رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

محمد شمروخ يكتب: فرعون موسى والشيخ (مصطفى العدوي)

محمد شمروخ يكتب: فرعون موسى والشيخ (مصطفى العدوي)
أياً كان الاختلاف مع الشيخ (مصطفي العدوي) ، فما ردده مجرد رؤية

بقلم الكاتب الصحفي: محمد شمروخ

لا أدرى ما الذي دفع الدولة لكى تسلك السبيل الأمنى للرد على ما قاله الشيخ (مصطفي العدوي) عن زيارة المتحف المصري الكبير.

– وما النتيجة؟!

– كما سبق وحدث في عهود سابقة أقدمت على الحل نفسه، وكانت النتيجة  ليس أكثر من المزيد من التعاطف.. المزيد من الانتشار.. والمزيد من الغموض.

أفلم يكن من الممكن أن يكون الرد عبر المنابر الإعلامية أو عن طريق بعض الدعاة والفقهاء المعتدلين والذين لا يعدمون الحجة لرد كل ما ذكره الشيخ (مصطفي العدوي) وتفنيده ثم ضحده وبيان بطلانه بأسانبد شرعية وبراهين عقلية؟!.

وما أظن أن ذلك كان بالمهمة العسيرة، إذ أننى أنا شخصياً مع أنى لست بداعية ولا صاحب منير إعلامي ولا كنت متخصصاً في التاريخ المصري القديم، ومع ذلك لدى من الحجج والبراهين الشرعية والعقلية ما كون لدى قناعة؛ وإن شئت فقل مناعة؛ ضد كل ما ردده الشيخ (مصطفى العدوي) عن الموقف من الآثار المصرية والذي تسبب إفصاحه عنه بأنه سيق إلى جهات التحقيق ثم أخلى سبيله بكفالة مالية!.

وأياً كان الاختلاف مع الشيخ (مصطفي العدوي) ، فما ردده مجرد رؤية ورغم عدم اقتناعى بها إلا أن هذه الرؤية لو أمعنا فيها النظر، لوحدنا أن فتواه بالتحريم مرهوناً بشروط لديه، أى أنه لم يحرم زيارة المتحف أو أي من آثار قدماء المصريين، تحريمها مطلقاً، فأوكل الزائر إلى نيته وضميره تجاه مقصده بالزيارة!

وعموماً فإن ما ذكره الشيخ (مصطفي العدوي) أمر مشهور وتردد مراراً وتكراراً بين جموع السلفيين حيال الآثار المصرية والتاريخ المصرى في عصوره القديمة.

لكن هنا أريد ان ألفت إلى حقيقة قد تخفى على كثيرين، إذ ربما لو أدركوها ووعوها بعيداً عن نظرتهم التقليدية، لتغيرت عقيدتهم الراسخة تجاه التاريخ المصري القديم برمته!.

محمد شمروخ يكتب: فرعون موسى والشيخ (مصطفى العدوي)
مهما زادت فترة حكم فرعون موسى فهى لن تزيد عن بضع عشرات من السنين

فترة حكم فرعون موسى

ولن أكرر الحقيقة المعروفة بالبداهة، بأنه لا يعقل أن يتم اختصار ما يزيد عن خمسة آلاف سنة على الأقل، في تاريخ مصر القديم، في شخص ملك كان اسمه او لقبه (فرعون)حكم مصر لعدد من السنين، طالت أم قصرت، فلا يمكن أن تنسحب على كل التاريخ بتقلباته الحادة عبر آلاف السنين؟!

فمهما زادت فترة حكم فرعون موسى فهى لن تزيد عن بضع عشرات من السنين لا تذكر بين التاريخ المصري الضارب بجذوره وفروعه في أعماق الزمان!

وعلى سبيل التذكير، فإن الثابت بنص القرآن الكريم،؛ وهو الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه؛ أن جميع ما تركه فرعون موسى وقومه، قد أصابه الدمار وهو ما ورد في سورة الأعراف ﴿وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ -137﴾.

فإن أى ادعاء بأنه يوجد الآن في أي متحف أو منطقة أثرية على أرض مصر أو في غيرها،  أثر  منتسب إلى فرعون، فهو بلا جدال يتعارض مع ما جاء به الذكر الحكيم صراحةً ومباشرةً بما لا يقبل التأويل!.

فلم يبق من فرعون إلا جسده ليكون آية لمن خلفه من الأجيال، كما جاء في سورة يونس ﴿فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً ۚ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ – 92﴾.

أما ما ذكر عن أن فرعون موسى هو الملك رمسيس الثاني أشهر ملوك مصر والعالم القديم، فإن ذلك يتنافى أيضاً مع ما أورده القرآن الكريم، إذ أن رمسيس الثاني هو صاحب نصيب الأسد فيما بقى من الآثار المصرية القديمة في طول مصر وعرضها، بما لا يقبل الجدال.

