رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

عمر الشريف .. صراع “خارج” الوادي!

طارق عرابي

بقلم الدكتور: طارق عرابي  

دون الحاجة لمراجعة أي طبيب أو عمل التحاليل والفحوصات اللازمة لتشخيص أي حالة مَرَضية، نستطيع أن نكتشف مَنْ “في قلوبهم مرض” مِن كارهي النجاح لأصحابه دون سبب، ومَنْ “في عقولهم ظلام” مِن ناكري النجاح على أصحابه لسبب غير مقنع، ومَنْ “تُطفيء جيوبُهم أو مطامعُهم المستقبلية مصابيحَ ضمائرهم المهنية”، وفي الحقيقة لا فرق عندي بين هذه النوعيات من البشر لأنهم جميعاً يؤدون نفس الوظيفة في التشويش على قصص نجاح قد تمثل مصدراً ثرياً  وخالداً لإلهام أجيال وراء أجيال في أي أمة.

الدكتور زويل رحمه الله هاجمه من هاجمه من مسئولين في عهد مبارك ومن بعد عهد مبارك وهاجمه كذلك أصحاب أقلام وأبواق إعلامية بعضهم عن سوء فهم والبعض الآخر عن عمدٍ “مع سبق الاستعباط والتنمر” لصالح جيوبهم أو إرضاءً لأولياء مناصبهم. وعندما أقوم أنا شخصياً بالدعاء الطيب للعالم الجليل الدكتور مجدي يعقوب على ما يقدمه للبشرية بوجهٍ عام وللمصريين والعرب بوجهٍ خاص تصدمني إحدى زميلاتي رفيعة المستوى علمياً واجتماعياً وتحذرني بأن الدعاء لا يجوز أن يصدر منا إلا للمسلمين فقط ، ولا أحدٌ منا يعلم من هو مكتوبٌ عند الله مسلماً، ولتعلموا أيها الأشخاص الطبيعيون أن آلامكم وآلامنا من هؤلاء الناس لن تتوقف مادام الجهل وفساد الذمم يسكنان أرجاء مجتمعاتنا ، ولن يسلم منهم كذلك صاحب أي نجاح قد يجلب الفخر لنا ولبلدنا.

وقد حدث نفس الشيء لمن شرفوا مصر فنياً على المستوى العالمي ، فحديثاً عندما حصل الممثل المصري العالمي “رامي مالك” على جائزة الأوسكار كأفضل ممثل في دور رئيسي وبينما اهتممت أنا شخصياً كمواطن مصري بالأمر وكتبت عنه وعن فخري به كمصري على صفحتي الشخصية على الفيسبوك جاءني ردود علنية وأخرى خاصة تفيد بأنه لا ينبغي لي أن أفخر به لأن الشخصية التي يجسدها هي لمطرب شاذ جنسياً، وعندما صعد نجم شاب مصري يافع في هوليوود وقام ببطولة فيلم “علاء الدين” مع النجم العالمي “ويل سميث” وهو “مينا مسعود” الذي هاجر أهله لكندا عام 1993، تأتي بعض ردود الأفعال (ممن تحسبهم مستنيرين) لتحبط فرحتك بـ “ابن بلدك” بحجة أنه تحدث للإعلام الغربي عن أن سبب هجرتهم هو اضطهاد المسيحيين في مصر ،، أما المتشددون دينياً فكان لديهم حجة أخرى وهي أننا لا ينبغي أن نفرح إلا بالمسلم الناجح فقط، وكأنما اختلط عليهم الأمر بين حق “الفرحة” وحق “التمني”، فماذا أقول لهؤلاء الأشحاص “شديدي الثقافة والمعرفة” ؟!

أما لو انتقلنا إلى أول من شرف مصر في هوليود النجم المصري العالمي “عمر الشريف” Omar Sharif ومررنا على بعض ما تعرض له من هجوم مستمر فحدث ولا حرج ، وكأن نجمنا الذي بدأ حياته المهنية بـ “صراع في الوادي” قد أكملها بصراعات أخرى خارج الوادي.

