بقلم : محمد حبوشة
رغم الانتقادات اللاذعة لأداء “ياسمين صبري” إلا أنها كانت الفرس الرابح في سباق دراما رمضان 2019، وربما ساهم إلى حد كبير في تقدمها الصفوف في أولى تجارب البطولة بمسلسل “حكايتي” وجود أسماء ممثلين كبار وشباب مشهود لهم بالكفاءة مثل “أحمد بدير، جمال عبد الناصر، أحمد صلاح حسني، وفاء عامر، جميل برسوم إدوارد، أحمد حاتم، إسلام جمال، هنادي مهنا” وغيرهم ممن منحوها طاقة إيجابية مكنتها بالضرورة من ضبط إيقاع أدائها الرومانسي على نحو جيد، رغم أن السيناريو لم يكن جيدا، وشهد كثيرا من السقطات الفادحة التي كادت تودي بالمسلسل إلى الدرك الأسفل من دائرة الصراع المفتعل، إلا أنها هى نفسها “ياسمين” أخفقت إلى حد ما في “فرصة تانية” في تحقيق نفس النجومية في رمضان 2020.
صحيح أنها تملك قدرا من الجمال الفارق على مستوى الشكل من بين بنات جيلها، لكن هذا لايمكن أن يكون معادلا موضوعيا للأداء التمثيلي الجيد الذي يكتب النجاح لممثلة ماتزال في طور التكوين، بحيث يغطي على ضعف قدرتها على التجسيد السليم في ثاني تجاربها، وظني أن مسلسل “فرصة تانية” ساهم في أخفاق ما تعرضت له جراء أنه يصعب تصنيفه دراميا، خاصة أنه كتب في خانة التعريف بأن نوع المسلسل “دراما”، فهل هو ينتمي إلى اللون الرومانسي أم الاجتماعي أم أنه يميل إلى نوعية الإثارة والتشويق، بالتالي فقد أساء المؤلف والمخرج كممارسي نمطي الإثارة التشويق فهم قواعد اللعبة، أو يمارسونها باستهانة خلال محاولتهم التشبه بكاتب معين وتقليده باتباع وليس بإبداع.
تابعت حلقات “فرصة تانية” وأصابتني الحيرة المصحوبة بالتوتر بسبب الشد والجذب والتوتر الذي ساد من الحلقة الأولى، وهو أمر حيرني فعلا في فهم “الاسكريبت” هل هو مبني على معضلة أخلاقية، وما العمل بعد الخيانة التي تعرضت لها “ملك” خاصة أن الكاتب رسم ملامح الشخصية لياسمين صبري على أنها فاقدة للذاكرة، ثم سرعان ما تراجع خياله المضطرب – ربما بفعل فاعل أراد ألا تظهر النجمة الحسناء فاقدة للوعي مثلها مثل أي ممثلة عادية، حتى لا يضطر الماكيير أن يلعب لعبة تشويه الوجه على نحو يؤثر على صورتها الذهنية لدي مشاهد لايمكن أن يرضى بخدش وجهها أو أي عضو آخر من جسمها لا سمح الله – وهو ما ظهر في ثلاثة مشاهد جاءت على نحو مختلف في أعقاب الحادث الذي تعرضت له في نهاية الحلقة الأولى، فضلا عن خلو وجهها من أية مشاعر أو أحاسيس تشير إلى أنها البطلة التي تحتل أفيش المسلسل وجدها دون غيرها.
ولقد لاحظت ملاحظة مهمة أيضا أن عدوى استنساخ الأفكار ظاهرة للعيان بين مسلسلي دينا الشربيني في ‘لعبة النسيان’ وبين ياسمين صبري، التي يقال إنها لم تفقد ذاكرتها في “فرصة تانية”، كما هو حال الشربيني في ‘لعبة النسيان’، التي تتعرّض وفق الأحداث للسقوط في حديقة المنزل الذي تسكنه وتقضي أربعة أشهر في المشفى بسبب الغيبوبة لتعود وتستفيق فتجد نفسها ناسيةً تماماً كل ما حصل في فترة زواجها، فيما تصاب ياسمين صبري بحادث سير يؤدّي الى فقدانها المحدود أيضا للذاكرة، ويبدو أنها لعبة تحاول من خلالها اختبار خطيبها الذي كشفته مع سيدة أخرى بعد أيام من الخطوبة، وطالبت بالانفصال عنه، ولم تشفع للعريس أيّ محاولة للعودة مجدداً، حتى استغلّ ضعف ذاكرتها وعاد مجدّداً ليطلب منها العمل وربما الزواج مجددا، فهل ما نراه مجرد صدفة أم توارد أفكار واستنساخ بين جميلتين؟ وكيف ستكون النهاية؟ في انتظار الإجابة مع الوصول لخط نهاية الحلقات.
