عصرالحضارة المصرية الحديثة
بقلم : فراس نعناع
بعد ألف سنة من بناء الأهرامات، والتي جسدتها حضارات أخرى كالإغريق والرومان، وفي سنة 1560 قبل الميلاد وقعت مصر في مشكلة حقيقة، حيث غزاها واحتلها الهكسوس من الشمال، وهي المرة الأولى التي يدخل غرباء محتلين لمصر، وجنوبا كان الحكم للنوبة وأصبحت “طيبة” مصر في الوسط محاصرة وهى نقطة الفصل لتحديد مصيرها.
حاول والد “كاموس وأحمس” الملك “سقنن رع) التخلص من الهكسوس ولكنه لم ينجح، وتبين مومياءه كم العنف الذي تعرض له من وحشية ، فهي مأساة مخزية، نحت صور الآسيويين والنوبين على جدران المعابد، وصورهم بالغرباء الهمجيين والأعداء الكارهين، والعدو اللدود، ولكنهم اليوم باتو يحكمون مصر.
صمم “كاموس” بدحر الهكسوس وسحق الأعداء، حيث نحت على أحد الجدران “كم أحتاج من القوة وأنا عالق بين العدو الآسيوي والنوبي، كل منهما حصل على قطعة من مصر، وهو يشترك معي في هذه الأرض ، هدفي هو تحرير مصر وسحق الأعداء “حيث جند كاموس شعبه لملاقاة الأعداء”.
كان رسل الهكسوس يذهبون سرا عبر الصحراء إلى الجنوب، وكان جواسيس كاموس يقطعون الطرق على هؤلاء الرسل، وكانت الرسائل تدعو ملك النوبة للاتحاد، ” تعالوا إلى الشمال ، لا داعي للقلق لأن كاموس مشغول هنا معنا، سنقسم مدن مصر بيننا، وستعم الرفاهية بلاد النوبة، وسنقضي على كاموس”.. بالطبع الهكسوس كانوا محاربين أشداء أتوا من مدن محصنة في بلاد الشام .
كاموس ذو العشرين عاما جهز جيشه وذهب لملاقاة الهكسوس، في الشمال حيث وثق فوزه على جدران المعابد ، ثم اتجه بجيشه نحو “أفاريس” عاصمة الهكسوس لم تذكر المخطوطات ماذا حل بأفاريس، ويبدو بأنه لم يستطع غزوها، مات كاموس وعلقت الآمال على أخيه “أحمس” ذو العشر سنوات، استغرق إعداده عشر سنوات أخرى والذي ذهب بجيش قوي إلى أفاريس ونجح في دحر الهكسوس، حيث وجد في قبر أحد الجنود نقش، لتلك المعركة المصرية وعن كيفية تكريمه وتزينيه بالذهب لشجاعته، انتصر أحمس وذهب إلى طيبة لملاقاة أمه الملكة “إياحة” كمنتصر، ثم أكمل العمل الذي بدأه أبوه وأخوه، حيث أصبح أحمس “ملك مصر الموحدة”.
إنها البداية الجديدة القديمة .. نسب أحمس نصره إلى “الإله الخفي – أمون رع” ثم اتجه جنوبا إلى النوبة بحثا عن الذهب وجعل بلاد النوبة تخضع له، وانتصر أيضا، وبعد 25 سنة من حكمه مات أحمس الذي أعاد المجد والنصر لمصر وأسس للمرحلة الذهبية للإمبراطوية المصرية الذهبية .
استمرت سلالته بالنهج على خطاه وتوسعت طيبة، وتم بناء العديد من المعابد، إلا أن المسلات بنيت في عصر الملكة حتسبشوت التي غيبت قصدا إلى أن أتى عالم اثار بريطاني سنة 1903 ووجد قبرها، والسبب في مسح انجازاتها كونها امراة رغم تقديس المراة في الحضارة الفرعونية، ولكنها شاركت حكم مصر مع ابن زوجها تحتمس، وحسب “نظرية الماعت” لم يقبل الشعب بحكم “امراة ” كفرعون عليها، والتي حاولت أن تقول بأن أمون رع تزوج من أمها وهى ابنة الإله “أمون” والتي تنكرت كذكر كي تكون الملك الفرعون، وتم خلال حكمها بناء المسلات الفريدة والضخمة، والدير البحري والذي ساهم”سنين موت” في بناءه كمعاري ومرافقها الخاص، أو عشقيها في بعض الروايات.
تلك الآثار التي عظمتها وعظمت انجازراتها الفريدة، والتي أتى بعدها ابن زوجها “تحتمس الثالث” ليمسح كل أثر يدل على اسمها وإنجازها، والذي حضر جيشا قاده بنفسة إلى “مجدو” في فلسطين لدحر الأعداء الهكسوس، والذي سجل انتصاره عليهم في معبد الكرنك بالأقصر جنوب مصر، بانيا بذلك الامبراطوية المصرية الكبيرة التي وصلت إلى سواحل المتوسط عبر فلسطين وسورية.