسيرتها الفنية شخصية تاجرة مخدرات، ولعبت دور المذيعة سيئة السمعة، تلك القادمة من قاع المجتمع إلى أعلى السلم الاجتماعي، وهذا ما جعلها واحدة من الفنانات التي أثبتت نفسها بنفسها، فقد استطاعت الحصول على قاعدة جماهيرية كبيرة جدا، من خلال تأديتها لأدوار صعبة وقوية بعدد من الأعمال الدرامية مؤخرا، غير أن معظم ما تقدمه فنانتنا له هدف وبعيد كل البعد عن التعري والإغراء، رغم جمالها وملامحها التي لا تظهر سنها وعمرها الحقيقي فهي لم تستغله إطلاقا، بل استغلت موهبتها الحقيقية في تقمص الأدوار وملامحها وتعابير وجهها التلقائية فقط، وهذا هو سر نجاحها في معظم الأدوار التي قدمتها.
إنها النجمة المتألقة (روجينا) التي برعت في عملين دراميين مؤخرا هما الأكثر جماهيرية وانتشارا الآن على جناح أدائها فائق الجودة من خلال الدخول في عباءة الشخصية ولديها قدرة عجيبة على التحول من شخص أنيق المظهر – في الحال – إلى شيطان يحمل كل شرور هذا العالم، وهنا تبرز ثمرة الإبداع الفني لديها ويتجلى تأثيره من خلال تطور الأحداث من حلقة إلى أخرى، وقد اشتهرت الفنانة (روجينا) بتصريحاتها الغريبة والتى فى كثير من الأحيان تثير غضب جمهورها، ولكن مايشفع لها في نهاية المطاف أنها فنانة تتميز بقدرتها على التمثيل فى كل الأدوار المختلفة وتتميز أيضاً بجمالها حيث تظهر فى المهرجانات الخاصة بالممثلين بإطلالة رائعة وكل فستان تختاره للحضور به إنما يوضح الذوق الراقى فى الاختيار الذى يتناسب مع جمالها .
(روجينا) من الممثلين الذين يتوافر لديهم الإحساس وقوة التركيز للأفكار وقوة التذكر للحركة الجسمانية، وهو ما يبدو عليها من خلال معايشتها للدور، حيث تتسلل بسهولة ويسر تحت جلد الشخصية، بحيث يكون لديها المقدرة على إيجاد العلاقات الذهنية و منطقية الإحساس و القدرة على التحليل النفسي للشخصية التي تلعبها بحرفية على جناح عزف شجي على أوتار مشاعرها، وتملك في ذات الوقت قدرة خرافية على أن تتغير تغييرا كاملا في الشكل الخارجي لهيئتها وتتقمص الشخصية التي تمثلها، وتعتمد في ذلك بالطبع على أنها أن تمتاز بعقل وجسم نشيط، ففي هذا العقل والجسم النشيط تكمن القوة الديناميكية لتكوين الشخصية، فضلا عن أنها تخلص للدور الذي تؤديه، وتعيش في مجتمع الدور و بإحساس صادق، وتحاول دائما الوصول إلى أكبر درجة من الإتقان، وعلى هذا الأساس يمكن تحديد قوة الممثل أو ضعفه أو ما يسمونه بالموهبة الفنية التي تتوفر بشكل كبير لديها.
ولدت (روجينا) بمدينة (فاقوس) محافظة الشرقية، وانتقلت مع أسرتها إلى القاهرة، وأكملت دراستها هناك، ولعل عشقها للتمثيل ولد مع بداية دراستها في معهد الفنون المسرحية، حيث درست الإخراج والتمثيل وبعدها بدأت عملها بالتمثيل في الدراما التلفزيونية عام 1992 من خلال دور (مبروكة) في (الشراقي)، ثم توالت مشاركاتها بالأعمال الفنية المختلفة منها (مبروك ألف مبروك، عروس البحر، ووجوه الحب، لكن شهرتها جاءت بعد انضمامها لفريق عمل مسلسل (العائلة) عام 1994 في دور (سميحة)، واستمر عطاءها الفني منذ عام 1995، حيث شاركت في عدد من الأعمال نذكر منها: (ليالي الحلمية، المال والبنون، الوهم، السلاح والصبار، كما لعبت دورا قويا في كل من (أوراق مصرية، تمضي الأيام ، هوانم جاردن سيتي).
مع بداية عام 2000 بدأ تألق (روجينا) أكثر وأكثر، ونذكر من ضمن تلك الأعمال الشهيرة (يوم للحياة ويوم للموت، يعود الماضي، والله ما أنا ساكت)، ثم تألقت أكثر في (الحبال حين تنهار، الخريف لن يأتي أبدا، الرمال)، لكنها نالت دور البطولة في مسلسل (حكايات زوج معاصر) في دور (سامية) مع الفنان أشرف عبد الباقي، ومع توالي أعمالها بدأت تتجه لأعمال أكثر حركة وأدوارا أكثر حبكة تساعدها على إظهار مواهبها كما جاء أداءها في (عمارة يعقوبيان، المصراوية، سلطان الغرام، في أيد أمينة).
صحيح أن أهم ما قدمته الفنانة روجينا هو تجسيدها لشخصية تاجرة المخدرات (فدوى) في مسلسل (البرنس) رمضان 2020، وقد جعلت من لازمتها (ياعمري) ترند خاص طوال فترات عرض الحلقات، كما أن أداءها جنح إلى الاحترافية والإتقان للشخصية بشكل مختلف عن ممثلات لعبن هذا الدور قبلها، لكن لا أحد ينسى دورها المهم للغاية في مسلسل (أسود فاتح)، والذي لعبت فيه دور المذيعة (نجلاء سعد) القادمة من قاع المجتمع وصولا إلى قمة سلم الهرم الاجتماعي، وقد جسدت الشخصية كحرباء أتقنت تغيير جلدها تماشيا مع الأحداث، وأيضا يشهد لها بالكفاءة في أداء دورها الناعم والرومانسي الحالم في مسلسل (كلبش) وتألقها أيضا في (كفر دلهاب) ذلك المسلسل الذي ينتمي لنوعية الرعب.
