سوزان نجم الدين: ألوان “روز” الداكنة واكبت أجواء الحرب
كتبت : كرز محمد
هى فارسة الدراما السورية القادمة دائما بمداد من موهبة آسرة جعلتها دوما في الصفوف الأولى كممثلة تعتمد بالأساس على لغة الجسد الفارقة في الأداء، فهى تملك القدرة على القيام بمهمة التعبير والدلالات بأسلوبها الخاص إلى جانب استخدام العناصر الأخرى المرتبطة بالممثل من حركة وإيماءة وإشارة وماكياچ وملابس؛ وهى تتميز بقدرة عالية على تقديم كل معقد من المعاني والرموز في التجسيد الدرامي، وتتفاعل مع لغات أخرى باستمرار لبث الدلالات من خلال أفعال وسلوكيات وتصرفات الإنسان الممثل في قلب المشهد الدرامي على طريقتها الخاصة، لتكون مثل حرباء تعرف دوما كيف تتلون بألوان الأعمال (اجتماعية – رومانسية – تاريخية – واقعية عن الأحداث في سوريا) وغيرها من أعمال الإثارة والتشويق، كما جاء في قلب الأعمال المصرية.
إنها (سوزان نجم الدين) التي درست الهندسة في دمشق، ومن ثم فهى تعرف جوهر علم الهندسة الرياضي، وتدرك تماما أن هناك الهندسة الإقليدية التي تعلمناها في المدارس، وفي هذه الهندسة لا تلتقي المستقيمات المتوازية، تماما كما لعبت أدوارا متوازية لايمكن أن تلتقي أبدا، فقد جسدت شخصيات بسيطة ومركبة في عدة مسلسلات شكلت شخصيتها الفنية الفريدة، مثل “لبيبة الشقرق” في مسلسل نهاية “رجل شجاع” عام 1994، وفي نفس العام شاركت سوزان في مسلسل “موزاييك” ومسلسل “المهر الدامي.”
أما في عام 1996، كان محطة مهمة في مسرتها الفنية، فقد شاركت في عملين لهما وقع مهم في الدراما السورية، وهما “خان الحرير” الجزء الأول، ولعبت فيه دور “سعاد”، ومسلسل “أخوة التراب” ولعبت دور “فضة”، لكنها بلغت ذروتها في عام 1998، فحصلت على ثلاثة أدوار في ثلاثة مسلسلات كان أهمها دور “ثريا” في مسلسل “الثريا” مع النجم جمال سليمان، ودور “سلافة” في مسلسل “الكواسر” مع النجم سلوم حداد، وشاركت أيضًا في مسلسل “الدرب الشائك”، في عام 2001، لعبت سوزان دور “عصمة الدين خاتون” في الفنتازيا التاريخية “صلاح الدين الأيوبي”.
وفي العام التالي سجلت نقلة نوعية في التمثيل فانتقلت إلى المسلسل الاجتماعي الرومنسي “حنين” مع الفنان أيمن زيدان ولعبت فيه دور “إلهام”، وفي 2003 لاينسى دورها من خلال مسلسل “الحجاج”، وقامت بأداء دور “هند بنت المهلب”.
ويعد عام 2005، الأبرز في تاريخها الفني حيث كان لها مشاركتين تاريخيتين وهما “شجرة الدر” في مسلسل “الظاهر بيبرس”، و”ولادة بنت المستكفي” في مسلسل “ملوك الطوائف”، ومن بعده تنوعت الأدوار مابين الاجتماعي والتاريخي حتى وصلت لمحطة عام 2019، حيث كان لها عدة أعمال فظهرت في فيلم “حملة فرعون”، وحلت ضيفة شرف على مسلسل “كلبش”3، ولعبت دور “أصول” في مسلسل “ابن أصول”، هذا في الدراما المصرية.
