كتب: محمد حبوشة
جريمة إنسانية بشعة ارتكبتها اليد الإسرائيلية الغادرة، بدم بارد عندما تم قصف (المستشفى المعمداني) في غزة، فالغارة الإسرائيلية التي شنها الاحتلال أمس على المستشفى الأهلي المعمداني، أسفرت عن استشهاد ما يزيد على 1000 فلسطيني في يوم واحد خلال ساعات معدودة.
وذكر شاهد عيان، أن (المستشفى المعمداني) في قطاع غزة، كان يضم عددا من النازحين من منازلهم بعد تدميرها خلال غارات الاحتلال الإسرائيلي الذي يمارس كل أنواع الجرائم الإنسانية ضد المدنيين.
ووفقا لوكالة الأنباء الفلسطينية، فقد قصفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي، المستشفى المعمداني) في حي الزيتون بمدينة غزة، ما أسفر عن استشهاد وإصابة أكثر من 1000 المواطنين.
إقرأ أيضا : محمد حبوشة يكتب: (الجزيرة) تثبت الحرفية والمهنية في (طوفان الأقصى)!
وأضافت الوكالة، إن طائرات الاحتلال شنت غارة على المستشفى أثناء تواجد آلاف المواطنين النازحين الذين لجأوا إليه، بعد أن دمرت منازلهم، وبحثوا عن مكان آمن، وأظهرت مقاطع فيديو، سيارت الإسعاف وهى تنقل الشهداء والمصابين، بالإضافة إلى اندلاع حريق جراء القصف.
الغريب في الأمر أن هناك تبرير غير منطقي، ففي أول تعليق من أمريكا بعد قصف مستشفى المعمداني في غزة، حيث قالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون)، تعليقا على استهداف (المستشفى المعمداني) في مدينة غزة، إنه في أوقات الحرب ينبغي الالتزام بقانون الحرب والقانون الإنساني الدولي.
وأضاف وزارة الدفاع الأمريكية، أننا لا نعلم بعد من المسؤول عن القصف الذي استهدف المستشفى المعمداني في غزة، ولكن نتوقع من إسرائيل الالتزام بالقانون الدولي في الحرب.
وأشارت البنتاجون، إلى أن حركة المقاومة الفلسطينية (حماس) تنشر قواتها داخل المستشفيات، وهذا ما يظهر وحشيتها ويتسبب في سقوط المزيد من الضحايا، ولكن بالرغم من هذا ليس لدينا معلومات بعد بشأن ما إذا كان (المستشفى المعمداني) في غزة تضم موقعا لـ (حماس).
البتناجون لايرى جريمة (المستشفى المعمداني)
ولفت البنتاجون إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تضع أي شروط مسبقة لمد الاحتلال الإسرائيلي بأي أسلحة، وأكد البنتاجون، أن الولايات المتحدة تتواصل مع إسرائيل لضمان توفير احتياجات السكان في غزة، ونتوقع أن يثير الرئيس الأمريكي جو بايدن هذا الموضوع خلال زيارته لتل أبيب.
وشددت وزارة الدفاع الأمريكية، على أن واشنطن تعمل مع الاحتلال الإسرائيلي حاليا في ملف إنقاذ الرهائن ومعرفة أماكنهم، وهى محاولات للالتفاف على جرائم إسرائيل التي تمارسها بدم بارد على رهائن فلسطين في أرضهم المسلوبة.
إقرا أيضا : حارس القدس وحراس الدراما السورية
وفي إطار التنصل من استهداف قصف (المستشفى المعمداني)، قال المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، أمس الثلاثاء، إنه تم الإنذار بإخلاء المستشفى المعمداني قبل قصفها، كما تم إنذار 5 مستشفيات أخرى، كما أنه نسب قصف المستشفى لحركة الجهاد الإسلامي.. يالا العجب من فعل آل صهيون!
وأضاف المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، أنه لم تصلنا كل التفاصيل والمعلومات بشأن استهداف مركز طبي في قطاع غزة ولا يمكننا التعليق حاليا، ما يعني أنهم لن يتوقفوا عن استهداف مستشفيات أخرى في إطار حرب الإبادة.
استنكار دولي لقصف (المستشفى المعمداني)
صحيح أن مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي (جوزيب بوريل) علق، على استهداف الاحتلال الإسرائيلي لـ (المستشفى المعمداني )في غزة، وقال في منشور عبر منصة إكس، إن الأخبار الواردة من (المستشفى المعمداني) في غزة تضيف الرعب إلى المأساة التي تتوالى أمام أعيننا منذ أيام.
