بقلم الدكتور: طارق عرابي
رغم أن طفولتي كانت في عصرٍ مَنَحَ كلَ رب أسرة سماتِ ولقبَ شخصية “سي السيد” والتي تعني “ممنوع الاقتراب أو السؤال عما يقوله أو يفعله”، إلا أنني كنت طفلاً محظوظاً للغاية مع والدي رحمه الله ، وكان واضحاً لي أنه يحظى بهيبة ومحبة واحترام من جميع من حوله ، وكنت ألحظ ذلك لكني لم أكن أفهم لماذا كل هذا الحب والاحترام الذي وصل لدرجة استدعائه في كبرى المشكلات ليكون أحدَ أهم قضاة حلها ، والعجيب بالنسبة لي أن الجميع يرتضون حكمه وينفذونه دون أدنى اعتراض ، ولي مع والدي موقفان لن أنساهما حتى ألحق به عند غافر الذنوب وأرحم الراحمين ، موقفان كسرتُ فيهما حائط “سي السيد” وتجرأت فيهما بالسؤال .. لعلي أفهم ما يحدث.
الموقف الأول: اصطحبني والدي معه إلى جلسة حل مشكلة كبيرة لوقف ومنع استمرار قتال بين عائلتين كبيرتين ، وكان والدي مدعواً من طرف العائلة (أ) التي أصابت شاباً عمره لايتجاوز العشرين من العمر من طرف العائلة (ب) وتسببت في أن هذا الشاب سيعيش حياته مُقعداً على كرسيٍ متحرك مدى الحياة بسبب إصابته بشلل رباعي من أثر الضرب الوحشي من قِبل العائلة (أ) ، وطلب والدي أن يرى الشاب المتضرر ، فتم تكليف بعض الأفراد من عائلته بجلبه ، وبالفعل دخل على جلستنا بعض أفراد من العائلة (ب) حاملين إبنهم المشلول ثم انصرفوا ،، وقد كان أبي واحداً ضمن 4 رجال مخولين للحكم وإصدار قرار ينهي الصراع بين العائلتين ، إثنان كانا لطرف العائلة (أ) وكان والدي أحدهما ، واثنان كانا لطرف العائلة (ب) ، وكانت العائلة (أ) تعرض مبلغاً من المال قدره 20 ألف جنيه (ما قيمته الآن تقريباً 2 مليون جنيه) ، وقد طلب والدي من الثلاثة الحكماء (الذين يشاركونه اتخاذ القرار والحكم به) أن يدلوا بدلوهم قبل أن يتحدث هو ، فتكلم كل واحدٍ منهم حول مبالغ مالية مختلفة.
وجاء دور والدي ليدلو بدلوه ، وأنا هنا أترقب بشغف كـ “طفل يشاهد فيلماً سينمائياً” ويقتلني الفضول لأعرف ماذا سيقول والدي وماذا سيكون رد الفعل ، وإذا ببطلي الذي أحبه وأتمنى له أن ينتصر على الجميع يقول: “أولاً بعد ما شفت إبننا اللي انا مش جاي لطرفه ، لا يمكن أن أقبل بحل دفع مبالغ مالية مهما كانت لأنها لن تعالج هذا الشاب ، الشاب ده لازم كل واحد فينا يتعامل على أنه إبنه ، ثانياً لا يمكن إيجاد حل يحقق شفاء هذا الشاب ، ولكن يمكن إيجاد حل يحقق حسرة دائمة عند العائلة (أ) تقترب من الحسرة الدائمة للعائلة (ب) على إبنها الذي سيعيش عاجزاً حتى الموت ، وأنا أعلم أن العائلة (أ) اللي انا جاي من طرفها لا تملك إلا بيتاً واحداً كبيراً وقد تعبوا في بنائه على مدى سنوات ، وعليه فإن الحل الوحيد الذي يوقف استمرار النزاع والقتال بين العائلتين هو تنازل العائلة (أ) عن منزلهم الكبير لصالح العائلة (ب) وهذا هو الحد الأدنى للعدل ، فالعائلة (ب) تنظر على إبنها المصاب ويصيبها الألم ، والعائلة (أ) كلما مروا أمام منزلهم الكبير سيصيبهم الألم لأنه لم يعد ملكهم ، وتفاجأت بتصفيق حاد من أكثر من عشرين رجل لبطلي المفضل (والدي رحمه الله) وقد تم تنفيذ هذا الحل غير المتوقع ، وبعدما عدنا إلى المنزل تجرأت وسألت أبي سؤالاً مركباً: “إنت إزاي فكرت في الحل ده؟ وازاي تحكم ضد العيلة اللي جايباك لصالحها؟” ، وجاء رد بطلي بسيطاً ومختصراً عندما قال لي: ” اللي ربنا إداهولك لازم يخدم الحق وينفع الناس وإلا يبقى ملوش أي لازمة”. شكراً أبي لأنني كلما كبرت أكثر أدركت أكثر أنه لا قيمة لإنسان إن لم ينفع الناس بما منحه الله.
