رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

صباح .. كانت نزوة في حياة “رشدي أباظة”

لحظة صفاء في أيام الزواج الأولى

* رقص مع “تحية كاريوكا” في لبنان فعادت سامية جمال إلى القاهرة

* تزوج صباح فى ” ايدك عن مراتي” وبعد يومين من زواجهما تركته لتغني فى المغرب.

* قرر إنتاج فيلم “كانت أيام” واسند بطولته لـ “صباح” وهددته ” سامية جمال” بترك البيت.

* سامية جمال تنقذه من ورطة عاطفية أثناء تصويره لفيلم” أعظم طفل في العالم”!

* كانت “سامية” تدرك جيداً أن كلهن عابرات، وأنها هي الحبيبة والسكن والدفء الذي يعود إليه “الدنجوان” متعبا ومنهكا بعد كل مغامرة.

لقاء رومانسي بين رشدي وثباح

كتب : أحمد السماحي

في لحظة ما، فقد “رشدي أباظة” القدرة على البحث عن الحب الحقيقي، والواقع أنه فقد الرغبة نفسها حتى باتت حياته سلسلة من التجارب والعلاقات العابرة، كان يرى نفسه بحاراً غريباً بلا أرض أو شراع، يقطع البحار والمحيطات بحثاً عن يابسة لا يعرف ملامحها، وفي بحثه اليائس كان عليه أن يطأ يابسة من آن إلى آخر، ربما حتى لا ينسى ملمس الأرض وطعم الرمال.

المفارقة، أن كثيرات ممن عشن في “جلبابه” لفترات متفاوتة كن يعرفن ذلك، فالمرأة لا تخطئ كثيراً في فهم الرجل الذي يفك لغز أنوثتها، ولأنه امتلك الشفرة الخاصة لكل منهن، فقد أدركت كل واحدة أنها مجرد محطة في حياته، أو يابسة سرعان ما سيغادرها بحثاً عن يابسة أخرى لا تنتمي إلى هذا الكون، ورغم أن كلهن أدركن وعرفن ذلك إلا أن واحدة منهن لم تتذمر أو تطرده من عالمها، وكأنه مسموح له ما هو ممنوع على كل الرجال!

في مطلع الستينيات، أصبح “رشدي أباظة” نجماً سينمائياً كبيراً، وبات أيضاً رجلاً ناضجاً، اختفت شقاوة وتهور الشباب وبدت عليه ملامح الاتزان والسحر “المحسوب” وكان ذلك طبيعيا، فقد عاش طفولة حزينة وشباباً مغترباً، كما منحته مغامراته وتجاربه النسائية خبرة في الحياة يصعب أن تتوافر لأحد، وما بين بداية الستينيات ونهايتها كان “رشدي” حديث الشارع المصري، ظهرت معه “سعاد حسني” على الشاشة فأصبحت “سندريلا السينما المصرية” وارتبط بعلاقة صداقة بـ “نادية لطفي” فملأت صورهما صفحات الجرائد والمجلات، وعادت “تحية كاريوكا” إلى حياته ذات ليلة فكادت بيروت تنفجر مع بركان غضب “سامية جمال” وفي لحظة الصراع بين الاثنتين هبطت “صباح” على المكان ليطير معها “الدنجوان” في مغامرة جديدة كادت تسبب أزمة بين مصر ولبنان!

إمبراطور السينما

هكذا كان وعاش، غريباً في صحبة الجميع، وجريحاً في أحضان دافئة، وفي غمرة الألم والضياع العاطفي كان يخطو بثبات نحو قمة السينما العربية، فبعد النجاح الكبير لفيلم “الطريق” قدم مع سعاد حسني فيلم “صغيرة على الحب” الذي حقق نجاحا كبيراً، وكان سبباً مباشراً في تربعها على عرش السينما المصرية، كما دفع الصحافة المصرية إلى إطلاق لقب “إمبراطور السينما” على “رشدي”، واستغل المخرج “حسام الدين مصطفى” هذا النجاح وقدمه في عدة أفلام متتالية تتميز بالحركة والإثارة التي يجيدها، وكان طبيعياً أن يسحب رشدي أباظة البساط من تحت أقدام “فريد شوقي” و”محمود المليجي” رغم خبرتهما الكبيرة في أفلام “الأكشن”.

