(مريم فخر الدين): الأم الجميلة المرغوبة من الرجال رغم أمومتها وتقدم العمر! (1)

* البراءة فرضت عليها في الخمسينيات أدوار الرومانسية مثلما حدث في: (رنة الخلخال)، و(رد قلبي)، و(رحلة غرامية)، وغيرها

* لم يكد ينتهي عقد الخمسينيات إلا وقامت بدور الأم في فيلم (أقوي من الحياة) إخراج وتأليف محمد كامل حسن المحامي

* ودعت الممثلة الجميلة أدوار الرومانسية وهي في سن مبكرة للغاية، وعرفت مشاعر الأمومة في نفس السن.

بقلم الباحث والناقد السينمائي: محمود قاسم

أطلت علينا (مريم فخر الدين) صاحبة الوجه الملائكي الجميل وهى في سن دون العشرين للمرة الأولي علي غلاف مجلة (الكواكب) عام 1950.. إنه وجه يصلح ليكون علي الغلاف دائما مثل بقية الوجوه الجميلة المصرية، أو غير المصرية في هذا الوقت مثل (ماري كويني، ليلي مراد، شادية)، وغيرهن.

 أي أن الأدوار الأولي التي قامت ببطولتها (مريم فخر الدين)، ذات الأم المجرية، كانت لفتاة في سن الصبا اضطر أبوها أن يزوجها من المخرج (محمود ذو الفقار) كي يحمل هو مسؤولية عملها كممثلة في السينما.

وسرعان ما صارت (مريم فخر الدين) نجمة بارزة تعتمد علي براءتها وموهبتها، تلك البراءة التي فرضت عليها في الخمسينيات أدوار الرومانسية مثلما حدث في: (رنة الخلخال)، و(رد قلبي)، و(رحلة غرامية)، وغيرها.

مريم فخر الدين و(أقوى من الحياة)

في بعض هذه الأفلام قامت (مريم فخر الدين) بدور الفتاة الصغيرة المتزوجة باعتبار أننا في الشرق سرعان ما تتزوج البنات الجميلات بمجرد النضج.

 أي أن حسب قصص السينما فإنه لم يكد ينتهي عقد الخمسينيات إلا وقامت بدور الأم في فيلم (أقوي من الحياة) إخراج وتأليف محمد كامل حسن المحامي.

في هذا الفيلم لسنا أمام قصة رومانسية كالعادة بل أمام طفل مدلل يقتله أبوه كي يتهم أمه أنها القاتلة، لقد ودعت الممثلة الجميلة أدوار الرومانسية وهي في سن مبكرة للغاية، وعرفت مشاعر الأمومة في نفس السن.

وكان أبناؤها في هذه الأفلام في عمر الطفولة، مثل ابنتها (إيمان ذو الفقار) التي اختطفها اللصوص في فيلم (ملاك وشيطان) إخراج كمال الشيخ عام 1960، هي هنا أم بالغة القلق علي ابنتها التي تم اختطافها.

 ويسعي زوجها الي دفع الفدية، وبعد صراعات عديدة تعود ابنتها إليها ويعثرون علي أحد خاطفيها ميتاً عند باب الفيلا التي تسكنها.

(مريم فخر الدين) هنا أم بالغة الرقة والبراءة عرفت الأمومة مبكراً، وهي تعيش حياة الأثرياء، تختلف عن الأمهات الأخريات في أفلام أخري عديدة، وكان ذلك بمثابة تمهيد لدخولها الي عالم الأمومة بالتدريج.

الأم المنكسرة في (بئر الحرمان)

 قد حدث في حياة الممثلة أن سافرت الي الشام، وابتعدت عن السينما بضع سنوات قليلة كانت كفيلة أن تعود وقد صارت أماً لشابة صغيرة جميلة هى سعاد حسني في فيلم (بئر الحرمان) إخراج كمال الشيخ عام 1969.

 ها هو المخرج يعود ليقدمها في دور أم ناضجة تعيش مع ابنتها وزوجها، وتنتمي أيضاً الي أسرة ميسورة تري في الطلاق أمراً مشيناً.

لذا فإن الأم تعيش مع زوجها دون أن يمارس معها الحق الشرعي بعد أن اكتشف خيانتها قبل سنوات، هي أيضاً أم جميلة بريئة، مكسورة الخاطر، لا تملك حق الاعتراض.

 وتجد نفسها أمام مشكلة عويصة تعيشها ابنتها الوحيدة (نادية) المصابة بانفصام شخصي فتتحول في الليل الي فتاة سهلة تخرج الي الطريق وتعرض جسدها علي الغرباء، خاصة الرسامين الذين يرسمونها عارية.

