قدم الشيخ “سيد مكاوي” على مدى مشواره الفني المئات من الأغنيات الوطنية، فهو لديه اهتمام شديد بقضايا مصر وكذلك القضايا القومية للوطن العربى وشارك فى الكثيركان من المناسبات القومية الهامة، وكانت أول أغنية وطنية يقوم بتلحينها وغنائها للإذاعة بعنوان “بدمي يا مصر أفديكي” فى يناير عام 1952 أثناء حريق القاهرة، ولهذه الأغنية قصة ففي نهاية شهر ديسمبر عام 1951، وبالتحديد فى بداية ديسمبر خاض أهالي السويس معارك عنيفة ضد جنود الإمبراطورية البريطانية بدبابتهم ومدافعهم الرشاشة وغيرها من الأسلحة الفتاكة، ولم تكن هذه المعارك بين قوات متكافئة أو متقاربة عددا أو عدة، مما حمل سكان السويس على الاضطلاع بعبء الكفاح الطويل، وأبدوا فيه من الفدائية والبطولة والروح العالية مما جعل كفاحهم أروع ما يكون الكفاح وأعطوا صورة مشرفة للنضال الوطني.
وفى هذا الوقت كان الشيخ سيد تربطه علاقة صداقة وطيدة بالمخرج السينمائي الكبير “أحمد بدرخان” والد مخرجنا علي بدرخان، فكتب له كلمات أغنية وطنية يقول مطلعها:
” بدمي يا مصر أفديكي / أفدى سماكي وأراضيكي
ونيلك اللي بيرويك / روحي فداه روح ودينا”
ونظرا لشهرة “أحمد بدرخان” كتبت الصحف والمجلات خبرا عن الأغنية ووضعت صورتين واحدة لبدرخان والثانية لسيد مكاوي، وفرح مكاوي كثيرا بهذا الخبر، واشترى أكثر من نسخة من مجلة الإذاعة وهو في طريقه للتسجيل، لكن نظرا لإندلاع حريق القاهرة، قام المسئولين عن الإذاعة بعمل حراسة مشددة على المبنى، وعندما حاول الشيخ سيد الدخول منعه العسكري الواقف على الباب وسأله بسذاجة منقطعة النظير: أنت جاي هنا ليه يا فندي؟ فرد عليه الشيخ سيد: عشان أغني!، فرد عليه العسكري : هو ده وقت غنا يا فندي البلد بتتحرق!، فرد عليه الشيخ قائلا: طب ما أنا جاي أغني أغنية حماسية، فرد عليه العسكري الساذج قائلا: ده كمان مش وقت حماس!!
وهنا ضحك الشيخ سيد عاليا،حيث أدرك بفطرته السليمة الذكية طيبة العسكري، وجهله وأخرج مجلة الإذاعة من تحت ذراعيه وطلب من العسكري أن ينظر لصورته المزينة صفحات برامج الإذاعة والمكتوب فيها الخبر، وهنا شهق العسكري وقال: أنت ليك أخ تؤأم؟! وبعد نفاذ صبر الشيخ سيد وصل أحد العاملين فى المبنى وتعرف على الشيخ سيد واصطحبه معه إلى استديو التسجيل، وغني الشيخ الأغنية التى تلتها العديد من الأغنيات الوطنية في هذه الفترة والتى كتبها له الشاعر حنفي فراج منها “أخضر بلون أرض الوادي، باركيلي يا بت يا شلبيه قبلوني خلاص فى الجهادية، فرجت وراق البال” وغيرها.