زوزو حمدي الحكيم .. (الأطلال) سببت لها مشكلة مع ابنتها!
* الناقد سمير فريد: دورها فى “المومياء” أهم أدوارها
* الباحث السينمائي عبدالغني دواد: أعترض الموزع عليها فقدمت أهم أفلامها السينمائية
* ابنتها سامية : خاصمت والداتي شهور بسبب (الأطلال)
* محمد التابعي تزوجها لينسى حبه لـ (روزاليوسف)!
كتب : أحمد السماحي
ما زالنا نستكمل مشوار نجمة الشر الجميل المبدعة (زوزو حمدي الحكيم) التى لمعت كالبرق في زمن الشياكة الفنية، وفى زمن الفن الحقيقي، ما كان يميزها بجانب موهبتها حبها للثقافة وصداقتها مع كبار الشعراء والأدباء، فى الحلقة الماضية استعرضنا مشوارها الفني والإنساني منذ بدايته وفى هذه الحلقة نستكمل باقي المشوار ويرافقنا فى رحلة الحكي ابنتها السيدة (سامية)، وبعض آراء كبار نقاد مصر فى هذه السيدة التى أهملها القائمين على الفن، وتعرضت للجحود والنكران فى نهاية رحلة الحياة، لدرجة أن الجميع تناسوها ولم يعرض عليها أحد أدوار فنية، إلا النجم الكبير (محمد صبحي) الذي استعان بها في نهاية حياتها في مسلسله التعليمي الهام (يوميات ونيس)، بعدها انزوت فى منزلها مكتئبة حتى رحلت عن حياتنا الفنية في 18 مايو عام 2003.
ريا وسكينة ونقطة التحول
يقول الناقد والباحث السينمائي (عبدالغني دواد): تعد (زوزو حمدي الحكيم) من الممثلات الراسخات فى السينما المصرية فهي من أوائل من التحقن بالمعهد العالي للفنون المسرحية الذى أسسه (زكي طليمات)، ومنذ بداية عملها فى المسرح عرفت طريق السينما فقدمت العديد من الأفلام المهمة رغم قلتها إلا إن العامل المشترك فيها جميعا إنها جيدة وبعضها يعتبر من أهم مائة فيلم فى تاريخ السينما، وتميزت بأداء أدوار الشر وأجادت فيها من أهم هذه الأفلام (ريا وسكينة) حيث وقع اختيار المخرج (صلاح أبوسيف) على قصة السفاحتين (ريا وسكينة) اللتين كونتا عصابة إجرامية لسرقة مصاغ النساء وقتلهن، تلك القصة التى هزت المجتمع المصري عام 1922 ، ليس لأنها كانت تقوم على قتل النساء وسرقتهن وإنما لأن قيادة العصابة كانت للأختين ريا وسكينة.
ورطة صلاح أبوسيف
وقع اختيار أبوسيف على (زوزو) لتلعب دور سكينة مع الفنانة (نجمة إبراهيم) التى لعبت دور شقيقتها (ريا)، لكن اختيار (أبوسيف) لهاتين النجمتين يقابل بالرفض من موزع الأفلام المصرية فى الدول العربية حيث أن النجمتين ليستا من بطلات السينما المعروفات وليس لديهن نجومية (راقية إبراهيم، فاتن حمامة أو شادية)، وبالتالي لن يقبل الجمهور فى الدول العربية التى ستعرض الفيلم على مشاهدته، ووقع (أبوسيف) فى حيرة شديدة ماذا يفعل ؟! لايوجد من هن أصلح من (زوزو، ونجمة) للفيلم!.
