رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

محمد شمروخ يكتب: في كارثة (مدرسة الإسكندرية).. (عبده موت) يقود جيل Z !

محمد شمروخ يكتب: في كارثة (مدرسة الإسكندرية).. (عبده موت) يقود جيل Z !
المشكلة تكمن في المنظومة التعليمية نفسها، منذ أن تحولت العملية التعليمية إلى سلعة معروضة في السوق

بقلم الكاتب الصحفي: محمد شمروخ

أى إجراء حيال ما حدث من شغب من طلبة في (مدرسة الإسكندرية) حيال إحدى المدرسات بالمدرسة، لن يجدى كثيراً مهماً كان رادعاً، وسيكون إجراءً محدوداً، بل وسينتهي مفعوله بعد فترة طالت أم قصرت!، وغالباً ستكون الإجراءات المتخذة من وزارة التربية والتعليم، نوعاً من تهدئة الرأى العام الغاضب إلى حين وقوع كارثة أخرى.. يحلها عندئذ ألف حلال!.

  • لماذا؟!

لأن المشكلة الأساسية لا تتعلق فقط بمجموعة طلاب (مدرسة الإسكندرية) عابثبن اقتحموا غرفة مسئولة بالمدرسة سواءً كانت مدرسة أم أخصائية نفسية بالمدرسة، وزادوا بأن سكبوا محتويات صندوق قمامة على أرض غرفة مكتبها وهم يرقصون بحركات مستفزة، وكذلك يبدو أنهم يدركون تماماً أنها تقوم بتصويرهم في أثناء ذلك.

وزادوا بأن أتى بعضهم بحركة الإصبع التى اشتهرت بها شخصية (عبده موتة)!

فكل حركات الرقص والاستفزاز مستوحاة من أعمال وشخصيات درامية تربى عليها المصريون خلال الخمسين سنة السابقة من جيل A إلى جيل Z!

لكن الميراث الأخلاقي الذي عصم الأجيال من جيل A إلى جيل Y، فيما يبدو أنه استنفد طاقته من مرحلة تلو أخرى، قبل أن يصل إلى الجيل الأخير وقد أصبح Zero!.

إنما المشكلة تكمن في المنظومة التعليمية نفسها، منذ أن تحولت العملية التعليمية إلى سلعة معروضة في السوق، وتركتها الدولة لتصرفات ملاك التعليم الخاص الذين سلموا الأمور بدورهم لتقع أخيراً تحت سيطرة (مافيا شرسة) تمكنت من إزاحة الدولة وملحقاتها من المنظومة التربوية والتعليمية.

وبالكاد سمحوا بأن يصبح كل دور الدولة في عملية التعليم، فقط هو تحصيل النسبة المالية المقررة بعد دفع المصروفات، مع ضرورة التدخل أحياناً عندما تنفجر مشكلة كبرى تستدعى تدخل أجهزة الدولة من وزارة التربية والتعليم أو غيرها من الأجهزة الأمنية أو القضائية، كما حدث مؤخراً في فاجعة تعرض تلاميذ مدرسة بالقاهرة للاغتصاب من عاملين في مدرسة خاصة.

محمد شمروخ يكتب: في كارثة (مدرسة الإسكندرية).. (عبده موت) يقود جيل Z !
لا يهم ما يحدث كان في مدارس خاصة أو حكومية، فأخلاقيات الشراهة السوقية صارت تحكم المدارس

القواعد المنظمة للتربية والتعليم

لا يهم ما يحدث كان في مدارس خاصة أو حكومية، فأخلاقيات الشراهة السوقية صارت تحكم المدارس كما تحكم الاسواق، و(كل برغوت على قد دمه !).

فمنذ أن تحولت المدرسة إلى شركة مساهمة، أصبح من حق السادة الملاك الجدد، التدخل في كل كبيرة وصغيرة، ففقدت وزارة التربية والتعليم كممثلة للدولة، على أثر ذلك، هيبتها ونفوذها، لأنها لم تعد المالك، ولأن القواعد المنظمة للتربية والتعليم لم تعد مناسبة لأخلاقيات قواعد اقتصاد السوق الجديدة، إذ حلت محلها (قواعد التسويق) (من يملك يحكم ومن لا يمكلك فلا مكان له).

