
بقلم الإعلامي: علي عبد الرحمن
منذ أن قال هيروديت: (مصر هبة النيل)، وردد أهل مصر (مصر هبة المصريين) ومن هنا ارتبط (النيل) بإسم مصر، وأصبح (النيل) حكاية شعب، تجمع وعاش وعمر حول جانبي النهر الخالد.
ولقد تم إطلاق (النيل) علي العديد من المنشآت والمؤسسات تعظيما لارتباطنا بالنهر وتقديرا لفضل النهر وسريانه على أهل المحروسة، فقامت جامعات وإذاعات وشبكات وقمرنا الصناعي، ومؤسسات تحمل إسم (النيل) الخالد.. بل إن حضارتنا يطلق عليها أحيانا حضارة وادي (النيل).
وحسنا فعل المطورون عندما أطلقوا شبكة تليفزيون (النيل) التي تضم عدة قنوات متخصصة، ضمن قطاع القنوات المتخصصة، ومن قبلها قناة مصر الدولية (النايل تي في)، وهذا تيمنا بأهمية النهر الخالد في حياة المصريين.
ومع تقديرنا لكل أمل وحلم ومشروع وتصريح لتطوير منظومة العمل في ماسبيرو، إعلام الدوله الرسمي، إلا أن بعضا من هذه التصريحات يشوبها التسرع دون دراسة متأنيه تضم (المشروع، وتمويله، وآليات تنفيذه، ومردوده)، وهذه أبسط صور دراسات الجدوي المختصره والمتسرعه حتي لو لم تكن مكتوبه – وهذا يفضل – وحتي إن اقتصرت على أذهان القائمين علي العمل.. وهذا أضعف الإيمان.
ولقد أثيرت زوبعه هذا الأسبوع بخصوص المسمي الجديد المقترح لقناة (النيل الدوليه N.TV)، حيث تم التصريح بأن فريق تطوير القناة قترح الإسم البديل وهو (ENN) بعنوان شبكة أخبار مصر أو شبكة مصر الإخبارية، ورغم أن قناة (النيل) الدولية هى قناة وليست شبكة.
والشبكه في علوم الإعلام هى مكونه من عدة قنوات سواء متنوعه أو متخصصة، فلايصح أن نطلق علي قناه واحده فقط كلمة شبكة، وأمر آخر أن لدي ماسبيرو (مركز أخبار مصر) ولديه أيضا البث الفضائي الدولي عبر الفضائيه المصرية، والتي تبث مواد إخباريه يوميا، أضف إلي ذلك عشرات المواجيز والنشرات والعناوين وشرائط الأخبار المنتشره علي قنوات الهيئة الوطنية.

الحاجه إلى التعديل والتغيير
سواء كانت هذه القنوات فضائية أو قومية أو محلية، هذا غير القنوات الإخباريه خارج الإطار الرسمي وهو ماسبيرو، فلدينا القاهرة الإخبارية، وإكسترا نيوز، وفقرات إخبارية عديدة علي قنوات وشبكات مصريه مستقله عديدة، فما الحاجه إذن إلى هذا التعديل والتغيير.
ولعل تغيير اسم (النيل) هذا سبقه محاولات أخري لمحو اسم (النيل) المرتبط بإعلامنا مثل التغيير الذي تم طرحه مسبقا (من نليود إلي موليود عندما تم طرح ضم بعض قنوات النيل المتخصصه سويا).
ورغم أن تصريحات سابقه بخصوص:
تغيير مسمي بعض قنوات (النيل)، ومسمى الفضائية المصرية، ومسمي (النايل تي في)، ومسمى ستديو التليفزيون، ومسمى ستديو 27، ومشروعات القنوات الرقمية للهيئة، وقناة الأطفال، وترجمة الدراما، والانتاج الدرامي، وإذاعة الدراما، ومنتدي القاهره للإعلام، ومسمي معهد الإذاعه والتليفزيون.. ومجالس إستشاريه لوحدات بالهيئه.ومشروعات أخري عديدة.
