(محمد عبد الوهاب) سجل القرآن فعلا بشهادة صديقه مهندس الصوت (نصري عبدالنور)

كتب: أحمد السماحي
منذ أيام قليلة كتبنا في (شهريار النجوم) تقرير على لسان الموسيقار الكبير (سمير حبيب) أكد فيه أنه أستمع إلى صوت الموسيقار (محمد عبد الوهاب)، وهو يقرأ القرآن الكريم على أسطوانات شمع قديمة كانت موجودة في ردهات مبنى الإذاعة والتليفزيون.
وهذه الأسطوانات الشمع المسجل عليها صوت (محمد عبد الوهاب) وهو يقرأ القرآن بدون أي موسيقى، كانت موجودة في معهد الموسيقى العربية.
وفي فترة من الفترات أحب (صفوت الشريف) وزير الإعلام السابق، أن يعرف مضمون المادة الموجودة على الأسطوانات الشمع الموجودة في مبنى الإذاعة والتليفزيون، فعهد بها إلى (سمير حبيب) بحكم عمله في مجال الصوتيات لتفريغ محتوى هذه الأسطوانات.
وفوجئ (سمير حبيب) أثناء نقله لهذه الأسطوانات إلى شرائط (ديجيتال) بمجموعة من الأسطوانات مسجل عليها صوت (محمد عبد الوهاب) وهو يقرأ القرآن.
وأخبر (صفوت الشريف) بهذا الكنز الفني والديني والتراثي، وبدأ يردد هذا الكلام مع زملائه وأصدقائه، وفي أحد الأيام فوجئ بجهة ما تعرض عليه 10 مليون دولار نظير الحصول على هذه التسجيلات، لكنه عندما عاد إليها لم يجدها، وإختفت هذه التسجيلات إلى يومنا هذا!.
هذا باختصار نص ما قاله الموسيقار (سمير حبيب) معانا منذ أيام قليلة، وبعد نشر هذا التقرير تفاعل عدد كبير من القراء والمتابعين والمحبين لموسيقار الأجيال بما كتبناه، وحقق التقرير قراءات عالية، وأيضا اتهامات واجهها البعض للموسيقار (سمير حبيب)، وأنه لم يكن أمينا عندما ذكر هذا الكلام.
واتهمنا البعض بأننا نسعى لعمل (فرقعات صحفية)، وهذه الاتهامات استفزتني، وجعلتني أعود إلى أرشيفي الفني الضخم الذي أمتلكه، والذي يضم مجلات فنية قديمة، وتسجيلات صوتية كثيرة جدا لكبار وصغار نجوم الغناء في مصر والعالم العربي.
وبعد بحث، وتنقيب، وجدت ضالتي في عدد تم تخصيصه للاحتفال بموسيقار الأجيال (محمد عبد الوهاب) في الستينات، وأكد فيه مهندس الصوت الشهير (نصري عبدالنور) الذي كان مسئولا عن تسجيلات مطرب الملوك والأمراء منذ نهاية الأربعينات صحة ما ذكره معنا (سمير حبيب).


أسرار خاصة
حيث بدأ التقرير المنشور في الستينات تعريف مهندس الصوت (نصري عبد النور)، حيث قال: (نصري عبد النور) كبير مهندسي الصوت باستوديو مصر.
وهو الوحيد الذي يسجل أغاني (محمد عبد الوهاب) من سنة 1948 حتى الآن، إلا أغاني قليلة نادرة لم يسجلها هو، وكان أول لحن سجله لعبد الوهاب، موسيقى (سامبا) التى عملها (عبدالوهاب) لأبن شقيقه (سعد) في فيلم له.
كان عبد الوهاب يجرب (نصري) في هذه الموسيقى، ثم نال إعجابه، فسجل معه أغنية (الصبر والإيمان)، و(نصري عبدالنور) يرافق الموسقار الكبير (محمد عبد الوهاب) في كل لحظات ألحانه، عندما يسجلها.
يقول (نصري عبدالنور): صوت موسيقار الأجيال (محمد عبد الوهاب) من أسهل الأصوات في التسجيل، فهو لا يتعبني في عملية التحكم في صوته، لأنه يعمل حساب الميكرفون، والمجهود الذي نبذله في البروفات.
فالبروفات على الموسيقى تأخذ وقتا طويلا، إلى أن يحصل (محمد عبد الوهاب) على ما يريده من الموسيقيين، أن أغلب أغانيه فواصلها الموسيقية مختلفة.
وإذا لم أكن حافظا لها لا أستطيع تتبعها في التسجيل، وفي كل لحن أشعر أن فيه شيئا جديدا، وله عادة غريبة أنه لا يسمع الأغنية بعد تسجيلها مباشرة، قد يسمع جزءا صغيرا منها فقط لكي يطمئن على سلامة التسجيل.
وهو يهتم بكل أغنية، فكل أغنية عنده يهتم بأنها هي أحسن أغنية، وهو في كل المرات يكون واثقا من نجاح الأغنية، غير أنني شعرت أثناء تسجيل أغنية (أنا والعذاب وهواك) بأنه كان مترددا فى مدى تقبل الجمهور لها لكنها نجحت.
ويقول (نصري عبدالنور): و(محمد عبد الوهاب) دائما يخبرني، بكل ما يريده في أية أغنية، ويترك لي فرصة التفكير في كيفية تنفيذها حتى أكون جاهزا، ومستعدا يوم التسجيل لكل ما يطلبه.
وأذكر مرة أنه طلبني وقال لي أنه لحن أغنية ويريد مني التفكير معه في المقطع الأخير، وكيف ينفذ؟، وكانت هذه الأغنية هي (بفكر في اللي ناسيني)، وكان صوته في المقطع الأخير يتلاشى، ويصبح صدى.
والفنان الكبير (محمد عبد الوهاب) حريص على أن ينفذ كل ما تتطلبه الأغنية من وقت وجهد، وإذا سجل أغنية له هو، وتكون مدتها ربع ساعة فإنه أثناء التسجيل يغنيها وكأنه في حفله، فتمتد الأغنية إلى ساعتين.
وهذا حتى يتسنى له أن يختار أثناء عملية المونتاج أجمل ما يمكن في الأغنية التى تذاع، وكثيرا ما يولد لحن جديد، أثناء تسجيل أغنية له فنراه يمرح ويدندن، ويطلب قلما وورقة، ويكتب اللحن الذي خطر بباله.

عبد الوهاب سجل القرآن
في نهاية تصريحاته يقول (نصري عبدالنور): الشيئ الذي لا يعرفه أحد حتى الآن أن (محمد عبد الوهاب) سجل عندي جزءا كبيرا من القرآن، وخلال الفترة القادمة يستكمل الجزء القليل الباقي، كما سجل الآذان، لكن هذا التسجيل لم يذع حتى الآن، وقد تركه (محمد عبد الوهاب) عندي أمانة، ليحصل عليه وقت ما يشاء.
و(عبد الوهاب) مشهور بروح مرحه جدا، أنه مشهور بخفة الدم بين الرجال، كشهرة أم كلثوم بين النساء، والوقت الذي يتخللل البروفات في فترات الراحة، فهو يتكلم معي في كل شيئ إلا الغناء.