
بقلم الدكتور: إبراهيم أبوذكري *
في عالم الفن والإعلام، حيث يزداد الفضول حول حياة الفنانين الشخصية، ينسى البعض أن وراء الشهرة وجوهًا حقيقية تحمل مشاعر وحقوقًا وكرامة لا تقل أهمية عن أي إنسان عادي.. الفنانة (ريهام عبد الغفور)، صديقه ابنتي (ميريت) وهى عزيزة علينا جميعا، التي تربطني بها علاقة قوية على المستوى الشخصي وأيضًا الفني، واجهت مؤخرًا موقفًا مؤلمًا يعكس جانبًا مظلمًا من هذا الاهتمام غير المسؤول.
خلال لحظة عفوية بسيطة أثناء جلوسها، ظهرت (ريهام عبد الغفور) بشكل غير مقصود، لحظة إنسانية طبيعية تعكس حياتنا اليومية كبشر وأثناء تحركها قبل أن تعتدل في جلستها، ولكن بدلاً من احترام خصوصيتها وكرامتها، قام أحد المصورين بالتقاط هذه اللحظة ونشرها على وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات الربح، مستغلاً هذه اللحظة العفوية لتحقيق مكاسب مالية وشهرة شخصية على حسابها.
هذا الفعل ليس مجرد خطأ في المهنة، بل انتهاك صارخ للحياء العام والخصوصية وكرامة الإنسان.. (ريهام عبد الغفور) ليست مجرد فنانة بارعة، بل هى نجمة من نجوم الفن بالصف الأول، وتحظى بالاحترام والتقدير لكل من عرفها، كما أن والدها الراحل الكبير (أشرف عبد الغفور) – رحمه الله، كان من أهم الرموز الملتزمة أخلاقيًا واجتماعيًا وثقافيًا، وقد ترك إرثًا من القيم والاحترام.
ونجح في تربية ابنته على قدر كبير من الوقار والاحترام.. لذا أي محاولة لاستغلال صورها أو الإساءة إليها ليست مجرد اعتداء على فنانة، بل تعدي على إرث إنساني وأخلاقي وثقافي.
ما حدث مع (ريهام عبد الغفور) يوضح أزمة أخلاقية وقانونية كبرى.. القانون في معظم الدول يفرّق بين: التقاط الصور في الأماكن العامة، وهذا قد يكون مسموحًا في بعض الظروف، ونشرها أو استغلالها تجاريًا أو للإساءة، وهو ما يعد جريمة واضحة في حق الشخص، خاصة إذا كانت الصورة تحمل أي تفاصيل حساسة أو تعرض كرامة الشخص للخطر.

قلة احترام للإنسانية
ما حدث مع (ريهام عبد الغفور) ليس مجرد حادث عابر، بل يشير إلى استغلال الإعلام الرقمي والشبكات الاجتماعية لمشاهدات رخيصة على حساب حياة الآخرين وخصوصيتهم.. الشهرة لا تعني أبداً استباحة حياة الإنسان أو تحويله إلى سلعة إعلامية يُستغل لمكاسب مالية، والربح على حساب كرامة الآخرين ليس مهنة ولا فنًا، بل استغلالًا وقلة احترام للإنسانية.
أقولها بكل وضوح: الفنان أو أي مواطن ليس مادة للابتزاز العاطفي أو المالي، وليس سلعة تُباع أو تُشترى لمجرد مشاهدات أو أرباح على الإنترنت.. كل شخص، سواء كان مشهورًا أم لا يملك الحق في العيش بحرية وكرامة دون خوف من المراقبة أو الاستغلال.. احترام هذا الحق هو حجر الأساس لأي مجتمع حضاري يحترم الكرامة الإنسانية.
من منطلق الصداقة، من منطلق الاحترام المتبادل، ومن منطلق الواجب الاجتماعي والأخلاقي، أدعو الجميع إلى رفض هذه التصرفات، ومطالبة المصورين وأي جهة تحاول الاستفادة من خصوصية الآخرين بالتوقف فورًا، والتحلي بالمسؤولية القانونية والأخلاقية.
كما أؤكد على أن القانون يعطي الحق الكامل لضحايا هذه الانتهاكات لملاحقة المسؤولين ومحاسبتهم، سواء على صعيد الحقوق المدنية أو على صعيد الجرائم الإلكترونية، خصوصًا إذا كان النشر بهدف الربح أو التشهير.
(ريهام عبد الغفور) مثال للفنانة الملتزمة، وللشخصية الراقية التي تستحق كل احترام وتقدير.. ما حدث معها ليس مجرد انتهاك لحقوقها وحدها، بل رسالة للجميع بأن خصوصية الإنسان وكرامته لا يمكن المساومة عليهما، وأن الشهرة لا تمنح أي شخص الحق في استغلال الآخرين أو الإساءة إليهم.

