كتب : مروان محمد
مواجهة تبدو هادئة لأول وهلة، لكنها مثل النار التي تغلي في أتون مرجل سحقيق تحت الرماد في انتظار تأتي عاصفة قوية تؤججها من جديد .. تلك كانت أجواء المواجهة بين “فارس” ووالد حبيبته “ياسما” في المسلسل اللبناني السوري “مافيي” بطولة “معتصم النهار” الذي لعب دور”فارس”، و”فاليري أبو شقرا” التي جسدت شخصية “ياسما”، وقام بدور والدها الذي يشكل الطرف الثاني في هذا المشهد – الذي يعتبر الـ “ماستر سين” في المسلسل – الفنان اللبناني القدير “بيار داغر”، والمسلسل من إخراج المبدعة السورية “رشا شربتجي”، التي سيطرت على الأحداث بعين خبيرة وعقل واعي في صناعة الإثارة
تبدأ التفاصيل بدخول “فارس – معتصم النهار، على “فوزي – بيار داغر” والد “ياسما” في بيت شقيقته “صباح”، التي لعبت دورها بنعومة “إلسا زغيب”، ودار حوار استنكر من خلال فوزي أن يكون له علاقة بمقتل والد ووالدة “فارس”، قائلا له بعد أن أدار وجهه تجنبا للمواجهة: انتي ما قادر تقنتع إني وأبي ما إلنا علاقة بهذه الجريمة – كان ذلك ردا على فارس عندما سأله حول: من الذي قتل والده ووالدته – هذه مشكلتك، فرد فارس : إذا ما لكم علاقة بالجريمة ليش أبو فوزي بيعمل فينا هيك؟، ليش بيحاول يطلعنا برات الضيعة، وبيحرض أهل الضيعة علينا؟.. خلاص يتركنا بحالنا وبس!.
فوزي منحيا برأسه للأسفل تفاديا للنظر في عيني فارس: القصة ما لها علاقة بالجريمة، بالضيعة اللبنانية بيحبوا يحافظوا على الأراضي ضمن العيلة، لهالسبب بيورثوا البنات مصاري، والشباب بيورثوهم الأراضي، فيرد فارس : كتير منيح .. حكي منطقي وواضح، أصلا أول مرة واحد من عليلتكم بيحاكيني بهالرواق، ومازالك هالقد واضح ممكن تجاوبني على كام سؤال، أنا ماعندي أجوبتهم؟، فيوميئ فوزي برأسه قائلا: أكيد.
يجلس فارس على الطاولة في مواجهة فوزي قائلا : أنا كنت مقتنع بالحقيقة اللي بتقول إن أبي قتل أمي وانتحر، لحد ما بلشت أختلط بأهل الضيعة ووصلتني الخبرية البشعة كتير، واللي بتقول إن أبو فوزي قتل أمي وأبي، لأنك كنت على علاقة بأمي ما بدو اياك تخرب بيتك، وبأسلوب المراوغة يهز فوزي رأسه مستنكرا قول فارس: كذب .. الخبرية كذب، لكن تبدو عيناه زائغتان تماما، فهو يدرك جيدا أنه هو نفسه الكاذب، فيهاجمه فارس بسؤال مباغت: شو كانت علاقتك بأمي؟
يرد فوزي مع تنهيدة مكتومة خارجة من صدره الذي يخفي الكثير: ما كان فيه علاقة بيناتنا.. ثم أردف قائلا : كيف يكون فيه علاقة ونحنا أعداء، أصلا كان فيه مشاكل بين العيلتين، لهاالسبب كان أبي رافض وجود أهلك بالضيعة متل ما هو رافض وجودكم، لها السبب مستحيل فيه علاقة بيناتنا، فيقول فارس في سخرية مكتومة: بتصير!!، هاي إحنا وانتوا فيه مشاكل بيناتنا، بس أنا و”ياسما” بنحب بعض، يرد فوزي: هادا غير موضوع، إنتا و”ياسما” عذابية، بينما أنا وأمك كنا مزوجين وكل شخص عنده عيلة، لهاد الخبرية كلها كذب في كذب، بالضيعة كل شي بيطلع إشاعات، فيرد فارس في حسم: حتى ولو، أنا ما بارضى إن أمي تكون بنظر أهل الضيعة خاينة وبلا شرف، وهنا تأتي الموسيقى موظفة بشكل جيد للغاية حيث تعزف على أوتار مشاعر كلا الطرفين المهمومين كل واحد منهما بحبه الدفين بين ضلوعه.
فوزي لفارس : أنت ليه مصر على المشاكل؟
فارس : أنا ما ني مصر على المشاكل، أنا بدي أرجع أفتح الملف كله واكتشف الحقيقة، وأعرف إيش صار بالضبط .. صدقني شوا ما كانت الحقيقة راح أتقبلها، حتى لو كانت ضدي راح أتقبلها، بس ما حاروح أترك أمي وأبي مظلومين حتى ولو كانوا ميتين، ثم يقف فارس في مواجهة فوزي متحديا وغاضبا: ياريت توصل لأبو فوزي أنو أنا وخالتي ماراح نبيع الأرض، ولو قد ما ضغط عليه ولو شو ما عمل أنا راح دور على الحقيقة.. وحالاقيها، ثم يعتدل في وقفته قائلا لفوزي: مازال ملكم علاقة بالقصة ماتخافوا وما تدايقوا.
يقف فوزي قبل أن يغادر فارس الغرفة قائلا له : فارس بعد عن بنتي أحسن لك .. اليوم قبل بكرة، فيرد فارس : وإلا؟! ، يرد عليه فوزي: راح تكبر المشاكل، وبعدها يمضي كليهما كل لحال سبيله، حيث يبدأ الصراع متخذا خطوات أكبر بين كلا العائلتين إلى أن يرحل أبو فوزي الذي جسد دوره ببراعة الفنان اللبناني القدير “أحمد الزين” في واحدة من روائعة الإبداعية، حتى أن المسلسل أصاب أحداثه نوع من الفتور وافتقد الإثارة التي كان يتمتع بها حتى نهاية الجزء الأول، ثم توالت الأحداث في الجزء الثانوي بوتيرة مفتعلة، تفتقد جو الصراع الذي صنعه “الزين” طوال أكثر من 40 حلقة من الشد والجذب والتآمر والقتل بدم بارد، ودون أن يلوث يده، لكن كل ذلك جاء على جناح أداء عذب لا يخلو من البراعة والتألق من جانبه وباقي كل فريق العمل.