 تلك الحوادث الجديدة المؤلمة تعرض الأسرة لانهيار جديد، فالفتاة يتركها خطيبها بعد أن يكتشف حقيقة مرضها دون أن تكون لديه القدرة علي الغفران أو التسامح.

وهذه الأم الباكية تتحمل نتيجة أسلوب التربية الذي تم تلقينه لابنتها، وهكذا بدأت أدوار الأم الناضجة في حياة نجمة صغيرة كان يمكنها أن تظل تؤدي أدوار الرومانسية لفترة طويلة.

 علماً بأن في بداية الستينات أيضاً فإن هذه الأم وجدت نفسها بين شقي رحي في فيلم (لقاء في الغروب) إخراج سعد عرفة، فهي إمراه متزوجة وسعيدة مع زوجها وابنها وتتعكر حياتها تماماً عندما يظهر حبيبها القديم.

الأم القاتلة في (ليلة حب أخيرة)

مع بداية السبعينيات دخلت (مريم فخر الدين) الي أدوار الأمومة، واستطاعت أن تغير من ملامح الأم المصرية في الكثير من هذه الأفلام.

 فهي من ناحية لا تزال أنثي جميلة يتعرض لها الرجال، وقد تسقط أحياناً في الوحل، لكنها علي كل حال لا تنسي أنها متزوجة وأم أو أرملة.

 ومن أهم هذه الأدوار فيلم (ليلة حب أخيرة) أمام (إبراهيم خان ونبيلة عبيد)، فإنها أرملة أو لعلها مطلقة تعيش مع ابنتها الوحيدة الناضجة التي تقع في حب أحد المخرجين.

 وتكتشف أن هذا الرجل اللعوب يحاول أن يجعل من ابنتها فريسة له وأن يدفعها للعمل بالفن، وتسعي بكل ما لديها الي إنقاذ ابنتها مهما كان الثمن، وتحذر الرجل الذي هو أيضاً عشيق لها ألا يقترب من الأبنة.

وعندما يتمادى المخرج في مواقفه فإنها تقتله، لقد صارت مجرمة وقاتلة من أجل إنقاذ ابنتها حتي لا تسقط في الوحل، إذا لقد تغيرت الصورة بشكل ملحوظ.

 كما نري فإن الوسط الاجتماعي الذي يحكي عنه الفيلم هو نفسه الذي رأيناه في أفلام سابقة لها، هي أبداً ليست المراة المنكسرة أو التي تحتاج الي الدعم المادي بل هي عاشقة للمخرج تشبع رغبتها معه، دون أن يكون في ذهنها أن النهاية ستكون بهذه القسوة.

الأم الخائنة في (القاضي والجلاد)

الغريب أن هناك حكاية أخري مشابهة تكررت في فيلم أخر هو (القاضي والجلاد) إخراج نادر جلال عام 1977، شارك في البطولة (نجلاء فتحي، ورشدي أباظة، ومحمود قبيل، وعمر الحريري).

وهؤلاء الأشخاص هم من علية القوم يعملون في التجارة الراقية، ويعقدون الصفقات مع الشركات الأوروبية، ويستوردون البضائع من هناك، حيث يوجد شريكان الأول متزوج من إمراه جميلة تجسدها (مريم فخر الدين)، ولديه ابنة وحيدة مخطوبة لشاب من نفس الطبقة الاجتماعية.

 وفي إحدى رحلات الزوج الي أوروبا ينتهي من أعماله قبل الموعد فيسارع بالعودة الي القاهرة، ويذهب الي شريكه ليتفاجأ أن زوجته موجودة هناك، ويموت الزوج في حادث بشع يكون شاهداً عليه خطيب ابنته.

 وفيما بعد تعلم الابنة بتفاصيل مصرع أبيها فتقرر الانتقام من الطرفيين، أمها وعشيق الأم، وتفسخ خطبتها وترمي شباكها حول شريك أبيها الخائن، وتتعامل بحذر وبعض القسوة مع أمها.

 نحن هنا أمام أن أم تحمل خطيئتها فوق كاهلها، وعليها أن تدفع ثمن ما ارتكبت، فالخيانة أسفرت عن مقتل الزوج وعن إصابة الابنة بعقدة نفسية ظلت تنخر فيها الي أن دبرت حادث سيارة بالغ البشاعة أتي علي أمها والعشيق.

ونستكمل الأسبوع القادم..