كتبت : كرز محمد
في خضم الأحداث التي تتسم بالإثارة والتشويق بمسلسل “لما كنا صغيرين” تأليف الكاتب المبدع أيمن سلامة، وإخراج محمد على، وبطولة “محمود حميدة، خالد النبوي، ريهام حجاج، محمود حجازي، كريم قاسم، نسرين إمام، نبيل عيسي”، وآخرين ممن أبدعو في هذا المسلسل، ومن هنا لابد للمشاهد أن يتوقف كثيرا وبقدر من التأمل في الأداء العالمي الاحترافي لكل من: صاحب الوكالة الإعلانية “سليم” الذي لعب دوره محمود حميد و المحامي ضابط الشرطة السابق “ياسين”، الذي جسده خالد النبوي، فسوف نلحظ مباراة ساخنة تشبه “البينج بونج” بين كليهما على مستوى استخدام لغة الجسد والصوت في التعبير عن المشاعر الداخلية لكلا الشخصيتيتن، اللتين تتمتعان بالدهاء الشديد والاحترافية في كسب أرض من جانب كل منهما تجاه الآخر، ولعل مشهد أول لقاء بينهما يعتبر الـ “ماستر سين” لكل الحلقات الـ (16) التي عرضت حتى الآن من فرط الإعجاب بأدائهما، حيث جاء المشهد على النحو التالي:
في مفاجأة غير متوقعة يدخل ياسين على مكتب سليم في وكالته الإعلانية ويستقبله سليم بترحاب مفتعل قائلا : أهلا أهلا أهلا .. مع إنه حسن عمره ما كلمني عن حضرتك قبل كده، تحب أقولك ياسيادة المقدم ، ولا ياحضرة الأفوكاتو العظيم؟
ياسين : قولي ياسين وأقولك سليم ونبقي صحاب
يوميئ سليم برأسه ويقول : صحاب .. ما يتهيأليش.
ياسين : ما نجرب مش حانخسر حاجة.
بامتعاض ومصمصمة شفاه يرد سليم : معنديش وقت أجرب .. ما تجيب سيادتك من الآخر وتقولي عايز إيه .. بدل موضوع الصحوبية ده؟
بابتسامة فيها قدر من السخرية والامتعاض يقول ياسين وهو يهز رأسه قليلا : من الآخر.. ويفاجأ سليم : أنا متأكد إنك برئ من قتل “نهى”.
بسخرية مخلوطة بالثقة والعجب يرد سليم : وأنا متشكر جدا!!! .. بس داخلة حلوة عجبتني علشان الجيم.
ياسين يهز رأسه في شبه اتهام مبطن متسائلا: طب وليه انته مصمم إن حسن يلبسها؟
يرد سليم بتنهيدة بسيطة وكأنها نتيجة طبيعية لكلام غريمه: لأن حسن كان بيضربها واحنا صغيرين في المدرسة ههههه .. ياسين بيه أنا ميهمنيش أبدا حسن يلبس القضية أو يطلع براءة، وما يهمنيش ثقة حضرتك في براءتي، ويشير إلى اليافطة الموجودة على مكتبه : سليم منصور أكبر من كده بكتييييييير قوي قوي قوي، وينظر في عجب لياسين قائلا : واضح ان حضرتك ما ذكرتش الشخصية إللي جاي تلعب معاها؟
في حركة استعراضية لمحامي “عقر” يرفع ياسين كلتا يديه وينظر في كفه كأنه يقرأ طالع سليم قائلا : سليم منصور ثابت .. مالتي مليونير.. دخله من الوكالة الإعلانية ما يجيش واحد على عشرة من ثروته .. فيه ناس بيقولوا جايبها من سكة شمال، وناس تانية بيقولوا من سكة شمال برضه، ثم بمصمصة شفاه : ولاد حرام.
بابتسامة ذئب عجوز يرد سليم مع ابتسامة ماكرة : نفس ولاد الحرام إللي اتهموك قبل كده في قضية تعذيب.
ياسين وسليم يهزان رأسيهما في تبادل للاتهام، ويرد ياسين : بس طلع بلاغ كيدي من واحد شمال كنت قابض عليه.
بابتسامة سعادة المنتصريرد سليم : ما حضرتش الحصة دي محدش قالي!!!
يعاجله ياسين بالرد بابتسامة أكبر: ما أنا بقولك أهوه.. ويضيف : مادام مذكرين بعض كده ما نكشف ورقنا على الترابيزة.
بصوت الهادي الواثق يرد سليم : جملة قديمة قوي قوي يا ياسين بيه ، كان ممكن تقولها لواحد مسجل خطر، إنما متقولهاش لصاحب أكبر (إيجينسي) في البلد ، وبعدين زي ما سيادتم شايف أنا باشتغل في أوضة إزاز .. يعني معنديش حاجة مستخبية عشان أكشفها.
قهقهة عالية يصدرها ياسين في عجب : أوضة قزاز موجها اتهام جديد لسليم : والكاميرات اللي اتعطلت بفعل فاعل : أوضه قزاز برضه؟
يرد سليم بتهكم : المنتجات الصيني ملت البلد يا ياسين بيه .. على فكرة دي مش أول مرة تعطل .. ياما عطلت كتير قوي قوي قوي.
ابتسامة تهكم موازية يردها ياسين ويوجه تسديدة جديدة لسليم : طب وصافي؟
يرد سليم في تهكم جديد : الفنانة المشهورة صافي انته تعرفها ، أنا نفسي أتعرف عليها.
ياسين في تحد مبطن بسخرية حادة : أنا كنت متأكد إني لما أجيلك مش حاوصل لحاجة!!
يرد سليم بنبرة الواثق : طيب تعبت نفسك ليه وجيت؟
يرد ياسين بنبرة حزن مصحوبة بموسيقى تبعث على الشجن : علشان حسن !!! .. علشان أثبت براءته لو حاروح آخر العالم .. ويرفع كفه في وجه سليم قائلا: علشان أقولك كمان إن الجيم اللي بينا ابتدا.
يرد سليم ويشوبه قدر من القلق: بس الحقيقة إني مش حاقدر ابتدي مع سيادتك الجيم ده ولا حالعبه .. ثم يرفع حواجبه في سخرية أقولك : إلعبه مع نفسك .. بس وحياتك ما تنساش تقولي مين اللي كسب.
ياسين يهز رأسه في استنكار لمرواغات سليم قائلا : أنا مش محتاج أقولك مين اللي كسب .. أنا حافرجك على الجيم لايف .. على الشاشة، وساعتها مش حتقدر تعطلها زي ماعطلت الكاميرات .. عشان السوفت وير معايا.
يرد سليم بتهكم من جديد : مش قلت لك مينفعش نبقى أصحاب؟ ثم يدير وجه نحو شاشة الكمبيوتر الموجودة أمامه على مكتبه.
ينهي ياسين حديثة في حسم قبل أن يغادر مكتب متوعدا : انته اللي اخترت .. استحمل بقى!!!
برع المخرج محمد على في رصد تعبيرات وجهي كل من حميدة والنبوي واستطاع أن يفجر الصراع المكتوب بينهما بزوايا تصوير تركز على وجهيهما بطريقة ذكية تعرف قدر عملاقين في الأداء ، وقد ساهمت الموسيقى التصويرية لنادر حمدي والديكور الملائم لكريم المهدي، ومن فوق كل ذلك الإنتاج لأحمد عبد العاطي في إنتاج صورة بصرية مبهرة للغاية، فضلا عن صناعة جو من الإثارة والتشويق يجعل هذا المسلسل من أفضل الأعمال التي عرضت على شاشة رمضان 2020.