الموقف الثاني: كنت أكثر نضجاً في هذا الموقف ولكني لم أفهم تماماً ما عناه أبي في إجابته إلا بعد مرور سنوات ، فقد كنت في الصف الثاني الابتدائي (أي أن عمري 7 سنوات) وكنت معه كالعادة بإحدى جلسات الصلح التي أصبح والدي عضو تحكيم رئيسي بها ، ودخل رجلٌ شديد الثراء ، كان ولده البالغ 16 عام يملك أسطول من أفخم السيارات ، والكل وقف له إلا والدي صافحه جالساً ولم يقف ، وأصابتني دهشة كبيرة وحالة من التشويش العقلي لأني أرى والدي يقف عندما يدخل عليه “عمي محمد” ماسح الأحذية وهو يأتي كي يقوم بتلميع أحذية الوالد والعائلة ، عاملٌ فقير يقف والدي لمصافحته ولا يقف لذاك الرجل شديد الثراء ، وللمرة الثانية يدفعني فضولي لأتجرأ وأسأل والدي بعد عودتنا للمنزل حتى أفهم ، فإذا به يخلع حذاء قدمه الأيمن (البانص الأسود بتاع زمان) ويزيحه بقدمه للأمام قليلاً ويقول لي وهو يشير للحذاء المخلوع : “دي اسمها إيه؟” فأجبت وأنا خائف “لا مؤاخذة .. جزمة” .. فأمرني أن أُغمض عينَي ففعلت وقال لي: “تخيل انها مليانة دهب بمليون جنيه .. اسمها يتغير واللا هيفضل زي ما هو؟” فأجبته بأنها بقيت على حالها “لامؤخذة جزمة” فقال لي: “فهمت واللا لسه؟” ولأنني كنت أعلم أنه لا يحب الأغبياء فخشيت على نفسي وادعيتُ حينها أنني فهمت كل شيء ، ولكني في الحقيقة لم أعرف المعنى وراء ما قاله والدي إلا بعد أن كبرت بسنوات وعلمت أن ذاك الثري هو في الأصل تاجر مخدرات ، واقتنعت حينها فقط أن عمي محمد “ماسح الأحذية” الذي ينفع الناس بمهنته هو الأجدر بوقوف والدي ومصافحته باحترام. شكراً أبي لأنني كلما كبرت أكثر أدركت أين يكمن الثراء الحقيقي.
شكراً أبي ورحمك الله لأن دروسك العملية لا الكلامية جعلتني أحترم كل إنسان يقدر ما منحه الله من نعم وينفع الناس بها ، وعن غير قصدٍ منك أو مني ، يأتي بينهم فنانٌ عظيم أحبه وأحترمه لأنه يحرص كل الحرص بأن ينفع بفنه كل الناس وما رأيته يوماً حاد عن استهداف الجودة العالية سواء كان ذلك إنسانياً أو ثقافياً أو فنياً ، فهو يدرك أن ثراءه ليس بما يملك من شهرة أو مال بل بما يحصد من حب واحترام من الناس بسبب صدقه وحرصه على عدم خداعهم ، وأنا أول هؤلاء الذين يحبون ويحترمون هذا الفنان الراقي. إنني يا أبي أتحدث إليك عن فنانٍ ربما لم يسعفك الوقت لتعرفه ، إنه النجم العالمي المتواضع “توم هانكس”.