فشلت ياسمين صبري هذه المرة في اختيار فريق العمل – عدا محمد أبو داود ودياب وهبة مجدي – الذي يساندها في مسلسل يكتنفه قدرا من الغموض الذي وضعه في معالجة السيناريو “محمد سيد بشير”، وربما يقول قائلا ماهو ذنب ياسمين في اختيارات جرت بعيدة عنها، ولكني أوكد أن نجوم هذا الزمان يفرضون شروطهم على المؤلف والمخرج وحتى شركات الإنتاج، ويبدو أنها اختارت “أحمد مجدي” من باب الوسامة التي تقابل وسامتها، لكن للأسف جاء أداءه باردا ولم يمنحها أي قدر من الطاقة الإيجابية التي تحدث نوعا من التفاعل فيما بينهم، وحتى أداء “إدوارد” الذي تميز معها في مسلسل “حكايتي” ويقدم أداء رائعا في مسلسل “البرنس” يبدو باردا في أدائه في “فرصة تانية”.
كنت أعول على “أيتن عامر” باعتبارها ممثلة من الوزن الثقيل في تقديم أداء ناعم يوازي أداءها البديع في مسلسل “الأخ الكبير”، لكن على مايبدو فشل السيناريو في رسم ملامح شخصية “ريهام” التي تحب “زياد” حبا مرضيا، جعلها تتكئ على منطق معكوس في فهم الحب والعاطفة والتي تتطلب التضحية من أجل حبيب اضطر للتضحية بحبه لـ “ملك” مرغما، لكنه فشلت في احتوائه ، ومن ثم أصبحت وبالا عليه، تطارده في كل محاولاته للتقرب من “ملك” رغم طلاقها، وفي كل مرة تحاول الهروب من حصار والدها لها ومحاولته لعلاجها نفسيًا، وتمكنه من إدخالها لمصحة للعلاج النفسي بعد نصيحة من طبيبها، لكنها تصر دوما على إفساد حياة “زياد”، وهذا عيب واضح في السيناريو حيث أن تصرفاتها لاتحمل منطقا دراميا يشفع لها مثل تلك التصرفات.
وبمنطق غير مفهوم في الدراما اتخذ السيناريو منحنى آخر بالوصول للحلقة 12، حيث بدأت الأمور بين “ملك وزياد” بالتحسن، لكن “ريهام” وعلى عكس تصرف والدها باتخاذ موقف حاسم لوقف أفعالها المتهورة التي تقوم بها في كل حلقه لملاحقة زياد ومحاولة قتل نفسها أو قتل ملك، ليمنعها اليوم من الخروج من المنزل نهائيا وعرضها على طبيب نفسي للكشف عن قواها العقلية، لكنها تتسلل إلى حفل خطوبة “زياد وملك” لتفسدها من جديد في الحلقة 15، رغم أن تلك الحفلة أشعلت من جديد نيران الحب بينهم فبدء زياد بالحديث عن ماضية مع ملك دون أن يخبرها أنها من يقصد الحديث عنها وانتهت الحلقة باعتراف صريح من زياد لملك بحبه لها.
