كتبت : سدرة محمد
تعرضت الفنانة زينة لموجة من الانتقادات والغضب من قبل طلبة الطب في قصر العيني في مصر، بسبب عدم اتقانها لدور الطبية من ناحية، ومن ناحية أخرى تقديمها نموذجا سلبيا لمهنة من أقدس المهنة على وجه الحياة، عندما جسدت دور طبيبة مدمنة على المخدرات، وعلى غير المتوقع تقوم فيه بإجراء عمليات جراحية معقدة، وهو ما يبدو غير منطقي على الإطلاق، وربما كان ضعف السيناريو والحوار الذي كتبه (محمد ناير) سببا في وقوع مثل تلك الأخطاء، لكن بعد مشاهدة متأنية أدركت أن مالم يعجب طلاب القصر العيني هو إحساس صحيح وسليم ناجم عن عدم قدرة “زينة” على التمثيل، حيث جاء أداءها باردا جدا في غالبية مشاهدها، ويبدو أنها أجهدت المخرجة (إيمان الحداد) كثيرا.
نعم الأمر المؤكد أنها أتعبت المخرجة كثيرا بدليل أن هناك من تميزوا في أدائهم في هذا المسلسل، وعلى رأسهم النجم الشاب (محمد عادل) الذي أتقن تقمص شخصية الشيخ يوسف، وقدمها بجدارة واحترافية في كل مراحلها المختلفة، وكذلك أداء القديرة (دلال عبد العزيز) الذي تمتع بنعومة فائقة، وأيضا يحسب حسن الأداء لكل من (سامح الصريطي) في قوة وبراعة – كما عهدناه من قبل – حتى الفنانة الشابة (ملك قورة) تمتعت هى الأخرى بخفة ظل ورشاقة، ناهيك عن أداء احترافي مذهل لـ (محمد شاهين) الذي أصبح يجيد أدوار الشر المطعم بحس إنساني بطريقته الملتوية التي جعلت له بصمة خاصة في هذا اللون من الأداء.
وعلى ذات الوتر المشدود عزف (محمد علاء) عزفا جميلا وشجيا موحيا على أوتار شخصية (شريف صلاح) في ذهابه وإيابه معها في صولاته وجولاته التي جمعت بين الخبث والرومانسية المزيفة تارة والصادقة تارة أخرى، لقد سجل هذا الممثل نضوجا خاصا في هذا الموسم الرمضاني وضعه على خارطة أخرى، وعلى قلة مساحة الدور لهاجر الشرنوبي إلا أنه يبدو لها طعم مختلف في الأداء للشخصيات الشعبية، ما يعكس قدرتها على الأداء الصعب، ونفس الشيئ لمسته أيضا في أداء الفنان الشاب (أحمد سلطان) بشكل يجمع بين الكوميدي والتراجيدي في متلازمة يصعب تكرارها مع ممثل شاب مثله، ويبقى فاكهة هذا العمل أحمد صيام في قدرة مذهلة على الجمع بين الكوميديا والتراجيدا في ثوب مبهر ومختلف يضعه في صفوف الكبار.
والحقيقة أن (زينة) لم تنجح إطلاقا في تجسيد دور المدمنة، عندما بدأت في تعاطي الحقن التي تسبب الهلاوس، والتي تؤثر على حالتها النفسية وتجعلها تفقد تركيزها في غرفة العمليات أكثر من مرة، وكذلك عند قيادة سيارتها تسمع هلاوس صوت طفلة تناديها باسمها تشبهها في طفولتها، وقد واجهت صعوبة بالغة في تقديم هذه المشاهد لأنها ببساطة تتطلب قدرات ممثلة تجيد أداء السهل الممتنع ، ودراستها الجيدة للشخصية التي تبدو وكأنها لم تكتب خصيصاً لها، بحيث لم تتمكن من أن ترسمها على ملامحها بدقة.
ورغم ضعف القصة وإخفاق زينة في المسلسل إجمالا، إلا أن تتر المسلسل الذي قدمته (أنغام) يعد من أهم النقاط الإيجابية في هذا المسلسل، بل أيضا كانت هناك مشاهد تستحق الوقوف أمامها وتأملها جيدا، ومنها المشهد الذي أعتبره (ماستر سين) في العمل، وهو لقاء (الشيخ يوسف) بشقيقته التي أنكرته (مريم)، وقد تفوق فيه (محمد عادل) على زينة في الأداء بمساعدة خاصة من جانب (دلال عبد العزيز)، ورغم أن البطلة لم تمنحه تلك الطاقة الإيجابية التي تجعله يتفاعل مع أكثر المواقف التراجيديا في الحلقة السادسة، لكنه تغلب على برودها ببرود أكثر تعبيرا من خلال السيطرة على انفعالاته، وقد جاء المشهد على النحو التالي:
في مفاجأة مذهلة يدخل (يوسف) على مدام (هاجر) قائلا: السلام عليكم ورحمة الله ثم يردف قائلا : مش ده منزل المهندس حسين عبد الحي؟
يرد البواب : آه، فيكمل أنا أبقى أخو الأستاذة…، فتقول هاجر للبواب نادي على رندة قولها أخوك وصل.
تصحبه هاجر للصالون وتجلسه وتذهب لعمل شاي له، بينما هو ينظر حول متفحصا المكان، قائلا بينه وبين نفسه : رغدة .. اسم غريب لكن أكيد حاتعود عليه.