وأضاف بوريل: (مرة أخرى يدفع المدنيون الأبرياء الثمن الباهظ)، لافتا إلى أنه يجب تحديد المسؤولية عن هذه الجريمة بشكل واضح ومحاسبة مرتكبيها، وهناك ردود أفعال دولية تستنكر ما حدث في واقعة (المستشفى المعمداني) وتصفه بالجرائم ضد الإنسانية.
لكن كل هذا الشجب والاستكار لايكفي، بعد انكشفت لعبة الصهاينة في الأرض المحتلة، فمن المعروف أن الجريمة لا تقوم إلا في حالة توافر عناصرها الثلاثة، هذه العناصر تضم (الركن القانوني، الركن المادي، الركن المعنوي).
إقرا أيضا : تحفة الدراما السورية “حارس القدس” .. الفن في خدمة الدين
وظني أن قصف (المستشفى المعمداني) يشكل الأركان الثلاثة التي ارتكبها الصهاينه في نهار أمس، على مرأى ومسمع من عيون وآذان العالم، وهو ما يلزمها هنا بالركن القانوني الذي يفترض وجود نص عقاب للفعل المجرم، ويعتبر وجوده إلزاميا إلى جانب كل جريمة.
وبالنسبة للركن المعنوي في قضية قصف (المستشفى المعمداني) يرمي إلى نية الفاعل بالقيام بالسلوك الجرمي قصدا مع سبق الإصرار والترصد، أما عن الركن المادي يتألف من ثلاثة عناصر، وهى (السلوك الإجرامي والنتيجة الجرمية، والعلاقة السببية التي تربط بين السلوك الإجرامي والنتيجة الجرمي)، وهى كلها موجودة في هذه الجريمة البشعة.
السلوك الإجرامي في قصف (المستشفى المعمداني)
يعرف السلوك الإجرامي بأنه المظهر الخارجي للركن المادي للجريمة، وهو يأتي في صلب كل جريمة لأن المشرع لا يجرم على مجرد التفكير في الجريمة أو على مجرد الدوافع والنزاعات النفسية وإنما يستلزم أن تظهر تلك النزاعات والعوامل الدفينة في صورة واقعة مادية هى الواقعة الإجرامية.
فالمشرع لا يستطيع الدخول إلى نفوس البشر ويفتش في تفكيرهم المجرد ليعاقبهم على ذلك، دون أن يتخذ هذا التفكير، وتلك العوامل النفسية مظهرا ماديا، وفي قصف (المستشفى المعمداني) تتوفر كل الأركان المادية والمعنوية.
ولأن ارتكاب جريمة قصف (مستشفى المعمداني) في غزة في يوم أمس الأسود، هو مناف للقواعد الأخلاقية، وينتهك فيه صاحبه القوانين المعروفة، ويتصرف بطريقة سلبية مخالفة للقواعد والمبادئ السائدة في المجتمع، فقد انتفض المجتمع الدولي لأول مرة منذ اندلاع عملية (طوفان الأقصى).
إقرا أيضا : محمد حبوشة يكتب : (نتفليكس) تداعب خيال الفلسطيني في الغربة
وربما انتفاض هذا المجتمع الذي ظل طويلا يكيل ممكيالين، لأن قصف (مستشفى) المعمداني) يتضمن سلوكا إجراميا واضحا قد يضر بالمجتمع الدولي، جراء ما صاحب هذا السلوك فهو مجرم يفعل أفعالا جنائية وعن سبق الإصرار والترصد.
إن السلوك الاجرامي في عرف القانون الدولي يصف نوعين من الاشخاص، النوع الأول هم الأشخاص المجرمين الذين يتحملون كامل المسؤولية عن أفعالهم الإجرامية، أما النوع الثاني هم الأشخاص الذين يفعلون الجرائم دون إدراك منهم، لأنهم مصابين باضطرابات نفسية وعقلية.
ومن هنا يبدو واضحا من قصف (المستشفى المعمداني) بعد تبيان مفهوم السلوك الاجرامي، أنه لابد لنا أن نذكر الأسباب والدوافع من وراء هذا السلوك، فالسلوك الإجرامي الإسرائيلي لا يأتي من فراغ.
بل هناك العديد من العوامل التي تؤدي إليه، وقد أشار الخبراء وعلماء الاجتماع إلى العوامل التي تكون محددة في السلوك الاجرامي، ومن هذه العوامل:
1- أن يكون الولد منتميا إلى عائلة يمارس أصحابها السلوكيات الاجرامية فيتعود عليها وبالتالي تصبح أمرا عاديا بالنسبة له وكانه لا يخالف القانون ولا عادات المجتمع، وهذا مايفعل الولد الإسرائيلي.