بوستر أول أفلام عمر الشريف – صراع في الوادي عام 1954

عمر الشريف الذي قال عنه بعض المرضى إنه نجح في هوليوود لأنه من أصل يهودي ، جذور عائلته سورية لبنانية، وديانتهم هى المسيحية، وفي مصر تعتبر هذه الديانة هي الأقل عدداً بين المسيحيين ويسمونها المسيحية اليونانية الأنطاكية لأنها تمثل فرع من الكنيسة اليونانية الأرثوذكسية الموجودة في أنطاكيا التركية والقريبة من الحدود السورية، وهذا يرد على من رسخوا في أذهان الناس أن عمر الشريف يهودي، فضلاً عن أن عمر الشريف ظل على هذه الديانة المسيحية إلى أن اعتنق الإسلام بعدما وقع في حب سيدة الشاشة العربية الفنانة العظيمة الراحلة “فاتن حمامة” وتزوج منها عام 1955 ، وأنجبا “طارق عمر الشريف” عام 1957.     

عمر الشريف وفاتن حمامة بصحبة إبنيهما طارق

ميشيل شلهوب .. النشأة والرغبة والقدر

وُلد ميشيل ديميتري شلهوب (عمر الشريف) عام 1932 بمدينة الإسكندرية، وكان والده السيد “يوسف شلهوب” تاجر أخشاب ناجح وميسور الحال، وعندما بلغ الطفل ميشيل الرابعة من العمر انتقلت العائلة إلى القاهرة وأقاما في العمارة التي اشتراها والده بشارع سليمان “باشا” نجيب بوسط القاهرة (وسط البلد) وأسس السيد “يوسف شلهوب” مكتب شركته لتجارة الأخشاب بنفس العمارة، وقام بتأجير المتبقي من شقق العمارة لسكان وأصحاب مكاتب، وألحقت العائلة إبنهم الوحيد “ميشيل” بالمدرسة الإنجليزية بالقاهرة، والتحق “ميشيل” بعد ذلك في شبابه المبكر بكلية “فكتوريا” بالإسكندرية بسبب إجادته لعديد من اللغات الأجنبية، ولقد علمت أنا شخصياً أثناء فترة عملي كمدير لإدارة الإبداع الإعلامي وتطوير الأعمال بمجموعة الخرافي بالكويت أن “عمر الشريف” كان في “فكتوريا” زميلاً وصديقاً لرجل الأعمال الراحل ناصر الخرافي “نجل الثري الكويتي محمد عبد المحسن الخرافي آنذاك”.  

ثم التحق الشاب “ميشيل شلهوب” بجامعة القاهرة وتخرج منها حاصلاً على بكالوريوس في علوم الرياضيات والفيزياء، وبعد ذلك عمل مع والده في تجارة الأخشاب قبل أن يأخذه قدرُه إلى عالم الفن والشهرة، فبينما كان الشاب الوسيم والمتعلم وصاحب لسان اللغات العربية والإنجليزية والفرنسية واليونانية والإيطالية والأسبانية على وشك السفر إلى بريطانيا لدراسة فن التمثيل بالكلية الملكية لفن الدراما Royal Academy of Dramatic Art ، إلتقى بالمنتج “جبرائيل تلحمي” والمخرج الشاب آنذاك “يوسف شاهين” عام 1954، واللذان قدما له فرصة ربما لم يكن ليحصل عليها حتى بعد تخرجه من الكلية الملكية في لندن، وهو دور البطل “أحمد” في الفيلم الشهير “صراع في الوادي” أمام النجمة “فاتن حمامة” والنجمين زكي رستم وفريد شوقي، وهنا كانت الفرصة وهنا أيضاً كانت مرحلة الوقوع في الحب وتغيير الديانة ، وكذلك تغيير الإسم من “ميشيل شلهوب” إلى “عمر الشريف”.

