هاني شاكر يستغيث مطالبا : “سيبوني أحب”!
كتبت : صبا أحمد
من أغنيات البدايات الجميلة لأمير الغناء العربي “هاني شاكر” أغنيته العذبة “سيبوني أحب” كلمات الشاعر الغنائي المتميز “مجدي نجيب” وألحان “محمد سلطان”، هذه الأغنية مع أغنيات أخرى مثل “حلوة يا دنيا، كده برضه يا قمر، قسمة ونصيب، تصادف الأيام، ياريتك معايا”، تمثل بداية قوية للمطرب الشاب الذي دشن مشواره الغنائي وهو في العشرين من عمره، عندما اعتلى خشبة المسرح ووقف يغني في شهر ميلاده وهو ديسمبر عام 1972 أغنيته “حلوة يا دنيا” ألحان محمد الموجي، والتى كانت بمثابة الصاروخ الذي انطلق به إلى صفوف كبار المطربين.
لكن وراء أغنية “سيبوني أحب” قصة أو حدوتة ذكرها شاعرنا الكبير “مجدي نجيب” فى كتابه “من صندوق الموسيقى” فتعالوا بنا نقلب الصفحات ونقرأ ماذا كتب شاعرنا العاطفي :
كانت أغنية “حلوة يا دنيا” أول أغنيات المطرب الصاعد “هاني شاكر” فرصة ليصافح صوته أذن المستمع قبل أن يتعرف الناس على صورته وملامحه الشخصية، واستمع أغلب المستمعين إلى صوته، وكذلك النقاد، وأكد الجميع أنه يمتلك ملامح من أداء “عبدالحليم حافظ” الصوتي الغنائي فى مراحله الأولى في شبابه، وأعلن البعض أنه نسخة كربونية منه، ولكن ينقصه الإتقان والحس الأدائي الذي تميز به “عبدالحليم”.
إزعاج عبدالحليم
كانت لهذه الملامح فى غنائه خطورتها عليه كصوت جديد، كما كان لها صدى أزعج “عبدالحليم” وجعله يعيش على بعض من التوجس لهذا الصوت القادم بنفس ألحان ” محمد الموجي” الذي بدأ مشواره الفني معه، لهذا وجد “هاني شاكر” نفسه فى موقف صعب قد فرض عليه دون أن يدري بسبب أدائه الحليمي، وخصوصا بعد أن غنى بعد ذلك “كده برضه يا قمر”، ولكن أغلب النقاد الفنيين وعدد من رجال الصحافة اختاروا مساندته كصوت جديد يبشر بالأمل، ولأنه أيضا صغير السن، ليست له تجارب فى الحروب الفنية أو المراوغة والاقتتال أمام معارك سرية تدار فى الخفاء فى محاولة لعرقلة نجاحه.
شاب وسيم وفي عينيه حلم
وعندما زارني فى منزلي بصحبة الناقد والكاتب الصحفي “محمد سعيد” وجدت نفسي أمام شاب وسيم وجميل في عينيه حلم يطلب ويترجاك متوسلا أن تصدقه، وتصادقه خوفا عليه، فهو لم يكن مدركا لما يحدث حوله، ففي نشوة نجاح أغنيته واستقبال الناس له، كان يمتلىء بإحساس طفل أو شاب صغير السن يرى الحنان فى عيونهم، ويسمع استحسانهم من خلال تصفيقهم له، سألته يومها: ماذا تريد من الغناء؟!، فقال : لا شيئ فقط لإرضاء شيئ فى داخلي، وأيضا محاولة لإسعاد الناس.
طبعا كانت إجابة باهتة غير مقنعة، وسألته: وماذا لو لم يصدقك الناس؟!، قال بإصرار: أحاول أن أجعلهم يصدقوني، ولماذا ستحاول؟!، : لأن الغناء حلمي، ولن أشعر أنه ستكون لحياتي أي معنى بدون غناء، وسألته: هل تحب عبدالحليم حافظ، ولماذا تحبه؟ وهل تحبه مثلنا، أم إعجابا به كمطرب، أم صاحب أداء مميز، أم أنت لا تعرف غيره؟ قال فى مسكنة واستسلام : انه مثلي الأعلى فى الغناء.
وبالفعل كل الذين شاهدوه بعد حفله الذي أذيع فى التليفزيون بعد غنائه فى عتابه للقمر الذي يرمز إلى الحبيب، صدقوه، لحلاوة صوته، وشكله، ولنفس الخط من البساطة والتلقائية التى بدأها عبدالحليم حافظ فى بداية مشواره الفني عندما كان يؤدي فى غنائه نفس التساؤل والتمني.
حمدي حافظ
بعد المقابلة الأولى لي مع الشاب الصغير “هاني شاكر” – يقول “مجدي نجيب” – اتفقنا أنا وصديقي “محمد سعيد” فى أن نقوم بحماية موهبة المطرب الجديد بحكم عملنا، وللحقيقة اعتبرناه أحد إخواننا الصغار الذي يحتاج إلى الحماية، ولكن دون أن نشعره بذلك، لأنه كان من الصعب أن يدرك ما يحدث، وما نريده نحن، وكان ثالثنا فى هذا اللقاء والإتفاق الممثل الوسيم “حمدي حافظ” الذي كان صديقا لهاني شاكر، ومتحمسا له أيضا، ومن نفس فصيلة جيله، وعن طريقنا تعرف على المطربة القديرة “فايزة أحمد”، التى كانت بمثابة الأم بالنسبة له، وكانت دائما تلقنه خلاصة تجاربها وتضيئ أمامه كل الأنوار الحمراء، لكي لا ينام مثل الحمل الوديع، وعرفناه أيضا على “شادية ومنير مراد وكمال الطويل”.
سيبوني أحب
عندما فكرت فى كتابة أغنية له سألته : هل تعرف أنك تقف على فوهة بركان؟! فقال في دهشة وطيبة : لا أنا فقط أعرف كيف أقف على خشبة المسرح للغناء، كانت إجابته تلقائية، ولذلك اتفقت مع الملحن “محمد سلطان” أن يترك لي الحرية فيما سأكتبه من خلال منظوري لبداية الانقلاب الذي بدأ مشواره “هاني شاكر”، فأصاب الوسط الغنائي بما يشبه الزلالزال الخفيف، وجعل الجميع فى حالة انتباه، لذلك فكرت أن أكتب له أغنية يتعاطف معه الناس أمام الهجمات السرية المكتومة قبل أن تؤثر على مسيرته، فكتبت له أغنية “سيبوني أحب”.
وهى تصور إنسان يطلب من الناس أن يتركوه يغني ويعيش للحب، وحققت الأغنية المطلوب وهو تعاطف الناس معه، وبعدها كتبت له “قسمة ونصيب” و”تصادف الأيام”.