عاشت الفنانة (روجينا) حالة من الرواج الفني الكبير خلال السنتين الماضيتين، حيث شاركت في العديد من الأعمال السينمائية الشهيرة مثل (فيلم حرب كرموز)، في دور (نوال)، وهو من نوعية أفلام الأكشن المصري من إنتاج سنة 2018، من إخراج وتأليف بيتر ميمي، وإنتاج وقصة محمد السبكي، ومن بطولة أمير كرارة، ومحمود حميدة، وغادة عبد الرازق، ومصطفى خاطر، وسكوت آدكنز، لكن هذا الدور لا يجعلنا نغفل دورها الرائع في فيلم (الفرح) عندما لعبت شخصية (صفية)، والفرح فيلم مصري عرض خلال صيف 2009 ودرات أحداثه في فرح شعبي، من خلال أحداث هذا اليوم نكتشف شخصيات عدة العريس والعروسة ووالديهما وسائق ميكروباص وغيرهم، كل ذلك نستكشفه في قصة اجتماعية رائعة تدور في يوم واحد فقط (يوم الفرح)، وشارك في الفيلم معظم نجوم فيلم (كباريه) مع بعض النجوم من السينما والتليفزيون.
وتتوالى نجاحات النجمة المتألقة (روجينا) كما جاء في مسلسل (أحلى أيام) الذي يحكي قصه ثلاثة شبان وفتاتين يتذكرون أحلى أيام في حياتهم وهى أيام الشقاوة والبحث عن الفتاة المناسبة التي ستصبح زوجة المستقبل وأم الأبناء، ومسلسل (بنت السلطان)، الذي مثل أول بطولة مطلقة لها، حيث تألقت في عباءة جديدة وتظهر نفسها بتجربة جديدة وهي البطولة المطلقة، حيث أن عمرها الفني طويل جدا لكن ليس به أي تجارب للبطولة المطلقة إطلاقا، ورغم أن رصيدها الفني كبير جدا فمع ذلك أصبحت في الفترات القليلة السابقة تحوز على مساحات كبيرة بالأعمال، ونالت الكثير من أدوار البطولة الثانية القريبة من الأولى أو البطولة الجماعية.
ومن الجدير بالذكر أن الفنانة روجينا قد توقفت عن التمثيل لفترة طويلة ذلك بعد تعرضها لحادث نتج عنه إصابات فى وجهها ولكنها عادت مرة أخرى للتمثيل بعد أن تعافت من هذا الإصابة ، لكن يبدو ملحوظا لي ولغيرى من المهتمين بحياة النجوم أنها ارتبطت بقصة حب بالفنان والنقابي البارع (أشرف زكي) في أثناء دراستها، وربما كان زواجها به هو الذي أحدث لها نوعا من التوازن في حياتها الفنية إذ أن الحب هو بداية أى علاقة من وجهة نظرها حيث تقول في هذا الصدد: يعتقد البعض أن العلاقات القائمة على الحب لن تنتهى أبدا وتظل للأبد ومع إنجاب الأطفال يزيد الحب أكثر، ولكن ليس دائما ما يعتقده البعض حقيقة فهناك علاقات تبدأ بالحب وتنتهى بالكره والإنفصال وهناك علاقات أخرى تبدأ بالحب وتنتهى بسببه.
وعلى الرغم من علاقة الحب التي ربطت (روجينا) بأشرف زكي إلا أن علاقتهم وصلت للانفصال، فقد حدث توتر فى العلاقة بين روجينا وأشرف ذكى أدت إلى أن روجينا طلبت الطلاق وهو استجاب لها وحقق لها رغبتها، وبالفعل بعد مرور 6 شهور من الانفصال عادوا مرة أخرى من جديد لبعضهم وبحب أكبر من ذى قبل، حيث وقفت روچينا بجانبه فى كل ما يمر به فى حياته، ولم يكن ذلك جديدا عليها فهى فى ظهره منذ بداية حياتها ومعرفتها به فكانت نعم الزوجة المساندة لزوجها وقت الشدة، وكانت معه فى الأيام الصعبة.
ويبقى ما يثير الغضب على (روجينا) موقفها السياسى من أحداث 25 يناير فمن المعروف أن هذا الأحداث تمت من أجل إسقاط حكم الرئيس الراحل حسنى مبارك، وكان هناك ضحايا في قلب تلك الأحداث، فضلا عن أن هناك الكثير من الممثلين والفنانين المشاهير متواجدين بالميادين مع الشعب لدعمه، ولكنها كانت على الجانب الآخر فهى تحب مبارك وكانت مؤيدة له وتؤيد استمراره لحين انتهاء مدته، ومن ثم فقد تم وضع اسم زوجها فى قائمة الرافضين لحركة 25 يناير، ولهذا السبب تم منعها من المشاركة فى أعمال كثيرة آنذاك، ومع كل ذلك فنحن في بوابة (شهريار النجوم) نحترم رأيها في السياسة والفن والحياة، ولا يهمنا سوى ما تقدمه لنا من إبداع حقيقي، ومن ثم نقدم لها أصدق المشاعر جراء ما قدمته وما ستقدمه لنا من فن احترافي بفضل ما يتوفر لديها من قدرة فائقة على التجسيد الدرامي.