رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

حكايتى مع ديزنى (7) .. شيئ عن كل شيئ

بقلم المخرج المسرحي الكبير : عصام السيد

سألت سمير حبيب عن سر إصرار شركة ديزنى على وضع صوت كل ممثل على تراك منفصل و كانت الإجابة بالنسبة لى مثيرة للغضب، قال : حتى يسهل عليهم وضع أى مؤثر على أى صوت فى الفيلم كله، فمثلا لو أرادوا أن يخفّضوا عمق صوت شخصية أو يُزيدوه ، فسهل عليهم وضع المؤثر على التراك كله دون أن تتأثر أصوات باقى الشخصيات .

برغم أننى لم أكن أفهم فى هذه الأمور التقنية بشكل جيد ، إلا أننى اعتبرت أن هذا من باب الكسل ، و أنهم فى ديزنى يريحون أنفسهم و يتعبوننا نحن . و لكن لا فائدة من الإعتراض الآن فلقد تورطت و انتهى الامر . 

(و إن كان ذلك أحد الاسباب التى  دفعتنى – فى وقت لاحق – لمحاولة فهم كل الأمور التقنية التى تخص التسجيل و المونتاج ، فلقد تعلمت فى المسرح أن على المخرج أن يكون ملما بكل المهن و المهمات التى تشارك فى صناعة العرض المسرحى ، و دائما ما كنت أردد أن على المخرج ان يعرف شيئا عن كل شيئ، و بالفعل شاءت الظروف أن أمارس أعمالا كثيرة فى المسرح بدءا من التلقين و إدارة المسرح الى تصميم الإضاءة و تنفيذها ، مرورا بتنفيذ الديكور، و كانت متعتى – و مازالت – أن أشارك العمال فى تنفيذ مهماتهم ، فلماذا لا أتعلم شيئا جديدا يعيننى على أداء مهمتى على أكمل وجه ؟ )

تطوعت المخرجة عزة شعبان – مساعدتى فى ذلك الوقت – أن تقوم بصنع خريطة لتوزيع الاصوات على التراكات السبع ، بحيث لا يلتقى صوتان على نفس التراك فى نفس المشهد ، و أمضت وقتا طويلا فى كمية ضخمة من ( التباديل و التوافيق ) حتى استطاعت أن تصل الى شبكة منضبطة ، و الى جانب كل دور كتبت فى أى الأجزاء تقع مشاهده ، فالفيلم جاء إلينا مقسما الى خمسة اجزاء و كأنها فصول فى مسرحية و كل جزء لا يزيد عن العشرين دقيقة

أمضيت أنا هذا الوقت فى مشاهدة الفيلم عدة مرات – بعد ان أعطانى سمير حبيب أخيرا نسخة منه – و معها كمية ضخمة من التحذيرات بعدم خروجها من منزلى أو محاولة نسخها كاملة أو أجزاء منها، و إلا تعرض هو لتنفيذ شرط جزائى مادى بالملايين ، و عندما سألته كيف سيعرفون أنها نسختك قال لى أن كل نسخة تخرج من ديزنى لمشروع الدوبلاج لأى مكان فى العالم تحمل كودا سريا خاصا يعرفون من خلاله – فى حالة القرصنة – من أى المصادر تسربت . 

وعندما شاهدت الفيلم وجدت أن النسخة ليست كاملة ، فعلى فترات متباعدة تجد جزءا من مشهد إما غير ملون ، أو الصورة ثابتة و ليست متحركة، الى جانب خط بلون معين يعبر الشاشة على فترات طوال الفيلم . اذاً هى نسخة غير متكاملة و لا تصلح للمشاهد العادى، ولا يمكن بيعها مثلا أو طرحها فى الأسواق ، فلماذا كل هذا الحرص من جانب شركة ديزنى ؟ و لكن من كثرة تحذيرات سمير حبيب – و أيضا خوفاً عليه – احتفظت بالنسخة – و حتى الان – فى خزانتى الخاصة

فى منزلى مضيت أشاهد الفيلم على جهاز الفيديو ، مرة ملاحظا لسلوك كل شخصية و طريقة إنفعالها ( سواء فى الرسم أو الصوت ) محاولاً تطبيق هذا على وصف الشخصية الذى أرسلته الشركة من قبل ، و مرة ممسكاً بالترجمة لأرى مدى تطابق الترجمة مع الموقف و الشخصية ، و مرة من أجل قياس زمن الجمل باللغة العربية و هل هو مساو لنفس زمنها باللغة الانجليزية . و لم تكن مشاهداتى الكثيرة هذه سوى نوع من التوتر الزائد لدخولى مجالا جديدا بالنسبة لى .

فى الاستوديو الصغير بدأ سمير فى تسجيل أغانى الفيلم ، بالتعاون مع مايسترو من اصل أرمنى يعمل بدار الاوبرا المصرية . و امتلأ الاستوديو بمغنيين كبار ذوى مهارات عالية معظمهم من العاملين بدار الأوبرا ، و كانوا من الإتقان و الحرفية العالية بحيث أن الأغانى لم تأخذ وقتا طويلا ، و ساعد على هذا أن معظمهم استلم شريطا عليه الأغانى و نوته موسيقية مكتوب عليها الكلمات باللغة العربية ، و هو ما يسهل على مغنى الأوبرا عمله ، لكن المبهر وسط هؤلاء المحترفين كان الفنان القدير عبد الرحمن أبو زهرة الذى أصر على أن يجربه سمير حبيب فى أغنية ( سكار ) و استطاع تأديتها برغم صعوبتها أداءً رائعا محافظاً على طابع الشخصية التى يجسدها.

و اقترب موعد تسجيل الحوار ، فوضعت جدولا مبدأيا يبدأ فى الثانية عشر ظهراً و يمتد حتى الثامنة مساء ، مقسم الى ثلاث مراحل الاولى و الثانية مدتها 3 ساعات و تخصص لتسجيل حوار أحد الشخصيات الرئيسية ، و الثالثة مدتها ساعة و تخصص لاصوات المجموعات أو الأدوار الهامشية التى تؤدى أدواراً قصيرة فى الفيلم أو تقول جملا متناثرة داخل زحام ، و بين الثلاث مواعيد قسمت ساعة  للإستراحة .

و لكنى فوجئت بإدارة الاستوديو – بإيعاز من سمير حبيب بالطبع – تطالبنى بتحديد كم يوماً سأحتاج كل ممثل !!!!

و اعتبرت هذا تعنتاً من إدارة الاستوديو.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.