الجمهور العماني استقبل “طرح البحر” بحفاوة كبيرة لم أتوقعها
ما يحدث فى الإعلام المصري بالتركيز على الفن الهابط عيب كبير
أتمنى أن تعرض هذه الأوبرا فى بلدي ويشاهدها ملايين المصريين
حوار: أحمد السماحي
حالة من السعادة الغامرة يعيشها الموسيقار الكبير “منير الوسيمي”، هذه الأيام بعد النجاح الكبير الذي حققه عرض أوبرا “طرح البحر” الذي عرض منذ أيام قليلة على مسرح دار الأوبرا السلطانية بمسقط، ووجد تجاوبا كبيرا من الجمهور العربي الذي حضر ليال العرض.
وتعتبر أوبرا ” طرح البحر” أول عمل أوبرالي عربي يقدمه موسيقار مصري بثقافه مصرية، فكل الذين سبقوه وقدموا بعض الأوبرات المصرية، كانت ثقافتهم أجنبية فقط، وأعمالهم غريبة على الآذان المصرية والعربية، أما ما قدمه “الوسيمي” فكان شيئا مختلفا، ومتألفا مع الآذن المصرية والعربية، لهذا خرج الناس بعد مشاهداتهم الأوبرا، وهم يرددون بعض الجمل الموسيقية.
الموسيقار منير الوسيمي أكد لـ “شهريار النجوم” أن الجمهور العماني والعربي، الذي حضر أوبرا “طرح البحر” على مدى يومين استقبلها بحفاوة كبيرة، ونالت إعجابه، وهذا معناه نجاح أول أوبرا عربية، وهذا يرجع إلى أنه أستطاع حل مشاكل الأوبرا التى كانت تسبب انصراف الجمهور المصري والعربي عنها، وقد أقيمت ندوتين قبل بداية عرض الأوبرا في الليلتين اللتان عرضتا فيهما، ووجد فيهما كل محبة وتقدير وفهم من جمهور الحاضرين.
وما أسعده حقا حضور ناقد فني متخصص من إنجلترا لمشاهدة الأوبرا يمثل جريدة ” الأوبزرفر” الإنجليزية العريقة ، والذي “عصره” أسئلة – على حد تعبيره – فى إحدى الندوتين، وبعد مشاهدته للعرض، كتب موضوع رائع فى جريدة “الأوبزرفر” الأسبوعية عن الأوبرا، ووصفه بالموسيقار العالمي، وهذا اللقب ليس سهلا أو بسيطا حصول فنان مصري عليه.
وعن المشاكل التى حلها فى الأوبرا وجعلت الناس بكافة أطيافها تقبل على العرض قال: الأوبرا ثقافة أجنبية، وليست عربية، والموسيقى العربية موسيقى جمالية مليئة بالزخارف والحليات، بمعنى سيدة الغناء العربي “أم كلثوم” تغني الجملة، وتعيدها بشكل ثاني، وتعمل فيها “تعريب” فى الغناء، هذا “التعريب” هو ما اشتغلت عليه، لكن طبقت عليه قواعد الموسيقى العالمية الحديثة جدا، وساعدني على نجاح التجربة مصاحبة الأوركسترا السيمفونية السلطانية العمانية بكامل عناصرها.
فضلا عن وجود مجموعة كبيرة من نجوم الغناء الشباب بعضهم يغني في الأوبرا حوالي 20 مطرب ومطربة، وبعضهم هواة اكتشفتهم أثناء تحكيمي فى مسابقات وزارة الشباب والرياضة، فضلا عن مجموعة أرسلهم لي الصديق العزيز “أسامة علي” الأستاذ بكلية التربية الموسيقية، كانوا في فرقة اسمها “دوزان”، وتولى “أسامة” تدريب الكورال وتحفيظهم طبقا للنوت التى كتبتها، وقمنا بتسجيل كل هذا فى الاستديو الذي أملكه في “الهرم”، وأصطحبت “أسامة” معي إلى عمان، وهو الذي قاد الأوركسترا، وحقق نجاحا لافتا، وأشادت به الجرائد والمجلات التى غطت الحدث.
