كتبت : سدرة محمد
بعد مشاهدتى لـ 30 حلقة من مسلسل الوجه الآخر، فكرة الفنان ماجد المصري وتأليف وسيناريو وحوار فداء الشندويلي، وإخراج سميح النقاش، وبطولة (ماجد المصري، نسرين طافش، مادلين طبر، ندا موسى، أحمد سعيد عبد الغني، محمد على رزق، دنيا المصري، أيمن عزب) وغيرهم من نجوم حاولوا بشق الأنفس تقديم أدوارهم في ظل قصة ضعيفة، بل إنها تعد دراما مثالا حيا على التهجين الذي يجري بين المصري والهندي، ولعال ذلك جاء ترتيبا على حالة من الارتباك الذي طرأ على القصة والسيناريو من الأساس فتداخلت الأحداث بصورة عشوائية، خاصة في الـ 25 حلقة الأولى – أكثر من نصف المسلسل – حتى تم التحكم بشكل أكثر احترافية في الحبكة والأحداث على نحو عدل من مسار الدراما التي بدأت تزداد تشويقا خاصة في الحلقات (28 – 29 – 30).
سادت حالة من الحركة البلاستيكية في أداء كل من (ندا موسى، مادلين طبر، هدى المفتي، هبة الأباصيري) بشكل لم يتعايش معهم نوعية المشاهد الذي لم يتعرّض من قبل للدراما الهندية، حيث كانت الكاميرات فيه الأكثر حركة، على نحو يتجاوز تعبيرات وجوه هؤلاء الممثلين الذين ذكرتهم، والتي جاءت في الأغلب الأعم أقرب لحركة بلاستيكية وثابتة، ولا تتبدل مهما تغيّرت المشاعر المفترض التعبير عنها في خضم الأحداث التي كان يكتفها بعض الإثارة من حين لآخر على استحياء، ما يؤكد حالة الصراع التي عاشها المخرج (سميح النقاش) مع بعض عيوب السيناريو الذي خلا التشويق كما جاؤء في الورق طوال الحلقات الـ 25.
وعلى الرغم من ذلك فقد برع ماجد المصري في كثير من الأحيان في التعبير عن هموم شخصية رجل الأعمال (يحيى) من خلال لغة جسد وخبرة في التجسيد الدرامي على نحو جعل أداءه مبهرا للغاية خاصة في لقاءته بزوجته (سارة – نسرين طافش ) وهى مطأطئ الرأس خانعا تارة، وتارة أخرى في محاولاته الحثيثة للفكاك من قيد زواجه منها، ويبدو واضحا أن الطاقة الإيجابية التي تتوفر لدي نسرين طافش كانت هى العامل الحاسم في نجاح مشاهدهما معا، خاصة أن نسرين احترفت منذ فترة طويلة الأداء الرومانسي العذب في قلب الدراما المصرية (ختم النمر)، والدراما السورية (جلسات نسائية – شوق)، حيث قدّمت التعابير اللازمة لدور (سارة) بشكل صحيح على مستوى الداخل والخارج للشخصية، فضلا عن تألق واضح وحضور جاذب وجمال آخاذ كما عكسته ملابسها التي انتصرت للفستان العصري بألوانه الزاهية والمبهجة.
الحقيقة أن المسلسل ضل المسلسل طريقه منذ البداية حين استند إلى قصة ضعيفة وسيناريو يخلو من البهارات التشويقية التي من شأنها صناعة الإثارة، وذلك على الرغم من أنه يتناول خيطا مهما ومميزا، وقلما يتم تناوله في الدراما المصرية ويمكن وصفه بالجريء وغير المسبوق، وهو الذي تمثل في التعرض لقضية (زنا المحارم)، وللأسف لم ينتبه السيناريست إلى ذلك الخيط المميز بحيث يعتني به، بل على العكس أقحمه بطريقة مباشرة وفجة في ظل سيل من المبالغات والتشتيت، حيث الأسرتان المتمثلتان في أسرة البطلة، وأسرة البطل، يعيشان مجموعة من الصراعات بين الخيانة والبحث عن المال والنفوذ والأطفال وسط مجموعة من المنافسين الذين تميزوا بقدر من الشراسة في صراعهم.
ومع أن الخيوط الأساسية في القصة تنتمي بطبيعة الحال إلى الدراما الاجتماعية الجذّابة، فإن تصوير العمل ظهر على نحو يدفعه دفعا إلى ركن إلى الأعمال البوليسية والغموض من باب إثارة الغموض ليس إلا، وهو ما كان سببا في الإخفاق ، خاصة في البطء في التصوير وجعل الأحداث في حالة مضاعفة من المبالغة، ولا حظت أن الموسيقى التصويرية المستخدمة قفزت حد المبالغة بإسراف غير مبرّر، فما الداعي لأن يتم توظيف موسيقى ضبابية فيما البطل يتحدّث مع شريك أو موظف أو زوجته حديثا طبيعيا، ولا تسبقه أو تتبعه قفزة في الأحداث أو حل للعقدة، الإجابة لا شيء سوى الافتتان بالدراما الهندية في النسخ السيئة المبالغ فيها دراميا.
