(ذو الفقار المطيري): إنسانية وشجاعة (هوشيار)، شجعتني لتقديم فيلمي عنه


كتب: أحمد السماحي
(ذوالفقار المطيري) مخرج عراقي شاب قدم حتى الآن حوالي 10 أفلام روائية، ووثائقية، ما يميز أفلامه الحس الإنساني، وانشغاله بهموم الآخرين، فهو عاشق لمهنته، ويخاصم الفتور علاقته بفنه.
و(ذو الفقار المطيري) في حالة عمل مستمر، إما تجده يعمل، أو في حالة استعداد لعمل جديد، بعد آخر أفلامه (ظلال من رماد) انتاج جامعة الحلة، ونقابة الفنانين العراقيين، سيناريو خضير الرميثي، الذي عرض مؤخرا .
انتهى (ذو الفقار المطيري) منذ أيام تصوير فيلمه التسجيلي الوثائقي (هوشيار) الذي يوثّق رحلة حياة البطل الكردي (هوشيار علي)، ويجسد روح الشجاعة والتضحية في لحظات استثنائية من تاريخنا المعاصر، والرجل الذي تحوّل من لاعب كرة قدم يحلم بالمستقبل إلى (أسطورة إنسانية) في نزع الألغام.
وفيلم (هوشيار) سيناريو مصطفى حسن، مدير التصوير: عماد مصطفى، تصوير: علي ناظم، الصوت: كرار أحمد، الإدارة الفنية: حازم محمد، جرافيك: منتصر العذاري، الترجمة، بيان الأركوازي، والمونتاج والتعديل اللوني عباس محمود.


إنسانيته وشجاعته الفريدة
عن هذا الفيلم الإنساني المهم دق (شهريار النجوم) باب المخرج العراقي (ذو الفقار المطيري) وكان لنا هذا الحوار السريع:
في البداية أعرب (ذو الفقار المطيري) عن سعادته بلقاء (شهريار النجوم) بعد اللقاء الأخير بيننا في العام الماضي أثناء تصويره فيلمه (ظلال من رماد).
وأكد أن ما شجعه على تقديم فيلم (هوشيار) هو إنسانيته وشجاعته الفريدة، فقد خاطر بحياته من أجل إنقاذ الآخرين دون انتظار مقابل، وقصته تلامس القلب، وتُجسد معنى التضحية الحقيقية التي نادرًا ما نراها اليوم.
وصرح (ذو الفقار المطيري): أن (هوشيار) بنفسه سيظهر في الفيلم، وتم التصوير في الأماكن الحقيقة التى عاش فيها ومازال، في شمال العراق، في محافظة حلبچة.
وتمنى أن يحقق الفيلم مشاهدة جماهيرية ضخمة، وكتابات نقدية مهمة، ويعرض في العديد من المهرجانات السينمائية العربية، والعالمية، لأن قصة (هوشيار علي) تستحق أن يشاهدها العالم كله، وليس العرب فقط.
وعن أحلامه السينمائية قال (ذو الفقار المطيري): أتمنى تقديم فيلم روائي طويل مهم يعبر عن قضية عربية مهمة، أو يناقش مشاكل إجتماعية مهمة، وهذا ما نطمح اليه حاليا.

نبذة عن (هوشيار علي)
تعود جذور (هوشيار علي) إلى التراث الكردي العريق في حلبجة ومنطقة هورامان، وُلد (هوشيار علي) في قرية (بياويلا) الهادئة بمحافظة حلبجة، وامتزجت طفولته ببراءة أفراح الشباب، لا سيما حبه لكرة القدم وأحلامه بالانتصارات الرياضية.
إلا أن ويلات الحرب قد مزّقت هدوء نشأته، حيث انقلبت حياة (هوشيار) بشكل غير متوقع من ملعب كرة القدم إلى خطوط المواجهة، مدفوعًا بشعور عميق بالهوية الكردية، ورغبة ملحة في حماية حقوق شعبه.
شرع (هوشيار) في رحلته لإزالة الألغام منذ أكثر من ثلاثة عقود، مدفوعًا بوعي متزايد بالتهديد الخطير الذي تشكله الألغام الأرضية في مجتمعه.
وبدأت رحلته في هذه المهمة الصعبة عام 1989، وأثناء ذلك وقعت المأساة، فقد انفجر لغم أرضي، ففقد ساقه اليمنى، وكانت تضحية مؤلمة لم تكسر عزيمته.
ولم يثنه هذا الفقدان المروع، واستمر في مهمته، ليتلقى ضربة موجعة أخرى في عام 1994، حيث فقد ساقه اليسرى في انفجار لغم أرضي آخر.
وعلى الرغم من هذه النكسات المروعة، ظل عزم (هوشيار) ثابتًا لا يتزعزع، وجاءت الحرب وألقت بظلالها عليه، حيث واجه لاعب كرة القدم الطموح مآسي شخصية، بما في ذلك فقدان ولديه. توفي ابنه الأكبر، والأصغر، في حوادث لغم أرضي، وهما في سن الصبا والشباب المبكر.
ومع ذلك، واصل (هوشيار) مهمته، وشارك بنشاط في القتال ضد (داعش) جنوب كركوك عام 2015، حيث قام بتفكيك القنابل التي زرعها المسلحون المتطرفون بشجاعة.
تجاوزت شجاعة (هوشيار علي) والتزامه حدود واجبه المهني، كما يتضح من حادثة مؤثرة وقعت أثناء عبور حدود غير شرعي إلى إيران.، ففي لحظة عصيبة على وشك الكارثة، داست زوجته (جيلاس) دون قصد على لغم أرضي مخفي.

تجسد حياة (هوشيار)
وبهدوءٍ ملحوظ وسرعةٍ في التصرف نابعة من سنوات من الخبرة، اكتشف (هوشيار) الخطر الكامن تحت قدميها، في لحظةٍ خاطفة، برزت غرائز (هوشيار) وخبرته في إزالة الألغام.
وبعزيمةٍ فولاذية وتركيزٍ لا يتزعزع، أبطل مفعول العبوة الناسفة المخبأة بدقة، متجنبًا ما كان يمكن أن يكون خسارةً كارثيةً لا تُعوّض.
لم يُنقذ عمله البطولي المتفاني حياة زوجته الحبيبة فحسب، بل كان أيضًا شاهدًا على التزام (هوشيار) بحماية الأرواح والحفاظ عليها، حتى في أحلك الظروف.
تجسد حياة (هوشيار) شجاعةً في مواجهة الخطر كل يوم، حيث يواجه شبح الموت وهو يُزيل الألغام الأرضية بشق الأنفس، وساقاه الاصطناعيتان، اللتان حصل عليهما خلال رحلة إلى اليابان بتسهيل من منظمة (رياح السلام) اليابانية غير الحكومية، تُمكنانه من إنجاز مهمته بعزيمة تتجاوز مجرد.
وتتجاوز قصته رحلة البطل المعتادة، مشيدة مسارا اتسم بالإيثار والتفاني والروح التي لا تلين في إنقاذ الأرواح داخل إقليم كردستان العراق.