توم هانكس .. من طفولة مأساوية إلى ثروة قومية أمريكية !
ليست الموهبة الفريدة ولا الموسوعة المعرفية الهائلة من خلال القراءة والبحث والتطوير ولا دقة الاختيار والتدقيق في كل ما يُعرض عليه هي فقط الأضواء الكاشفة لمواصفات شخصية النجم الفريد جداً من نوعه توم هانكس Tom Hanks ، بل إن الأرقام أيضاً تتحدث عنه كثروة قومية وإضافة للاقتصاد الأمريكي حيث ساهم “هانكس” من خلال مسيرته السينمائية حتى عام 2019 في حصاد ما يقرب من 12 مليار دولار من شباك التذاكر عالمياً (أي ما يقترب من 200 مليار جنيه مصري) منهم أكثر من 4 مليار و 300 مليون دولار من 7 أفلام كارتون شارك فيهم بآدائه الصوتي فقط ومن بينهم سلسلة الأفلام الشهيرة والأعلى حصاداً Toy Story بأجزائها الأربعة التي اقتربت وحدها من تحقيق رقم 3 مليار دولار والتي آدى فيها هانكس صوت شخصية توي ستوري الشهيرة “وودي”.
ولك أن تصدق أن جالب هذه الثروة الفنية والقومية الكبيرة للولايات المتحدة الأمريكية قد عاش طفولة مأساوية حيث نشأ (كما يقول هو على لسانه) في أسرة مكسورة ومفككة – إدمان الكحول – طلاق الوالدين عام 1960 وعمره 4 سنوات – تنقل في 10 بيوت مختلفة في 6 سنوات (1960 – 1966) ، ويختم هانكس وصف هذه المرحلة من حياته قائلاً: “باختصار ، عشت طفولة مضطربة ومشوشة”.
وُلد توم هانكس عام 1956 بولاية كاليفورنيا الأمريكية ، لأم من أصل برتغالي ، عاملة بإحدى المستشفيات ، وأب من أصل إنجليزي ويعمل كطاهي طعام متنقل. أنهى “هانكس” دراسته الثانوية بمدرسة سكاي لاين في أوكلاند بكاليفورنيا Skyline High School ثم التحق بجامعة كاليفورنيا في عاصمة الولاية “سكرامينتو” California State University, Sacramento ، ولم يُقدر له أن يشارك في أي مسرحية على مسرح الجامعة.
أثناء دراسته بالجامعة ، ذهب لوسط المدينة لعمل تجربة أداء بإحدى المسرحيات وتم قبوله ، وطلب منه مخرج المسرحية (فنسنت داولينج) الانتقال إلى كليفلاند بولاية أوهايو ، وذلك لعرض المسرحية على مسرح البحيرات العظمى Great Lakes Theatre هناك ، وهو المسرح المعروف بتقديم المسرحيات الكلاسيكية وخاصةً مسرحيات وليم شكسبير.
بدأ توم هانكس حياته السينمائية عام 1980 مع المخرج ” أرماند ماستروياني” في فيلم رعب بعنوان He Knows You’re Alone ، ورغم أن الفيلم مثير ومشوق لكونه يدور حول قاتل متسلسل إلا أنه لم يقدم “هانكس” للجمهور كما كان يتمنى.
وجاءت لحظة شهرة وانطلاقة “هانكس” السينمائية مع المخرج الكبير “رون هوارد” عام 1984 في فيلم Splash فقد آمن “هوارد” به وبموهبته بعد تجربة تلفزيونية لهانكس معه ، لدرجة أنه أسند له دور البطولة في هذا الفيلم الذي يشبه في خياله قصص ألف ليلة وليلة حيث يلتقي الشاب “ألِن” (توم هانكس) بحورية البحر “ماديسون” (الممثلة داريل حنا) بعد أن أنقذته من الغرق في صباه ، وعندما يكبر ويعود للغوص بنفس المكان تنقذه حورية البحر “ماديسون” مرة أخرى ، ويقع في حبها دونما أن يعلم ما هو مصير هذا الحب. فيلم Splash تكلف إنتاجه 8 مليون دولار وجمع عالمياً حوالي 70 مليون دولار.
