“100 وش و 10/10”
بقلم : محمد شمروخ
زحام شاشات رمضان بالأعمال الدرامية والترفيهية بجانب شواغله التقليدية يمكن أن تلهيك عن بعض الأعمال التى تستحق المشاهدة خاصة مع قاطع اللذات ومشتت المسلسلات المدعو بالفاصل الإعلانى والذي كان يتسبب بالنسبة لي في لخبطة كبيرة بين المسلسلات فأجدنى قد أدخلت مشاهد حلقة مسلسل مع أخرى في مسلسل آخر، حتى اعتقدت يوما أن الفنانة يسرا تشارك في بطولة مسلسل “فرصة ثانية” أو أنها تستضيف في مسلسلها “خيانة عهد” الفنانة ياسمين صبري وأسرة مسلسلها السابق،
لكن بعد رمضان تحلى الفصفصة والقزقزة فتكتشف أن هناك أعمالا رائعة قد فاتت عليك مع تقليب الريموتات بأناملك المتلهفة واللاهثة وراء ما تتابعه من أعمال قبل أن تنساها وتنشغل عنها
وبعد كل هذا الزحام هدأت الأحوال بعد رمضان واستغرق هضم الدراما الرمضانية شهرين على الأقل لأجد نفسي مشدودا إلى أحداث مسلسل بـ “١٠٠ وش” دون غيره
فهذا المسلسل أثبت لي قاعدة أن العمل الجيد لا تمل من تكراره فالمعيار الأساسي لجودة العمل هو ألا تشعر بالملل مهما تكرر وهو ما جربناه مرارا مع مسلسلات أصبحنا نحفظها على ظهر قلب بل ونعرف إلى أين ستتجه الكاميرا ونستبق الممثلين بجمل الحوار ومع ذلك نتوقف أمامها في أي قناة تعرضها
ومسلسل بـ “١٠٠ وش” ينتمى إلى تلك النوعية من المسلسلات وسينتظم في قائمة المكررات المفضلة، فالقصة جمالها في بساطتها وعمقها مما يرسخ أقدام مؤلفيها الاثنين (عمرو الدالي وأحمد وائل) في مستقبل عالم الدراما، وما أظن أن التناغم الذى وجدناه بين أفراد العصابة العشرة أبطال المسلسل إلا انعكاسا حقيقييا للتناغم بين المؤلفين اللذين يبدو أنهما تسللت إلى ما وراء كواليس الحياة في المجتمع ولم يكتفيا بالخيال المعتمد على حبكة الأفكار وتوالي المشاهد.
وفي هذا المسلسل انطلقت قدرات طاقم العمل كله فأخرجت كوامن جديدة من قدرات أعطت ملامح جديدة لكل من المشاركين والمشاركات خاصة أعضاء العصابة العشرة الباحثين عن الثراء بطرق سريعة عن طريق النصب لتحقيق حلم بأن يكونوا من أصحاب الملايين في مجتمع لا يرعى إلا تلك الفئة ولا يقيم لسواها اعتبارا، ومن خلال هذه الفكرة البسيطة نفذ المؤلفان بكل سلاسة إلى أعماق المجتمع المصري وأبرزا بلا أي تنظير أو تعقيد تناقضات هذا المجتمع الذي مثل النصابين العشرة غالبية طبقاته من أدنى الطبقات الفقيرة حيث الخادمة وعامل الدليفىرى المتمكن من عالم الإلكترونيات والإنترنت وابنة الموظف المنحرف التى اضطرت أسرتها للهجرة إلى القاهرة هربا من الفضيحة وكذلك ابن الطبقة فوق المتوسطة الذي يسكن الزمالك ويتركه والده النصاب نهبا للمجهول مع والدته، كذلك نجد الموظف المرتشي والكومبارس السكير وعاملة المكياج التى تستغلها العصابة لتغيير ملامحها مع نموذجي الهلفوت والبلطجي ويمثل الطبقة العليا مليونير هجر أهله وهجروه وشاب تافه في نادي الجزيرة ولكن المائة وش التى تصدرت المسلسل كعنوان ليست فقط هي الوجوه التى يتبادلها النصابون بفن عاملة الميكياج لخداع ضحاياهم، بل في الحقيقة هى وجوه الناس المحيطين في مجتمع يغير ملامحه لهثا وراء الوجاهة الاجتماعية التى لا تتحقق إلا بالملايين والتى يبدو الحصول عليها ميسورا من خلال أفكار وخطط العصابة، وقد تظن أن المؤلفين بالغا في ذلك لكن واقع جرائم النصب في المجتمع تؤكد أن العملية ليست بالمستحيلة ولا حتى بالصعبة ما دمت تستطيع أن تغير وجهك حسب حال من تريد النصب عليهم فتسقط فى حجرك الملايين بكل سهولة ويسر.
وأكثر ما أثار إعجابي هو طريقة التنقل بين المشاهد وهي تشهد باقتدار يستحق الإشادة بالمخرجة كاملة أبو ذكرى وليس غريبا عليها هذا الاقتدار كذلك طريقة الحوار بين الممثلين وانفعالاتهم وقفلات المشاهد والحلقات.
ولا أستطيع أن أختم المقال دون توجيه تحية خاصة لطاقم العمل بالكامل، وإن كان ولابد من ذكر خاص للممثلين العشرة لاسيما (سكر) الحلقات نيللى كريم والتى كما توقعت منها أتت بما هو فوق التوقع، أما آسر ياسين فقد كشف عن استحقاق حقيقي لنجوميته وأعتقد أن هذا المسلسل سيصبح علامة فارقة في مشواره الفنى، كذلك بقية العشرة الذين وددت لو أذكر أسماءهم لولا ضيق المقام.