أنور وجدي المنقذ
لكن بعد تفكير قرر الاستعانة بالنجم الكبير (أنور وجدي) ليقوم ببطولة الفيلم مع (زوزو حمدي الحكيم ونجمة إبراهيم)، وأبلغ الموزع بذلك فوافق على مضض، لكن المفاجأة التى هزت مصر والعالم العربي أن الفيلم حقق نجاحا كبيرا على كافة المستويات ،وكان دور (زوزو) ذروة اجتماع القوة والشر، وأصلح وأقوى أدوارها ونقطة التحول فى حياتها الفنية، وطبع كل أدوارها السينمائية بعد ذلك بطابع الشر، وكان نعمة ونقمة فى الوقت نفسه على بطلتيه، فقد جعلهما مثل (فاتن حمامه وشادية) من حيث الشهرة ولكنه أدى إلى إغلاق الأبواب عليهما لتمثيل أي أدوار مختلفة.
المومياء
يقول الناقد السينمائي (سمير فريد) إذا كان دورسكينة أشهر أدوار (زوزو حمدي الحكيم) فإن دورها فى فيلم (المومياء) إخراج (شادي عبدالسلام) والذى قدم عام 1969 وعرض عام 1975 هو أعظم أدوارها، فهو دور خالد خلود هذا الفيلم الذى يرى العديد من النقاد فى مصر والعالم أنه ربما يكون أحسن فيلم مصري، ولا يكاد يختلف اثنان على أنه من روائع السينما فى مصروالعالم، وفى هذا الفيلم أدرك (شادي عبدالسلام) كما لم يدرك أي مخرج آخر تعامل مع (زوزو) مدى مصرية ملامحها، فهى ليست مجرد أم قاسية عند بطل الفيلم (ونيس)، وإنما هى أم مصرية صعيدية خالصة تعلي من شأن الواجب فوق كل شيئ ولو كان حياة إبنها .
السينما والدفاع
تستكمل السيدة (سامية) حديثها عن والداتها فتقول: وكان لنجاحها في المسرح صداه، فأقبلت عليها السينما لتكون واحدة من نجماتها، وكان أول مخرج يستعين بها الفنان الكبير (يوسف وهبي) حيث رشحها هى وزميلتها فى معهد التمثيل (روحية خالد) لتشاركاه بطولة فيلم (الدفاع) عام 1935 مع الفنانة (أمينة رزق)، وحقق الفيلم نجاحا كبيرا، مما جعل كثير من المخرجين ينتبهون لموهبة ماما ويسندون لها بطولة أفلامهم فقامت ببطولة العديد من الأفلام منها (الي الابد) سنة 1941، (ليلي بنت الفقراء، والام، وقصة غرام) 1945، و(ملائكة في جهنم، والستات ما يعرفوش يكذبوا، والنائب العام، ويد الله، ورواية) سنة 1946، (نور من السماء، وامل ضائع) سنة 1947، و(ارواح هائمة) عام 1949، و(غضب الوالدين) 1951، و(نساء بلا رجال، وريا وسكينة) 1953، و(موعد مع السعادة) 1954، و(اسماعيل ياسين يقابل ريا وسكينة) و(بنات الليل) وفي عام 1956 قدمت (هارب من الحب) وعام 1957 (ليلة رهيبة)، و1958 (امسك حرامي) وعام 1959 (السابحة في النار)، وعام 1961 قدمت (واإسلاماه، و صراع الابطال) ، وعام 1964 قدمت (الرجال لا يتزوجون الجميلات) وعام 1967 (بيت الطالبات و المتمردون) و1975 (المومياء) وفى 1978 (حب فوق البركان)، وفى 1979 (قاهر الظلام، واسكندريه ليه) وفى 1981 (العرش داخل الانسان) وكان آخر أفلامها عام 1987 بعنوان (وصية رجل مجنون) مع الفنان يوسف شعبان.
ناجي يكتب فيها (الأطلال)
ونعود للسيدة (سامية) ابنة الراحلة التى تكشف لأول مرة أن والداتها لم تكن ممثلة عادية، لكنها كانت واحدة من المثقفات وكانت من المغرمات بالقراءة والبحث عن المعرفة في كل مصادرها وهى أيضا من كبار رواد الندوات الثقافية والصالونات التي كانت لها سوق رائجة في ثلاثينيات وأربعينيات وخمسينيات القرن الماضي، وكانت حافظة للشعر ومن اللاتي يجدن إلقاءه في مثل هذه المحافل.