توم هانكس متعدد المواهب والقدرات فهو ليس ممثلاً فقط بل كاتب أفلام وأعمال تلفزيونية وكلمات أغاني ، وهو مؤدي صوتي رائع وهو مخرج ومنتج عالي المستوى ، ولأننا لن نستطيع تناول كل ما قدمه للسينما العالمية والذي يزيد عن خمسين عملاً فإننا سنمر على بعضٍ من أعماله العظيمة المتنوعة في السطور التالية.
– في عام 1986 يحقق “هانكس” شهرته الأمريكية الكبيرة ويستمر في رحلة الترويج لإمكاناته الفنية على المستوى العالمي من خلال الفيلم الكوميدي The Money Pit فهو الشاب الذي اشترى بيت الزوجية الذي كان يحلم به ، وهو بيت قديم يحتاج إلى ترميم وإصلاحات كثيرة ، ومن هنا يواجه هو وحبيبته كوارث لم تكن متوقعة في هذا المنزل الذي كلفه الكثير ، كوميديا راقية تصنعها المواقف والظروف (لا الإفيهات ولا السخافات!) ، لدرجة أن شركة الانتاج كتبت على البوستر الرسمي لإعلانات الفيلم عبارة خفيفة الظل تقول: “لكل من هو غارقٌ في الحب .. أو .. في الديون” ، وهنا يتضح أهمية وعي وثقافة وإبداع القائمين على صناعة الفيلم ، فهذه العبارة التي وردت في الإعلان الرسمي عن الفيلم كفيلة بأن تحرك رغبتك لمشاهدة الفيلم. تكلف فيلم The Money Pit حوالي 10 مليون دولار وجمع عالمياً حوالي 55 مليون دولار.
– في عام 1988 يؤكد توم هانكس أنه ممثل كوميدي رفيع المستوى ، ويحقق شهرة عالمية كبيرة من خلال فيلم Big ، قصة الصبي الصغير “جوش” ذي الثلاثة عشر عاماً ، الذي عبر عن أمنيته الحقيقية أمام ماكينة الأمنيات “زولتار” وهي أن يصبح كبيراً دون الحاجة لمرور السنوات كي يكبر ، وتتحقق الأمنية وبالفعل يصحو في اليوم التالي ليجد نفسه في جسد شاب كبير لكن شخصيته مازالت بعمر 13 سنة ، ويحصل “جوش” على صديقة حميمة Girl Friend وعلى وظيفة بشركة ابتكار وتصنيع ألعاب أطفال ، والفيلم مليء بالمواقف الكوميدية التي لم تخرج أبداً عن سياق القصة وأهدافها. تكلف هذا الفيلم 18 مليون دولار وجمع عالمياً حوالي 152 مليون دولار. وترشح “توم هانكس” ذو الثانية والعشرين من العمر آنذاك عن هذا الفيلم ولأول مرة لجائزة الأوسكار كأفضل ممثل في دور رئيسي بينما فاز عن نفس الفيلم ولأول مرة بجائزة جولدن جلوب كأفضل ممثل رئيسي ، كما ترشح الفيلم لجائزة الأوسكار كأفضل سيناريو. كتب سيناريو الفيلم كل من الكاتب والمنتج “جاري روس” والكاتبة والمنتجة “آن سبيلبرج” شقيقة المخرج الشهير “ستيفن سبيلبرج” ، والفيلم أخرجته للسينما “بيني مارشال” وهي ممثلة ومخرجة ومنتجة معروفة في هوليوود.