قصة حب قال عنها نجمنا العالمي إن قلبه لم يحب أي إمرأة بعد فاتن حمامة – الصورة من فيلم سيدة القصر عام 1958

من بعد صراعه في الوادي، فُتحت لعمر الشريف أبواب الشهرة في مصر والعالم العربي لتأخذه في نفس العام (1954) إلى “شيطان الصحراء” مع مريم فخر الدين وتوفيق الدقن ورياض القصبجي والمخرج يوسف شاهين، ثم “أيامنا الحلوة” عام 1955 مع فاتن حمامة وعبد الحليم حافظ وأحمد رمزي والمخرج حلمي حليم والمؤلف علي الزرقاني، ثم تأخذه أيامه الحلوة وتفتح له باباً ثانياً من الصراعات عام 1956 “صراع في الميناء” مع فاتن حمامة وأحمد رمزي وحسين رياض وفردوس محمد والمخرج يوسف شاهين.

ويتألق عمر الشريف كماً ونوعاً في مسيرته السينمائية ليقدم خلال سبع سنوات فقط 21 فيلماً سينمائياً مصرياً بالإضافة إلى فيلم La châtelaine du Liban باللغة الفرنسية تدور أحداثه في صحراء العرب والتنقيب فيها عن اليورانيوم ، ويتحول الباحثان (عمر الشريف والممثل الفرنسي “جان كلود باسكال”) إلى جواسيس ولصوص ، وفيلم آخر ناطق بالعربية لكنه إنتاج تونسي فرنسي ، وهو فيلم “جحا البسيط” Goha Le Simple ولعب عمر الشريف دور البطولة “جحا” وقد فاز مخرج الفيلم “جاك باراتييه” عن هذا الفيلم بجائزة مهرجان “كان” السينمائي عام 1958 ، ثم قدم في نفس العام فيلم “سيدة القصر” مع فاتن حمامة واستفان رستي وزوزو ماضي وفردوس محمد وعمر الحريري والمخرج كمال الشيخ .

ورغم أدوار الشخصيات الرومانسية والأكشن والجدية التي قدمها عمر الشريف إلا أنه أثبت عام 1961 في فيلم “إشاعة حب” أنه ممثل كوميدي بارع ورفيع المستوى عندما قام فيه بدور الشاب الخام “حسين” مع يوسف وهبي وسعاد حسني وهند رستم وعبد المنعم إبراهيم ولاعب كرة القدم الشهير آنذاك عادل هيكل والمخرج فطين عبد الوهاب ،، وقد قدم هذا الفيلم الكوميدي ضمن 5 أفلام في عامٍ واحد فقط وكأنما كان عمر الشريف (دون علمٍ منه) يُقدمُ وداعاً خاصاً ومميزاً للسينما المصرية ، ففي نفس العام (1961) لعب دور “خالد” حبيب “نوال” (فاتن حمامة) في الفيلم الرائع “نهر الحب” مع العملاق زكي رستم وأمينة رزق وعمر الحريري وفؤاد المهندس وزهرة العلا والمخرج عز الدين ذو الفقار ، وفيلم “حبيبي الوحيد” مع نادية لطفي وكمال الشناوي والمخرج كمال الشيخ ، وفيلم “غرام الأسياد” مع لبنى عبد العزيز وأحمد مظهر والمخرج رمسيس نجيب ، ثم ينهي مسيرته الأولى في مصر قبل سفره إلى هوليوود بالعمل الخامس في نفس العام – فيلم “في بيتنا رجل” وهو واحد من بين أعظم أفلام السينما المصرية ويدور حول الشاب السياسي الثوري “إبراهيم” (عمر الشريف) الذي يهرب من السجن وتضطره الظروف إلى اللجوء لأحد زملائه البعيدين عن السياسة وهو “محي” (حسن يوسف) وهناك تقع شقيقة محي “نوال” (زبيدة ثروت) في حب إبراهيم الذي يبادلها نفس الشعور ، وهذا العمل جاء بمشاركة باقة من عظماء الفن في ذاك الوقت وهم حسين رياض وزهرة العلا ورشدي أباظة وتوفيق الدقن ،، فيلم “في بيتنا رجل” من إنتاج وإخراج الراحل – الباقي “هنري بركات”.      

