لم يولد “سيد مكاوي” ضريرا، لكنه نظرا لفقر أسرته فقد بصره،عندما أخذته والدته للعلاج عند حلاق الصحة، وكان علاجا خاطئا ففقد بصره، وهو في الثانية من عمره، وكان الطفل الوحيد فى الأسرة الذى فقد البصر، لكنه ظل يرى بصيصا من النور حتى سن الحادية عشر، بعدها فقد الرؤية تماما، وعام 1971 اهتمت روسيا به وعرضت عليه علاج عينيه على نفقاتها الخاصة، وعلى أيدي أطباء روس، وكانت العقبة الوحيدة هى إيجاد متبرع بعينين أو حتى واحدة، لتحقيق الأمل الذى طال انتظاره.
وحاولت والدته إقناعه بمشقة بالغة أن يقبل إحدى عينيها، فرفض رفضا باتا فقالت له : ” وما ترضاش ليه يا سيد مش أنا يا ابني كنت السبب، خليني أصلح غلطتي، مش أنا أمك؟!” فرد عليها: ” ده أنتي أمي وكل حاجة ليا في الدنيا، إنما أنتي مالكيش ذنب في حاجة، ربنا هوه اللي عاوز كده”!.
وتكاتف أصدقاؤه وأسرته وكل عاشقي شخصيته وفنه لإقناعه، وتحمست سيدة الغناء العربي “أم كلثوم” للعملية، ونقلت حماسها للشيخ “سيد”، وفي نهاية المطاف وبعد جهد جهيد نجحوا في إقناعه، وتمت الفحوصات فى مصر، وقرر الأطباء أن الأمل كبير في عودة النور إلى عينيه، وتم استخراج جواز سفر له، وواحدا لأمه المتبرعة، وانتهت إجراءات الحجز على الطائرة إلى موسكو، بعد تحديد المستشفى وموعد العملية، وقبل السفر بساعات قليلة قام الشيخ سيد بتقطيع جميع الوثائق ورفض السفر تماما، فقد عز عليه أن يحرم أمه إحدى عينيها، لم يقبل أن يبصر عن طريق حرمانها بعض مما أنعم الله عليها، وفضل أن يظل فاقدا للبصر على أن تضحى والدته بإحدى عينيها!