صحيح أن خيوط المسلسل بدت جيدة وتنطوي على قماشة درامية مفيدة لكن كان ذلك سيكون ناجحا شريطة أن يتم توظيفها على نحو أبسط ودون تعمد المبالغة في الانفعالات والتطويل في بعض المشاهد والشخصيات التي يمكن الاستغناء عنها دون أدني تأثير على الأحداث، أو تم التركيز على أحدها بطريقة مبالغ فيها، مثلا العلاقة غير الشرعية بين الزوج وشقيقة زوجته، خاصة أنه لم يكن يعلم أنها شقيقتها، حيث قُدّمت له كصديقة، فيما الأخت تعلم، وهذا كان يتطلب تسليط المزيد من الأضواء علي تلك العلاقة.
لابد أن أعترف بأنه على الرغم من براعة أداء كلا من (نسرين طافش، وماجد المصري، وأحمد سعيد عبد الغني، وأيمن عزب) فقد بالغ العمل بشكل عام في مجموعة كبيرة من كادرات غير فنية، واختيار زوايا التصوير على نحو يجعل المشاهد يعتقد أن اللقطة المقبلة ستهبط الكاميرا من السماء أو تنشق من الأرض، لا لشيء سوى الاستعراض غير المنطقي، ما قرب وجه التشابه بين (الوجه الآخر) وبعض الأعمال الهندية ذات النسخ المملة، حتى أنك تستطيع في هذا المسلسل أن تصبح متابعا للدراما الهندية دون أن تتعرّض لها مباشرة، فتشاهد لنحو نصف دقيقة حركة وجه الممثل أو يده أو قدمه وهى تمشي، أو هيامه في الأفق البعيد أو القريب دون مبرر منطقي يحكم المشهد.
وزيادة على ذلك يمكنك أن تذهب في رحلة مع الكاميرا لترى زوايا لم ترها من قبل، وتشاهد عملا تجاوز في عرضه على الشاشات الـ 25 حلقة، ولا تستطيع أن تكتشف حتى الآن القضية التي يناقشها بالضبط، رغم أن المشاهد يملك من الفضول ما يكفي لمعرفة كيف سينتهي الوضع بين يحيى وشقيقة زوجته اللذين جمعهما الفراش الحرام، وبات يربط بينهما طفل جاء سفاحا، وربما وفق الحبكات الهندية نكتشف أن كل ذلك محض خدعة أو خيال، أو تمتد القصة إلى جزء آخر من العمل.. وتلك ستكون الكارثة بكل تأكيد.
على أية حال تألقت (نسرين طافش) في هذا العمل بأداء احترافي جعل المشاهد مشدود رغم كل العيوب السابقة جراء طلتها المميزة وبراعتها في اللعب على أوتار مشاعر (سارة) القلقة على قدر قوتها الضعيفة أمام الخيانة والغدر بحكم تركيبتها النفسية النقية من شوائب الشر الكامن في نفوس من حولها ويبدو أنها تستمد تلك الصفات من شخصيتها الحقيقية كصوفية متيمة بكتب العشق الإلهي وبحكم اهتمامها بعلم الطاقة، وهو ما ظهر في أدائها بطريقة لافتة للانتباه، مايشير إلى أنها ممثلة من طراز رفيع يمكن أن نعول عليها في أعمال كبرى قادمة، وخير شاهد على ذلك ما قدمته في الحلقة (30) من مشهد تراجيدي رائع يعد (ماستر سين) العمل بجدارة والذي جاء على النحو التالي :
بعد أن تلقت رسالة على الموبايل تصف لها المكان الموجود فيه يحيى مع عشيقته انطلقت (سارة- نسرين طافش) مسرعة بسيارتها في محاولة للحاق به متلبسا بخيانتها، ولكنها لم تلحق به نظرا لانصرافه في لحظة وصولها، لكنها شاهدته وهو يجري مسرعا نحو سيارته فهبطت من السيارة واتجهت إلى البيت الذي حددته الرسالة الغامضة التي تلقتها منذ قليل من مجهول لتطرق الباب وتكون المفاجأة المذهلة بأن التي فتحت لها الباب هى أختها (فرح – ندى موسى) .
فرح بابتسامة صفراء تحمل قدرا كبير من الشر ترحب بسارة قائلة: أهلا!.
