منسي فهمي .. من القضاء إلى المسرح والسينما
بقلم سامي فريد
(منسي فهمي).. الصعيدى ابن أسيوط وتحديدا من بني عديات عمل بعد البكالوريا في سلك القضاء لمدة ست سنوات، ثم التقى بالفنان نجيب الريحاني، الذي أقنعه بالعمل معه في المسرح.
ومن الريحاني إلى علي الكسار ثم فاطمة رشدي حتى دخل السينما الصامتة منذ الثلاثينيات ليبلغ رصيده في السينما أكثر من 50 فيلما، لا ننسى منها (سلامة في خير، أو قلبي دليلي)، أو حتى دور قارئ الكف الهندي في فيلم (سي عمر)!
ورغم أن البعض من شبابنا ربما لا يعرفون اسمه لكنهم يلتفتون بشدة إلى أسلوبه المميز الرصين في الإلقاء فتعجبهم مهارته وحسن وصدق أدائه وهيئته الوقورة وصوته الرخيم المعبر وأدائه السليم للشخصيات التي يمثلها.
كان أول أفلامه في السينما فيلم (بنت النيل)، وكان آخرها عام 1954 هو فيلم )الشيخ حسن( من إخراج حسين صدقي وبطولته مع هدى سلطان وليلى فوزي واستيفان روستي، أما آخر أعماله المسرحية فكانت مسرحية (أولاد الفقراء) في نهاية عام 1954 وهو نفس العام الذي قدم خلاله آخر مشاركاته السينمائية أيضا. وقد ظل المسرح لسنوات طويلة هو المجال المحبب للفنان منسي فهمي، وميدان إبداعه الأساسي وهو الذي قضى في العمل به كممثل محترف ما يقرب من نصف قرن قدم خلالها الروائع (الشيخ متلوف)، والوزير جلوستر في مسرحية (لملك لير)، والكاهن في مسرحية (لويس الحادي عشر)، والشرير ياجو حامل راية الجيش في مسرحية (عطيل) وشخصية كلينوف في مسرحية (الأستاذ كلينوف) والكاهن في مسرحية (مصر الخالدة).
كما شارك بأداء بعض الأدوار الرئيسية بعدد كبير من الفرق منها فرقة أحمد الشامي ثم فرقة إسكندر فرح وفرقة منيرة المهدية ثم فرقته هو “منسي فهمي” ثم فرقة جورج أبيض وفرقة رمسيس يوسف، وفرقة فكتوريا موسى وفرقة فاطمة رشدي، وبعدها فرقة اتحاد الممثلين ثم الفرقة القومية، ثم مع أوبرا ملك وكل ذلك مع نخبة من كبار المخرجين من أكثر من جيل في مقدمتهم الأساتذة جورج أبض وعزيز عيد ويوسف وهى وعبدالعزيز خليل وزكي طليمات وعمر وصفي وفتوح نساط وعمر جميعي وسراج منير وحسن حلمي والسيد بدير إضافة إلى ما قام هو بنفسه بإخراج في فرقته التي أسسها لكنها لم تستمر طويلا.
هذا إضافة إلى مخرجي السينما الكبار الذين عمل معهم مثل بدر لاما وتوجو مزراحي وفريد كرابي ويوسف وهي وأحمد جلال وأحمد بدرخان ونيازي مصطفي وأحمد كامل مرسي وعمر وصفي وعمر جميعي وصلاح أبو سيف وغيرهم.
والجدير بالذكر أنه لعب دورا في 3 أفلام لأم كلثوم هى: (عايدة، ووداد، ودنانير) وخمسة أفلام مع ليلى مراد وهي (ليلة ممطرة وليلى وليلى في الظلام وقلبي دليلي والحياة الحب)، وهى أحسن 5 أفلام في تاريخ السينما المصرية في رأي النقاد.
وكاد دوره الذي لعبه في فيلم (قلبي دليلي)، وهو دور الحكمدار مجدي بك أن يكون سببا في إعدام أكثر من 30 سنة من عمر السينما المصرية لولا تدخل أنور السادات عضو مجلس الثورة في ذلك الوقت من ثورة 23 يوليو رغم أن الفيلم كان من إنتاج عام 1947 أي قبل الثورة بـ 5 سنوات.
وكان منسي فهمي أو مجدي بك حكمدار القاهرة يقول للضابط وحيد (أنور وجدي) وهو يهنئه ويحييه لقبضه على عصابة اللصوص: (إنت عملت عمل عظيم.. قضيت على الأشرار اللي بيسيئوا لسمعة مصر وبيضروا الشعب الطاهر الكريم.. فأنا باسم رجال البوليس أتقدم بكل فخر أصافحك لإنك احسنت القيام بالواجب نحو الوطن العزيز في رعاية الملك العظيم فاروق الأول).
وكان السادات رئيس لمؤسسة التحرير الصحفية وجريدة الجمهورية فرفض قرار وزير الإرشاد صلاح سالم بحذف كل سيرة للملك فاروق وشطب صدوره من كل الأفلام فعارضه أنور السادات موضحا ، هذا معناه إعدام 30 سنة من عمر السينما المصرية وانتهي الرأي إلى شطب الصور التي تمثل الملك من الأفلام حتى اقتنع صلاح سالم ونجت السينما المصرية من تشدد وتعصب صلاح سالم..
على أن الفنان الكبير منسي فهمي رغم ما خلفه من أكثر من 900 عمل ورغم أنه عاش هاويا للفن لا يهمه ترتيبه في الأفيشات ولا فخامة أو صغر اسمه أو ترتيبه بين الممثلين، أو كبر أو صفر اسمه لكنه أصيب بالاكتئاب والحزن عندما أحالوه للتقاعد من الفرقة القومية ومات وهو لم يلق من التكريم الذي يستحقه مثل الذي يناله غيره من صغار الممثلين.