وتقلبت سوزان نجم الدين في أكثر من شخصية تتوازي مع بعضا البعض في تناغم وانسجام يؤكد شخصيتها القوية في الحياة والتمثيل، وهنا نتوقف عند محطتها الفارقة في رحلتها الفنية عام 2017، حين ظهرت بدور قوي ومميز وهو شخصية “روز” في مسلسل “شوق” الذي يحكي عن الأوضاع في سوريا بعد بداية الحرب، وستحكي بأسلوب الفضفضة عن “ملابسها وإكسسوراتها والميكاب” الذي استخدمتهم طوال مراحل تطور الشخصية في الأحداث الدامية وفي هذا تقول:
كانت أجواء التصوير قاسية للغاية، حيث أقمنا في أماكن طبيعية وسط البرد والصقيع في شتاء قارص هذه السنة، وكان لابد للملابس أن تكون مناسبة لتلك الأجواء الصعبة، لذا ركزت على الألوان القاتمة والت تشبه إلى حد كبيرقتامة الأحداث في ذلك الوقت، وستلاحظ أني لم ألجأ ‘إلى وضع “ميكاب” إلا في حدود ضيقة جدا حتى أبدو طبيعية، حيث أجسد دور الطبيبة “روز” التي تم سبيها من جانب بعض الجماعات الإرهابية المتطرفة، رغم مواقفها النضالية ومساعدتها المحتاجين وسط حرب لاترحم آنذاك.
وسأبدا بالطاقم الذي الذي ارتديته في لحظات الوقوع في الأسر وإيداعي سيارة الترحيلات، حيث يتمتع بألوان تبدو إلى حد ما متفائلة من درجات الأزرق مع “تتاتش” أبيض خفيف يبدو في تشكيل الجاكت السماوي الذي أرتديه، مع “سكارف” أزرق داكن يختلط بلون التركواز من قماش الشيفون، وهذا كان مناسبا جدا لطبيبة خارجة من إحدى الجمعيات متجهة إلى بيتها في سلام حتى تم القبض عليها.
الثاني : عبارة عن جاكيت كحلى غامق مع سكارف بألوان تميل إلى ورود بألوان (جراي – موف أسود)، وذلك في أثناء مواجهة أحد الإرهابيين الذي تعرف على، وبدأ يقدم لي النصائح بضرورة الاحتشام في ظل أوضاع الأسر الجديدة، وستلحظين أن “الميكاب” هنا خفيف للغاية نظرا لبقاء أثره على الوجه من ليلة أمس السابقة على وصولنا المعسكر.
الثالث : بلوزة (كات) أبيض في أسود مع “ميكاب” عادي جدا وقليل من الإكسسوار الذي يدل على بساطة “روز” في لحظة الاحتفال بعيد ميلادها مع خطيبها وليد “باسم ياخور”، وتبدو هنا شخصية منطلقة ومحبة للحياة والناس الذين تتفانى في مساعدتهم.
الرابع : جاكيت أسود مع “سكارف” أزرق وتبدو أولى مراحل المواجهة العنيفة مع أفراد المعسكر، حيث تعرض “روز” للضرب جراء اعتراضها على أوضاع غير إنسانية يتعرضن لها الأسيرات والسبايا الذي لاذنب لهم سوى أنهن سوريات.
الخامس : نفس الطاقم الذي كانت ترتديه روز في سيارة الترحيلات، لكن الغبار وآثار الضرب تبدو عليه، وهى معصوبة العينيتن بقطعة قماش سوداء خشنة تشعرها بالقسوة وبالظلام وسواد القادم من الأيام.
السادس : بلوزة تتدرج في ألوانها نحو “الجراي الفاتح والغامق” مع قليل من “الميكاب”ن في أثاء تذكر “روز” لحوارها مع خطيبها “وليد” الذي كان يعاتبها طوال الوقت على ضياع وقتها في مساعدات المحتاجين لأن هذا سيعرضها حتما للخطر.
السابع : لباس محتشم يحمل الرقم 507 الذي وضعته كبيرة المسئولات عن السجن الذي أودعونا فيه تمهيدا للتصرف في شأننا إما بخدمة المقاتلين بالطبخ وخدمات السخرة، أو بتسليمي لأحد المجاهدين كسبية خاصة تنفذ له نزواته.
الثامن : السواد يغطي كامل الجسد المنهك بعد أن تم تسليمها كسبية لأحد قادة الجماعات الإرهابية في إطار “جهاد النكاح”، والذي كان سببا في تقززها وازدرائها لهؤلاء القتلة والسفاحين.