مع السندريلا وعبد المنعم إبراهيم في الفيلم الكوميدي إشاعة حب عام 1961

وخرج من بيتنا رجل .. قاصداً هوليوود

يبدأ عمر الشريف رحلته الهوليودية عام 1962 في دور “الشريف علي” بفيلم “لورانس العرب” Lawrence of Arabia، والذي يساعد لورانس (بيتر أوتول) في حربه ضد الأتراك بعد موافقة الأمير فيصل (أليك غينيس) الذي يقتنع بفكر “لورانس” في مواجهة الأتراك ، وعليه يقود “شريف علي” خمسين رجلاً تحت إمرة “لورانس” وبمساعدة “شريف علي” ورجاله تنجح تكتيكات “لورانس” في هزيمة الأتراك.

في فيلم “لورانس العرب” شارك عمر الشريف نجوم كبار مثل بيتر أوتول و أنتوني كوين و أليك جينيس ، وأخرج الفيلم الكاتب والمونتير والمخرج الكبير “ديفيد لين” الذي ترشح لسبع جوائز أوسكار بين الإخراج والتأليف والمونتاج ، وترشح فيلم “لورانس العرب” لعشر جوائز أوسكار كان من بينها ترشح عمر الشريف لأوسكار أفضل ممثل في دور مساعد وكأنه على موعد مع السعادة في أولى خطواته بهوليوود ، وقد فاز الفيلم بسبع جوائز أوسكار من بين العشر ترشيحات، أفضل فيلم ، أفضل إخراج ، أفضل تصوير سينمائي، أفضل ديكور، أفضل مونتاج، أفضل صوت، وأفضل موسيقى تصويرية ،، كما ترشح الممثل بيتر أوتول عن هذا الفيلم لجائزة الأوسكار كأفضل ممثل في دور رئيسي، وترشح الفيلم كذلك لتسع جوائز جولدن جلوب فاز منها بست جوائز ، وقد فاز “إبن مصر” بجائزتين منهم ، واحدة كأفضل ممثل مساعد والأخرى كأفضل ممثل وافد واعد (باعتباره ممثلاً مصرياً وليس أمريكياً)  ، أما الأربع جوائز الأخرى ذهبت لأفضل فيلم وأفضل إخراج “ديفيد لين” وأفضل تصوير سينمائي، وجائزة أخرى كذلك كأفضل ممثل وافد واعد للممثل “بيتر أوتول” (باعتباره ممثلاً بريطانياً وليس أمريكياً)، وقد ترشح “أنتوني كوين” عن هذا الفيلم لجائزة جولدن جلوب كأفضل ممثل. 

عمر الشريف والبداية العالمية – مع بيتر أوتول وأنتوني كوين في فيلم لورانس العرب عام 1962

وانطلقت سفينة “الشريف” الفنية الهوليودية في مسارٍ رائع وبسرعة فائقة بعد “لورانس العرب” وذلك عبر ممرات سينمائية “سالكة زي الحلاوة” ، والتي سنمر عليها مرور الكرام حتى يتسنى لنا تناول نبذة عن واحد من أعظم ما قدم عمر الشريف في تاريخه السينمائي وهو فيلم “مسيو إبراهيم وأزهار القرآن” الفرنسي ، والذي سيكون رداً مناسباً على كل من هاجموا “الشريف” وخاصة من الناحية الدينية.

