نزاع على تركة أحمد زكي
بقلم : محمد شمروخ
لم أشأ أن أكتب عما حدث بين الفنانين باسم سمرة ومحمد رمضان في وقتها حتى لا أشارك ساعتها في سجال بلا قيمة، نترك فيه لب الموضوع فيتحول الحوار إلى سجال ألتراسي يتنمر فيه كل فريق بالآخر، لتظل المعركة ساخنة حتى يغطى عليها حدث أكثر تأثيرا!.
ولكن مثل هذا الصراع بين النجمين كان متوقعا لأنهما لا يتنافسان على كسب أكبر رصيد من متابعة وحب الجماهير للحفاظ على النجومية فحسب، لكن لأنهما كانا يوما فرسا رهان في مضمار واحد، مازلت أصر على تسميته بتركة “أحمد زكي” الذي خلا إعلام وراثته من ورثة مباشرين في الواقع وعلى الشاشة كذلك – كيف هذا؟ – وما دخل أحمد زكي بالخلاف بين السمرة ورمضان؟!
الإجابة ببساطة هو أن ميراث زكي على الشاشة لا يمكن أن يؤول لأكثر من وريث، فنجومية باسم أو محمد، ما كان لها أن تزدهر وتينع وتأتى بأطايب الثمر، لولا تمهيد أحمد زكي لهما، فمهما كانا يملكان من قدرة على التمثيل، فقدرات التمثيل وحدها لا يمكن أن تحقق النجم السوبر، فكم من ممثلين بارعين، تضرب من أجلهم جبهتك بقوة محاولا تذكر أسمائهم أو تتملكك مرارة قصيرة الأجل تمصمص بها شفتيك لأنهم لم يأخذوا حقهم من تقدير.
وكان أحمد زكي نفسه يعد من بين هؤلاء، فعبقرية الفنان الأسمر لم تكن في قدراته التمثيلية فقط، بل بإصراره على ولوج طريق وسط صعاب تبدو على حدود المستحيل، فوقت ظهور أحمد زكي كممثل، كان يسيطر على الشاشة نجوم كانت وسامتهم وبياض بشرتهم وسبسبة شعر رؤوسهم وأناقتهم، هى أهم روافد نهر النجومية الذي تشترك في صناعته – كما أشرت – عوامل عديدة.
أما أحمد زكي فكان يملك ملامح فتى لا يمكن أن يلفت انتباه فتاة تقف في طابور أمام شباك السينما لتشاهد ممثلا ترى ملامحه في صبي الميكانيكي والبواب والسمكرى والزبال وعسكرى الإشارة، حتى عندما ظهر أحمد يحمل نفس الاسم في “مدرسة المشاغبين”، كان فى دور وملابس وهيئة تناسب ملامحه، ولكن أحمد زكي لم يحصر نفسه في قالب هذا الدور الذي خطا به أول خطوة في طريق النجومية الحقيقية، فترك المسكنة والغلب، ولكنه في الوقت نفسه فعل المستحيل بتمسكه بملامح لا يمكن أن تلفت النظر، ولم يقع في فخ صناع “القوالب” لأحمد اليتيم.
وحتى لو أدى دورا يتطلب ذلك، فإن حضوره واعتزازه بملامح البواب وصبي الميكانيكي جعله هو الذي يفرض ملامحه على النجومية باقتدار لم ينافسه فيه أحد، لأن كل المنافسات كانت بين النجوم لمن يقدر على الاحتفاظ بوسامته ليفوز بأحلام العذارى، لكن زكي اختار “الواد الأسود بالشعر الأكرت”، لكنه صاحب الإرادة الصلبة، فعبر بصدق عن أحلام قطاعات عريضة من الجماهير لم يكن نجمها المفضل قبله نائبا لدائرتها، فرأوا في النمر الأسود ابنهم الذي وقف على المسرح مع سعيد صالح وعادل إمام وسهير البابلى، وأمام الكاميرا مع نادية الجندي وميرفت أمين ونبيلة عبيد وسعاد حسنى ولبلبة ومديحة كامل وليلى علوي وآثار الحكيم وغيرهن من فاتنات الشاشة، يؤدى أدوارا لم يعرض نفسه فيها بسوق التفاهة أو البلطجة،.
فنان قدير ونجم استحق المكانة بفرض شكله شديد الشعبية على الشاشة كبطل أوحد وسوبر ستار بدأ من تحت القاع، وقبل ذلك فرض أسلوبه هو نفسه على هذه الملامح فكانت طريقه الوعرة للنجومية، حتى إذا ما مات ولم يتمكن أحد من تكرار التجربة حتى ولده الفنان الراحل الذي مات في ضربة قدرية مفاجئة لم يسلك هذا الطريق، لأنه ربيب نعمة لا تخلق فيه تلك الملامح.
ولما ظهر السمرة في دور الواد “كلفتى” لاح وكأنه يتأهب للوثوب على صهوة الحصان الذي رحل عنه فارسه النبيل، وبدا كأن باسم السمرة سيركض في الطريق بقدراته الفذة كممثل، إلا أنه لم يجد معاونا على ركوب صهوة الحصان وإذا بفتى أقرب شبها بأحمد زكي يحاول القفز على سرج الحصان ورغم نجاحهما معا مع ليلى علوى في مسلسل “حكايات وبنعيشها”، إلا أنهما بعدها كان لابد أن ينفرد أحدهما بالحصان، وها هو الواد “حبيشة” يسلك الطريق نفسه وينتظره الناس كل رمضان في “مسلسل حبيشي جديد”، وبلون تزينه الملامح الحبيشية، ولذلك كان قيام باسم بمحاولة دفعه وعيونه تطق شرار خطوة طبيعية ومتوقعة لإنزاله من فوق مسرح فرح شعبي حقيقيى تحضره جماهير حقيقية بدون سيناريوهات ولا بلاتوهات ولا أكشنات ولا كاميرات سينما لتصور ما حدث بين النجمين المتنازعين.
لكن كاميرات الموبايلات المترصدة التقطت المشهد والذى كان بمثابة دعوى بإعلام وراثة، لكنه خلا من وجود مستندات دالة على استحقاق أي من المتنازعين الانفراد بميراث فتى الشاشة الأسمر!.