والتفكير والطرح للأفكار ليس عيبا، بل هو أفضل بكثير من حالة الركود التي عانت منها الهيئه في فترتها السابقه لخلو عقول من قاموا عليها من أية أفكار أو رؤي سوي التآمر والضرر والمصالح الشخصيه والإصرار علي جمود وتخلف ماسبيرو!!!
أما هذا الحراك في الأفكار والبرامج والهويات وفتح علاقات للهيئه مع الوزارات والسفارات، والتواصل الخارجي أيضا لهو أمر محمود يثاب أهله لصالح إحياء وتطوير وعودة الروح في صوت الدوله الرسمي وصورتها.
ولكن ليكن إطلاق المشروعات مدروسا وليس من أجل التصريح والتريند فقط، وليكن لنا أولويه في ترتيب إطلاق المشروعات حسب أهميتها لماسبيرو وعودته، وليكن التغيير ليس شكليا فقط بل يمتد من الشكل إلي المحتوي وتنوعه وسياسته التحريرية، وصلاحية كوادره ورؤية مستقبله ومردوده.
ذلك لأنه لو تم التفكير لحظيا أو مراجعة الإسم المقترح كبديل للنايل تي في لأكتشف فريق التطوير أنه نفس مسمي (شبكة أخبار أثيوبيا – ENN)، و(شبكة أخبار الإمارات ENN)، وإن كانت الإمارات دولة شقيقة، فأثيوبيا ليس كذلك، ولا يصح مهنيا في حالتي الصداقه والعداوه ان نقتبس إسما لخدمه إخباريه سبقتنا لهذا الاسم.
ومن هنا تم التراجع بآية ذريعة، وهنا يظهر كم التسرع وعدم التأني والتفكير والمراجعة والدراسة والتحضير لمشروع ما يخص الهيئه، وإن كان التراجع عن الخطأ أفضل كثيرا عن التمادي فيه، ولعل هذا الخطأ أو اللبس والتراجع عنه يدفعنا للتأني عندما نقرر إطلاق مشروع أو فكرة أو تغيير قادم من الهيئه وقياداتها .

رمزية إعلام الدولة
ولعل رمزية إعلام الدولة وأهميته والغيرة عليه من كافة خبراء الإعلام والمهتمين به هى ماجعلته تحت المجهر والمتابعة، والترصد ليس تصيدا لخطأ أو كرها في تطويره أو جذبا لإعلام الدوله للوراء، ولتكن هذه قاعدة للنقاش حول مستجدات إعلام الدولة وأفكاره المطروحة.
وإن كنت أري بعد ثلاثين عاما من العمل في قطاعات الإعلام (الإقليمي، والتليفزيون، والمتخصصة، والرئاسة)، أن ماسبيرو يتطلب خطه محددة الاولويات طبقا لحاجته وإمكاناته، ثم دراسة لكل فكرة أو مشروع.
ثم فريق عمل لكل مشروع، ثم متابعى قيادية لكل فريق عمل، ثم تقرير مدى النجاح أو الفشل لكل فريق عمل، هذا لايتفق مع إطلاق أفكار ومشروعات كبرى عديدة دون دراسه أو تمويل أو ترتيب أولويات أو ظهور أي منها لتري النور كواقع وليس كفكره!؟
إن العمل على هوية شبكات (النيل) وقطاعات الهيئة، وإلغاء التشابه والمكرر والسطحي، ثم تحديد المحتوي التنافسي الجيد، وتنوعه، وخدمته لأهداف الوطن، وتدريب الكوادر، وتحديث أدوات العمل، وبيئة العمل، ودراسة المشهد الإعلامي وتنافسيته، وملائمة السياسات التسعيريه، والأخذ بأليات التسويق والتوزيع، والوصول لأطراف الوطن.
وتحقيق التعدديه والتنوع والحرية الإعلامية، وتغيير الوجوه من قيادات ومقدمي خدمة وضيوف، لهو الطريق المهني السليم نحو عودة ماسبيرو، وتأثيره، وعودة مشاهديه، وعودة عوائده، وعودة أحداثه الإعلاميه الكبري إقليميا، كل ذلك كفيل بإعادة إحياء ودعم وتطوير إعلام الدولة الرسمي.. حمي الله مصر وأهلها وإعلامها، وتحيا دوما مصر.. آمين.