تدخل هاجر وفي يدها صينية الشاي وبعدها بلحظات تدخل رغدة فتقول لها : شفتي المفاجأة أخوكي اللي قلتي عليه.
ترد رغدة في حالة تعجب: لا يا طنط ده مش أخويا!.
تنظر هاجر ليوسف متسائلة : أومال مين حضرتك؟
يرد في ارتباك : مش منزل المرحوم المهندس حسين عبد الحي؟
ترد هاجر: أيوه مظبوط.
يشير على صورة كان قد تفحصها من قبل : مش اللي هناك دي تبقى صورة بنت حضرتك؟
هاجر : مريم ، فيضيف يوسف أيوه الآنسة مريم أو المدام مش عارف إن كانت متجوزة ولا لأ؟
ترد هاجر بغضب وخوف : هو مين حضرتك بالظبط.
يوسف : أنا يوسف .. يوسف سالم البرقوقي.
عندئذ تسقط هاجر على الأرض فور سماع الاسم من هول الصدمة المفجعة فاقدة الوعي.
تذهب الكاميرا إلى مريم لترصد حركتها وهى تقود سيارتها وهى في طريقها للبيت بينما تتذكر بطريقة (الفلاش باك ) مشاهد لطفولتها، حيث يخيل لها أن طفلة تجلس في المقعد الخلفي تنادي عليها قائلة : مريم، ولكنها ترتبك وتنظر حولها في حيرة ثم تواصل السير.
تعود الكاميرا إلى شقة هاجر، بينما يناولها يوسف كوبا من الماء كي تفيق من غفوتها المفاجئة.
يوسف : والله العظيم متأسف جدا .. ماكنش قصدي أتسبب في أي مشكلة أو إزعاج.
رغدة : دكتورة مريم ما بتردش برده تلاقيها في العمليات ولا حاجة، طيب مفيش رقم للمرضين علشان أكلمهم.
هاجر : ما تقلقهاش ياحبيتي .. أنا بقيت كويسة.. شوفي انتي ايه اللي وراكي تعبتك معايا اتفضلي.
رغدة : بس أنا يعني …
قبل أن تكمل تتدخل هاجر قائلة : اطمني .. يوسف أنا عارفاه من زمان هو وأهله بس بقالي كتير ما شفتوش فاتخضيت.
هاجر تنظر ليوسف في غضب: إنت عايز إيه بقى.
يوسف : ما أنا قلت لحضريك اني جاي علشان عاوز أشوف مريم.
بحدة تقول هاجر: بصفتك ايه .. ههه لا تعرفك ولا عمرها شافتك .. دي ما توعاش عليك أصلا، هو انت فاكر ان أي حد يخبط علينا ويقول أنا أخوها نقوله اتفضل أهلا وسهلا.
تتسأل هاجر في تحد غريب: انت كان عندك قد ايه لما البيت وقع؟
يوسف : بصراحة مش فاكر.. بس كل اللي فاكرك أبويا وأمي اللي ربوني مش أكتر.
هاجر بحدة أكثر : خلاص ما تروحلهم .. جاي هنا ليه؟ .. واجع قلبك مع واحدة لا أنت فارق معاها، وبتهيالي كمان مش فارقة معاها هى كمان.
يوسف : حضرتك أبويا لسه متوفي قريب.
هاجر : الله يرحمه .. البقاء لله.
يوسف : ونعم بالله .. أنا قلت أنزل القاهرة أدور على أي حد من اخواتي، وأنا عمري ما حاسبب لحضرتك ولا لمريم أي أذي، كل اللي طالبه أشوفها وأتكلم معاها.
فجأة تدخل مريم من باب الشقة قائلة : مساء الخير.
هاجر : تعالي يامريم.
ترفع مريم يدها لتسلم على يوسف قائلا : مساء الخير أهلا وسهلا.. مريم.
هاجر : يوسف .. يوسف أخوكي يامريم.
تنظر مريم ليوسف في ذهول وحيرة فيهز رأسه قائلا : أيوه في إشارة إلى أنه أخوها، ثم يناولها بطاقة الرقم القومي كي تتأكد من شخصيته.
تنظر في البطاقة وتتفحصها جيدا ثم تعيد النظر إليه وإلى أمها التي تؤكد لها أنه أخوها.
مريم تنظر لأمها ثم تنظر له مرة ثانية وتقول : انت بتقول ..مين ده .. أنا معنديش اخوات .. أخويا ازاي يعني.. انتي مصدقاه، ثم تنظر في عينيه قائلة : ده أكيد نصاب .. أنا معنديش اخوات .. أنت نصاب .. إطلع بره .. خليه يطلع بره، ثم تدخل
إلى غرفتها تاركة يوسف في موقف لايحسد عليه.
تذهب أمها وراءها وتنادي عليها : مريم .. مريم وتدخل في أعقابها غرفتها : إيه يا مريم لو عاوزاني أمشيه أعتذر له حالا.
مريم : تعتذري له ليه .. ده نصاب .. كمان عاوزه تعتذري له، ثم تهب من فوق سريرها قائلة : طيب أنا حامشيه ، وتخرج للصالة فتجده قد غادر بالفعل .. تغلق الباب وتقف حائرة وكأنه شيئا ما يدور في رأسها تجاه هذا الشاب المسكين، وينتهي المشهد الذي تبدو فيه زينة في قمة البرود بأدائها الذي لايعكس اي تعبير عن حالة الغضب أو التراجع ما يؤكد افتقادها للموهبة!.