أغنية لـ”لطويل” كانت وراء اكتشاف المبدع “أندريا رايدر”
* ليلي مراد تبكي في الاستديو بسبب “صعبان عليه”
* الموسيقار محمد عبدالوهاب يعطي فرمان بإعدام الأغنية
* “أنا والعذاب وهواك” قدمت “الموزع اليوناني المصري” للجمهور
كتب : أحمد السماحي
نحتفل يوم الخميس القادم بذكرى رحيل الموسيقار الكبير “كمال الطويل” الذي رحل عن حياتنا يوم 9 يوليو 2003، وبهذه المناسبة سنتوقف فى باب “حواديت الأغاني” عند أغنية لحنها لقيثارة الغناء وسندريلا السينما الغنائية “ليلى مراد”، هذه الأغنية لم تظهر للنور مع إنها كانت جاهزة للطبع والطرح على اسطوانات، لكن رغم عدم ظهور الأغنية للنور، لكنها كانت وراء اكتشاف الموزع العبقري، والملحن الموهوب “أندريا رايدر”، وسنترك الموسيقار الكبير “كمال الطويل” يذكر لنا بنفسه ماذا حدث كما جاء فى حواره مع الزميل الراحل “محمد الدسوقي” فى مجلة “فن” لصاحبها “وليد الحسيني”:
صعبان عليه
بعد تلحيني لأغنية “على أد الشوق” التى غناها صديقي “عبدالحليم حافظ” عام 1953 ونجحت نجاحا كبيرا، ووصفها الشاعر الفنان “كامل الشناوي” بالطبق الطائر الذي حمل “عبدالحليم” عاليا، كانت هناك أغنية فى نفس الفترة بعنوان “صعبان عليه دموع عينيه”، كلمات الشاعر الغنائي الرائع “مرسي جميل عزيز” وغناء المطربة “ليلى مراد” لحنتها لحساب شركة “كايرو فون”، وكانت هذه الشركة ملك لأولاد السيدة “بيضا” ولعبدالوهاب.
اكتشاف أندريا
الأغنية كنت على وشك الانتهاء منها، وكانت شيئا جميلا وقررت أن أوزعها موسيقيا، ولقد كنت أحس دائما أن هناك شيئا ما ينقصني وهو التوزيع الموسيقي، لذا قلت مرة وأنا جالس مع بعض الأصدقاء الموسقيين – وقبل أن يعمل الصديق والفنان الراحل “علي إسماعيل” بالتوزيع الموسيقي – أريد موزعا موسيقيا عظيما ورائعا، وعلى الفور رد علي صديق راحل رحمه الله اسمه “زكي غنيم”، عندي طلبك يا “كمال”، أعرف موسيقي موهوب اسمه “أندريا رايدر”، كان يدرس الموسيقى على يد الأستاذ “ميناتو” استاذ الهارموني، فسألته بدهشه وبلهفة عدة أسئلة: أندريا ده مين يا زكي؟ أمريكي ده؟، وبيلعب أيه ولا بيعمل ايه بالظبط؟! فقال : “أندريا يوناني مصري”، وبيلعب “ترومبا” فى فندق “الكونتينتال” عامل خماسي موسيقي جميل يعزف كل ليلة هناك.
أخذت الصديق “زكي غنيم” وذهبنا إلى ” الكونتينتال” التقينا به ووجدته رجلا مهذبا ورقيق جدا، وقلنا له على ما نريده منه بالضبط، فانزعج واندهش جدا، وخاف خوفا شديدا وقال لي ووجهه يتصبب عرقا: كمال لا يمكن أن أنفذ ما تريده، أنا لا أجيد الموسيقى العربية جيدا، فطمأنته قائلا: لا تخف سوف أكون معك دائما ولن أتركك لحظة واحدة”.
دموع ليلى مراد
انتهيت من تلحين أغنية “صعبان عليه دموع عينيه” التى كتبها بعظمة وإحساس “مرسي جميل عزيز”، وفى هذه الفترة كانت صديقتي الجميلة “ليلى مراد” مطلقة حديثا من الفنان “أنور وجدي”، فنالت الأغنية إعجابها جدا، وحفظت “ليلى” الأغنية وأجرت بروفات عدة، وذهبنا لتسجيلها فى أرض المعارض بالجزيرة حيث الاستديو، وقامت الشركة باستدعاء مجموعة من مهندسي الصوت المتميزين جدا، خصيصا لأجل تسجيل هذه الأغنية، ومجموعة أخرى من الأغاني.
كانت الأغنية جديدة بكل ما تعنيه هذه الكلمة، وغنت “ليلى مراد” بأروع ما يكون الغناء والشدو، وبعد أن انتهت ظلت تبكي لما يزيد عن الساعة، نظرا للحن وللكلمات الشديدة التأثير.
مؤامرة عبدالوهاب
رغم دموع “ليلى مراد” إلا أن سعادتها كانت كبيرة بالأغنية، انتهينا من العمل ووصل ما حدث إلى صاحب الشركة الموسيقار “محمد عبدالوهاب” فأرسل يطلب التسجيل، وبعد أن استمع اتخذ قرارين فى منتهى الأهمية بالنسبة لي، وبالنسبة له أيضا، وبالنسبة لمسار علاقتنا، القرار الخاص بي هو عدم ظهور هذه الأغنية نهائيا وكأنها لم تكن، والقرار الخاص به هو البحث عن “أندريا رايدر” والإتيان به واستقطابه والاتفاق معه على التوزيعات الموسيقية لألحانه، لا لشيئ إلا ليقول أنه من قدم “أندريا رايدر”، وأنه من اكتشفه، كي يكون له السبق في تقديم هذا اللون من الأعمال الغنائية.
أنا والعذاب وهواك
فى حين أن كل من عاصر هذه التجربة يعرف أن أول تجربة فى هذا الشأن هى التى قمت بها فى أغنية “دموع عينيه”، والتى هى الاكتشاف الطبيعي والأول للموسيقي أندريا رايدر، فعل “عبدالوهاب” هذا دون أن أشعر، لأنني وعلى الجانب الآخر كنت انتظر نزول الأغنية على اسطوانات الشركة، لكن هذا لم يحدث!، سألت عنها أصحاب الشركة فأجابوني: اطمئن سوف ننزلها فى وقتها وحتى الآن لم تنزل الأغنية!!، ووقتها سألت صديقي الملحن “رؤوف ذهني” سكرتير “عبدالوهاب” الخاص ومدير مكتبه عن سر عدم طرح الأغنية فقال لي: يا كمال لا تنتظر خيرا، فهذه الأغنية لن تنزل إطلاقا، ولن ترى النور أبدا وقد كان محقا.!!، بعدها نزلت أغنية “أنا والعذاب وهواك” تلحين وغناء محمد عبدالوهاب وتوزيع “أندريا رايدر” وكسرت الدنيا ونسب بالفعل لعبدالوهاب أنه أول من قدم “أندريا رايدر” هذا الموهوب للساحة الغنائية.