عمر الشريف مع صوفيا لورين في فيلم The Fall of the Roman Empire عام 1964
مع إنجريد برجمان في الفيلم الرومانسي الكوميدي The Yellow Rolls-Royce عام 1964

في عام 1964 قدم ثلاثة أفلام ، الفيلم الأول The Fall of the Roman Empire مع “صوفيا لورين” و “جيمس ميسون” و “ستيفن بويد” و “أليك جينيس” و “كريستوفر بلامر” ، والفيلم الثاني Behold a Pale Horse مع أنتوني كوين وجريجوري بيك والممثلة ميلدريد دونوك ، من إخراج “فِريد زينمان” الحائز على أربع جوائز أوسكار والمرشح لأربعة مثلهم، أما العمل الثالث فكان الفيلم الرومانسي الكوميدي The Yellow Rolls-Royce مع النجمتين “إنجريد برجمان” و”شيرلي ماكلين” والممثل الأمريكي “ريكس هاريسون” (الشهير بدور يوليوس قيصر في الفيلم التاريخي “كليوباترا” مع النجمة إليزابيث تايلور)، كما شارك في هذا الفيلم الممثل الفرنسي الوسيم “آلان ديلون”

جنكيس خان (عمر الشريف) – فيلم Genghis Khan عام 1965

في عام 1965 قدم عمر الشريف أربعة أعمال متنوعة منهم عمل سينمائي لمصر وهو “المماليك” مع نبيلة عبيد والمخرج عاطف سالم، وفيلم Genghis Khan ولعب فيه دور “جنكيس خان” مع ستيفن بويد وجيمس ميسون، وفيلم Marco the Magnificent بالفرنسية والإيطالية.

مع جيرالدين شابلن – فيلم Doctor Zhivago عام 1965

ثم يأتي بنفس العام دور فيلمه التاريخي “دكتور زيفاجو” Doctor Zhivago مع كلٍ من النجمة “جولي كريستي” وإبنة الأيقونة السينمائية التاريخية “تشارلي شابلن” الممثلة “جيرالدين شابلن” وبمشاركة الرفيق بأفلامه السابقة “أليك جينيس” والنجمين “توم كورتناي” و”رود ستايجر”، والفيلم من إخراج مخرج لورانس العرب “ديفيد لين”، وقد ترشح فيلم “دكتور زيفاجو” لعشر جوائز أوسكار وفاز منها بخمس جوائز كأفضل سيناريو، وتصوير سينمائي، وديكور، وتصميم ملابس، وموسيقى تصويرية، وكان من بين المرشحين للأوسكار “ديفيد لين” كأفضل إخراج و”توم كورتناي” كأفضل ممثل في دور مساعد، وفاز “إبن مصر” عن هذا الفيلم بجائزة جولدن جلوب كأفضل ممثل، ونال الفيلم أربع جوائز أخرى من جولدن جلوب كأفضل إخراج وأفضل تصوير سينمائي وأفضل سيناريو وأفضل موسيقى تصويرية ، وترشحت “جيرالدين شابلن” عن هذا الفيلم لجائزة جولدن جلوب كأفضل ممثلة صاعدة.

في عام 1966 وبعد إجهاد العام السابق له قدم “الشريف” دوراً ثانوياً بسيطاً في فيلم جريمة وأكشن بعنوان The Poppy Is Also a Flower وبمشاركة كل من “ستيفن بويد” و “يول براينر” .

في عام 1967 قدم عملين ولا أروع ، العمل الأول يلعب “الشريف” دور ضابط المخابرات الألماني “جرو” في فيلم The Night of the Generals أثناء الحرب العالمية الثانية وتحديداً في عام 1942 حيث يبحث في أمر بائعة هوى بولندية قُتلت بطريقة سادية وحشية ويرغب في تحقيق العدالة ومعاقبة القاتل مهما كانت مكانته، ويبدأ الشك في ثلاثة جنرالات ألمان ، وعند الوقت الذي يشعرون فيه بالقلق من خلال استقصائه واهتمامه البالغ بجلب الفاعل ومحاكمته ، يتم ترقية الرائد “جرو” وإرساله إلى فرنسا ولكنه أبداً لن يتخلى عن تحقيق العدالة. شارك بالتمثيل في هذا الفيلم كل من “بيتر أوتول” و “توم كورتناي” ، وتم استخدام اللغات الإنجليزية والفرنسية والأسبانية والإيطالية في سيناريو وحوار الفيلم.

