كتب : مروان محمد
طول الوقت يضع الفنان المثير للجدل “محمد رمضان”، الفنان عبقري الأداء “أحمد زكي” أمام عينيه، فلا يغادر عقله أبدا، ويحاول استنساخه بشتى الطرق، بل يسعى دوما لتقليده والاقتراب من عالمه الفني السحري – لكن شتان بين هذا وذاك – وآخر مظاهر هذا الاستنساخ هو الفيلم الجديد الذي سيبدأ “رمضان” تصويره قريبا بعنوان “مو” – لاحظ أنه يحاول استغلال اسم شهرة لاعب “ليفربول” المصري محمد صلاح – الذي يحاكي ويستعيد رائعة “زكي” فيلم “النمر الأسود”، والحقيقة أن فيلم “مو” هو نفس القصة من حيث الشكل وليس المضمون مع تغييرات طفيفة تتناسب مع العصر الحالي، ومرورحوالي 36 سنة على إنتاجه.
تدور قصة “مو” حول شاب فقير يذهب إلى أمريكا بعد أحداث 11 سبتمبر للبحث عن فرصة عمل ، لكنه يتعرض للعديد من الصعوبات المعيشية التى تجعله يفترش الشارع لينام فيه، حتى يصحو في أحد الأيام على معركة ساخنة بين شاب ومجموعة من البلطجية فيتدخل ويدافع عن الشاب الذي يعجب به، ويصطحبه معه إلى منزله، ويعرفه على والده زعيم المافيا، لتنقلب حياة “مو” رأسا على عقب.
والقصة التى تحدثنا عنها الآن هى نفس قصة “النمر الأسود” حتى اسم البطل في الفيلمين واحد، فالفنان “أحمد زكي” كان يحمل إسم ” محمد”، و”رمضان” يحمل نفس الاسم، ويدلعه أصحابه باسم “مو”، ونفس الظروف الصعبة التى نشأ فيها البطلين، والتى تجعلهما يسافران للخارج، أحمد إلى ألمانيا، ورمضان إلى أمريكا، وإذا كان “زكي” لعب ملاكمة في فيلمه، ” فرمضان” سيلعب كل الألعاب، حيث أكد الفنان المثير للجدل فى حديث تليفزيوني أن الجمهور سيرى من خلال فيلمه الجديد “مو”، أكشن لم يقدم من قبل فى السينما المصرية!!
الفرق الوحيد بين البطلين أن أحمد زكي قدم قصة حقيقية عن بطل مصري رفع اسم مصر عاليا فى ألمانيا، وتدور قصة الفيلم حول قصة حقيقية لكفاح العامل المصري (محمد حسن المصري) الذي يتعلم من صغره مهنة الخراطة ويسافر للعمل بهذه الحرفة في ألمانيا، ويعاني هذا العامل في الغربة من صعوبة التعامل مع الآخرىن لعدم قدرته على التحدث بالألمانية أو حتى بالإنجليزية، وأيضا يعاني من اضطهاد زميل له في العمل بسبب كونه أسود البشرة، ويدبر له مكيدة يكون من نتائجها فصل العامل المصري من العمل بدون شهادة خبرة، ويتعرف العامل أثناء فترة عمله على مدرب ملاكمة مصري يوناني فيعتبره صديقا له، ويتدرب على يديه حتى يصبح بطلا في الملاكمة.
ويتعرف أيضا على جارة له ويقع في حبها، غير أن والدها لا يرضى أيضا بأن تتزوج ابنته من زنجي أسود، إلا أنهما يتزوجان ويفرض العامل نفسه على الصناعة بفكرة جديدة يطرحها على ماكينة الخراطة ومن ثم يصبح رجلا مسؤلا غنيا له شأنه في ألمانيا
أما “محمد رمضان” فيجسد قصة خيالية بعيدة تماما عن مفهوم البطولة، حيث تخلو من مضمون حقيقي له قيمة ومعنى، بحيث تعكس قصة كفاح حقيقية لشاب مصري ابتلعته الغربة، لكنه تغلب على الصعاب وبنى نفسه على جناح الاجتهاد أو العلم أو ماشابه ذلك، بقدر ما يجنح إلى أسلوبه المعتاد في أفلام الحركة التي تعتمد على القوة البدنية المفرطة، وهو ما سجعله يعود لمصر وهو بلطجيا من طراز خطير على الطريقة الأمريكية، بعد أن يكون قد حطم مائة سيارة، وقتل عشرات الأشخاص!!
وهذا الأمر بالطبع ينعكس سلبا على مفهوم رسالة الفن الحقيقي التي تسعى لتحفيز الشباب على العمل والجد والاجتهاد، لا العنف والبلطجة تحت مسمى الدفاع عن النفس وأخذ الحق بالذراع، والشره في استخدام العنف غير المبرر أخلاقيا، فضلا عن التعبير السيئ عن الشباب المصري في هذه المرحلة الفاصلة من عمر وطن يواجه كثيرا من التحديات والمؤامرات من الداخل والخارج، والتي تهدف في غالبها لتصدير الإحباط لدى الشباب وزرع العنف والبلطجة في نفوسهم، وفي النهاية رسم صورة سلبية عن الشباب المصري الطامح نحو حياة أفضل.
فيلم “مو” تأليف وسام صبرى، إخراج حسين المنباوى، الذي عمل من قبل مع “رمضان” فى فيلم “شد أجزاء”، والذي جنح من خلاله إلى ترسيخ مفهوم البلطجة والعشوائية واستخدام أنواع مختلفة من الأسلحة، واستعراض العضلات لشاب أهوج يتوق شوقا طوال الأحداث لسفك الدماء، المهم في النهاية أن “رمضان” يسعى لنحت أحمد زكي بعد سلسلة فشله في إثبات حضوره الإيجابي في التمثيل لشخصية سوية يمكن أن تقربه للجمهور، والغريب أنه يصرح قبل بدأ التصوير بأن فيلمه سيكون من نوع “أكشن” مختلف على الجمهور المصري، تماما كلون المهرجانات التي يؤديها على الطريقة الأمريكية في فجاجتها وأفعالها المشينة، مدعيا أن هذا هو الاختلاف، وهذا هو الفن الذي يقترب منه للشباب!