– في عام 1993 يتألق توم هانكس في عملين عظيمين ، أولهما فيلم Philadelphia مع المخرج ” جوناثان ديمي” بمشاركة النجم الأسمر “دينزل واشنطن” ، وهو الفيلم الذي ترشح لخمس جوائز أوسكار ، وقد فاز الفيلم بجائزتين منهم ، واحدة كانت وللمرة الأولى من نصيب “توم هانكس” كأفضل ممثل في دور رئيسي ، والثانية كانت من نصيب “بروس سبرينجستين” كأفضل موسيقى عن أغنية Streets of Philadelphia ، وجاء من بين ترشيحات الأوسكار الكاتب “رون نيسوينر” كأفضل كاتب سيناريو. وقد فاز “توم هانكس” عن نفس الفيلم بجائزة جولدن جلوب كأفضل ممثل رئيسي ، وفاز كذلك الموسيقي “بروس سبرينجستين” عن أغنيته بهذا الفيلم Streets of Philadelphia بجائزة جولدن جلوب كأفضل موسيقى لأفضل أغنية. تكلف إنتاج فيلم “فيلادلفيا” حوالي 26 مليون دولار وجمع عالمياً أكثر من 200 مليون دولار.
أما العمل الآخر بنفس العام هو فيلم Sleepless in Seattle الذي قدم فيه هانكس مع النجمة “ميج رايان” عملاً رومانسياً رائعاً من خلال شخصية “سام” الأرمل الذي يعيش مع طفله الصغير وحدهما من بعد رحيل زوجته ، وطفله الصغير هو من يبحث له عن شريكة جديدة من خلال اتصاله ببرنامج إذاعي ، وعندما تأتي مداخلة “سام” في البرنامج الإذاعي تسمع حكايته المراسلة ” آني ريد” (الممثلة ميج رايان) وتتأثر كثيراً وتقع في حبه عن بعد رغم أنها مخطوبة ولا تعرف كيف تتصرف حيال ما أصابها من شعور جميل تجاه “سام” ، ثم تتجرأ وترسل له طلب أن يقابلها في يوم عيد الحب (الفالانتاين) في مبنى “إمباير ستيت” Empire State Building ومن هنا تبدأ قصة الحب الرائعة بين “سام” و “آني”. الفيلم من تأليف الكاتبة والمخرجة والمنتجة “نورا إفرون” صاحبة الترشح لثلاث جوائز أوسكار ، وهي كذلك كاتبة الفيلم الشهير “جولي و جوليا” للنجمة “ميريل ستريب” ، وقد كتبت فيلماً رومانسياً آخراً للثنائي “توم هانكس و ميج رايان” عام 1998 وهو فيلم You’ve Got Mail ، وقد ترشحت عن فيلم Sleepless in Seattle لجائزة الأوسكار كأفضل سيناريو بالشراكة مع كل من “ديفيد إس وورد” و “جيف آرش” ، وقد ترشح “توم هانكس” عن هذا الفيلم لجائزة جولدن جلوب كأفضل ممثل ، وترشحت “ميج رايان” عن هذا الفيلم لنفس الجائزة (جولدن جلوب) كأفضل ممثلة. تكلف إنتاج فيلم Sleepless in Seattle حوالي 21 مليون دولار وحصد عالمياً من شباك التذاكر حوالي 230 مليون دولار.
– في عام 1994 يقدم توم هانكس واحداً ليس فقط من أفضل أعماله بل واحداً من أعظم الأفلام في تاريخ السينما الأمريكية والعالمية – الفيلم الأسطوري Forrest Gump والذي يجسد فيه شخصية المواطن البسيط “فوريست جامب” من ولاية ألاباما الأمريكية وهو من عاش في عهد كينيدي وجونسون ونيكسون وفضيحة ووتر جيت وشارك في حرب فيتنام ، وهو شخص محدود الذكاء بمعدل IQ فقط 75 ، ولا يشغله سوى أن ينال حبه الحقيقي مع حبيبته منذ طفولته ، ويشاء القدر أن يصبح هذا الشخص البسيط رمزاً كبيراً للتألق والنجاح بعدما نال شهرة كبيرة وصافح الرؤساء وحصد الميداليات ، وأصبح محترفاً في كرة الطاولة “البنج بونج” ، وهو شخص يعشق الركض ، ويمتلك أحد أكبر شركات الجمبري في البلاد ، إنه فورست جامب “توم هانكس” الذي يلخص لنا رسالة فلسفية بسيطة من خلال مشوار حياته مفادها أنه ليس من الضروري أن تكون عبقرياً لتدرك النجاح بل كل ما عليك فعله إن أردت شيئاً هو ألا تتوقف عن المحاولة.