ضابط المخابرات الألماني جرو (عمر الشريف) الباحث عن العدالة في فيلم The Night of the Generals عام 1967

أما العمل الثاني بنفس العام كان قصة حب رائعة للغاية في الفيلم الإيطالي الفرنسي More Than a Miracle ، وللمرة الثانية يلتقي عمر الشريف مع الحسناء الإيطالية والنجمة العالمية “صوفيا لورين”، حيث يلعب عمر الشريف شخصية الأمير الأسباني “رودريجو” الذي تغزو قلبه فتاة إيطالية ريفية هي “إيزابيلا” (صوفيا لورين)، ورغم أن ملك أسبانيا أمر “رودريجو” بأن يختار زوجة له من بين سبع أميرات إيطاليات إلا أنه قد سُحِرَ عقله وفُتِنَ قلبه بهذه الفلاحة الإيطالية البسيطة.

الأمير رودريجو (عمر الشريف) مع الفتاة الريفية الحسناء ريباكا (صوفيا لورين) – فيلم More Than a Miracle عام 1967

في عام 1968 قدم عمر الشريف فيلمين، الأول هو Funny Girl مع النجمة “باربرا سترايسند” وهو الفيلم الذي جلب عليه هجوماً مصرياً وعربياً عنيفاً لدرجة وصلت إلى مطلب إلغاء الجنسية المصرية عنه من قِبل نظام عبد الناصر وكانت حجة المهاجمين لعمر الشريف أنه يُقَبِّل “باربرا” اليهودية وقد أصبحت حبيبته وذلك بعد نكسة 1967 مباشرة، وقد فازت “باربرا سترايسند” بجائزة الأوسكار عن هذا الفيلم كأفضل ممثلة في دور رئيسي، أما العمل الثاني فهو فيلم Mayerling المأخوذ عن القصة الحقيقية لحالة الموت المأساوية لولي عهد النمسا “رودولف” وعشيقته البارونة “ماري فيتسيرا”.

مع باربرا سترايسند في الفيلم الذي جلب له المشاكل Funny Girl عام 1968

في عام 1969 قدم 4 أفلام : – فيلم Mackenna’s Gold  – فيلم The Appointment ، والفيلم الثالث الذي قال عنه عمر الشريف إنه أسوأ أعماله هو فيلم Che الذي يتناول حياة المناضل الثوري الأرجنتيني “تشي جيفارا” – والعمل الرابع هو فيلم Three Men on a Horse

في عام 1971 قدم 3 أفلام : – فيلم The Last Valley – وفيلم The Horsemen – وفيلم The Burglars  

في عام 1972 قدم  عملاً واحداً هو الفيلم الفرنسي Le droit d’aimer والذي يعني “حق الحب”

في عام 1973 قدم فيلم ناطق بالأسبانية هو La isla misteriosa ويعني “الجزيرة الغامضة” وهو فيلم خيال علمي جريء ، يتحدث عن مجموعة مساجين هاربين ينتقلوا بمنطاد هوائي إلى جزيرة بعيدة ، ويلعب عمر الشريف دور “الكابتن نيمو” الذي يحاول بمجموعته الخاصة من الأدوات العلمية إبعاد الغرباء عن جزيرته، وقام “الشريف” في نفس العام بعمل مسلسل فرنسي/أسباني عن نفس القصة.

في عام 1974 قدم فيلمين : – فيلم The Tamarind Seed ، – وفيلم Juggernaut مع “أنتوني هوبكنز” و”ريتشارد هاريس” و”شيرلي نايت”

في عام 1975 قدم الجزء الثاني من Funny Girl تحت إسم Funny Lady مع “باربرا سترايسند” وترشح الفيلم لخمس جوائز أوسكار.