2- مصادقة رفقاء السوء والاقتداء بأثرهم، وهذا يبدو واضحا في المجتمع الغربي (رفيق السوء لأسرائيل).
3- حب الانتقام والثأر من الآخرين، وهذا ديدن الصهاينة طوال الـ 75 سنة الماضية، حيث ينتقمون من أصحاب الأرض جراء رفضهم كل أنواع الاحتلال والسيطرة على الأرض والعرض.
4- التهرب من الواقع والتخلص منه، كالمشاكل المادية والعيوب والندم، وهى قيم لاتعرفها الساسة والآلة العسكرية البغيضة في ممارساتها البشعة في أرض فلسطين.
5- التأثر بالبيئة الاجتماعية الفاسدة، فمن الملاحظ أن إسرائيل محاطة ببيئة متطرفة من خلال المستوطنين الذين يتمتعون بفساد أخلاقي ليس له مثيل في أي دولة في العالم.
6- الرغبة في تحقيق كسب سريع بدون بذل أي مجهود، وأعتقد أن صهاينة الأرض المحتلة حاولوا الحصول على مكسب سريع، لكن المقاومة كانت أشد بأسا منهم نظرا لعادلة القضية.
تفعيل آليات مكافحة الإجرام الإسرائيلي
وعلى أسس ما مضى ينبغي ألا يكتفي المجتمع الدولي في أعقاب قصف (المستشفى المعمداني) بالإدانة والشجب والاستنكار فحسب، بل لابد من تفعيل أهم آليات مكافحة السلوك الإجرامي الإسرائيلي بحسب ما وضعه العلماء والخبراء كالتالي:
1- وضع السلطات والهيئات المختصة، بالتعاون مع منظمات المجتمع الدولي، الخطط والبرامج الشاملة، التي من شأنها القضاء على العوامل المؤدية إلى الإجرام الإسرائيلي أو الظروف المهيئة له.
2- العمل على حل المشاكل الاجتماعية الخاصة بمواطني فلسطين وذلك بالحصول على حقوقهم المشروعة في أرضهم المغتصبة على أسنة آلة الحرب الإسرائيلية القذرة التي لاترحم.
3- تعزيز دور الأسرة الدولية في مكافحة السلوك الإجرامي الإسرائيلي بعد قصف (مستشفى المعمداني) من خلال التربية السليمة لهؤلاء الصهاينة ووضع تشريعات التي توفر الحماية الاجتماعية و الاقتصادية للفلسطينيين العزل.
4- وضع عقوبات رادعه على الجرائم الإسرائيلية البشعة بضرب المدنيين الذين لاحول لهم ولا قوة، لأن هذا يشكل خطورة كبرى على المجتم الدولي الذي يتفرج على ممارسات العنف والقسوة كأنه يشاهد فيلما سينمائيا مسليا.
إقرأ أيضا : (طوفان الأقصى) يتجسد في ألبوم (يا قدس يا حبيبتي) تحية لشعب (فلسطين)
وفي النهاية لا نملك إلا الدعاء لأهل غزة بعد قصف (المستشفى المعمداني): اللهم سخر لهم ملائكة السماء وجنود الأرض، كي ينزاح هذا الظلم الواضح لأهل فلسطين المحتلة طوال سنوات من العذاب اليومي الذي لا يتوقف.
دعاء لأهل غزة لعله من الأكثر الأدعية التي يبحث عنها الكثير عبر محركات البحث على جوجل، وذلك بعد قصف (المستشفى المعمداني) بغزة، مما أدى لاستشهاد أكثر من 1000 شخص من ضحايا الأبرياء، وأصبح دعاء لأهل غزة محل بحث الكثير فى اليوم الحادي عشر من قصف قوات الإحتلال لغزة.
وذلك بعد استشهاد عدد كبير من الأسر والأطفال وكبار السن، والدعاء سلاح المؤمن القوي، فعلينا جميعا أن نكثف الدعاء لفلسطين وبالتحديد لأهل غزة، أن ينصرهم الله على الأعداء، لذا يقدم (شهريار النجوم) دعاء لأهل غزة:
(اللهم سخر لعبادك الضعفاء ملائكة السماء وجنود الأرض اللهم مئة ألف من الملائكةِ مُردِفين لعبادك الضعفاء في غزة).