إن “فورست جامب” ليس شخصاً ذكياً ولكنه بنقائه وبساطته يعرف ويثمن قيمة الحب في حياة الإنسان. فيلم “فوريست جامب” مأخوذ من قصة الكاتب “وينستون جروم” وكتب له السيناريو المنتج والكاتب والممثل “إريك روث” وأخرجه العبقري “روبرت زيميكس”. ترشح فيلم “فورست جامب” لعدد 13 جائزة أوسكار فاز منها بست جوائز كان من بينها جائزة من نصيب “توم هانكس” ، وللمرة الثانية على عامين متتاليين ، كأفضل ممثل في دور رئيسي ، كما فاز “روبرت زيميكس” كأفضل مخرج ، و”إريك روث” كأفضل سيناريو ، وفاز الفيلم بثلاث جوائز أوسكار أخرى كأفضل فيلم وأفضل مونتاج وأفض مؤثرات بصرية. وفاز “توم هانكس” عن هذا الفيلم كذلك بجائزة جولدن جلوب كأفضل ممثل رئيسي وفاز بنفس الجائزة عن نفس الفيلم “روبرت زيميكس” كأفضل مخرج. تكلف إنتاج فيلم “فوريست جامب” حوالي 55 مليون دولار وجمع من شباك التذاكر عالمياً ما يقرب من 680 مليون دولار.
– في عام 1995 يقدم “هانكس” ثاني أفلامه مع المخرج المتميز “رون هوارد” بعنوان Apollo 13 وهو الفيلم الذي ترشح لتسع جوائز أوسكار فاز منها باثنتين ، كأفضل مونتاج وأفضل صوت. وتكلف إنتاج الفيلم 52 مليون دولار وجمع عالمياً ما يقرب من 360 مليون دولار.
– في عام 1998 يقدم توم هانكس مع الخرج الكبير “ستيفن سبيلبرج” واحداً من بين أعظم أعماله السينمائية وهو فيلم Saving Private Ryan حيث يجسد شخصية “الكابتن ميللر” الذي يتم تكليفه هو وفريقه المختار بإعادة الجندي “جيمس رايان” إلى أمه بأمريكا وذلك أثناء الحرب العالمية الثانية وتحديداً بعد غزو الحلفاء لنورماندي في 1945 ، حيث أنه “الجندي جيمس رايان” هو الإبن الرابع للسيدة “رايان” وهو الذي مات إخوانه الثلاث في يوم واحد أثناء هذه الحرب. ترشح هذا الفيلم لعشر جوائز أوسكار كان من بينها ترشح “توم هانكس” لجائزة أفضل ممثل في دور رئيسي وترشح “روبرت رودات” لجائزة أفضل سيناريو ، بينما فاز الفيلم بخمس جوائز أوسكار وكان من بينهم “ستيفن سبيلبرج” كأفضل مخرج وكذلك فاز بجائزة جولدن جلوب كأفضل مخرج ، وترشح “توم هانكس” لجائزة جولدن جلوب كأفضل ممثل رئيسي. تكلف إنتاج هذا الفيلم حوالي 70 مليون دولار وحصد عالمياً من شباك التذاكر ما يقترب من نصف مليار دولار.
ويقدم توم هانكس في نفس العام (1998) الفيلم الرومانسي You’ve Got Mail مع النجمة “ميج رايان” وهو الفيلم الذي ترشحت عنه “ميج رايان” لجائزة جولدن جلوب كأفضل ممثلة رئيسية ، وقد تكلف إنتاج الفيلم حوالي 65 مليون دولار وجمع عالمياً ما يزيد عن ربع مليار دولار.
– في عام 1999 يقدم توم هانكس الفيلم الإنساني الرائع The Green Mile الذي ترشح لأربع جوائز أوسكار كان من بينها جائزة من نصيب الممثل الأسمر الراحل “مايكل كلارك دانكِن” كأفضل ممثل في دور مساعد ، وهو الفيلم الذي تكلف إنتاجه 60 مليون دولار وحصد عالمياً ما يقترب جداً من 300 مليون دولار.