كذلك ما قيل عن أن فرعون موسى المقصود، هو مرنبتاح بن رمسيس، فإن ذلك حسب ما قرره علماء الآثار، محض وهم، إذ أن ما جاء من ذكر (أنت الذي دمرت إسرائيل) في لوحة مسجل عليها انتصارات مرنبتاح، ثبت أنه خطأ – أو تعسف – في الترجمة، ولمن يريد أن يستزيد فليرجع إلى موسوعة مصر القديمة للعالم الجليل (سليم حسن) وإلى معجم الحضارة المصرية القديمة.

وحتى لا يطول بنا الحديث ويتشعب إلى مناح أخرى، فإن ما قاله الشيخ (مصطفي العدوي) كان يجب ان يكون فرصة لتصحيح الصورة المغلوطة لدى السلفيين أو غيرهم، عن التاريخ المصري القديم وأول ما يجب التنبيه بتغييره، هو مصطلح (الحضارة الفرعونية).

محمد شمروخ يكتب: فرعون موسى والشيخ (مصطفى العدوي)
زائر المتحف المصري أو أي من المتاحف العارضة للآثار المصرية القديمة، لال يمكن أن يكون ناقص الإيمان

زائر المتحف المصري

فإن الحضارات المتتالية التى قامت على أرض مصر، منذ عصور ما قبل الأسرات وحتى انتهاء الأسرة الثلاثين، لم يثبت أنها سميت خلال أى منها بالفرعونية، كما أن أي من ملوك مصر العظماء في تلك الحضارات المتعاقبة لم يحمل هذا اللقب، إلا فيما جاء ذكره من اسم فرعون مقترناً بملك مصر حسب نصوص وردت في العهد القديم بالكتاب المقدس.

فقد تم إطلاق كلمة الفراعنة على المصريين، بينما لم يحدث أن سمى المصريون بلادهم ولا أنفسهم بهذا الاسم الذي لم يرد على أى جدارية في مقبرة أو معبد أو أى أثر أو في بردية من البرديات.

اللهم إلا ما ذكر أن  كلمة (برعو) التى تعنى البيت الكبير – والمعنى به القصر الذي هو مقر الملك – أطلقت على الملك نفسه كما هو العهد في مقرات الحكم في تركيا وبريطانيا والولايات المتحدة في العصور الحديثة، الباب العالي، وباكنجهام، والبيت الأبيض، وما شابه، وحتى هذه الكلمة (برعو) ليست أكثر من استنتاج لقرابة نطقها من لفظ فرعون!

فهل نستطيع بعد كل هذا أن نزعم أن زائر المتحف المصري أو أي من المتاحف العارضة للآثار المصرية القديمة، يمكن أن يكون ناقص الإيمان أو مرتكباً لعمل مخالف للدين – أياً كان توصيف هذا العمل – أو الحكم على نيته عند زيارة المتاحف أو المعابد والمقابر في المناطق الأثرية؟!

إن المشكلة التى تواجه كثيراً من الدعاة أو الفقهاء المصنفين كالسلفيين أو حتى المحدثين أو التنويريين، أن لديهم أحكاماً وأفكاراً ومعتقدات [أو بمعنى أكثر صحة مواقف] مسبقة للحكم على الأشياء، فإنهم يقيمون كل شيء حولهم من هذا المنطلق الضيق، لاسيما الذين يجدون في أنفسهم أنهم أصحاب مكانة جماهيرية كبيرة، فيصبحوا وكأنهم مراجع عليا لمن اتبعهم ولف لفهم.

لقد كان كلام أو فتوى أو حكم أو مذهب الشيخ (مصطفى العدوي)، فرصة لإثراء الحوار وكشف كثير من الحقائق التى قد تعيد تشكيل الأفكار المغلوطة لتصحيح ما ورد عن التاريخ المصري القديم وإشعار أهل مصر أنهم يقفون على أرض طيبة تركها آل فرعون وغير آل فرعون من الجاحدين.

وكما قال الله تعالى في سورة الدخان ﴿كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (25) وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (26) وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ (27) كَذَٰلِكَ ۖ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ (28) فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ (29)﴾.

كان يمكن بتلاوة هذه الآيات الكريمة وشرحها أن يردوا الحجة على الشيخ (مصطفى العدوي)، لكن هناك من رأى أن التعامل أمنياً معه كان أيسر من ذلك!

لكن الشيخ (مصطفي العدوي) لم يتراجع عن رأيه وبقى يتلقى الاتصالات ليجيب متابعيه عن أسئلتهم عبر حساباته على الشبكة العنكبوتية بعدما دفع الكفالة!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.