كتب : شهريار النجوم
في وقت يواجه المسرح المصري حالة من التردي الواضح بعد أن اعترت حشبته كثير من الغث منذ سنوات طويلة إلا ماندر من العروض التي تقدمها (كايرو شو) في قالب من البهجة والإبهار الفني على مستوى إحداث الطفرة التكنولوجية والتطور الذي يواكب المسرح العالمي، وربما غياب ذلك كان سببا في وضع المسرح في مكانة بائسة مقارنة بالسينما التي شهدت نقلة كبيرة على مستوى الأفلام الوطنية والاجتماعية والكوميدية دور العرض التي تطورت بشكل ملحوظ، لذا تأتي مسرحية (علاء الدين) التي تعرض الآن لتؤكد الدور الريادي لشركة جادة تعمل على تقديم المنتج الثقافي المصري في ثوب عصري، وبمضمون جاد يصب في مصلحة القضايا المصرية الحالية بإسقاط على الماضي الجميل.
من مسرحية (الملك لير) للنجم يحيي الفخراني على خشبة مسرح (كايرو شو) إلى عرضه الحالي (علاء الدين) تشعر بفخر صناعة المسرح المصري الحالية على مستوى النص المسرحي والإخراج والديكور والأزياء، وكأننا نودع الملل والاستهتار والعشوائية التي كانت عناوين فجة شهدت على سقوط المسرح المصري في مستنقع الهزلية والاستخفاف بعقول المشاهدين، لتنطلق نحو الإبهار والعصرية كعاملي جذب جديد وذلك بالاستعانة بنجوم كبار مثل (الفخراني وأحمد عز) وهذا يكفي لاستعادة المسرح لرونقه وبريقه الذي كان عنوانا للفن الراقي والمتعة الثقافية التي تعكس جوهر مصر الحضارية.
علاء الدين .. ربما هو اسم سمعته كل الأجيال وشاهدناه بأشكال كثيرة عبر أفلام و كارتون و مسلسلات، لكن (كايرو شو) حققت حلمه المنشود في مسرحية من بطولة النجم الشاب المتألق سينمائيا ودراميا أحمد عز، ليقدمها كقصة ﺷﻌﺒﯿﺔ ﻣﻦ أﺻﻮل ﺷﺮق أوﺳﻄﯿﺔ ﺿﻤﻦ ﺣﻜﺎﯾﺎت ﻛﺘﺎب (أﻟﻒ ﻟﯿﻠﺔ وﻟﯿلة)، وأجمل ما في هذا العرض أنه يناسب ﻛﻞ أﻓﺮاد اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ﺑﻤﺎ فيه ﻣﻦ ﻛﻮﻣﯿﺪﯾﺎ واﺳﺘﻌﺮاﺿﺎت وأﻏﺎﻧﻲ وﺗﻘﻨﯿﺎت ﺑﺼﺮﯾﺔ ﻋﺎﻟﯿﺔ اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﭼﯿﺎ، وهى التي أبهرت وزير الشباب والرياضة الدكتور أشرف صبحي في أثناء مشاهدته عرض أمس الخميس، ومن ثم فقد أعرب عن سعادته البالغة قائلا: أنا استمتعت جدا بعمل راقي ومحترم نتباهي به وبتقنياته التكنولوجية العالية جدا، و المسرحية لها دور مجتمعي كبير يليق بالأسرة المصرية، ويليق أن نهتم لكن كما اهتممتم بكل التفاصيل، مشيدا باللفتة التي قدمتها أسرة المسرحية للكابتن مؤمن زكريا ، وكل الشكر لنجوم العمل وعلى رأسهم أحمد عز ومجدي الهواري وسامي مغاوري.
ومن جانبه قال المخرج والمنتج مجدي الهواري: تشريف وزير الشباب والرياضة لعرض علاء الدين مهم جدا بالنسبة لنا وشهادته وسام حقيقي في ظل الدور الهام و الحيوي والجهد الكبير الذي يبذله مع أهم قطاع في أي مجتمع وهو الشباب، الذي يعد أيضا المستهدف الأول لمسرح كايرو شو، وأضاف قائلا في نص كلمته: يوجد بيننا هنا شخصية نحبها كلنا ونحترمها كلنا، وفي الموقف الخاص بنجم النادي الأهلي الكابتن مؤمن زكريا كان أول من استجاب بعد ظهوره الأخير معنا ، يسعدنا ويشرفنا وجود معالي وزير الشباب والرياضة الدكتور أشرف صبحي .
