رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

(شادية) قدمت (الأم) بصورة مغايرة تماماً لكل الأمهات في السينما المصرية! (2/2)

(شادية) قدمت (الأم) بصورة مغايرة تماماً لكل الأمهات في السينما المصرية! (2/2)
قامت (شادية) بالعمل مع المخرج (أشرف فهمي) ليقدمها في ثلاثة أفلام

* كانت (شادية) كأم الحدث الرئيسي في كل فيلم، أما الأبناء فهم يعيشون علي الهامش

* شادية لم تعرف الأمومة في أفلام (ميرمار، رغبات ممنوعة، أمرأة عاشقة، وأمواج بلا شاطئ

* رأينا (شادية) بوجوه متعددة، لكنها لم تعرف الأمومة، في أفلام (ميرامار) و(نحن لا نزرع الشوك)

* عالم شديد القسوة عاشت فيه الشخصيات التي جسدتها (شادية) من فيلم لآخر

* كانت الأدوار تذهب الي (شادية) دون غيرها في حقبة السبعينات الذي يعتبر الأكثر جراءة في السينما المصرية من الناحية الاجتماعية والسياسية والفنية.

(شادية) قدمت (الأم) بصورة مغايرة تماماً لكل الأمهات في السينما المصرية! (2/2)
مع بداية السبعينيات عاد المخرج (حسام الدين مصطفى) لتقديم (شادية) في فيلم (ذات الوجهين)
(شادية) قدمت (الأم) بصورة مغايرة تماماً لكل الأمهات في السينما المصرية! (2/2)
محمود قاسم

بقلم الناقد والباحث السينمائي : محمود قاسم

مازالنا مع مشوار دلوعة السينما (شادية)، كأجمل الأمهات، في الحلقة الماضية تحدثنا عن جرأتها الشديدة عندما جسدت في نهاية الخمسينات دور الأم العجوز التى تضحي بالباقي من عمرها حتى تسعد ابنها.

 كما تحدثنا أيضا عن دورها المتميز في فيلم (لا تذكريني) الذي قدمته عام 1961، وجسدت من خلاله دور أم النجمة (لبنى عبدالعزيز)، والفيلمين من إخراج محمود ذوالفقار.

مع بداية السبعينيات عاد المخرج (حسام الدين مصطفى) لتقديم (شادية) في فيلم (ذات الوجهين) المأخوذ عن فيلم قديم قامت ببطولته (جريتا جاربو).

 وكتب السيناريو (نجيب محفوظ) حول زوجة لرجل مرموق تصاب بحالة من الانفصام النفسي، فتتسلل الي الصحراء، وتلتقي بعشيق لها من البدو، وتعيش حياة أخري، هذه المرأة هي أم لشابة صغيرة في سن الزواج.

 وقد عادت (شادية) هنا مجدداً للوقوف أمام زوجها السابق الفنان (عماد حمدي)، هي هنا إمراه جميلة في منتصف العمر في شخصين متناقضتين، من الصعب أن تلتقيا.

 ما يعني هنا أن (شادية) قدمت شخصية الأم في أفلامها التي ذكرناها بصورة مغايرة تماماً لكل الأمهات في السينما المصرية!، فهي الحدث الرئيسي في كل فيلم، أما الأبناء فهم يعيشون علي الهامش، بالإضافة الي أن هذه المرأة تختلف عن باقي المصريات في أنها، بالكاد، أم لشخصية واحدة في الأعمال التي ذكرناها.

(شادية) قدمت (الأم) بصورة مغايرة تماماً لكل الأمهات في السينما المصرية! (2/2)
أشرف فهمي قدم (شادية) في دور العاهرة في فيلم (أمواج بلا شاطئ)

إمرأة عاشقة، وأمواج، ورغبات

 في تلك المرحلة قامت (شادية) بالعمل مع المخرج (أشرف فهمي) ليقدمها في ثلاثة أفلام، الأول مأخوذ عن أسطورة (فيدرا اليونانية)، في فيلم (امرأة عاشقة) هي زوجة لرجل مرموق، يمتلك السفن في ميناء الإسكندرية، لم تنجب له.

 ولكن وقعت في غرام ابنه!، وهو شاب ناضج، ووقعت في الخطيئة معه، لقد تعاملت بمنطق الحرمان، علماً أن هذه المسرحية قدمتها السينما الأمريكية عام 1962.

كما أن أشرف فهمي قدم (شادية) في دور العاهرة في فيلم (أمواج بلا شاطئ)، وهي هنا تلتقي بالشاب الذي صدم في شرف أمه فيتزوجها بهدف أن يكايد أمه وعشيقها، وتذهب معه الي بيته، لكنها تعود مرة أخري الي الشارع بعد أن اكتشفت أن بيت الزوجية مخضب بالدنس!.

ومن أفلام أشرف فهمي أيضا لشادية (رغبات ممنوعة) حيث هي فتاة عانس لم تتزوج، وقد حبسها أبوها في بيت بعيد بمنطقة الملاحات، ويكاد الفيلم أن يلمح أن هناك علاقة ما بين الأب وابنته، تلك المحرومة التي حاولت أن تهرب يوماً فلم تستطع.

(شادية) قدمت (الأم) بصورة مغايرة تماماً لكل الأمهات في السينما المصرية! (2/2)
شادية في حقبة السبعينات قدمت أفلاما جريئة

شادية .. ووجوه متعددة

في هذه الأفلام رأينا (شادية) بوجوه متعددة، لكنها لم تعرف الأمومة، مثلما حدث في أفلام سابقة منها (ميرامار) إخراج كمال الشيخ عام 1969، وأيضاً فيلم (نحن لا نزرع الشوك)، حيث كانت تعمل كفتاة ليل ثم تزوجت من عباس ومات ابنها بسبب قسوة أبيه.