وعلي أتوقف قليلا أمام مفارقات الجمهور على مواقع التواصل الاجتماعي على مشهد الاعتراف بالحب بين “ملك وزياد” فقد وصفه بعص رواد “تويتر” بأن “حب على المحور.. أغرب طريقة موافقة على الجواز” من مسلسل “فرصة ثانية”، عندما قالت ملك “ياسمين صبري” : أنا موافقة لـ”زياد” (أحمد مجدي) بعدما عرض عليها الزواج، في الحلقة 13 من مسلسل “فرصة تانية”، ثم انطلقت بسيارتها على المحور وهو تبعها بسيارته، ولقد أثار المشهد حالة من الجدل على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، واصفين المشهد بأغرب طريقة زواج، وحصد مقطع الفيديو على “فيسبوك”، العديد من التعليقات خاصة من الفتيات، وتمنوا أن يجدوا شخص مثله وطريقة حب وطلب زواج مختلفة، وكانت من بين التعليقات:
فقالت واحدة : “بجد حلو أوي.. يا رب اوعدنا بقي”.
وقالت ثانية : “أقسم بالله أنا فرحت كأنه ليا بالظبط وفعلا دمعت وفضلت مبسوطة زيهم طول المشهد معرفش ده أي حد زيي ولا إيه”.
أما الثالثة فقالت : “مش معقول الرومانسية المفرطة دي، الواحد بيتعب والله”.
وقد جاءت كل ردود الفعل تلك على الرغم من الأداء البارد الذي يخلو من فرط مشاعر فياضة تبدو على وجه كل من “أحمد مجدي وياسمين صبرى”، وذلك على حد وصف رواد آخرين على مواقع التواصل الاجتماعي نفسها التي أشادت بنفس المشهد، لكن على أية حال فقد ذهبت الرومانسية أدراج الرياح في الحلقة 15 وعاد الحبيبان إلى المربع الأول من جديد بفضل تصرفات “ريهام” الهوجاء من جديد، وضاعت الفرصة الثانية في منتصف الحلقات، لتطرح سؤلا جوهريا : ماذا يفعل كاتب السيناريو في مثل تلك الحالة، وهل يمكن أنت تقود الأحداث إلى فرصة ثالثة وجديدة، أم أن” نهاية العمل المحتملة هو موت “ملك” بحسب ما استنتجوه من اللقطات التي انتشرت على مواقع التواصل.
ويظهر في هذا المشهد البطل زياد “أحمد مجدي ” في المقابر وهو يقوم بالاهتمام بالزرع بجانب أحد القبور، ويبدو عليه الحزن الشديد، ما جعل البعض يظن بأن نهاية العمل ستكون بوفاة ملك “ياسمين صبري” بعد أن كشفت كذبه في كل مرة يحاول التقرب منها، ما يسبب له حالة من الحزن والحداد عليها بعد أن يفقدها للمرة الثانية، بينما يرى أخرون أن هذه النهاية ليست حتمية، فيمكن أن يكون الشخص المتوفى غير ملك، وتبقى كل الاحتمالات في خانة الترجيحات.
ومازال الجمهور يتابع السباق الرمضاني بعين الناقد ويكتب تحليله على المسلسلات الرمضانية بشكل دوري عبر السوشيال ميديا، سواء بتحليل للحلقات من المسلسلات التي يتابعها، أو من خلال رصد بعض الأخطاء الإخراجية ويعلق عليها بشكل كوميدي، ومن هذه الأعمال حظي مسلسل “فرصة تانية” لياسمين صبري، بقدر من التعليقات التي اجتمع فيها عدد كبير من الجمهور على عدم قدرتها على تمثيل بعض المشاهد وتوظيف بعض ردود الفعل الخاطئة في عدد كبير من المشاهد، ومنها كمثال عندما ذهبت إلى خطيبها لتفسخ الخطوبة بعدما اكتشفت أنه يخونها وردة الفعل على الخيانة، أما المشهد الذي لم تسلم منه ياسمين صبري، كان مشهد المستشفى بعد تعرضها لحادث كبير وظهورها بكمية كبيرة من الميكب على وجهها مع شكل كدمات والذي أثار التعليقات على السوشيال ميديا و منها: “أهل ياسمين صبري وهما بيدعو لها برة : جيب الحواجب سليمه يا رب”، وذهب البعض بخياله إلى التركيز في شفايف ياسمين صبرى بعد الحادثه قائلا: وسايبين حواجب الحجه دى اللي اتعملت لوحدها وهي فى غيبوبه 6 شهور”.