في عام 1976 قدم فيلم Crime and Passion مع النجمة “كارين بلاك”

في عام 1979 قدم عملين : فيلم Ashanti وفيلم Bloodline

في عام 1980 قدم 4 أعمال – الفيلم السينمائي S.H.E: Security Hazards Expert – الفيلم السينمائي The Baltimore Bullet – الفيلم السينمائي Oh Heavenly Dog – والفيلم التلفزيوني Pleasure Palace مع الممثلة “فكتوريا برينسيبال” والممثلة “هوب لانج”

مع الممثلتين فكتوريا برينسيبال وهوب لانج في الفيلم التلفزيوني Pleasure Palace عام 1980

في عام 1981 قدم فيلم Green Ice مع الممثلة “آن آرتشر” والممثل “ريان أونيل”

في عام 1983 قدم الفيلم التلفزيوني الفرنسي La Martingale ، وقدم لمصر في نفس العام الفيلم السينمائي “أيوب” مع كل من فؤاد المهندس ومديحة يسري ومحمود المليجي وآثار الحكيم ، فيلم “أيوب” قصة الأديب الكبير نجيب محفوظ ، سيناريو وحوار محسن زايد وإخراج هاني لاشين

في عام 1984 قدم ، إلى جانب مسلسل تلفزيوني ، فيلم سينمائي كوميدي بعنوان Top Secret! ، وكان هذا هو أول عمل سينمائي لبطل الفيلم وهو الشاب الصاعد آنذاك “فال كيلمر” Val Kilmer  

في الفيلم الكوميدي Top Secret! عام 1984
مسيو إبراهيم مع الصبي اليهودي مومو في محل البقالة – الفيلم الفرنسي مسيو إبراهيم وأزهار القرآن عام 2003
مسيو إبراهيم مع مومو بعدما أصبحا صديقين – الفيلم الفرنسي مسيو إبراهيم وأزهار القرآن عام 2003
آخر أعمال الراحل عمر الشريف – الجد مع الحفيدة ورحلة العلم من الظلام إلى النور – فيلم وثائقي درامي عن ابن الهيثم عام 2015

منذ ذاك التاريخ بدأ عمر الشريف يتنقل بين أعمال تلفزيونية أكثر من الأعمال السينمائية ، وانطفأ إلى حدٍ كبير نجمه السينمائي بالخارج حتى ساق إليه القدر عام 2003 واحداً من أعظم أعماله السينمائية وهو الفيلم الفرنسي “مسيو إبراهيم وأزهار القرآن” Monsieur Ibrahim et les fleurs du Coran وهو الفيلم الذي يرد بمحتواه وبدور عمر الشريف ورسالته فيه على كل من هاجمه وأساء إليه وخاصة فيما يتعلق بمصريته وانتمائه للإسلام ، حيث يلعب عمر الشريف دور “مسيو إبراهيم” المسلم الديانة وصاحب دكان بقالة في شارع “بلو” بأحد أفقر أحياء باريس ، والذي يُحْسِن معاملته لصبي يهودي مراهق يُدعى “مومو” ولا يشغله سوى مواعدة بائعات الهوى ، وهو الذي يتحول تدريجياً إلى صديق حميم لـ “مسيو إبراهيم” ويتأثر به وبطيبته وكرم أخلاقه ، ويُعَلِّم “مسيو إبراهيم” الصبي “مومو” القرآن الكريم وهو الأمر الذي جلب الحب والاحترام من الصبي إلى “مسيو إبراهيم” فاتخذه والداً له.

وكان آخر ما قدمه عمر الشريف في نفس عام رحيله 2015 هو فيلم وثائقي درامي (Docu-Drama) يتناول على لسانه (جد يعلم حفيدته) رحلة العلم من الظلام إلى النور على يد العالم العربي الجليل إبن الهيثم.

Dr.TarekOraby@gmail.com

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.