تجريم نشر محتوى ينتهك الحياء
القانون في أغلب الدول يفرّق بين:
* التقاط الصورة في مكان عام ونشرها واستغلالها بغرض التشهير أو تحقيق مكاسب مالية حتى لو كان المكان عامًا، فإن نشر صورة تتضمن كشفًا غير مقصود أو تحمل طابعًا حميميًا أو مُهينًا للشخص، يعدّ تعدّيًا على الحق في الصورة والخصوصية وإساءة مباشرة في استخدام المحتوى الرقمي وعملاً يترتب عليه مسؤولية قانونية ومدنية خاصة إذا كان النشر بقصد:
– جذب المشاهدات.
– تحقيق أرباح على اليوتيوب أو المنصّات.
– إثارة الجدل على حساب سمعة الشخص وكرامته.
– هذا السلوك لا يُسمّى (صحافة) ولا (توثيق لحظة)، بل هو: استغلال وتشهير معنوي وانتهاك لحرمة الجسد وحق الإنسان في الاحترام.
– القوانين الحديثة المتعلقة بالجرائم الإلكترونية وحق الصورة تنص في كثير من الدول على: عدم جواز نشر صورة شخص في وضع خاص أو محرج دون موافقته
تجريم نشر محتوى ينتهك الحياء أو يسيء لسمعة صاحب الصورة.
– تمكين المتضرر من المطالبة بالتعويض والمساءلة القانونية.
إلى الذين يستبيحون خصوصيات المشاهير:
ياساده: الشهرة لا تمنح أحدًا إذنًا لتجاوز حدود الإنسانية أو احترام الآخرين، فهي ليست بطاقة تسمح بالتعدّي على خصوصية الشخص أو استغلاله لتحقيق مكاسب مالية أو إعلامية.. الفنان، مهما كانت شهرته، يظل إنسانًا له كرامته وحقه في الخصوصية، تمامًا مثل أي مواطن عادي.
تصويره في لحظة عفوية أو شخصية ونشر هذه الصورة بهدف الترويج أو الربح، سواء على وسائل التواصل الاجتماعي أو منصات الفيديو، ليس مجرد تصرف غير أخلاقي، بل هو انتهاك صارخ للحقوق الإنسانية والأخلاقية. الشهرة يجب أن تكون وسيلة للتأثير الإيجابي والإلهام، لا ذريعة لاستباحة حياة الآخرين أو تحويلهم إلى منتجات استهلاكية تُباع وتُشترى بمشاهدات وأرباح.
يجب أن ندرك جميعًا أن كل شخص، سواء كان مشهورًا أو غير مشهور، يملك الحق في أن يعيش حياته دون خوف من المراقبة أو الاستغلال، وأن احترام هذا الحق هو حجر الأساس لأي مجتمع متحضر يحترم الكرامة الإنسانية.
إن اعتبار الفنان سلعة إعلامية أو مادة للابتزاز العاطفي أو المالي ليس فقط انتهاكًا لقانون الحياء والخصوصية، بل أيضًا مؤشرًا على ضعف الوعي الاجتماعي والأخلاقي، ويؤكد الحاجة الملحة لتعزيز ثقافة الاحترام والمسؤولية في التعامل مع حياة الآخرين وصورهم.
نطالب بمحاسبة كل من يتعمّد المتاجرة بصور الناس والإساءة لهم تحت شعار (الترند)، واحترام حق الأفراد – مشاهير كانوا أو مواطنين – في الخصوصية والكرامة.

كلمه لابد منها:
ومن خبث الخبثاء إعاده نشر الصور ويدينون من نشرها أقول لهم: إن إعادة نشر أي صورة تتعلق بخصوصية شخص ما، وخاصة الفنانة (ريهام عبد الغفور)، دون موافقة صريحة وواضحة، تُعد تصرفًا خطيرًا ينتهك القانون والأخلاق على حد سواء.
هذا النوع من الأفعال لا يقتصر على كونه إساءة أخلاقية، بل هو جريمة قانونية تُعرّض مرتكبها للمساءلة الكاملة.. القانون في أغلب الدول يحمّل المسؤولية الكاملة لكل من يقوم بإعادة نشر محتوى ينتهك خصوصية الأفراد، سواء كانت الصور قد التُقطت في أماكن عامة أم خاصة، وخاصة إذا كان الهدف من النشر هو تحقيق مكاسب مالية، جذب المشاهدات، أو التشهير بالشخص المعني.
العقوبات قد تكون صارمة، وتشمل الغرامات المالية الباهظة، وإجبار المنصات الرقمية على إزالة المحتوى فورًا، وفي بعض الحالات تصل إلى الملاحقة الجنائية والسجن، خصوصًا إذا رُوِّجت الصورة بهدف الإساءة أو التشهير.
إضافة إلى ذلك، يُمكن للمتضرر المطالبة بتعويض عن الضرر النفسي والمعنوي الذي وقع عليه نتيجة إعادة النشر، وهو حق يكفله القانون لضمان حماية كرامة الأفراد وخصوصياتهم.
لذلك، كل من يفكر في إعادة نشر أي محتوى يتعلق بـ (ريهام عبد الغفور) أو أي شخص آخر، يجب أن يعلم أن هذا ليس مجرد خطأ شخصي، بل انتهاك قانوني واضح يعرضه لعواقب قانونية صارمة.
الخصوصية حق لا يُستباح، والفنان أو أي مواطن ليس سلعة إعلامية يمكن التداول بها لتحقيق الأرباح أو الشهرة. حماية حقوق الأفراد واحترام خصوصياتهم واجب أخلاقي وقانوني لا يمكن تجاوزه، وكل محاولة لإعادة نشر محتوى ينتهك هذه الحقوق ستكون معرضة للمحاسبة القانونية والملاحقة القضائية بكل حزم.
وأختم بالقول: يجب أن نتذكر دائمًا أن الفن الحقيقي لا يقوم على استغلال حياة الآخرين، وأن الاحترام والوقار هما القيم الحقيقية التي ترفع الإنسان والفنان على حد سواء. ريهام عبد الغفور لن تبقى مجرد فنانة، بل ستظل رمزًا للكرامة والاحترافية والاحترام الشخصي والمهني، ونحن كل من يعرفها أو يقدر الفن الحقيقي، ملزمون بالدفاع عنها بكل الوسائل الأخلاقية والقانونية المتاحة.
* رئيس إتحاد المنتجين العرب