وتلفت بوابة (شهريار النجوم) نظر المشاهد إلى أنه لو أتيحت لك فرصة المشاهدة لهذا العرض المبهر (علاء الدين) للنجم أحمد عز، في أول تجربة مسرحية له، على مسرح (كايرو شو) سوف تشعر بالبهجة والسعادة والحضور اللافت لنجم تألق في السينما والدراما التليفزيونية ويضيف إلى رصيده الفني إنجازا جديد يؤكد موهبته وبراعته في الأداء الجيد على خشبة المسرح، ويبدو ذلك في حرصه وشغفه على التنوع والتحدي والاختلاف، وهو ما يدعك حتما تتساءل بينك وبين نفسك: ما الذي جذب هذا النجم السينمائي ليخوض المغامرة على هذا الوسيط المعروف بفقره وبؤسه خلال السنوات القليلة الماضية، خاصة أنه شهد خلالها تراجعا على مستوى النص والأداء والإخراج.
سوف توقن بأن القائمين على هذه التجربة، بداية من موقع المسرح، وديكوراته، وقاعة العرض، وخشبة المسرح، ومستوى الصوت، وغيرها وغيرها من العوامل التي تجعلكل متحمس لمشاهدة العرض ومضمونه، أن لديهم نفس الشغف الذي ربما كنت تبحث عنه لسنوات طويلة في المسرح المصري، وأن لديهم طاقة لإحداث نقلة حقيقة، لاتعتمد فقط على الإبهار والتشويق والإثارة، ولكنها تحمل في الوقت ذاته رسالة المسرح التنويرية التي تمتع بها المسرح المصري على مدار تاريخه من (زكي طليمات إلى يوسف وهبي، مرورا بجلال الشرقاوي وحسن عبد السلام وسمير العصفوري وعصام السيد ومحمد صبحي) إلى وقتنا الحالي الذي برز فيه اسم (مجدي الهواري) مخرجا ومنتجا مسرحيا يشار له بالبنان، فضلا عن عقلية الإعلامي محمد هاني الفنية والإدارية التي تستطيع استيعاب فروض هذا العصر في براعة العرض المسرحي وتقديمه في شكل جذاب.
صحيح أن قصة (علاء الدين) قصة قديمة ومستهلكة وسبق وقدمت عشرات المرات لكن عرض اليوم يأتي بطريقة استعراضية موسيقية، حيث ترى لأول مرة أحمد عز يغني ويرقص ويطير ويستعرض، بل إنه يشع ضوءًا وطاقة إيجابية على الخشبة، حيث يصول ويجول ويضحكك من أعماق القلب بحيث لاتشعر للحظة أنك أمام تجربته المسرحية الأولى، فعلى العكس تماما تراه ممثلا قدير يمسك جيدًا بزمام الخشبة التي يقف عليها، فلا مكان عنده للرهبة أو الخوف، لاتشعر ولو للحظة واحدة أن الخشبة لا تليق به، فقد ولد ليكون بطلًا حقا في أي مجال فني يراود خياله التواق إلى الإبداع.
وبالتاكيد سوف تلمس أن العرض مليئ بالمواهب الكبيرة مثل: (سامي مغاوري، ومحمد جمعة،هشام إسماعيل)، والواعدة مثل: (محمد ثروت، تارا عماد، ياسمينا) فالكل تتجده متفوقا على نفسه، والجميع يتنافسون على إضحاك الكبير قبل الصغير، والكتابة قامت على سرد مسرحي بطريقة عصرية ومواكبة للأحداث، ومع ذلك لايخلو النص من إفيهات عن (ياسمين صبري وعمرو دياب وحمدي الوزير) وغيرهم، ناهيك عنديكور مبهر وغني وآخاذ، وكذلك الأزياء التي تعد من أروع عناصر هذا العمل، والتي أصرت جهة الإنتاج على تصميها خصيصا في الهند لأجل عيون (علاء الدين) المصري.