فهذه القواعد المستقاة من ثقافة الـ(Marketing)  أصبحت هى الأكثر مناسبة للمراقبة والتنظيم ووضع نظم لعمل الإدارة ولوائح يجرى على أساسها الثواب والعقاب، حسب المكسب والخسارة بكل معانيها ومدلولاتها المادية.

فالطلاب الذين اندفعوا إلى غرفة المدرسة، يعرفون جيداً أن هناك من يحميهم، ليس بالضرورة معرفة مباشرة، ولكن الأجواء التى نشؤوا فيها وتربوا عليها في البيت والمدرسة والنادي والشارع والمول والكافيه، زرعت في نفوسهم أن (سطوة المال) هى التى تتحكم في حركة كل شيء حولهم، خاصةً في التعليم من مصروفات المدرسة والدروس الخصوصية والباص والرحلات وحتى فلوس (تزيين الفصل).

فميزانية الأسرة المصرية لا ينافس فيها بنود مصروفات الطعام والشراب والعلاج والكساء، إلا بند التعليم بكل ما يحمله من أثقال تجهد كاهل رب الأسرة، يستوى في ذلك التعليم الخاص أو الحكومي.

ولو نزلنا إلى أرض الواقع، لوجدنا أنه لا يوجد إلا التعليم الخاص، لأن المدارس الحكومية نفسها لم تعد قادرة على تقديم (السلعة التعليمية) بناءً على قواعد التعليم العام، فلذلك هجرها التلاميذ والطلاب والمدرسون، واستبدلوا بها مراكز الدروس الخصوصية والمعروفة شعبيا بهذا اللقب السوقي السخيف (السناتر).

حيث نجحت هذه السناتر في أن تقحم نفسها على المنظومة التعليمية وفجأة وجدناها مقصداً لتلاميذ وطلاب التعليم الخاص أيضاً، حتى صارت بين يوم وليلة، ثالث ثلاثة فى كيانات العملية التعليمية الرئيسية للتعليم ما قبل الجامعي!.

محمد شمروخ يكتب: في كارثة (مدرسة الإسكندرية).. (عبده موت) يقود جيل Z !
الأمر خطورته لن تقف عند هذه الواقعة وحدها في (مدرسة الإسكندرية)

سيطرة الشراهة لجمع الأموال

إذ أنه وراء سيطرة الشراهة لجمع الأموال واصطياد ما في جيوب وحسابات أولياء الأمور، هرع كثير من المدرسين إلى (السناتر) وانضم إليهم مؤخراً مدرسو المدارس الخاصة من ذوى الدخول المرتفعة!.

وبعد كل ذلك: ماذا ننتظر من نتائج؟!

لاحظ كذلك في استغاثات السيدة المجنى عليها في مقطع الفيديو، أنها لم توجه اى استغاثة إلى أى من أجهزة وزارة التربية والتعليم ولا الإدارة التعليمية التى تتبع لها (مدرسة الإسكندية)، فقط أنذرت الطلاب المهاجمين بأنها ستبلغ النيابة العامة ضدهم كما أنها هددت طالباً منهم يبدو أنها تعرفه: (وأنت يا زياد.. أنا هاكلم مامتك علشان تعرف تتطاول وتشتم).

فهى تعلم جيداً أن سطوة (الماميز) أكثر تأثيراً على المدارس من أى جهات رسمية!

(لاحظ أيضاً أنها هددت بالشكوى للأم وليس للأب، لأن الأب قد غيب دوره حتى أن اجتماعات مجالس أولياء الأمور في المدارس، لا يكاد يحضرها ولي أمر من الآباء، بعد أن اضطرت الأمهات إلى ملأ فراغ الرجل).

الأمر خطورته لن تقف عند هذه الواقعة وحدها في (مدرسة الإسكندرية)، بل ما أراه إلا أنه سيتطور الى ما هو أكثر، عند إطلاق الإذن إلى أمثال هؤلاء الطلاب من الجيل Z للخروج ليملأ الشوارع والميادين، كما حدث قريباً في البلد الشقيق المملكة المغربية، ليذكرنا بما حدث قيل ذلك مما يثقل القلب ويدمى بذكره في (تونس) البلد الشقيق الآخر.

إنها إشارة تحذير مما قد يحدث إذا لم..، و..، و..، فكل الرجاء الآن أن نملا هذا الفراغ وإلا فكل الفراغات ستجد من يملأها بالخراب!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.