– في عام 2000 يقدم توم هانكس عملاً سينمائياً رائعاً من إنتاجه وهو العمل الثاني له مع المخرج “روبرت زيميكس” وهو فيلم Cast Away الذي ترشح لجائزتي أوسكار كانت إحداهما من نصيب “هانكس” في الترشح للأوسكار كأفضل ممثل في دور رئيسي ، بينما فاز “توم هانكس” عن هذا الفيلم بجائزة جولدن جلوب كأفضل ممثل رئيسي. تكلف الفيلم 90 مليون دولار وجمع عالمياً حوالي 430 مليون دولار.
– في عام 2002 يقدم توم هانكس فيلمه الثاني مع المخرج العبقري “ستيفن سبيلبرج” وهو الفيلم المأخوذ عن قصة حقيقية وعنوانه Catch Me If You Can مع النجم “ليوناردو دي كابريو” والممثل القدير “كريستوفر ووكِن” ، وقد ترشح الفيلم لجائزتي أوسكار وكان من بينهما ترشح “كريستوفر ووكِن” كأفضل ممثل في دور مساعد وفاز بجائزة BAFTA البريطانية كأفضل ممثل في دور مساعد ، وهو الذي قام بدور والد المحتال الصغير “فرانك” (دي كابريو). تكلف الفيلم 52 مليون دولار وجمع عالمياً 352 مليون دولار.
ثم يقدم “توم هانكس” في عام 2004 فيلمه الثالث مع “ستيفن سبيلبرج” بعنوان The Terminal والذي تدور أحداثه داخل مطار كينيدي بنيويورك ، ويجسد “هانكس” واحدة من أروع الشخصيات التي قدمها في مشواره الفني وهي شخصية “فيكتور نافورسكي” هذا الرجل البسيط الذي جاء من دولة بأوروبا الشرقية غير مستقرة سياسياً آنذاك (المجر) ولم تكن أوراق سفره تتوافق مع قوانين الدخول لأمريكا ، وما كانت زيارته لأمريكا إلا وفاءً لوالده الذي كان عاشقاً لموسيقى “الجاز” الأمريكية وكان قد حصل على توقيعات كل نجوم الجاز الذين رآهم في جريدة ببلاده (وعددهم الإجمالي 57 موسيقي) فيما عدا عضواً واحداً هو عازف الساكسفون “بيني جولسون” وقد فارق والد “فيكتور” الحياة قبل الحصول على التوقيع الأخير الذي تمناه ، ويتخذ المسافر “فيكتور” من المطار بيتاً له ويتعرف هناك على العاملين داخل المطار ويخلق صداقة معهم. وقد تكلف إنتاج فيلم Terminal حوالي 60 مليون دولار وجمع عالمياً حوالي 220 مليون دولار.
– في عام 2006 يقدم هانكس فيلمه الثالث مع المخرج “رون هوارد” بعنوان The Da Vinci Code الذي تكلف إنتاجه 125 مليون دولار وجمع عالمياً ما يزيد عن 760 مليون دولار. ويقدم مع نفس المخرج فيلماً آخراً في عام 2009 بعنوان Angels & Demons الذي تكلف 150 مليون وجمع 485 مليون دولار.
– في عام 2013 يقدم توم هانكس الشخصية الفنية التاريخية “والت ديزني” مع النجمة “إيما تومسون” في فيلم Saving Mr. Banks الذي ترشح لجائزة الأوسكار كأفضل موسيقى ، وتكلف إنتاجه 35 مليون دولار وجمع عالمياً حوالي 120 مليون دولار ، وفي نفس العام ، يقدم شخصية الكابتن “فيليبس” في فيلم Captain Phillips المأخوذ من الأحداث الحقيقية التي وقعت للكابتن “ريتشارد فيليبس” من قراصنة البحر الصوماليين عام 2009 ، وقد ترشح الفيلم لست جوائز أوسكار ، كما ترشح “توم هانكس” عن هذا الفيلم لجائزة جولدن جلوب كأفضل ممثل رئيسي ، وتكلف إنتاج الفيلم 55 مليون دولار وجمع ما يقرب من 220 مليون دولار.