من جانبه قال المخرج مرقس عادل، مخرج المسلسل بخصوص هذا المشهد بالذات أن ياسمين صبري لم تضع أي ميكب في ذلك المشهد، ولكنهم قاموا بتسييح الميكب الموجود على وجهها أثناء الحادث، مشيرا أنه يحترم النقد، ولكن مازال السباق في بدايته والجميع يركز على نقطة واحدة في المسلسل ويترك باقي الأحداث، داعيا الجميع أن يركز في مشاهدة المسلسل بكافة الأحداث التي توجد به، والانتقادات التي تمس أداء ياسمين صبري لم تأت فقط من الجمهور، فهناك أسماء في الوسط الفني مثل المخرج “مجدي الهواري” الذي طالبها باعتزال التمثيل من خلال بوست نشره على فيسبوك علق فيه “واحنا بنضم صوتنا لصوت الراحل” بعد تصريح قديم للراحل محمود عبد العزيز، طلب منها اعتزال التمثيل بعد أول تجربة.
وفي هذا الصدد يمكنني القول أن “مرقس عادل” مدفوع بحكم مراهنته على نجاح التجربة في ظل إخفاق مسلسل “فرصة ثانية” ثاني تجاربه في الدراما، حيث نجح في إدارة فريق العمل الخاص بمسلسل “حواديت الشانزليزيه” باقتدار جعل النجاح حليفا له، لكنه على مايبدو أن “عادل” نسي أنه تعامل مع فريق غيلان في التمثيل، مثل: “إياد نصار، إنجي المقدم، إدوارد، فريدة سيف النصر، أماني كمال، عمر الشناوي، ندا عادل، منة جلال، وكان العمل من تأليف أيمن سليم، ونهى سعيد، وإنتاج سينرجي للمنتج تامر مرسي، الذي ينتج له أيضا “فرصة تانية”.
بقي أن نتسائل عن سر إصرار شركات الإنتاج على تقديم عروض البطولة المطلقة على ياسمين صبري، التي تقول : منذ أن قدمت مسلسل “طريقي” ومسلسل “الحصان الأسود”، حيث انهالت علي العروض لتقديم بطولات مطلقة، وتحمست بعض شركات الإنتاج لذلك، لكني رفضت كل هذه العروض لأني كنت غير واثقة أني على مستوى هذه الخطوة، وفي النهاية ومع ازدياد الإصرار على منحي البطولة المطلقة ودراسة السوق والتفكير في أن هؤلاء المنتجين بالتأكيد قاموا بدراسات قبل ترشيحي، ويضمنون النجاح والتسويق، وافقت على بطولة مسلسل “حكايتي” والذي قررت أن أختار فيه نوع القصص التي أحبها، التي تروي حكايات بسيطة جداً وعميقة وتلمس القلب، وتبتعد عن التعقيد، ولذلك فكرت في قصة المسلسل وطرحتها على المؤلف وتم تنفيذ العمل بهذا الشكل.
ونحن بدورنا نسألها هى نفسها ماذا بالنسبة للاتهامات الموجهة بخصوص تراجع أدءك في مسلسل “فرصة تانية”، والتي لا يمكن أن تنكرها، فقد عانت الحلقات هذه من ضعف شديد، خاصة أنها صريحة جداً وربما لا تنكر ذلك، فهل تتعلم مع الوقت من أخطائنها وتتفادى الكثير من العيوب باتدريب أكثر كي تدخل بقوة على خط المنافسة، أم أنها تصر على نجاح مزيف تصنعه في العادة جهات الإنتاج عن طريق “الترند” ونسب المشاهدة التي تلعب في أرقامها بطريقة “الروليت”، عازفة على أناقتها التب تحمل “برندات” عالمية ، وتظل ياسمين تتشدق بقولها : أنها محظوظة، وخاصة أنها علّقت على ذلك بالقول: “لا أنكر ذلك، فهذا ليس اتهاما لأدافع عن نفسي، وأضافت: لا ذنب لي في أن البطولات تطلبني، فهذا قدر ولا أحد يستطيع إيقافه!!!