يا له من عالم شديد القسوة عاشت فيه الشخصيات التي جسدتها (شادية) من فيلم لأخر، تلك الدلوعة التي كانت دوماً في بدايتها تعيش في أجواء أسرية متلاحمة، مثلما حدث في فيلم (معلش يا زهر) عام 1951.

(شادية) قدمت (الأم) بصورة مغايرة تماماً لكل الأمهات في السينما المصرية! (2/2)
في السبعينيات عادت (شادية) لتعمل مع المخرج (كمال الشيخ) في فيلم (الهارب)

شادية الأكثر جرأة

في السبعينيات عادت (شادية) لتعمل مع المخرج (كمال الشيخ) في فيلم (الهارب)، وفيه كانت هي العاشقة التي تذهب مع رجل الي قصر فخم، وأثناء اللقاء الحميمي معه يدخل المكان شاب هارب من العدالة، وتتأزم الأحداث!

 قد يكون هناك تشابهاً، لكن من الواضح أن مثل هذه الأدوار كانت تذهب الي (شادية) دون غيرها في ذلك العقد من الزمان الذي يعتبر الأكثر جراءة في السينما المصرية من الناحية الاجتماعية والسياسية والفنية.

في عام 1976 عادت شادية مرة أخري الي المخرج (بركات) ليقدمها في دور مشابه، في فيلم (الشك يا حبيبي)، فهي طبيبة أمراض نساء تعاني من زوجها العاقر، وتتعرض لاتهامات من أخته.

 في الوقت الذي تتعرف فيه على رجل متزوج يدخل حياتها ويسعي الي انتشالها، إنها نفس القصص المكررة تعود الي السطح من جديد، هذه القصة استمع إليها الناس في مسلسل إذاعي من تأليف وإخراج سمير عبد العظيم.

(شادية) قدمت (الأم) بصورة مغايرة تماماً لكل الأمهات في السينما المصرية! (2/2)

(شادية) قدمت (الأم) بصورة مغايرة تماماً لكل الأمهات في السينما المصرية! (2/2)
شادية اختفت عن الشاشة عدة سنوات قبل أن تعود مرة أخري في عام 1984 في فيلم (لا تسألني من أنا

لا تسألني من أنا

لقد استمعت الي حوار إذاعي مع (شادية) في تلك المرحلة، تكلمت فيه بمرارة عن رحلتها السينمائية، وأنها تظهر في أفلام لا تعرض علي الناس!.

 وبالفعل فإن شادية اختفت عن الشاشة عدة سنوات قبل أن تعود مرة أخري في عام 1984 في فيلم (لا تسألني من أنا) إخراج أشرف فهمي.

وفي هذا العمل تغيرت المناظير تماماً في حياة الممثلة التي اعتزلت الحياة الفنية تماماً بعد هذا الفيلم، فهي امرأة فقيرة ظهرت عليها ملامح الزمن بعد أن كبر الأبناء وما أكثرهم عدداً.

 لقد اضطرت بسبب حاجتها الي المال أن تبيع ابنتها الكبرى حين كانت صغيرة الي إحدى النساء الثريات، واشترطت أن تقوم بتربية البنت مع أخوتها كأساس للموافقة علي هذا البيع أو التأجير.

 وعندما يكبر الأبناء تتضح الحقيقة أن تلك الفتاة الثرية هي شقيقة كل هذا العدد من الشباب الذين حققوا أمنياتهم، فصار أحدهم ضابطاً لكن الأسرة كلها تتظافر أمام الشاب الذي يطمع في ثروة أختهم وتبدو الأم هنا منقسمة في مشاعرها لكنها لا تنسي أبداً أنها أم.

(شادية) قدمت (الأم) بصورة مغايرة تماماً لكل الأمهات في السينما المصرية! (2/2)
في الفترة التي كانت (شادية) تتأهب للاعتزال، قامت بدور(ريا) في مسرحية (ريا وسكينة)

ريا وسكينة

في الفترة التي كانت (شادية) تتأهب للاعتزال، قامت بدور(ريا) في مسرحية (ريا وسكينة) إخراج حسين كمال، وفي هذا العمل كانت الأمومة بالنسبة لها منقوصة، بمعني أنها لم تكن تعلم أبداً أن ابن الباشا الذي غدر بها في بداية حياتها، قد أخذ أبنتها ورباها.

 أما هى فقد تصورت أن ابنتها قد ماتت، وبعد سنوات تحولت (ريا) مع أختها الي قاتلتين تسرقان الحلي من النساء، وتقومان بدفن الجثث في قبو المنزل، لقد قتلت ريا ابنتها بيدها دون أن تعرف، ودون أن تهنئ بمشاعر الأمومة التي ظلت ضائعة.

كما نري فإن الجميلة (شادية) صاحبة الأفلام العديدة والأدوار المتميزة صارت أماً مختلفة، هي مثقفة أحياناً، صاحبة مركز اجتماعي ووظيفي، كما أنها امرأة فقيرة يسلب منها أبناؤها، رغماً عنها.

وتظل لا تدري أين الأمومة، فإذا نظرنا الي الابن الذي اختفي من حياة الأم في (المرأة المجهولة)، سنجده قد تكرر في صورة الابنة التي قتلت في مسرحية (ريا وسكينة)، وهكذا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.