وأضاف الوسيمي : كما أن موضوع أوبرا “طرح البحر” محلي جدا، وموجود فى كل الدول العربية، حيث تدور الأحداث حول قرية من قرى الصيد، ومغامرات صياد فى مجتمع الصيادين فى قالب فني يجمع بين سرد القصة والأغاني خلال مشاهد بسيطة مصحوبة برقصات البالية المتواصلة.
وصرح الموسيقار المصري الكبير: أن هذه الأوبرا كانت حلم قديم طالما حلم به، لكنه كان حلما مستحيلا، يحتاج إلى إمكانات مادية كبيرة جدا، صعب توفيرها بجهود ذاتية وشخصية، وكان لابد لخروج هذا الحلم من جهة تسانده وترعاه وتدعمه حتى يخرج للنور، وهذا ما تحقق بفضل الأوبرا السلطانية العمانية، وبفضل المسئولين عنها، يأتي في مقدمتهم مستشار الفعاليات والبرامج الدكتور “عصام الملاح” الذي يدرس الموسيقى فى جامعات ألمانيا، والذي تحمس للأوبرا فور أن أتصلت به وشرحت له فكرتها، وحدث بيننما تزوار ومناقشات عديدة على مدى شهور طويلة، وجاء إلى مصر وشاهد بنفسه الملابس والديكورات وكل التصميمات التى صممتها، فضلا عن استماعه إلى مقاطع منها، فبحكم أنه أستاذ أوبرا تحمس جدا للموضوع، وأعطى إشارة البدء، وعرض الأمر على المسئولين فى أوبرا عمان وكلهم بالمناسبة وزراء، وأقتنعوا بالموضوع، وقد كان وأخرج للنور .
وشكر منير الوسيمي كلا من آمن بهذه الأوبرا وساعد على خروجها للنور، يأتي في مقدمتهم عميد كلية التربية الموسيقية ” كرم ملاك”، ووكيلة الكلية، اللذين فتحا له أبواب الكلية لعمل بروفات الأوبرا لمدة ثلاثة شهور مجانا، كما يشكر الأوركسترا السيمفوني السلطاني بقيادة المايسترو “حمدان الشعيلي” الذي تحمس للأوبرا، وساعده وأجرى بروفات عليها قبل وصوله لعمان، كما يشكر الدكتور “عصام الملاح” مستشار الفاعليات والبرامج فى الأوبرا العمانية لمساندته الشديدة للعرض، كذلك يشكر صديقه الدكتور “أسامة علي” الذي تعب معه كثيرا في البروفات وغيرها، كما يتوجه بالشكر للدكتوره “كرمه سامي” أستاذ الدراما بكلية الألسن بجامعة عين شمس، التى ساندت العرض منذ بداياته وكانت من أكثر المتحمسين والمشجعين له.
وتمنى الموسيقار العالمي “منير الوسيمي” أن تعرض هذه الأوبرا فى مصر ويشاهدها ملايين المصريين، وأرسل ما كتب عن الأوبرا للسيدة الدكتورة “إيناس عبدالدايم” وزيرة الثقافة، وللأستاذ المخرج ” خالد جلال” رئيس قطاع الإنتاج الثقافي، والسيد ” ياسر صادق” مدير المركز القومي للمسرح والموسيقى.
وعتب الوسيمي على برامج ” التوك شوز” المصرية لانشغالهم في استضافة “شاكوش” وزردية، وغيرهم من مغنين المهرجانات، والتحدث معهم وكأنهم يجرون حديثا مع الموسيقار “محمد عبدالوهاب، أو عبدالحليم حافظ أو فريد الأطرش، أو محمد فوزي”، أو غيرهم من أساطين النغم.
وأنهى حديثه بسخرية قائلا: والله عيب ما يحدث فى مصر فى الإعلام من التركيز على الفن الهابط، وعدم التركيز على كل ما هو قيم وجميل ويعمل على نهضة البلد سواء الفنية أو الاقتصادية أو الإجتماعية.