وفي واحدة من ليالي الصالونات هذه كان لقاؤها بالشاعر الرومانسي الطبيب الرقيق (إبراهيم ناجي) أحد شعراء مدرسة (أبولو) التي أنشأها (أحمد زكي أبو شادي) سنة 1932 وجذبت ثقافة والدتي الشاعر الرقيق فارتبط بصداقة وطيدة معها، وأصبحت ملهمته كما قالت هى مرات ومرات وكتب فيها قصيدة (الأطلال) التي شدت بها كوكب الشرق (أم كلثوم)، كما كتب لها عدة قصائد أخرى، ويوم رحيله في سنة 1953 رثته والداتي بكلمات مؤثرة.
كن صديقي ولا تكن حبيبي
أكدت السيدة (سامية) أن ما كان بين والدتها وبين (ناجي) مجرد صداقة فقط وليس حبا كما ردد البعض، وقد كتب قصائد فى كل الممثلات مثل (أمينة نور الدين وزوزو نبيل)، وتقول : بمناسبة قصيدة (الأطلال) أتذكر موقف طريف حدث معي وأنا طالبة فى الجامعة ففى أحد الأيام وجدت أستاذ لي يشرح لنا قصيدة (الأطلال) التى كانت مقررة علينا، ويومها لم أكن أعلم العلاقة التى كانت بين والدتي وبين (إبراهيم ناجي)، فوجدت الأستاذ – ولم يكن يعلم أن زوزو حمدي الحكيم أمي – يفتري على ماما وقال إنها عذبته كثيرا ولم يكن يستحق هذا وصدقت الكلام، ورجعت وخاصمت (ماما) لفترة طويلة اقتربت من ثلاثة شهور حتى حضرت الفنانة (كوكا) إلى منزلنا، وشرحت لي حقيقة علاقة (ماما) بالشاعر (إبراهيم ناجي) وأعطتني بعض القصائد التى كتبها فيها أيضا.
الزواج من التابعي
تستكمل السيدة (سامية) مشوار والداتها فتقول: كانت والداتي طيبة جدا وتتميز بالشفافية، وكانت بعيدة تماما عن أدوارها السينمائية، وكانت عندما تري بعض أفلامها التى قدمت فيها أدوارالشر كانت تقول: (أعوذ بالله مين الشخصية الشريرة دي والله مش أنا!)، ولقد تزوجت والدتي ثلاث مرات الأولى من قريب لها فى البلد وهى صغيرة، والثانية كانت من الكاتب الكبير(محمد التابعي)، حيث كان لـ (لتابعي) العديد من قصص الحب داخل مصر وخارجها، وفى عام 1933 ارتبط بقصة حب مع الفنانة (روزا اليوسف).
وأثناء ذلك سجن لأسباب سياسية، وبعد خروجه من السجن وجد (روزا) تزوجت فسافر لمدة ثلاثة أشهر خارج مصر ثم عاد وسافر عام ١٩٣٤ إلى أوروبا وعاش العديد من المغامرات هناك، لينكأ بذلك جراحه التي تسببت فيها (روزا)، لكنه لم ينس حبه لـ (روزا ) فنصحه أحد الأصدقاء بالزواج، وأثناء ذلك تعرف على والداتي وارتبط معها بقصة حب وتزوجها سراً، لكنها اكتشفت أنه لا يحبها ولكنه تزوجها لينسى (روزا) فطلبت الطلاق، وتم طلاقها، وبعد سنوات وفى منتصف الأربعينات تعرفت على والدي ووجدته معجبا ومحبا لفنها فتزوجته وعاشت معه أكثر من 25 عاما حتى رحل عن الدنيا وهى على ذمته.
وظلت (ماما) تعاني من جحود الوسط الفني باستثناء قلة قليلة من النجوم فى مقدمتهم الفنان (محمد صبحي) الذي استعان بها في دور مميز في مسلسله الرائع (يوميات ونيس) بعدها لم يسأل أحد عنها حتى توفيت عام 2003 !.