سارة ووجهها تعلوه تكشيرة تنم عن استنكار لما شاهدته: فرح !!!.
فرح ببرود ينم عن كهن نسائي: هو انتي جاية هنا ومش عارفة ان ده بيتي؟.
سارة بصوت مكتوم ينتابه قدر من الحزن على أثر الصدمة الموجعة: يحيى كان لسه نازل من عندك؟
بوقاحة واستفزازه يشوبه البرود ترد فرح: لو انتي جيتي قبل 5 دقايق كنت لحقتيه، ودرات بوجهه قائلة لسارة: اتفضلي.
تدخل سارة وتلحق بفرح ممسكة بكتفها: تعالي هنا هو جايلك بيعمل ايه هنا ومن امتى بيجيلك أصلا؟
فرح: من ساعة ما خدلي البيت ده – يمر شريط فلاش باك سريع على ذهن سارة – ثم تستكمل فرح: علشان يعرف يجي يشوفني براحته.
سارة : انتي بتقولي ايه؟ .. يا مجنونة ده جوز اختك!!.
ترد فرح ببرود قاس: والله ياسارة ساعات الحجات دي بتحصل غصب عن الواحد .. زي انه بيحبني مثلا، أو يلاقي حاجات فيا مش لاقيها فيكي.
سارة في بداية نوبة بكاء: أنا مش مصدقة.
فرح بلغة تحدي: لا صدقي واسأليه .. هو قالي يافرح أنا لقيت فيكي حاجات عمري ما لقيتها في سارة تخيلي؟!
سارة أسأله على ايه دا ميعرفش! .. انتي ليه ماقلتيش ليحيى انك أختي؟!
فرح: لا أنا حاولت أبعد عنه خالص، بس هو فضل يجري ورايا حتى وأنا مسافرة وبرضه بعد مارجعت .. مقدرش يستغنى عني ولا لحظة .. لا عني ولا عن يس ابنه.
سارة في استنكار غير مصدقة : ابنه .. ابنه مين؟!!.
فرح بشماتة : صحيح أنا ماقلتلكيش ثم تضع يده على كتف سارة: مش يس ياسارة ابن يحيى!!.
سارة تدفع يدها عنها بقوة قائلة: اوعي كده .. ابعدي عني.. اخرسي .. اخرسي!.
فرح: مش انتي الل عايزه تعرفي .. اعرفي.
ثم تكمل فرح في استفزازه لايرحم صرخات اختها: والله ياسارة كان غصب عننا احنا الاتنين، مكناش نقصد .. احنا غلطنا لما سبنا مشاعرنا تتحكم فينا .. بس يحيى بيقولي كان الغلط أكبر لما بعدنا عن بعض .. أصله مش قادر يستغني عني أو عن يس.
سارة : لا لا أنا مش مصدقة، ثم تحاول أن تستجمع قواها : أنا كنت حاسة .. أنا كنت حاسة وباكدب إحساسي طول الوقت .. قلت على نفسي مجنونة علشان شكيت فيكوا .. ثم تدخل في حالة بكاء هيستيري قائلة : انتي ليه عملتي كده .. ليه عملتي كده؟ .. أنا جبتك من الشارع وقعدتك في بيتي.
ترد فرح بغل وحقد دفين بداخلها: أنا فعلا كنت في الشارع عشان انتوا كنتوا واخدين حقنا.
سارة: أبويا .. أبويا مش أنا .. أنا ماليش ذنب.
فرح: ولما وصاكي تديني حقي وانتي سرقتيه برضه ما كانش ليك ذنب؟
سارة: بس أنا ماسرقتكيش .. ماكنش معايا فلوس افهمي.. أنا كنت عاوزه أقولك من الأول إني ماعنديش سيولة بس كنت خايفة متصدقنيش.
ببتسامة كلها خبث ودهاء ترد فرح: وأنا ماصدقتكيش ياسارة .. اعتبري دي قصاد دي .. انتي خدتي ميراثي وحقي وأنا أخدت منك يحيى .. كده نبقى خالصين.
سارة بصوت مجهد تماما: مستحيل .. انتي مستحيل تكوني بني آدمة .. مستحيل تكوني بني آدمة .. انتي شيطان .. انتي شيطان يافرح .. انتي شيطان، ثم تغادر فيلا فرح في غضب مسرعة نحو سيارتها.. ثم تقود السيارة وهي في حالة من الحزن والألم تفقد توازنها على أثرها بعد صدمتها سيارة أخرى كانت تتعقبها فتفقد الوعى وتنقل للمستشفي في حالة يرثى لها بعد إصابة بالغة.. وينتهى المشهد الذي كشف جزءا من الحقيقة الغائبة طوال الـ 30 حلقة من عمر المسلسل.