– في عام 2015 يقدم توم هانكس فيلمه الرابع مع المخرج “ستيفن سبيلبرج” بعنوان Bridge of Spies والذي يلعب فيه شخصية “جيمس دونوفان” المحامي عن جاسوس روسي بأمريكا يُدعى “رودولف آبيل” (الممثل مارك ريلانس) وينتهي “دونوفان” بعقد صفقة لتبادل هذا الجاسوس الروسي مع طيار أمريكي تحت قبضة الروس كعميل للمخابرات الأمريكية. ترشح الفيلم لست جوائز أوسكار فاز منها بجائزة واحدة كانت من نصيب الممثل “مارك ريلانس” كأفضل ممثل في دور مساعد ، وقد ترشح نفس الممثل عن نفس الفيلم لجائزة جولدن جلوب وفاز بجائزة BAFTA البريطانية كأفضل ممثل في دور مساعد. تكلف إنتاج هذا الفيلم 40 مليون دولار وجمع عالمياً أكثر من 165 مليون دولار.
– في عام 2016 يقدم توم هانكس ثلاث أعمال سينمائية ، بدأها بفيلم A Hologram for the King والذي يجسد فيه شخصية رجل المبيعات الفاشل “ألان” الذي يقرر السفر إلى المملكة العربية السعودية ليحاول بيع منتج شركته للملك الثري. ثم فيلم Sully من إخراج الممثل والمنتج والمخرج الكبير “كلينت إستوود” وهو الفيلم الذي ترشح لجائزة الأوسكار كأفضل مكساج صوتي ، وتكلف إنتاج الفيلم 60 مليون دولار وجمع عالمياً أكثر من 240 مليون دولار. ثم يختتم “هانكس” العام بعمله الثالث لنفس السنة والخامس مع المخرج “رون هوارد” وهو فيلم Inferno الذي تكلف إنتاجه 75 مليون دولار وجمع عالمياً ما يزيد عن 220 مليون دولار.
– في عام 2017 يقدم توم هانكس عملاً سينمائياً واحداً هو الخامس له مع المخرج “ستيفن سبيلبرج” بعنوان The Post بمشاركة النجمة “ميريل ستريب” ، وقد ترشح الفيلم لجائزتي أوسكار كان من بينهما واحدة من نصيب النجمة “ميريل ستريب” كأفضل ممثلة في دور رئيسي ، وقد تكلف إنتاج الفيلم 50 مليون دولار وحصد عالمياً من شباك التذاكر ما يقرب من 180 مليون دولار.
– في عام 2019 يقدم توم هانكس عملين ولا أروع ، أولهما يشارك بآدائه الصوتي البديع في الجزء الرابع من فيلم الكارتون الشهير “توي ستوري” Toy Story 4 الذي تكلف 200 مليون دولار وجمع عالمياً ما فاق المليار دولار. ثم الفيلم الرائع A Beautiful Day in the Neighborhood المأخوذ عن القصة الحقيقية للإعلامي الأمريكي الشهير “فِريد روجرز” مقدم برنامج Mister Rogers’ Neighborhood ، ويجسد “هانكس” شخصيته وقصة صداقته مع الصحفي “لويد فوجيل” (الممثل ماثيو رِيس). ترشح “توم هانكس” عن دوره بهذا الفيلم لثلاث جوائز كأفضل ممثل في دور مساعد – الأوسكار وجولدن جلوب وجائزة BAFTA البريطانية. تكلف إنتاج الفيلم 25 مليون دولار وجمع عالمياً ما يقرب من 70 مليون دولار.
من الجدير بالذكر أن “توم هانكس” متزوج من الممثلة والمغنية وكاتبة الأغاني “ريتا ويلسون” منذ عام 1988 وإلى الآن ، وله منها ولدان هما “شيستر” و “ترومان”. وزوجته الأولى هي الممثلة “سامنثا لويس” التي توفت عام 2002 وله منها ولد يُدعى “كولين” وبنت تُدعى “إليزابيث”.