سامية بين الصديقين رشدي وفريد شوقي

الطيور المهاجرة

حين أوشكت سنوات الستينيات على الانقضاء، واجهت صناعة السينما المصرية أزمة عنيفة عصفت بها بالفعل، حيث تم تأميم الاستديوهات، وفرض القانون إشراف مؤسسة السينما على كل كبيرة وصغيرة، كما تم وضع قيود صارمة على عمليات الإنتاج وأجور الفنانين، وهو ما دفع عدداً كبيراً من النجوم إلى الهجرة إلى دول مثل لبنان وسوريا وتركيا، فهاجر “فريد شوقي” إلى تركيا وقدم عدداً من الأفلام هناك بينما سافر “رشدي” إلى لبنان للعمل في فيلم مع الفنانة صباح بعنوان “إيدك عن مراتي” إخراج رضا ميسر، واصطحب معه لفترة زوجته سامية جمال.

رشدي بين سامية وتحية

ظل النجم الكبير في انتظار بدء التصوير لعدة أسابيع، وكانت فرصة جيدة لقضاء وقت ممتع في ربوع لبنان الساحرة، وفي إحدى الليالي علم بوجود “تحية كاريوكا” في لبنان فاستأذن سامية جمال لدعوتها لقضاء سهرة معهما، ولكن الأخيرة وافقت بجرأتها المعتادة، وحدثت المواجهة التي تحولت إلى مادة مثيرة للصحافة المصرية واللبنانية في تلك الفترة.

وروت “تحية كاريوكا” بعد ذلك ما حدث بقولها “جلست في الملهى على يسار “رشدي” بينما جلست “سامية” على يمينه، وضجت القاعة بالهمسات وعبارات الترحيب بنا، وبينما كنت ودودة وتلقائية كانت “سامية” متوترة وترمقني بنظرات غاضبة، وقام “رشدي” فرقص معها، وبعد لحظات من انتهاء رقصتهما طلبني للرقص، ورقصنا على أنغام التانجو وسط هتافات وتصفيق الحضور، مما أشعل غضب “سامية”، وتحولت الجلسة بعد ذلك إلى بركان ينذر بالانفجار في أي لحظة، حيث اعتقدت “سامية” أن اهتمام “رشدي” بي وهدوئي وابتساماتي نوع من الاستفزاز، وحين تكهرب الجو قررت الانصراف، فإنهى “رشدي” السهرة وطلب من الجرسون إحضار الفاتورة”.

مشهد من فيلم ساعة الصفر

ملكة بيروت

هنا انتهت كلمات “تحية كاريوكا” لتبدأ حكاية “صباح” المثيرة ففي تلك اللحظة دخلت “الصبوحة” الملهى، فهتف الجميع لـ “ملكة بيروت” التي توجهت إلى مائدة رشدي وصافحته بحرارة وأبدت سعادتها الغامرة بالعمل معه، ووقفت بعض الوقت معهم، ثم انصرف الجميع لينفجر بركان “سامية جمال” بعد السهرة المشتعلة، وكانت النتيجة إصرار سامية على السفر إلى القاهرة لأنها ترفض أن ترى نظرات الإعجاب والعشق تحيط بزوجها في كل مكان، وبالفعل سافرت “سامية” ومكث “الفتى الأباظي” في بيروت دون أن يعلم أنه على موعد مع قصة غرامية جديدة، ولكنها ساخنة جداً!

زواج مفاجئ

بدأت جلسات الإعداد لفيلم “إيدك عن مراتي” وجمع منتجه “نزيه العاكوم” بين “رشدي وصباح” في جلسات وسهرات كثيرة لمناقشة السيناريو، وحين بدأ التصوير شعر الجميع أن “صباح” تمنح رشدي اهتماماً خاصاً، وربما كان ذلك هو ما جعل المنتج “نزيه العاكوم” ينفرد بالدنجوان ذات ليلة ويفاجئه بقوله: “لماذا لا تتزوج صباح” أثار السؤال ذهول “رشدي” والتزم الصمت للحظات، ثم أجاب “لأنني ببساطة شديدة متزوج من “سامية جمال”.

فرد المنتج: ولكن الشرع يعطيك الحق، وأنت قادر على أن “تعدل” بينهما.

ثم أردف الرجل قائلا: إن صباح توليك معاملة خاصة يلحظها الجميع، ويمكنك أن تفكر في الأمر، “صباح” تبقى لبيروت، و”سامية” للقاهرة، شقراء للأرز، وسمراء للنيل.

ورغم أنه ضحك وحاول الهروب من الحديث، إلا أن الأمر بدا له ممتعا ومثيراً، وقبل انتهاء تصوير الفيلم وجهت “صباح” الدعوة له لتناول الغداء في منزلها، وهناك وجد حفاوة بالغة من أسرتها وتعرف على ابنتها الصغيرة “هويدا” وحين انفرد بـ “صباح” نظر إلى عينيها وقال “هل تتزوجينني” فردت دون تردد “أيوه.. أتجوزك” ، وبالفعل تم الزواج في يوم 17 مايو 1967، أمام قاضي الشرع الشريف بمحكمة “صيدا” وعاش الزوجان يومين عسل فقط، حيث كانت “الصبوحة” مرتبطة بحفلات خارج لبنان.

مشهد من فيلم الساحرة الصغيرة

سامية جمال تتمزق وتنزف

تسرب الخبر الزواج  إلى الصحافة فتحول إلى خبر الساعة في بيروت والقاهرة، واحدث ضجة لم يشهدها الوسط الفني من قبل، وأصبح حديث الناس وكثرت الشائعات والأقاويل حول هذا الزواج المفاجئ بين النجمين الشهيرين، وكانت “سامية جمال” الطرف الثالث في كل الأحاديث والهمسات، ورغم أنها كانت تتمزق وتنزف إلا أنها أكدت للجميع أن رشدي اتصل بها وأخبرها بأنه سوف يشرح لها كل شئ عند عودته، وأنه طلب منها عدم التحدث مع الصحفيين على الإطلاق، وحين عاد بعد شهر العسل استقبلته “سامية” بفتور واضح ولم تتحدث معه عن “صباح” بل لم تسأله عن سبب زواجه منها، وكان صمتها سوطاً يجلد “رشدي” ويعذبه.

الطلاق الهادئ

وجد “الدنجوان” في فيلم “حواء على الطريق” أمام “ماجدة” فرصة جيدة للهروب من نظرات وصمت “سامية جمال” فكان يخرج للتصوير في الصباح الباكر ولا يعود إلا بعد منتصف الليل، ولكنه في زحمة العمل نسى “صباح” أيضاً، واقتصرت علاقتهما على الاتصالات الهاتفية، وكلما طلبت منه السفر إلى بيروت ليلتقيا هناك كان يرجئ السفر بدعوى الانشغال في العمل، وهو ما دفعها إلى نشر تصريحات في الصحف اللبنانية حول إهمال “رشدي” لها، وأنها سوف تطلب الطلاق، واعتبر “رشدي” هذه التصريحات إهانة له، فرد عليها عبر الصحف المصرية مؤكداً أنه سوف يطلبها في “بيت الطاعة” غير أن الطلاق وقع بينهما بعد ذلك في صمت وأجواء من الاحترام المتبادل، وظلت “صباح” تصف “رشدي” بأنه أفضل رجل تزوجته.

كانت أيام يثير ضجة

استغل المنتج الشهير “رمسيس نجيب” هذه الضجة وأسند إلي رشدي بطولة فيلمه “روعة الحب” بطولة الوجه الجديد نجلاء فتحي، وحقق الفيلم نجاحاً ضخماً، وفي عام 1968 قرأ “رشدي” قصة “هرشة السنوات السبع” فقرر إنتاجها في فيلم تحت عنوان “كانت أيام” وقرر إسناد البطولة للنجمة “صباح” وصديقته “نادية لطفي” كضيفة شرف، واستقبلت “سامية” هذا القرار بغضب شديد، وهددته بترك البيت إذا أصر على قراره، ولكنه نجح في إقناعها، وأنتج الفيلم الذي نجح جماهيرياً، فقدم بعده أفلاماً أخرى، منها “صراع المحترفين” و”من أجل حفنة أولاد”.

في لحظة ما، فقد “رشدي أباظة” القدرة على البحث عن الحب الحقيقي

ورطة في لبنان

في عام 1970 سافر إلى لبنان لتصوير فيلم “أعظم طفل في العالم” أمام “ميرفت أمين” و”هند رستم”، فسافرت إليه “سامية جمال” لتجده في “ورطة” عاطفية!!، لكن بصبرها وحكمتها وحبها الشديد له، استطاعت إنقاذه من هذه الورطة العاطفية التى جعلته لا يفيق من شرب الخمر، وعادت به إلى القاهرة، وغفرت له مرة أخرى أو للمرة الألف، فقد كان “الغفران” هو المسوغ الوحيد لاستمرار زواجهما وحبهما، فرغم نزوات “رشدي” وعلاقاته التي لا تنتهي كانت “سامية” تدرك جيداً أن كلهن عابرات، وأنها هي الحبيبة والسكن والدفء الذي يعود إليه “الدنجوان” متعبا ومنهكا بعد كل مغامرة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.